كانت الدلالة الأساسية للمبادرة الخليجية لحل الأزمة أن يوقع الرئيس على وثيقة تنص على استقالته بعد "30" يوماً من توقيعها كما أن المبادرة تنص على أن يقر مجلس النواب بما فيه المعارضة بالقوانين التي تمنح الحصانة تجاه الملاحقة القانونية والقضائية للرئيس صالح ومن عملوا معه خلال فترة حكمه، وهذا ما جعل المبادرة تبدو في نظر شباب الثورة كما لو أنها تهدف إلى حماية النظام على حساب مطالب الشعب والثورة التي مازال شبابها يدفعون الثمن جراء استمرار النظام في قمع المتظاهرين والاعتداء على الساحات وسقوط المزيد من الضحايا. وهنا تبرز عدة تساءلات فيما يتعلق بالمبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية منها: كيف يتم قراءة قرارات المبادرة وما مدى الضمانات التي يمكن أن تقدمه لجميع الأطراف؟ ولماذا رفض شباب الثورة القبول بالمبادرة بينما وافق اللقاء المشترك عليها؟! "أخبار اليوم" التقت عدداً من السياسيين بمختلف توجهاتهم حول "المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية" مبادرة إصلاحية القيادي في اللقاء المشترك/ قاسم داوود، تحدث فيما يتعلق بالتصريحات المتناقضة للنظام بخصوص المبادرة الخليجية فقال: التخبط هو دليل أزمة النظام، أنه لا توجد لديه سياسة ثابتة ولا مواقف واضحة وهو يقود البلاد بطريقة عشوائية وقد تعود على ذلك التقلب واستخدام الصراعات بين الناس. وأضاف داوود: النظام رفض المبادرة الخليجية الثانية واليوم يرفض المبادرة الثالثة التي فصلت تقريباً على مقاسات السلطة والتي لم تعترف بأهداف الثورة ومطالب الشباب وكانت أقرب إلى مبادرة إصلاحية. وأفاد: النظام بدلاً من أن يوقع على خطة التسوية السياسية بدا وكأنه يريد استخدام التصفية العسكرية للثورة وللقوى المعارضة خاصة بعد أن تمرد على كل الاتفاقيات والمبادرات وأجهض جهود الأشقاء في مجلس التعاون كما فعل مع جهود مجموعة أصدقاء اليمن. و طالب داوود الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي والمجتمع الدولي باتخاذ موقف صريح قائلاً: على الأشقاء في مجلس التعاون أن يرفعوا الغطاء عن النظام وأن يرفعوا أي دعم سواء كان من فوق أو من تحت الطاولة وعليهم أن يقروا بحقوق الشعب اليمني ومطالب الثورة طالما وأن أمن اليمن واستقراره يهمهم كجزء من أمن المنطقة وعليهم أن يدينوا جرائم النظام ومحاسبته كأي نظام مارس القمع ضد شعبه. وعن قبول المشترك للمبادرة الخليجية قال داوود: المشترك قبل المبادرة حفاظاً على أرواح الناس وأمن وسلامة البلد، لكن على اللقاء المشترك أن يعيد حساباته وأن يتعامل مع النظام على أنه جزء من الماضي وبالتالي على اللقاء المشترك أن يعلن عن طبيعة الدولة القادمة وأن يحل كافة القضايا كقضية صعدة والقضية الجنوبية ومناقشة المجالات الأمنية والاقتصادية. وأكد أن على الشباب أن يعلنوا عن برنامج حقيقي شامل يقنع الشعب بالمستقبل الذي يناضلون من أجله وأن يصعدوا من النضال السلمي. غلطة المشترك من جهته قال عبدالله ناجي الإعلامي والعضو القيادي في الرابطة : إن النظام تعود على إثارة النعرات والتخريب والقتل كجزء من اللعبة السياسية، فمن العقلية الماضية والشعب اليمني تعود على ذلك، لكن الآن المشهد يختلف تماماً، متهماً المشترك بأنه ساعد النظام عندما اختزل هذه الثورة العظيمة كما لو أنها مشكلة بين سلطة ومعارضة وهذا أكبر خطأ بل خطأ قاتل والحقيقة أن الثورة جاءت لاجتثاث نظام وفي تقديري الشخصي أن رحيل النظام هو ثورة صغرى وأن أهدافها الكبرى التي ستأتي بعد سقوط النظام. * عيوب المبادرة: وفيما يتعلق بالمبادرة الخليجية قال ناجي: مع احترامي للأشقاء في مجلس التعاون على اهتمامهم وحرصهم على أمن اليمن واستقراره، لكن الملاحظ أن المبادرة الثانية والثالثة بدت كما لو أنها تخدم النظام بالإضافة إلى العالم الدولي الذي ساعد في أن تطول الأزمة عندما لم يتخذ موقفاً واضحاً ويبدو أن تخوفهم هو من وصول التيار الإسلامي المتطرف حسب ما يسمونه وهذا ما استغله النظام.. وسبب آخر أن المشترك لو كان حدد موقفه بشكل حاسم منذ البداية بإنه مع الثورة الشعبية ومع رحيل النظام دون أي تفاوض لكانت الأمور اليوم أفضل بكثير. * التخريب تشويه متعمد: وعن قطع الطرقات والتخريب في عدن قال ناجي: "للأسف إن العصيان المدني الذي هو من أرقى أنواع الاعتصمامات والذي نجح في عدن تحول إلى سلوك تخريبي وهذا ما لم يساعد الثورة، وأنا أعتقد أن هناك طرفاً شوه جوهر الثورة وحاول إفراغها من محتواها عن طريق تشويه تاريخ المدينة، لذلك أنا أوجه نداء عبر هذه الصحيفة المميزة لكل سكان عدن أن يلتفوا جميعاً حول الشباب وأن يقدموا لهم جرعات من التوعية بأن سلوك التخريب يسيء لمحافظة عدن، تلك المدينة الحضارية العصرية التي تعتبر بوابة التطور المدني. د/ عبدالسلام عامر ناشط ومسؤول في الحراك الجنوبي يقول: يمكن أن نسمي المبادرة الخليجية ب"الخمسة نجوم" بالنسبة للرئيس وللمعارضة على حدٍ سواءاً، حيث أنها قدمت الضمانات التي يتمناها كل طرف فقد أعطت للرئيس خروجاً مشرفاً في الوقت الذي تحميه ونظامه من المسائلة القانونية، كذلك بالنسبة للمعارضة فهي تحلم بالحصول على سلطة على طبق من ذهب وكل ذلك يأتي على حساب الشباب وعلى حساب دماء الشهداء. وعن سبب عدم قبول المبادرة يقول عامر: إن المبادرة الخليجية لم تقدم للشعب أي ضمانات لحقوقه وظلت المبادرة تحمل في طياتها مصالحة لأزمة سياسية ولم تتعامل مع الشعب كصانع للثورة.