لا أتذكر تماماً متى بدأت أعي معنى رمضان.. وأتذكر بالمقابل كيف كنت أعيشه طفلاً.. بكل براءة وحب... أتذكر فوانيس رمضان في القرية .. والخروج احتفاءً بليالي الشهر الكريم مع أرتال من الأطفال الصغار.. كنا نهيم على وجوهنا بحثاً عنّا.. مرددين أهازيج الفرح ومواويل رمضان.. رمضان وا صوفي صوفي حّولي بمصروفي!! بكل براءة ننشد ذلك.. غير مدركين معنى صوفي.. وندرك تماماً معنى مصروفي.. بفوانيس الحياة تجولنا على كثير أودية .. أزعجنا كثيرًا من السمار .. الأهم أن نفرح نحن ولا يهم الآخرون.. أتذكر تلك الابتسامة التي كانت تأتي لمجرد أن نسمع اسم رمضان.. كان رمضان بالنسبة لنا يعني الكثير من الانسجام.. الكثير من الرهبة التي نغرق فيها.. آخذين على عاتقنا عهداً بصيام هذا القادم.. من ثكنات الحب.. ومأوى الأرواح!!. رمضان ظل كما هو ونحن نكبر باستمرار.. يلاحقنا إلى اليوم ونحن كما نحن غارقون بطفولتنا.. ونحلم بفوانيس تأتينا معه كل عام.. نحلم ببراءة، نكسي بها أيامنا.. وبحب يفيض جلالاً ورهبة.. ونحلم بكم هائل من الأمنيات التي نريدها أن تتقاذفنا إلى أودية من الصفاء الروحي والفناء الصوفي في حب الله. رمضان يأتي ليعمر أيامنا بحب الله.. يأتي ليحيي فينا ما هدمته الأيام.. وجعلته يباباً موحشاً مقفراً الا من الوجد!! يا الله ليس ثمة من حياة دون أن تحيا فينا.. دون أن نعمر أيامنا بذكرك.. يا الله إن حبك لا يبلغ منتهاه .. وأنت أنت الله.. في كل ثانية أدرك أنك الله.. وأرحل في فضاءات من البوح اللذيذ بين يديك.. وأسعى حافي القلب إليك... أمضي فتنتشلني كما تحب.. أعود من هديي إلى ظلي.. وعلى جنبات رحمتك أقف.. يا الله كم هي السماء واسعة.. وقلبك أرحم بنا من سعة السماء وحجم الأرض.. أحبك كما لا أحب شيئاً.. وأنت أنت الله .. يا الله ليس ثمة ملجأ إلا أنت.. وليس ثمة الله غيرك!! أنام لأسمعك بأفواه من تغنوا بذكرك.. وأصحو على راحتيك وأغني.. أحبك يا هذا الوجود الذي أخالني لا شيء بدونه!!