الصين تدعو إلى التمسك بسيادة اليمن ووحدة وسلامة أراضيه    وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان تنفي وجود أي انتهاكات في حضرموت والمهرة    تحذير أمريكي: تحولات شرق اليمن تهدد التهدئة وتفتح الباب لصراع إقليمي    الكثيري: تظاهرات سيئون تفويض شعبي للقوات الجنوبية    بدء إجراءات صرف مرتبات موظفي الدولة لشهر نوفمبر وفق "الآلية الاستثنائية"    الأرصاد يتوقع حدوث الصقيع على أجزاء محدودة من المرتفعات    صنعاء.. البنك المركزي يوقف التعامل مع خمس كيانات مصرفية    إدارة أمن عدن تكشف حقيقة قضية الفتاة أبرار رضوان وتفند شائعات الاختطاف    قراءة تحليلية لنص "من بوحي لهيفاء" ل"أحمد سيف حاشد"    بسبب جنى الأرباح.. هبوط جماعي لأسعار المعادن    احتجاجات واسعة في مقديشو تنديدًا باعتراف العدو الصهيوني بإقليم أرض الصومال    المنتخبات المتأهلة إلى ثمن نهائي كأس الأمم الأفريقية 2025    لسنا بنادق للإيجار.. كاتب جنوبي يؤكد الشراكة مع التحالف ويحذر من استهداف قضية الجنوب    عاجل: مصرع القيادي الإرهابي رويس الرويمي وخمسة من عناصر القاعدة في عملية أمنية بحضرموت    الشرعية حين تتحول من مبدأ قانوني إلى أداة تعطيل    أكد موقف اليمن الثابت مع الصومال ضد العدو الاسرائيلي .. قائد الثورة: أي تواجد إسرائيلي في إقليم أرض الصومال سيكون هدفاً عسكرياً لقواتنا المسلحة    وزارة الصحة: العدوان استهدف 542 منشأة صحية وحرم 20 مليون يمني من الرعاية الطبية    نائب وزير العدل يتفقد تجهيز مقرات المحاكم الابتدائية المنشأة حديثًا بأمانة العاصمة    الإفراج عن 108 سجناء من الحديدة بمناسبة جمعة رجب    حمداً لله على السلامة    خلال تدشينه مشروع التحول الإلكتروني لصندوق التقاعد الأمني .. اللواء المرتضى: المتقاعدون يستحقون الاهتمام فقد أفنوا سنوات طويلة في خدمة الوطن    المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام ينفذ عمليات واسعة لإتلاف مخلفات العدوان بمحافظة الجوف    هل يهزم ابن زايد بن سلمان ويتسبب بقسمة تركة الرجل المريض؟    إيمان الهوية وهوية الإيمان    تكريم البروفيسور محمد الشرجبي في ختام المؤتمر العالمي الرابع عشر لجراحة التجميل بموسكو    مرض الفشل الكلوي (34)    حين يكون الإيمان هوية يكون اليمن نموذجا    الهوية والوعي في مواجهة الاستكبار    الدكتور هادي دلول أستاذ العلاقات الدولية والمستشار في الفيزياء النووية في طهران:نبارك اتفاق إطلاق الأسرى في اليمن وتنفيذه متوقف على مصداقية الطرف الآخر والتزامه    الطبيب الخزان يشكو ما تعرض له في مبنى قضائي بصنعاء للنائب العام    فلسطين الوطن البشارة    المكلا حضرموت ينفرد بصدارة المجموعة الثالثة بدوري الدرجة الثانية لكرة القدم    العليمي يشن الحروب على الجنوب لحماية سرقاته لنفط شبوة وحضرموت    منذ أكثر من شهر.. مليشيا الحوثي تمنع دخول عشرات الشاحنات المحملة بمادة الأخشاب    مجلس الأمن الدولي يعقد جلسة طارئة غدا لبحث الاعتراف الإسرائيلي ب"أرض الصومال"    ميلان يقسو على فيرونا بثلاثية ويعتلي صدارة "الكالتشيو" مؤقتاً    ورشة حول الصحة والسلامة المهنية بصنعاء    خفر السواحل تحذر من السباحة قبالة سواحل عدن وأبين وشبوة    المحرّمي يطّلع على سير العمل في المؤسسة العامة للاتصالات وخططها المستقبلية    هل بات قادة اوروبا يخشون "سلام ترامب" في أوكرانيا؟!    