روائع جمعتها من بطون الكتب سقت لك بعضها كما هي وشذبت وهذبت بعضها وعلقت على بعضها وهي روائع متنوعة ستخلب لب القارئ وتدهشه وتفيده فإلى الروائع : تعيّرني العدا بسواد جلدي كان عنترة الفارس الشجاع يعير بسواد جلده فيجيب أحسن إجابة منها قوله : أعادي صرفَ دهر لا يعادى وأحتملُ القطيعةَ والبعادا وأظهرُ نصح قوم ضيعوني وإن خانت قلوبهم الودادا أعلّلُ بالمنى قلباً عليلاً وبالصبر الجميل وإن تمادى تعيّرني العدا بسواد جلدي وبيضُ خصائلي تمحو السّوادا وردت الحربَ والأبطالُ حولي تهزّ اكفُّها السُّمرَ الصّعادا وخضتُ بمهجتي بحر المنايا ونار الحرب تتَّقدُ الصعادا وعدت مخضّبا بدم الأعادي وكربُ الرّكض قد خضب الجوادا وسيفي مرهفُ الحدّين ماض تقدُّ شفارهُ الصَّحرَ الجمادا ورمحي ما طعنت به طعيناً فعاد بعينه نظرَ الرّشادا ولولا صارمي وسنان رمحي لما رفعت بنو عبس عمادا سفسفنا له فسفسف لنا لما ولي عمر بن هبيرة الفزاري العراق وأضيفت إليه خراسان، وذلك في أيام يزيد بن عبد الملك، استدعى الحسن البصري ومحمد بن سيرين والشعبي وذلك في سنة ثلاث ومائة فقال لهم: إن يزيد خليفة الله استخلفه على عباده، وأخذ عليهم الميثاق بطاعته، وأخذ عهدنا بالسمع والطاعة، وقد ولاني ما ترون فيكتب إلي بالأمر من أمره فأقلده ما تقلده من ذلك الأمر، فما ترون فقال ابن سيرين والشعبي قولاً فيه تقية، فقال ابن هبيرة: ما تقول يا حسن فقال: يا ابن هبيرة خف الله في يزيد ولا تخف يزيد في الله، إن الله يمنعك من يزيد، وإن يزيد لا يمنعك من الله، وأوشك أن يبعث إليك ملكاً فيزيلك عن سريرك ويخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك، ثم لا ينجيك إلا عملك؛ يا ابن هبيرة لا تعص الله فإنما جعل الله هذا السلطان ناصراً لدين الله وعباده فلا تركبن دين الله وعباده بسلطان الله، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق؛ فأجازهم ابن هبيرة وأضعف جائزة الحسن، فقال الشعبي لابن سيرين: سفسفنا له فسفسف لنا . إنه يسخر للملوك رأى الحسن البصري يوماً رجلاً وسيماً حسن الهيئة، فسأل عنه فقيل: إنه يسخر للملوك ويحبونه، فقال: لله أبوه، ما رأيت أحداً طلب الدنيا بما يشبهها إلا هذا. إن اهتمامك بالمعروف معروف قال عبد الأعلى بن عباد النرسي: دخلت على الخليفة العباسي المتوكل فقربني وألزمني وقال: قد كنا هممنا لك بمعروف فتدافعت الأيام، فقلت: أحسن الله جزاء أمير المؤمنين على حسن نيته وكرم طويته، أفلا أنشدتك لبعض الشعراء شيئاً في مثل هذا قال: بلى، فأنشدته: لأشكرنك معروفاً هممت به ... إن اهتمامك بالمعروف معروف ولا ألومك إن لم تمضه قدراً ... فالشيء بالقدر المحتوم مصروف فقال: يا غلام، دواة وقرطاس، فكتبهما بيده. ولكن دين البربري كثير كان يزيد بن الطثرية شريفاً متلافاً يغشاه الدين، فإذا أخذ به قضاه عنه أخ له يقال له ثور- هكذا الإخوة وإلا بلاش !! - ثم إنه كثر عليه دينٌ لمولًى لعقبةٍ بن شريك الحرشي يقال له البربري فحبسه له عقبة بالعقيق من بلاد بني عقيل، وعقبة عليها يومئذٍ أميرٌ. وكان يزيد قد هرب منه، فرجع إليه من حب أسماء، وكانت جارة البربري، فأخذه البربري.