لكثرة ماسمعت من أشعار، تغزل فيها الكثير من الشعراء في وصف الفلّ اللحجي حتى ساد لدي اعتقاد بأن هذه النبتة باتت تنافس النساء جمالاً آخذاً وحضوراً طاغياً. "يا فلّ ياناد من غرس الخداد - عرفك ينسنس يرد الفؤاد".. هذه العبارة مقطع من أغنية ضمن أغان كثيرة تصف الفلّ اللحجي، وصفاً يليق برائحته، حيث اشتهرت محافظة لحج بزراعة الفلّ وفيها ينتج بكميات كثيرة وله رواج وإقبال على الشراء وخاصة في مواسم الأعراس والأعياد وبالأخص عيد الفطر. تعود أصول زراعة شجرة الفلّ إلى الأمير/ أحمد فضل القمندان - الذي أتى به من الهند وتم غرسه في بستان الحسيني – ثم انتشرت زراعته بعد مجيء السلطان/ فضل بن علي وأخوه السلطان/ عبدالله بن علي - اللذين سهلا للمزارعين زراعته -. ويتم زراعة الفل عن طريق الردايم" أي أخذ الغصن من أصل الشجرة ومن ثم يتم عملية غرسه حتى يصبح هذا الغصن شجرة، ثم تتم عملية قصة وبعد الانتهاء من هذه الطريقة يتم غرس شجرة .. والزائر للحج يرى منظراً غاية في الجمال والروعة حيث يقف على قارعة شارع الحوطة وطريق لحجتعز باعة الفل على المسافرين للفلّ اللحجي.. تفاصيل كثيرة عن موسم الزراعة وأوقات الإقبال عليه وتسويقه نوردها فيما يلي: الإنتاج والتسويق: يقول سالم صالح عن عملية الإنتاج: دائما ما تسند عملية الجني والإنتاج للفل للنساء وتقوم عاملات بربط الشجرة لكي تنقل الأوراق ثم تتم عملية الخراطة.. والخراطة تعني نزع الأوراق من الشجرة.. ثم تتم عملية الري وتترك الشجرة لمدة "30" يوماً، بعدها يتم الإنتاج الثاني ويبدأ موسم الفل من شهر أبريل - سبتمبر حسب ما أشار مزارعو الفلّ وتظل تزهر مدة تتراوح ستة أشهر، ابتداء من فصل الصيف ويتم قطف حبة الفل من الشجرة ثم تتم عملية توريده إلى السوق وقد يستمر إنتاج الفل أكثر من "6" أشهر نتيجة استخدام بعض المزارعين كميات كبيرة من المبيدات فيفقده رائحته العطرة ويتوقف إنتاجه في فصل الشتاء كما أن كثيراً من الفلاحين يعتمدون على زراعة الفل لتوفير لقمة العيش. وتصف الحجة/ مريم زين محسن، عملية الجني من خلال قيام عدد من النساء بالتجمع في مكان محدد في الساعة الخامسة والنصف صباحاً وبعد اكتمال عددهن تتوزع إلى مجموعات، كل حسب المزرعة العاملة فيها لتصل الساعة السادسة إلى الحقل وتبدأ بعملها بجني حبات الفل وتستمر حتى الساعة السابعة والنصف في بداية الموسم ثم التاسعة وقد تصل إلى الساعة الحادية عشرة كلما زاد الإنتاج، وتشتهر الأراضي في ضواحي الحوطة بزراعة الفل. وعن كيفية التسويق تقول زينب الحدشي: يأخذ المزارع كل ما تم استخراجه في أكياس إلى السوق المخصص له ويسمى «الحراج» في العاصمة "الحوطة والشيخ عثمان" و يتم شراؤه من قبل أصحاب المحلات والمفارش الذين يقومون بتشكيله على شكل عقود منها الحلزونية، المرصعة بالورد والبيضاء العادية وتستخدم في جميع المناسبات والأعراس ورائحتها النفاذة تشتم من مسافات بعيدة ويستخدم في لحج يومي الخميس والجمعة بالإضافة إلى استخدامه أيام عيد الفطر النساء أكثر استخداماً للفل اللحجي: في لحجالمدينةولحج الريف خرجنا باستخلاص أن النساء أكثر شغفاً بالفلّ ولذلك تضعه حول شعرها ورقبتها في يوم زواجها، تحديداً اليوم الأول «يوم الغسل» المزخرف باللون الأخضر حتى يتناسب مع لون ثوبها.. أما اليوم الثاني«الزفاف» فتكتفي بوضع العقد أو الجرز الأبيض حول رقبتها حتى ولو ارتفع سعره فقط لتكتمل زينته وتستخدمه النساء المزوجات ليلتي الخميس والجمعة للتزين، فهو زينة وهو عطر ورائحة. في مواسم الأعراس وعيدي الفطر والأضحى يرتفع سعر الفلّ اللحجي، تتزين منازل لحج بالفل ويقدم أحيانا كهدية على أشكال متنوعة كما تكثر الأعراس في العيد ويزداد الطلب رغم أن الأوضاع السياسية قد أضعفت الجوانب الاجتماعية، لكن أبناء لحج تحدوا الحواجز وكسروا قيم السياسة بارتباطهم بالفل.