نيجيريا تسقط تونس في مباراة مثيرة وتبلغ ثمن نهائي كأس أمم إفريقيا    وفاة المخرج المصري الكبير داوود عبد السيد    رشاد العليمي يسهل لنجله عبدالحافظ سرقة نفط حضرموت    محمد صلاح يواصل تحطيم الأرقام القياسية في «كأس أمم إفريقيا»    الصحفي المهتم بقضايا الناس وانشطة الصحافة الثقافية عبدالعزيز الويز    قراءة تحليلية لنص «صدمة استقبلتها بقهقهة» ل"أحمد سيف حاشد"    دوري روشن السعودي: اتحاد جدة يهزم الشباب بثنائية نظيفة    اكتشاف آثار حضارة متطورة في باكستان    ضربة بداية منافسات بطولة كأس العالم للشطرنج السريع والخاطف قطر 2025    اتحاد حضرموت بحافظ على صدارة المجموعة الثانية بدوري الدرجة الثانية    ما علاقة ضوء الشمس بداء السكري.. نصيحة للمصابين    العطاس: نخب اليمن واللطميات المبالغ فيها بشأن حضرموت"    الكشف عن عدد باصات النساء في صنعاء    الكتابُ.. ذلكَ المجهول    صدور كتاب جديد يكشف تحولات اليمن الإقليمية بين التكامل والتبعية    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انفصال جنوب السودان.. هل سيكون "نواح طاعون" آخر الزمان؟

حتى نكون على علم ومعرفة وإلمام شامل بإقليم جنوب السودان، نحن وانتم سنقلب صفحات هذا الإقليم عبر مجلده الأثري المكتوب في رقاع من الجلد العتيق ومداده الممزوج بدماء جميع أبناء السودان على مدى العصور السابقة وحتى نهار يومنا هذا .
جنوب السودان الذي تبلغ مساحته حوالي ثلاثمائة وثلاثين ألف كم من مساحة السودان الكلية ،التي تبلغ اثنين مليون وأربعمائة ألف كم مربع وعدد سكانه يقدر بثمانية ملايين نسمة وذلك عند آخر إحصاء سكاني قامت به حكومة السودان الاتحادية عام 2009م.
لذلك لو نظرنا إلى مساحة جنوب السودان التي أشرنا إليها ،سنجد أن جنوب السودان يمثل أو يساوي خمس مساحة السودان الكلية أو نسبه 20% وذلك على حسب الخرائط وترسيم الحدود المعروفة والمعترف بها في الوثائق السودانية والأمم المتحدة والتقارير الدولية وعدد سكان الجنوب يعادل نسبة 20% من نسبة سكان السودان أي ما يعادل الخمس .
ويشتهر جنوب السودان بكثرة الأمطار خلال فصول السنة الأربعة ،لأنه يقع على خط الاستواء المباشر ويعتبر من مناطق السافانا الغنية التي تكثر بها الغابات والحشائش في جميع محافظات الجنوب وهذه الغابات تنبت على الطبيعة وبطريقة عشوائية، لذلك تكون هذه الغابات مأوى ومرتعاً لجميع الحيوانات البرية بجميع أنواعها المفترسة والأليفة .
وهذه الغابات توجد بها أشجار نادرة ومميزة تدخل في صناعة الأخشاب والموبيليات العالمية وتقدر بمليارات الدولارات ويعتبر جنوب السودان من أخصب الأراضي الإفريقية لزراعة جميع المواد الغذائية والحبوب لأن انحدار النيل يأتي من منطقة البحيرات ودول الجوار مثل - كينيا ، أوغندا ، كنغو ، تنزانيا ، حاملاً معه كميات كبيرة من الطمي من هذه الدول المجاورة لجنوب السودان ،لذلك تجد الخصوبة في هذه الدول التي اشرنا إليها قليلة وذلك بسبب تجريف التربة في منطقة البحيرات ، الأمر الذي قلل نسبة الخصوبة في تلك الدول، فهذه المناطق المذكورة حول تلك البحيرات تكون دائماً مناطق مجاعة وكوارث ودائماً تحتاج إلى دعم من مفوضية الأمم المتحدة، مع العلم أن المياه كلها تنحدر إلى جنوب الوادي، ولم تستفد منها سوى جمهورية مصر العربية عند مصب النيل ودلتا النيل ذات الخصوبة المشهورة التي يتراكم فيها طمي النيل وهي تعتبر المصدر الرئيسي لإنتاج الحبوب والخضار والفواكه في جمهورية مصر العربية وتغطي 66% من احتياج مصر من الغذاء .
فأما الإنسان في جنوب السودان لا يستفيد من تلك النعمة التي تحيط به من أنهار وكثرة أمطار وخصوبة تربة التي تصل إلى نسبة 92% من مساحة الجنوب ،فلا يزرع في هذه المساحة إلا نسبة 3% فقط ،فهذه المساحة المذكورة القليلة تزرع فيها الذرة ،لأنها تدخل عندهم في صناعة الخمور الشعبية ( المريسة ) التي لا يستغن عنها الإنسان الجنوبي وتعتبر عنه بمثابة وجبة كاملة تكفيه عن الغذاء المعتاد للإنسان .
فالإنسان في جنوب السودان يتهم دائماً بالكسل وقلة النشاط وكثرة النوم وهذا يرجع إلى ارتفاع الحرارة الشديدة ومن الدعابة التي يطلقونها الإخوة اليمنيين على الإخوة السودانيين بأن شعب السودان شعب كسول ويحب النوم ومعه مثل هذه المساحة الشاسعة الواسعة من الأراضي الصالحة للزارعة ويعيش في فقر.
منذ عام 1955 م أي وقت خروج المستعمر الانجليزي من السودان والذي قام بزرع بذور الفتنة بين الشمال والجنوب وصور فيها شكل رسومات منحوتة على الجدران وعلى الجبال تشير إلى الشمالي وهو يمسك بالسوط على يده ويقوم بجلد الجنوبي وكأنه عبد ،فهذه الفكرة غرست في قلب الجنوبي الحقد بأن السودان الشمالي مستعمر مثل ما فعل بلفور بوعده المشئوم عام 1917م والذي وعد فيه اليهود بدولتهم في فلسطين .
فهذه الفتنة نجحت وطرحت ثمارها وآتت أكلها على مر العصور ،فهذه الأيام أبناء السودان من شمال وجنوب يحصدون هذه الثمار التي تطرحها شجرة الشيطان المستعمر لتطل برؤوسها البشعة وطعمها المر الذي يتجرعه أبناء السودان.
ومنذ عام 1955م تدور رحى الحرب بين أبناء السودان في الشمال والجنوب مخلفة ورائها نحو اثنين مليون ونصف المليون نسمة من أبناء السودان ومعطلة عجلة التنمية كاملة وخاصة في الجنوب الذي تأثر بها أكثر من الشمال الذي ظل يتحمل هو الآخر أفواج الجنوب هروباً من الإبادة العنصرية بين القبائل الجنوبية التي يتعرضون لها في محافظاتهم وقراهم من حركات التمرد التي كانت تهجم على مناطقهم وتقتل رجالهم وتسبي نسائهم وتستولي على أبقارهم وممتلكاتهم وتسوق الأطفال القصر وتزج بهم في الحروبات ،وعلى رأس هذه الحركات الحركة الشعبية التي تحكم الجنوب اليوم والتي وصلت إلى الحكم باتفاقية نفاشا مع المؤتمر الوطني الحزب الحاكم فهذه الحركة الشعبية تسيطر عليها قبيلة الدينكا القبيلة الباطشة التي تبطش بأبناء الجنوب .
وتعتبر جميع قبائل الجنوب قبائل ناقصة في أصلها فصلياَ وهي الأصل والسيد .
قبيلة الدينكا هي المسيطرة على القيادة في الحركة الشعبية في حكومة الجنوب ويجود معهم من أبناء القبائل الجنوبية يشاركون في حكومة الجنوب لكنهم لا يملكون كلمة ولا زمام أمر، بدأت الحركة الشعبية بالتمرد عام 1983م بقيادة الدكتور/ جون قرنق وكان ذلك قبل نهاية حكم المشير جعفر نميري بعامين وهذه الفترة بالذات كان السودان مريضاً يحتضر ،لذلك وجدت لحركة الشعبية ضالتها خلال هذه الفترة لتكوين نفسها وجمع صفوفها وتسليح نفسها وبدأت عملياتها العسكرية تنطلق من الدول المجاورة لجنوب السودان وتستولي على مناطق كثيرة في الولايات الجنوبية وتتقدم صوب المدن المتاخمة للشمال ،ولولا ثورة الإنقاذ التي جاءت في منتصف 1989م بقياده المشير/ عمر البشير وتصدت لهجمات المتمردين حتى أجبرتهم على التراجع من كل الولايات الجنوبية .
وفي عام 1933م بدأت حكومة الإنقاذ تتفاوض مع هذه الحركات بيد وتحاربها بالأخرى واستمر التفاوض ثلاثة عشر عاماً حتى جاءت اتفاقية نيفاشا المشهورة في كينيا ووضعت حدا للحرب التي وضعت أوزارها في بداية عام 2005م
وكان ذلك بإشراف حكومة الإنقاذ وأمريكا ودول الغرب والمنظمات العالمية وهذه الاتفاقية كانت مكسباً كبيراً لأبناء الجنوب الذين لم يكونوا يحلموا به أبداً ، لأنها أعطتهم كل حقوقهم من تقاسم السلطة والثروة وخاصة البترولية والتي توجد أكثر آبارها في جنوب السودان وأعطتهم منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية وعدداً كبيراُ من الوزارات المرموقة مثل الخارجية والبترول والاستثمار والصحة وشئون الرئاسة .
ولكن بفقدان الأب الروحي والمؤسس للحركة الشعبية الدكتور/ جون فرنق الذي فارق الحياة أثناء تحطم طائرته القادمة من دولة أوغندا ومعه مجموعة من القادة الجنوبيين وكان ذلك في 22/1/2005م هي فترة استمراره في الحكومة الاتحادية كنائب أول لرئيس حكومة السودان وكانت 21 يوما فقط في الحكم مثل تمرده الذي استمر 21 عاماً .
وحتى تاريخ هذه اللحظة لم تتطرق أي جهة محلية أو عالمية لهذا الموضوع أو مناقشته مثل ما تطرقت لموضوع رفيق الحريري الذي وجد اهتماماً ومتابعة من جميع الدول الكبرى وأذيالها والأمم المتحدة وزبانيتها .
لكن الأمر في هذا الموضوع واضحاً وضوح الشمس ، لأن الجهة العميلة التي قامت بتفجير مروحية الزعيم الوطني جون قرنق مؤسس الحركة الشعبية - عندما اكتشفت بأن الرجل وحدوي ووطني حتى النخاع وله شعبية كبيرة من أبناء شمال السودان أكثر من أبناء جنوبه والأدلة على ذلك كثيرة ومنها الاستقبال الجماهيري الكبير الذي حظي به عند حضوره العاصمة الخرطوم بعد غياب استمر ثلاثة وعشرين عاماً عن العاصمة وهو يحارب من أجل سودان واحد موحد ، حيث وصل الحضور فيه إلى ستة ملايين نسمة أكثرهم من أبناء الشمال.
ولكننا نوجه سؤالنا لأفراد الحركة الشعبية عن بسبب صمتهم الرهيب تجاه مقتل أبوهم الروحي وقائدهم الذي أوصلهم إلى هذا المجد والشهرة والمناصب بعد أن كانوا وسط أحراش الغابات يفترشون الأرض ويلتحفون السماء .
نقول لهم وعلى رأسهم ولي العهد سلفاكير الذي خلف الدكتور/ جون قرنق لماذا كل هذا الصمت والسكوت والتغاضي عن اغتيال أبوكم الذي كفلكم ورعاكم وعلمكم ؟وأنا على يقين بأنكم أعلم بهذا الملعوب وحليفتكم اسرائيل التي تحل من فترة بعيدة في جنوب السودان بعد توقيع الاتفاقية معها بتنفيذ اغتيال الزعيم الوطني جون قرنق وذلك بإطلاق صاروخ على مروحيته من قاعدة للعدو الاسرائيلي من جمهورية كينيا .
هذا كله يقودنا أو يكشف لنا بوضوح تصرفات الحركة الشعبية التي بدأت واضحة أو مكشوفة للجميع وهي تثبت لنا بأنها تنفذ أجندة صهيونية وذلك لتمكين إسرائيل من السيطرة على منطقة البحيرات ومنابع النيل ،فأن اسرائيل تسيطر أو تهيمن على جميع دول منبع النيل المطلة على منطقة البحيرات مثل كينيا وأوغندا و الكنغو وتنزانيا وهيا تحرض هذه الدول على إقامة السدود والموانع لتقوم باستغلالها لمصلحتها .
وخلال فترة الست السنوات المبرمة بين حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية قام حزب المؤتمر الوطني بتنفيذ جميع بنود اتفاقية نيفاشا وذلك بتقاسم السلطة وتقاسم الثروة مع أبناء الجنوب وسحب القوات المسلحة من الجنوب لتحل محلها قوات الحركة الشعبية ومنذ خروج الجيش الشمالي الحكومي من الجنوب بدأت أفواج اليهود الإسرائيليين تتوافد إلى الجنوب والحكومة في الشمال كانت تعلم ذلك، لأنها كانت تتغاضي وتسكت عن التصرفات للحركة الشعبية باستقبال اللوبي الصهيوني حتى لا يحصل صدام بينها وبين الجيش التابع للحركة الشعبية وعدة مرات كانت الحكومة تضبط كميات كبيرة من الأسلحة في وسط البحر الأحمر والمطارات الجنوبية للحركة الشعبية قادمة من اسرائيل ،فهذه التصرفات للحركة الشعبية تخل ببنود الاتفاقية والحكومة الاتحادية تصمت وتتغاضى عن ذلك حتى تستمر السفينة المشتركة بينه وبين الحركة الشعبية في الإبحار إلى بر الأمان والسلام والوحدة.
فهده التجاوزات والصمت للحكومة دفع الحركة الشعبية إلى مزيداً من التجاوز والتمادي في بنود الاتفاقية المبرمة بينهم وصاروا كل يوم يأتون بخروقات وصار قادتهم يصرحون على الملأ وعلى جميع القنوات الفضائية تصريحات قائدهم سلفا كير الذي قال على الهواء مباشرة إن اسرائيل ليست عدوا لجنوب السودان ولكنها عدواً لشعب فلسطين .
وقال أيضاً قولته المشهورة التي بحث فيها أبناء الجنوب على الانفصال إذا كنتم تريدون أن تكونوا مواطنين من الدرجة الثانية فصوتوا للوحدة وإذا كنتم تريدون أن تكونوا مواطنين من الدرجة الأولى فصوتوا للانفصال" وقال لهم أنا قائدكم عند الاستفتاء وسوف أصوت للانفصال فكلامه هذا يعتبر إخلالاً ببنود الاتفاقية التي تحث الشريكين بالعمل على وحدة السودان.
وأظن أن الرجل خانه التعبير والحكمة والإدراك، فأراد الله أن يكشف أمره ونزعاته الانفصالية ( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) صدق الله العظيم، وتنفيذ أجندة أسياده الصهاينة التي توعده بوعد السراب والخراب.
لذلك نقول له ألم تقرأ وتسمع عن المثل الذي يقول ( عشم إبليس في الجنة )؟ ،ألم تقلب صفحات إسرائيل السوداء المظلمة ووعودها لكثير من الدول التي طبعت علاقتها مع اليهود وسمحوا لها بفتح سفارات لها ودخول أراضيها مثل جمهورية موريتانيا ودولة اريتريا وجاراتك أوغندا وكينيا وتنزانيا؟ هل قامت إسرائيل بالإيفاء بوعودها لتلك الدول وتطوير اقتصادها وتحسين معيشة سكانها؟.
بل نحن نعرف كميات الأسلحة التي تدخلها إسرائيل إلى جنوب السودان والدبابات الميركابا بكميات تصل إلى مئات الدبابات فهذا السلاح سيكون وقوداً لمن للانفصاليين من الجنوبيين وليس للوحدويين.
وتستمر تجاوزات الانفصاليين لخرق بنود الاتفاقية وآخر شيء توصلوا له هو تحريض أبناء الجنوب المقيمين في الشمال وتهديدهم عبر سلاطين الجنوب ومنعهم من تسجيل أسمائهم للاستفتاء الذي سيقام يوم 9/1/2011م وذلك ليحصل تدنٍ في مراكز الشمال ويكون تحصيلها ضعيفاً وتكون نسبة مراكز الجنوب تحصيلها عالية وبذلك تكون نسبة الانفصال مضمونة.
وذلك مثلما حصل في الانتخابات السابقة لرئاسة الجمهورية والبرلمان والمجالس التي قام أعضاء الحركة الشعبية وجيشهم بالهجوم على معظم المراكز الانتخابية والاستيلاء على الصناديق وتغييرها بأخرى وممارسة الضغوط والتهديدات على مواطني ثلاث ولايات وإجبارهم على الإدلاء بأصواتهم لصالح الحركة الشعبية.
فالحركة الشعبية تريد هذه المرة أن تعيد نفس السيناريو الأول وترمي بسنارتها المسمومة الانفصالية لتصطاد بها أبناء الجنوب الموجودين في الشمال والبالغ عددهم ثلاثة ملايين ونصف نسمة حتى ترجح بهم كفة الانفصال، لأنها شعرت بأنهم وحدويون، لكن أبناء جنوب السودان يدركون جيداً تصرفات الحركة الشعبية التي تسيطر عليها قبيلة الدنكا التي تنظر إلى بقية القبائل الجنوبية بتعالٍ وإذا صوتوا للانفصال سوف يفقدون جنسيتهم السودانية فلا يصدقوا أفراد الحكومة الشعبية والسلاطين المضللين الذين قبضوا الثمن بالدولار والذين يكذبون عليهم بأن هناك اتفاقاً بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية بإعطائهم الجنسية المزدوجة فهذا كذب.
أبناء الجنوب الموجودون في الشمال عددهم أربعة ملايين ونصف نسمة ،حضروا إلى الشمال خلال سنين الحرب الثلاثة والعشرين الماضية، هاربين من الحروب الدائرة في الجنوب، فاستقبلهم أبناء الشمال بكل حفاوة وتقاسموا معهم السكن والملبس ولقمة العيش والعلاج والتعليم واستقروا بين إخوتهم الشماليين وانخرطوا في الجيش والشرطة ونال أبناؤهم حظهم من التعليم في جميع مراحلهم حتى الجامعية وفوق الجامعية ونالوا أعلى الدرجات الوظيفية في القطاعين العام والخاص وتملكوا المساكن والمصانع والشركات والمزارع وعلى هذا الأساس وجد أبناء الجنوب الحبيب ضالتهم التي فقدوها في مسقط رأسهم وحصلوا عليها في شمال السودان الذي احتضنهم بحب وحنان [ فهل يغيروا المن والسلوى من ما تنبت الأرض ؟.
جنوب السودان لا يملك مقومات لدولة ذات سيادة، الجنوب يملك من هذه المقومات كثير من الثروات مثل البترول والحديد واليورانيوم والغابات الصالحة لصناعة الأخشاب والثروة الحيوانية والأراضي الصالحة للزارعة ولكنه لا يملك شواطئ ومراسي وموانئ للاستيراد والتصدير، فتجده مخنوقاً من كل الاتجاهات، لذلك لا بديل له سوى الشمال حتى يمر ويتنفس عبر الشواطئ الشمالية الشاسعة الواسعة .
وجنوب السودان بنية تحتية من صناعة ومصانع لأبسط مايحتاجه الإنسان في حياته اليومية وكذا طرق تربطه ببعضه البعض لتبادل السلع والجسور على ضفاف الأنهار المنتشرة مثل انتشار الشرايين في جسم الإنسان وقلة المستشفيات أو شبه انعدامها في كثير من المحافظات وقلة المدارس من الأساسي إلى الثانوي.
فأبناء الجنوب الموجودون في الشمال يبلغ عددهم أربعة ملايين ونصف المليون وإذا حصل الانفصال بعد الاستفتاء المزمع في 9/1/2011م وعاد هؤلاء الجنوبيون فهل لدى دولتهم الانفصالية الإمكانات الكافية لاستيعاب كل هذه الأرقام من تعليم وتوظيف لكل فرد جنوبي وإيجاد السكن المناسب له مع إيجاد العلاج والدواء والمراكز الصحية. الباقي .. يتبع .
رئيس الجالية السودانية ( ذمارالبيضاء )


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.