قصص من الحزن وفصول من المآسي ترافق أبناء أبين النازحين إلى عدن، لا يدرون متى ستكون النهاية ولماذا يعايشون هذه الأوضاع والحرب القائمة في محافظة أبين التي سدت الطريق أمام أبناء زنجبار، لو تحدث أحد معهم يسمع منهم سوى تلك التناهيد المدوية على مستقبلهم ومنازلهم، فقلوبهم تتمزق ألماً على فراق الأرض و الديار وأعينهم تذرف الدموع على ما آلت إليه أحوالهم، لا يرون هناك بصيص أمل يضع حداً لهذه المأساة، الألم والحسرة على فراق الأرض والديار هو القاسم المشترك بين كل النازحين, وإلا أن هناك فئة من بينهم يزدادون حزناً وألماً على فراق قاعات دروسهم، ألا وهم الطلاب الذين هجروا قسراً مدارسهم وكلياتهم التي احتضنتهم طيلة السنوات الماضية. ومن خلال لقاءاتنا ببعض طلاب أبين الذين يدرسون في جامعة عدن وتلمس معاناتهم.. خرجنا بهذه الحصيلة: لعل من أهم المشكلات التي يواجهها نازحو أبين إلى عدن هي مشكلة التعليم والسكن.. فمعظم المدارس والكليات أغلقت أبوابها بسب الحروب إن لم يكن بعضها قد تحول إلى ثكنات عسكرية.. وأصبح مصير الآلاف من طلاب هذه المحافظة التشرد والضياع.. لتذهب أحلامهم أدراج الرياح، فأوضاعهم الصعبة في موطن النزوح وافتقادهم لأدنى مقومات الحياة جعل الكثير منهم ينسى أمر التعليم ويهتم فقط بالسكن والتوفير له ولعائلته لقمة العيش.. كما أن الالتحاق في مدارس عدن أمر صعب عليهم، ناهيك عن التكيف مع البيئة الجديدة. أصبح مستقبلنا على كف عفريت: الطالب أحمد الخضر في كلية التربية زنجبار تحدث لنا (خرجنا من محافظة أبين نازحين من الحروب التي خلتها تنظيم القاعدة وانتقلنا من كلية التربية زنجبار إلى كلية التربية محافظة عدن). وأضاف كنت أنا وأسرتي في زنجبار، لأن لدينا هناك منزلاً وآخر في مديرية لودر، فأنا اتجهت إلي محافظة عدن في تاريخ 28 مايو وجلست لمدة أسبوع وبعدها لحقت بأسرتي إلى مديرية لودر. وتابع: عندما وصلنا الخبر بأن كلية التربية في زنجبار تحولت إلى محافظة عدن وبدأت الدراسة، تساءلت: هل كلية التربية بعدن سوف تضم كل الأقسام والتخصصات؟!، إلا أننا اتجهنا مباشرة إلى عدن. يكمل: لكنني لم أجد المسكن والمأوى حتى يومنا هذا، إلا أنني أنام على الشاطئ فوق الكرتون وأترك ملابسي عند شباب في عزبة، لأن المكان لا يتسع لنا جميعاً. ويردف: ظروفنا المادية لا تسمح لنا بالدراسة في محافظة عدن بدون قسم داخلي، لذا نطالب الجهات المختصة ممثلة بمحافظ أبين النظر إلى حالنا، حتى نستطيع استكمال التعليم. ويضيف: لم يعد هناك احتمال إلا 10% من عودتنا إلى زنجبار، أما الدراسة فقد تحطمت. الاكتئاب ومرارة العيش: محمد أحمد يحيى – من أبناء زنجبار طالب نازح إلى محافظة عدن- يدلي بقوله (أُرغمنا إلى الخروج من مدينتنا زنجبار التي احتضنتنا طوال السنين الماضية والتي هي الآن تفتقر لأبسط الخدمات، حيث لجأنا إلى عدن، لكننا لم نجد الراحة النفسية والمادية مطلقاً فيها. ويضيف: خرجت من زنجبار أنا وعائلتي المكونة من (11) فرداً، ولم نجد مأوى أو سكناً سوى غرفه واحدة، فوصلنا الخبر بتهدم منزلنا وتم القصف العشوائي للمنازل والرماية العشوائية للمنازل والآن ظروفي لا تلاءم المعيشة هنا، لأنه لا يوجد أحد يعولنا، سوى أمي، فلها راتب لا يكفي وقدره (20000) ريال، هل نأكله أم نعطيه حق إيجار؟.. ويتابع: (لم نحصل على أي مساعدة سوى جمعية "اليونشر" أعطونا كيسين دقيق ودبة زيت للطبخ فقط.. جازاهم الله ألف خير، لافتاً: سكان أبناء عدن طيبون لم نحصل منهم أي مضايقات. انعدام الخدمات: عبدالله الحاج بالله – من ضمن الطلاب النازحين إلي كلية التربية عدن- تحدث: في يوم الجمعة الموافق27/5/2011م الساعة الخامسة فجراً انقطع علينا التيار الكهربائي من فوق أعمدته، في ذلك الوقت قامت الجماعات المسلحة المنضوية تحت ما يسمونه بتنظيم القاعدة باحتلال مدينة زنجبار وقاموا بطرد كل أفراد الأمن وقتلوا بعضهم من الذين لهم موقف مشرف، ولكن الأغلبية انسحبت إلى (اللواء 25ميكا) ولم تقتصر المواجهة في زنجبار وإنما امتدت إلى منطقة الكود وبعض المناطق الأخرى، حينها تم نزوح الناس إلى الأماكن الآمنة والآن نتمنى الرجوع إلى بيوتنا بأسرع وقت ممكن. شحة الدعم: فيما تقول الطالبة النازحة من أبين/ أمل غالب محمد: خروجي سببه تردي الوضع الأمني بالمحافظة، مما أدى إلي نزوحي أنا وأفراد عائلتي. وتصف الوضع في عدن بأنه صعب جداً والتكاليف باهظة من "إيجار، وكهرباء، وماء، ومواصلات صعبة....الخ". وتكمل: (منزلنا تهدم بالكامل وكل ما بداخله.. والله إن هذا لشيء مؤسف، لأن حياتنا انقلبت إلى كوابيس محزنة. وتتابع (عندما تقدمنا إلى المنظمة من أجل المساعدة يقولون إن الدعم مقدم إلى سكان المدارس، أما نحن طلاب الكليات ما نقدر أن نقولهُ هو حسبنا الله ونعم الوكيل). عناوين جانبية: أصبح مصير الآلاف من طلاب هذه المحافظة التشرد والضياع.. لتذهب أحلامهم أدراج الرياح..