أكثر من اثني عشر مليون مواطن حسب التقارير الأخيرة يعانون من صعوبة الحصول إلى الغذاء، أسعار بعض المواد الغذائية كالقمح والدقيق والسكر والزبادي والحليب ومشتقاته ارتفعت بنسب تترواح بين 40-60%، فيما ارتفعت أسعار مياه الشرب بنسبة 202% وأسعار التنقلات بنسبة تصل إلى 60%. ، كما وصلت أسعار المشتقات النفطية كالبنزين والديزل وصلت مستويات غير معقولة، حيث بلغت نسبة الارتفاع 900%، بقايا النظام تحتجز المشتقات النفطية وتساهم في إختلاق أزمة رفع الأسعار لجر البلاد إلى الجوع المتقع، لؤواد ثورته التي أنتفض بها ضد فسادهم وجبروتهم. في التفاصيل، يعاني الاقتصاد اليمني من الثنائي البطالة والفقر, بل يشكل هذا الثنائي خطراً على السلم الأهلي، حيث تجد الفئات الضالة البيئة التي تضم شباباً عاطلاً وفقيراً نسبياً فرصة لتحقيق ضالتهم, وبالتالي تجنديهم، لقتل المتظاهرين سلمياً كما دأب النظام منذُ قامت الثورة فبراير الماضي. تقدر نسبة البطالة بنحو 35 في المائة قبل إندلاع الثورة ومع الأزمة الإقتصادية التي أفتعلها النظام إرتفعت هذه النسبة إلى 60% من الشعب ومرشحة لأن تبقى معضلة, وذلك بالنظر إلى الإحصاءات الديموغرافية, وفي ذلك إشارة إلى أن 38 في المائة من السكان هم دون سن ال 15. بكل تأكيد تضاف إلى ذلك ظاهرة البطالة المقنعة, حيث يعمل عدد غير قليل من المواطنين في وظائف دنيا أو بالنظام الجزئي بقصد تأمين لقمة العيش لأحبتهم في زمن نظام علي صالح. كما هو الحال مع باقي شعوب العالم، يتطلع الداخلون الجدد لسوق العمل إلى الحصول على وظائف تتناسب وتطلعاتهم في زمن العولمة. كما يعيش نحو 45 في المائة من المواطنين دون خط الفقر، ولا غرابة، تصنف العديد من التقارير الدولية اليمن ضمن الدول التي تعاني معضلة الفقر في زمن نظام صالح، الأمر الذي نال من السمعة الاقتصادية للبلاد . معاناة المواطنين مثال حي عن المعاناة التي يلقاها العديد من فقراء اليمن في الوقت الراهن، هو مثال لسيدة يمنية بسيطة تحدثت عن مشكلاتها، لم تكن الحياة أبداً سهلة لأم محمد وعائلتها، ولكن مع الظروف الصعبة التي يمر بها اليمن أصبحت حياة أم محمد أقرب إلى صراع مستمر للحصول على قوت أسرتها اليومي، أم محمد أرملة في عقدها الخامس وأم لستة، تعمل عاملة نظافة في صنعاء. تقول أم محمد ل"أخبار اليوم " "نحاول أن نقتصد في مخزوننا من الأكل، بالنسبة لي، وابني وابنتي الكبيرين، فامتنعنا عن تناول وجبة الفطور ولا نتناول إلا وجبة غداء، في حين يأكل الصغار ما هو متاح في الصباح الذي كثيراً ما لا يتعدى الشاي والخبز. وخوفاً من حدوث أزمة في توافر المواد الغذائية اضطرت أم محمد إلى الاقتراض من الجيران لتخزين بعض المؤن الأساسية مثل الحبوب والأرز والزيت والسكر، وتضيف أم محمد : لا أستطيع شراء الفول والتوابل والبيض. أنا غير قادرة على تغطية ثمن مثل هذه الأشياء". أم محمد هي سيدة واحدة من بين أكثر من سبعة ملايين شخص في اليمن يعانون يومياً للحصول على ما يكفيهم من الطعام. ويتأثر اليمن بشكل خاص بارتفاع أسعار المواد الغذائية عالمياً لأنه يستورد معظم مواده الغذائية الأساسية، فهو يستورد مثلاً كل ما يستهلكه من أرز وتسعين في المائة من قمحه. ومع ازدياد الأسعار يزداد فقراء اليمن جوعاً. فالكثير من الأسر لا تحصل سوى على وجبتين في اليوم، وبعض الأيام تتقلص هذه إلى وجبة واحدة. كما أن تكاليف وقود الطهي آخذة في الزيادة، لدرجة أنها قد تصبح قريباً للبعض سلعة ترفيهية. ووفقاً للبنك الدولي، فاليمن لديه ثالث أعلى معدل لسوء التغذية في العالم، ويعاني ما يقرب من 60 في المائة من أطفاله التقزم الناتج عن سوء التغذية. وقد أعربت فاليري آموس، وكيلة الأمين العام للشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، مؤخراً، عن قلقها البالغ بشأن الوضع الإنساني المتدهور في اليمن. فانعدام الأمن الغذائي للفقراء وسوء التغذية الذي يدمر صحتهم أصبحا مشكلتين مزمنتين تتطلبان حلولاً عاجلة. وإلى أن تثمر أية جهود طويلة الأمد يتعين على المجتمع الدولي والمانحين الإسراع بدعم فقراء اليمن، بحيث يصل الدعم إلى من هم في أشد الحاجة إليه، وهناك قنوات آمنة لتوصيل الدعم في الظروف الحالية، سواء كان ذلك من خلال خطة الاستجابة الإنسانية الخاصة باليمن للعام،2011 والتي لم تحظ سوى بثلث التمويل المطلوب لها، أو عن طريق دعم المبادرة القومية للتغذية التي أطلقها برنامج الغذاء العالمي للأمم المتحدة، والذي لم يحظ هو الآخر سوى بنصف تمويله. تقول أم محمد إنها ليس لديها أي ملاذ إذا ازدادت الأوضاع سوءاً، "سمعت أن أسعار المواد الغذائية قد تنخفض، أنا معلقة على هذا الأمل، وإلا فلست متأكدة ما إذا كنا نستطيع البقاء خلال". ووفقاً لتقديرات صادرة عن البنك الدولي مؤخراً، والذي يتوقع استمرار الزيادة في الأسعار العالمية للغذاء، فيبدو أن آمال السيدة أم محمد لن تتحقق. قد يتفهم البعض أن ينصب اهتمام المجتمع الدولي باليمن حالياً على الاستقرار السياسي والأمني، ولكن كيف يكون الأمن السياسي في غياب الأمن الغذائي؟ على الجهات المانحة واجب إنساني لمواجهة مأساة اليمن الغذائية مهما كانت الظروف السياسية. فلليمنيين ومنهم أم محمد وأولادها حق أخلاقي في أن يكون لهم مستقبل أكثر أماناً بالمعنى الشامل للكلمة، وكذلك أكثر أملاً. قال محمد محمد المهلى مدير عام غرفة التجارة والصناعة بالعاصمة اليمنية صنعاء لوكالة أنباء (شينخوا) بأن عشرات المصانع الإنتاجية في اليمن توقفت بسبب الاضطرابات التي تشهدها اليمن،مؤكداً بان الأحداث التي تشهدها اليمن بسبب الاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام أفرزت العديد من الإشكاليات على الاقتصاد اليمني عموما ومن أهمها انعدام المحروقات التي تسببت في توقف عشرات المصانع في عدد من المدن اليمنية. وأوضح المهلى قائلاً أن بدء توقف عدد من المصانع الإنتاجية منذ العام 2000 بسبب عدم توفر بيئة صناعية أو تشريعية تحمي المصنع، لكن تزايدات عمليات التوقف لهذه المصانع منذ بداية العام الحالي 2011م، حيث اشتكى عدد من رجال الأعمال والمصنعين من توقف مصانعهم عن الإنتاج بسبب الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد. وقال المسئول في غرفة التجارة والصناعة بالعاصمة صنعاء إن الأوضاع التي تمر بها اليمن حاليا ومع انعدام المحروقات فان عددا من الأنشطة الصناعية توقفت نهائياً بما في ذلك المصانع الكبيرة. كما أن التدهور الأمني كذلك ساهم في توقف الإنتاج من المصانع المحلية وكذلك توقف عدد من الأنشطة التجارية داخل البلد. وحول الحلول التي يقومون بها أكد المهلى بأن الغرفة الصناعية بالعاصمة خاطبت شركة النفط اليمنية لتوفير المحروقات،لكن لا جدوى لذلك،متوقعاً بأن استمرار الأزمة التي تمر بها اليمن حالياً يعني توقف الاقتصاد الحقيقي نهائياً وسيتم تسريح باقي الموظفين وستشهد البلاد عجزاً كبيراً في تغطية احتياجات المواطنين، بالإضافة إلى أن المصنعين يتكبدون خسائر فادحة وهذا يعني عزوفهم عن التصنيع في حال استمرت الأزمة. وفي دراسة ميدانية لمركز الإعلام الاقتصادي حول الارتفاع في أسعار المواد الغذائية تبين هذه الدراسة أن معدل ارتفاع الأسعار قد بلغ في بعض السلع الأساسية أكثر من 150%. وهذه الدراسة على النحو التالي: