لم تعد مقاهي العاصمة البريطانية لندن بالنسبة للسواح والمقيمين العرب مكاناً لارتشاف كوب شاي إنجليزي أو تدخين "الشيشة" والاسترخاء للاستمتاع بالمعالم الجميلة التي تطل عليها تلك المقاهي، بل أصبحت خلال الأسابيع الماضية مرتعا مناسبا للحديث في شؤون السياسة وتطورات "ربيع الثورات" في البلدان العربية. وقد بات السائح الخليجي في خضم معترك تلك الحوارات، فلا تجد مجموعة جالسة في مقهى إلا والحديث يدور عما يحدث في سورية وليبيا واليمن ونتائج وتداعيات الثورة في كل من مصر وتونس. ويقول عادل محمد صاحب مقهى "في إجدوار رود" إنه: "لا يمانع أن تدور أحاديث رواد المكان حول السياسة شريطة ألا تصل تلك الحوارات إلى المناوشات الصوتية الحادة التي تزعج بقية الزبائن وأحيانا نجد مجموعة مختلفة حول قضية ما فمنهم من يؤيد النظام وآخر مع الشعب.. فيحتدم الجدل إلى حد التشابك بالأيدي". وأوضح عادل ل"العربية.نت" أنه لم تعد أحاديث المقاهي سوى في السياسة التي سحبت البساط من مباريات كرة القدم التي كانت تصدح في المقاهي ذات الطابع العربي، إلا أن فئة من رواد المقهى يفضلون الصمت ومتابعة الفضائيات الإخبارية العربية". من جهته يؤكد السائح الكويتي علي المطيري أنه لا يستطيع أن"ينفصل عن الواقع العربي المرير لمجرد أنه جاء للسياحة"، مبينا أنه خلال تنقله يظل يتحدث مع السائق حول أوضاع المنطقة، وكذلك يفعل مع صاحب الشقة التي يقيم فيها ناهيك عن تجاذب أطراف الحديث مع عرب آخرين في المقاهي والمطاعم. ويضيف المطيري أنه يتردد على أحد المقاهي لشرب الشيشة، ولهذا فهو يجلس بقرب مواطنين عرب ليجد نفسه وسط معمعة من الحوار السياسي، وبين المطيري أنه لم يعد يتابع المباريات أو أي أحداث أخرى، فما يحدث في سوريا واليمن وليبيا لا يمكن تجاوزه والتغاضي عنه بحسب تعبيره. أما الطالب السعودي جراح العتيبي، فيقول إن تطورات الأحداث في العالم العربي انتقلت إلى أروقة الجامعات الإنجليزية حيث توجد نسبة كبيرة من الطلبة العرب بالإضافة إلى طلاب من العالم الإسلامي من إيران وباكستان والهند، مردفا: "صارت أحاديثنا جلها عن السياسة، والتطورات المتسارعة سرقت الكثير من اهتمام وأوقات الطلبة العرب". إلى ذلك، يحاول بعض المقيمين العرب دعوة رواد المقاهي إلى الخروج معهم في احتجاجات ضد "الأنظمة القمعية في البلدان العربية"، وقد أصبحت تلك المظاهرات تتم بشكل شبه يومي منددة بما يحدث في سورية واليمن وليبيا على وجه الخصوص. وينشط هؤلاء المقيمون أكثر خلال عطلة الأسبوع، في زاوية الكلام بحديقة هايد بارك وسط لندن، حيث يقف الكثير من الشباب العربي ليشرح "مأساة الشعوب العربية التي تسفك دماؤها من قبل السلطات المتشبثة بكراسيها".