المئات من المواطنين يحملون الحطب والفوانيس وبعضهم يمتطي الحمير ونساء يشعلن أعواد الحطب ويطهين الطعام ويوزعن الشاي على المعتصمين ، مشهد لم تألفه مدينة تعزمن قبل لكنه تجسد في الوقفة الاحتجاجية التي نفذها مواطنو ومواطنات الحالمة تعز أمام شركة النفط بشارع جمال منتصف الأسبوع الماضي في ظل الأزمة الخانقة لمادة الغاز المنزلي التي وصل سعر الاسطوانة ثلاثة الآف ريال.. رسالة أراد منظموها أن تصل سريعة لحكومة الوفاق الوطني التي حملوها مسؤولية معاناتهم ووضع حد لعملية التلاعب المستمرة بقوت المواطنين في ضل تواطؤ جهات عدة يفترض بها حماية المستهلك من الجشع والاحتكار . لاعلاقة لنا بالغاز حرصاً منا على تأدية واجبنا المهني حاولنا معرفة سبب أزمة الغاز التي أرقت مضاجع المواطنين في مدينة تعز ودفعت البعض لجلب الحطب من المناطق الريفية ، مكتب الصناعة يرمي بالمسؤولية على شركة النفط والشركة ترمي بالكرة في مرمى توفيق عبد الرحيم المحتكر الوحيد للغاز المنزلي ، لم أحصل على إجابة شافية من المدير الجديد لشركة النفط الذي رفض الحديث للصحيفة باعتباره غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام، كون ذلك من اختصاصات وزير النفط، لكن أكد لي في حديث جانبي أن شركة النفط لا تشرف على توزيع الغاز المنزلي ومهمتها توزيع المشتقات النفطية فقط .. الصلوي بدأ متذمراً من تصريح صحفي لمدير عام الصناعة والتجارة أكد من خلاله أن مادة الغاز المنزلي تتبع شركة النفط وطالبه بالاعتذار عن هذا التصريح. من جانبه يؤكد المهندس/ عبد الكريم عبد السلام الحميد ي - قيادي في نقابة النفط وعضو في لجنة الرقابة على بيع المشتقات النفطية في المحافظة - أن حصر توزيع الغاز المنزلي بشخص توفيق عبد الرحيم هوسبب رئيس في الأزمة التي نشهدها وهذا يعد جريمة، كونها تمس حياة الناس الذين نحن جزء منهم ونطالب بكسر هذا الاحتكار. ويكشف الحميدي أن المسؤل الأول عن ارتفاع المشتقات النفطية ليس شركة النفط ولا الوزارة، فالأسعار يقررها مجلس الوزراء ومهمتنا بشركة النفط هي مراقبة محطات البيع، لكن الوضع الأمني الذي تشهده المحافظة صعب علينا ذلك. الحميدي يقول: هناك نقص في الديزل المخصص لمحافظة تعز ويصل النقص إلى اثني عشر مليون لتراً في الشهر ولا استبعد أن يكون ذلك عقاباً جماعياً على أبناء تعز وسبق أن قدمنا شكاوى بذلك للوزارة والسلطة المحلية لكن من دون جدوى. جشع واحتكار يعتقد المواطنون في تعز إن سبب الأزمة الخانقة في مادة الغاز المنزلي مرده إلى عملية الاحتكار في توزيع مادة الغاز بشخص توفيق عبد الرحيم الذي يتحكم بها كيف يريد ويسعرها بما يريد دون حسيب أو رقيب. تتساءل أم محمد - إحدى المعتصمات أمام شركة النفط.. هل يعقل أن يصبح العالم سوقاً مفتوحاً بينما في بلادنا يتم التضحية بشعب بأكمله من أجل أشخاص تسلم لهم رقاب البسطاء كي يدوسوها بالجشع والاحتكار؟.. وتطالب أم محمد حكومة الوفاق الوطني بوضع