إلى السماء في صعودي الأخير سأختار ركناً نائياً، سأتخلى عن أوراقي الثبوتية، ثم أتوسد حجراً ناعماً وأنام نسيتها نفسي استمعت للريح تحمل وصايا أجدادي تتلوها علي ظنت بأني لم أفهم وعندما انتهت من تلاوتها توسدت السماء ثانية وأوصدت الأبواب لجرح قديم يسكنني حلم الوطن... عشق جارف يحملني نحو الحرية...دعوني لوحدي سأتوسد السماء بحثا عن ترقيع حلم ما بداخلي قد تمزق وعبث ما على أرضي آن الأوان لينتهي ...أحبك يا وطن..أحبك من أعماق أعماقي كسهم يمرق بروعته كرفرفة فراشة سأسعى لإشعال جذوة الصبح داخل روحي المنشطرة..يا وطني الحبيب في صعودي الأخير للسماء لن أنسى أن أرسمك عليها نجماً وضاء وبعدها سأسقط شجرة تحرق غابة بأكملها..أليس الحطب المتفحم بداية الماس..وهذا الخاتم النفيس سأهديك إياه يا أغلى وطن....في صعودي الأخير سأحرص على إطفاء كل النجوم حولي، فوحدك يا وطني النجم الفريد الذي تشعل ملايين السموات وتسكب الكبرياء على أراضي كثيرة لم يتسن لي الوقت الكثير لأزورها..في صعودي الأخير سأتوسد حجرا ناعما وأنام سأحاول أن أنام... حيث أكذب على نفسي كل مساء وأقول بأني سأنام لكن همومك يا وطني توجعني وتشطرني وتبعثرني هنا وهناك, من سيعيد لوطني البهاء؟؟ يا أبطال الساحات ويا رجال السياسة ويا قادة الأحزاب ويا رجال القبيلة..ويا أيها المهمشون والمبعدون؟؟ ويا أيها البسطاء الحالمون؟ما هو الوطن بالنسبة لكم؟؟ حلم وأمنية بكرامة وحرية.. أم سلطة وكرسي مهما طال عليه الزمن لا بد من يوم ما أن يصرخ شعب أبكم ويطالب بإسقاط النظام.الوطن للجميع..والمخاض العسير الذي نحن فيه سينتهي بالقليل من الصبر والثبات والكثير من النزاهة والوطنية. في صعودي الأخير سأسعد بأرواح الشهداء حولي, أولئك الأبطال الذين عرفت منهم قيمة الوطن وقيمة أن تكون لك قضية نبيلة تدافع عنها حتى آخر رمق..وطني لو شغلت بالهم عنه لنازعتني إليه في الشوق نفسي. وطني حبيبي وطني الغالي وطني العربي الممتد فيني كالوجع الأزلي الذي يسكنني لقرون. أنا لم أعرف ما الذي يعنيه الوطن لزمن طويل أتغنى به وأنشده في كتابتي وأرقبه كل مساء في أحلامي لكني لم أصدفه يوماً ما أمامي واقعاً معاش، أنا مثلكم أبحث عن وطن لا نحاكم فوقه بلون جلدتنا أو وجاهة أسرتنا أو أموال أهلنا أو أصول قبيلتنا بل نكن فيه جميعاً متساويين بكرامتنا وإنسانيتنا ووطنيتنا..قد أختلف مع الكثيرين في مسمى هذا الوطن، لكني سأتفق مع الجميع أن الوطن الحر هو ما يستحقه المواطن المغلوب المشتت والمنفي والمهمش على أرضه لسنوات..سأشعل جذوة الوطن داخل روحي..وسألتمسه في ليلة قدر ما سأتخلى فيها عن أحلامي ودعواتي وطموحاتي وسأبتهل فيها وأرسل دعوات كثيرة لوطني الحبيب..أريد أن أفرح هذا العيد وأريد أن تكون عيديتي فيه وطن جميل أسكنه ويسكنني, وطن كريم يهديني الحياة وأهديه كل الوفاء والإخلاص.. المواطن العربي يصرخ بأعلى الصوت: أموت أموت ويحيا الوطن.. ويموت في الأخير قبل أن ينعم بالوطن, أن لم يمت برصاصة قمع في مظاهرة ما سيموت معتقلاً في السجون أو سيموت جوعاً وعطشاً وحراً وإن لم يمت بأي من تلك الطرق سيموت في الأخير مكلوماً ومفجوعاً بهموم الوطن.. وطن يقتلنا، يسجننا، يخونا ويسلبنا كل الأحلام.. ويسرق من عيوننا الضياء..وطن يقسو علينا كثيراً، لكنه في الأخير يبقى الوطن نعشقه حتى الموت ونفديه بالروح، ما أجملك يا سماء وطني وما أقساك يا أرضه الغالية.. ما أبشع أن تحيا مواطناً في وطن يبحث عن وطن..