فقال يزيد في السجن: قضى غرمائي حب أسماء بعد ما ... تخونني ظلمٌ لهم وفجور فلو قل دين البربري قضيته ... ولكن دين البربري كثير وكنت إذا حلت علي ديونهم ... أضم جناحي منهم فأطير علي لهم في كل شهرٍ أديةٌ ... ثمانون وافٍ نقدها وجزور نجيء إلى ثورٍ ففيم رحيلنا ... وثورٌ علينا في الحياة صبور أشد على ثورٍ وثورٌ إذا رأى ... بنا خلةً جزل العطاء غفور فذلك دأبي ما بقيت وما مشى ... لثورٍ على ظهر البلاد بعير ثم إن عقبة بن شريك حج على جمل له يقال له ابن الكميت أنجب ما ركب الناس، وثبت ابن الطثرية في السجن حتى انصرف عقبة بن شريك من مكة، فأرسل ابن الكميت في مخاضه مستقبلة الربيع وهي حاضرة العقيق، تأكل الغضى وتشرب بأحسائه، وانحدر عقبة نحو اليمامة وعليها المهاجر بن عبد الله الكلابي. فلما ضاقت بابن الطثرية المخارج قال له صاحبٌ له: لا أعلم لك أنجى إن قدرت على الخروج من السجن إلا أن تركب ابن الكميت فينجيك نحو بلد من البلاد. فلم يزل حتى جعل للحداد، على أن يرسله ليلةً إلى ابنة عمه، جعلا، فشكا إليه وجده بها فأرسله. أيزيد أنت؟ فمضى يزيد نحو الإبل عشاءً فاحتكم ابن الكميت حتى جلس عليه فوجهه قصد اليمامة يريد عقبة بن شريك، وقال في طريقه: لعمري إن ابن الكميت على الوجا ... وسيري خمساً بعد خمسٍ مكمل لطلق الهوادي بالوجيف إذا ونى ... ذوات البقايا والعتيق الهمرجل فورد اليمامة فأناخ بابن الكميت على باب المهاجر، فكان أول من خرج عليه عقبة بن شريك. فلما نظر إليه عرفه وعرف الجمل فقال: ويحك! أيزيد أنت وهذا ابن الكميت؟ قال نعم قال: ويحك! فما شأنك؟ قال: يا عقبة، فار منك إليك، وأنشده قصيدته التي يقول فيها: يا عقب قد شذب اللحاء عن العصا ... عني وكنت مؤزراً محمودا صل لي جناحي واتخذني عدةً ... ترمي بي المتعاشي الصنديدا فقال له عقبة أشهدكم أني قد أبرأته من دين البربري وأن له ابن الكميت، وأمره أن يحتكم فيما سوى ذلك من ماله. من روائع المتنبي 5 وقوله: وما الحسن في وجه الفتى شرفاً له ... إذا لم يكن في فعله والخلائق وما بلد الإنسان غير الموافق ... ولا أهله الأدنون غير الأصادق وجائزة دعوى المحبة والهوى ... وإن كان لا يخفى كلام المنافق وما يوجع الحرمان من كف حارم ... كما يوجع الحرمان من كف رازق وقوله: إنما أنفس الأنيس سباع ... يتفارسن جهرة واغتيالا من أطاق التماس شيء غلاباً ... واقتسار لم يلتمسه سؤالا كل غاد لحاجة يتمنى ... أن يكون الغضنفر الرئبالا وقوله: لولا المشقة ساد الناس كلهم ... الجود يفقر والإقدام قتال وقلما يبلغ الإنسان غايته ... من كل ماشية بالرجل شملال إنا لفي زمن ترك القبيح به ... من أكثر الناس إحسان وإجمال ذكر الفتى عمره الثاني، وحاجته ... ما قاته، وفضول العيش أشغال وقوله: يرى الجبناء أن العجز حزم ... وتلك خديعة الطبع اللئيم وكل شجاعة في المرء تغني ... ولا مثل الشجاعة في الحكيم وكم من عائب قولاً صحيحاً ... وآفته من الفهم السقيم ولكن تأخذ الأذهان منه ... على قدر القرائح والعلوم طرائف ونوادر 14 قال محرز بن جعفر الكاتب : قال لي إبراهيم بن سيابة – شاعرعباسي - : إذا كانت في جيرانك جنازة وليس في بيتك دقيق فلا تحضر الجنازة، فإن المصيبة عندك أكبر منها عند القوم، وبيتك أولى بالمأتم من بيتهم !! ودخل رجل على الإمام الشعبي وامرأته معه فقال: أيكما الشعبي؟ فقال الشعبي: هذه، وأشار إلى المرأة، فقال: ما تقول في رجل شتمني في أول يوم من رمضان أيؤجر على ذلك أم لا ؟ فقال الشعبي: أما إن قال لك: يا أحمق فأرجو أن يكون له في ذلك الأجر العظيم. [email protected]