حد لمعاناة الناس التي وصلت إلى حافة الانهيار ولا يمكن السكوت عن من يحارب الناس في معيشتهم وقوتهم . ويفكر محمد مهيوب سعيد صاحب مكتبة بإغلاق مكتبته والاستعاضة عنها بمعرض لبيع الغاز، كونه مربحاً ولا يوجد عليه رقابة وبإمكانك أن تتحول إلى مليونير خلال بضع سنوات كما هو الحال مع كثير من بائعي الغاز.. ويقول مهيوب: أصحاب معارض الغاز ليس لديهم وازع ديني أو ضمير يمنعهم من إخفاء الغاز وبيعه بالسوق السوداء بأسعار تزيد عن ثلاثة آلاف ريال ولو افترضنا أن ربح من لديه مائتا اسطوانة هو ألف ريال للاسطوانة الواحدة فإن ربحه لا يقل عن مائتين ألف ريال في دفعة واحدة على أقل تقدير. أزمة الغاز المنزلي حرمت عيسى السامعي من وجبة سمك كان اشتراها بمائتين وخمسين ريالاً عند ما طلب منه صاحب المطعم خمسمائة ريال مقابل طهيها والسبب كما قيل له أزمة غاز.. السامعي يؤكد أن معارض الغاز تبيع الغاز لمالكي المطاعم وتحرم المواطنين وبمباركة مكتب الصناعة والتجارة عبر مندوبيه الذين يكتفون بحق بن هادي ويذهب المواطن من منظورهم إلى الجحيم - حسب تعبيره. نشقي على الغاز يشكو أصحاب المطاعم من تأثير ارتفاع غاز الطهي على دخلهم اليومي.. يقول عبد القوي السروري صاحب مطعم : هذه الأيام نشقى على الغاز نستهلك عشر اسطوانات يومياً وبسعر ثلاثين ألف ريال تقريباً وإذا رفعنا قيمة الوجبات الغذائية فإن الزبائن سيهربون علينا مما يضطرنا لإيقاف طهي الكثير من الوجبات, ويضيف السروري: في حال انعدام الغاز فإننا نقوم بشراء اسطوانات جديدة سعر الواحدة عشرة آلاف ريال حتى لانضطر لغلق المطعم في وجوه الزبائن . تلاعب بالأوزان في تقرير سابق وجه عدد من المعتصمين في مكتب الصناعة والتجارة أصابع الإتهام لقيادة المكتب بمشاركتها برفع سعر الغاز تحت مبرر ما يسمى الحماية الأمنية فضلاً عن تقصيرها الواضح في متابعة مدى التقيد بالأوزان المعمول وفقاً للمواصفات والمقاييس من قبل شركة الغاز التابعة لتوفيق عبد الرحيم. ويؤكد المواطنون أن كمية التعبئة في اسطوانات الغاز القادمة من عدن تزيد على مثيلاتها المعبأة في تعز وهو ما يشير إلى تلاعب فاضح من قبل هذه الشركة المحتكرة لتوزيع الغاز بتعز.. هذه المعلومة تأكدت من صحتها من قبل محلات بيع الغاز، يقول محبوب عامل في معرض للغاز: هناك فرق واضح في الاسطوانات المعبأة في تعز والمعبأة في عدن، فالأخيرة تزيد بمقدار اثنين كيلو تقريباً.. أما عبد الرحيم صاحب سيارة لتوزيع الغاز فيقول: نجد أن بعض الاسطوانات المعبأة في محطة تعز بداخلها كمية قليلة من الغاز وكثير من الهواء ولذا فالمستهلكون يطلبون الغاز القادم من عدن . ختاماً : من حق المواطن أن يتساءل عن دور الجمعيات التي تدعي حمايته من الجشع والتلاعب بالمواصفات والمقاييس جمعيات طالما أصابتنا بالصداع وهي تتحدث عن المستهلك باعتبارها وكيل آدم على ذريته ، لكن يبدو أننا نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً.