من يعلم التاريخ الرياضي اليمني - لا شك - سيقدر الدور الكبير لنادي عريق مثل الميناء وجاره الروضة في تسطير البدايات الأولى للرياضة اليمنية التي ولدت من عدن ليعم نورها الحضاري كل مساحات الوطن، ويتجاوزها ازدهارا إلى ما وراء الحدود.. فنادي الميناء يمثل قيمة تاريخية في الماضي، وقلعة حضارية في الحاضر القريب ومصدر فخر للمستقبل إن وجد المساحة الكافية من الاهتمام والرعاية من أهل الشأن، بالإضافة إلى الإدارة الفعالة القادرة على توظيف الطاقات وكل مكنونات الخبرة المتراكمة وتحويلها إلى إنجازات تتحدث عن نفسها وتعيد صياغة كل المقومات إلى فعل رياضي متميز. وكذلك الأمر يمكن أن ينطبق على نادي شباب الروضة بامتداده التاريخي الذي يعود إلى منتصف القرن الماضي أو ببعدها المستقبلي الذي يتكئ على قاعدة كبيرة من الشباب الواعد في محيط جغرافي ضيق – مدينة القلوعة – ذات الانتماء الطبقي المتقارب الذي يضم شباب آبائهم خليط من محدودي الدخل كموظفين وعمال وفئات شعبية يمكن القول إنها أكثر حاجة من غيرها لاهتمام الدولة والجهات المعنية بالشباب والرياضة لتحفظها من الانزلاق خلف ما يمكن أن يذهب بها بعيدا عن الخط المستقيم الذي ينتظر أن يسير به شباب المنطقة نحو مستقبل أكثر استقرارا بعيدا عن الجنوح مهما كان نوعه. الميناء تاريخ عريق وحاضر غريق ****** ولعله من المفيد التذكير في هذا المقام أن نادي عريق مثل الميناء كان إلى قبل سنوات بسيطة المحتكر الأول للعبة كرة السلة بطولاتها ومنتخباتها قبل أن يتدخل فيروس التدمير في الاتحاد العام للعبة، ويدمر الفريق المحتكر للبطولات واللعبة عموما، وإن الميناء كان المدرسة الأولى للعبة الكرة الطائرة، وصاحب الريادة في تصدير اللاعبين المدربين، كما أن الميناء هو النادي الوحيد الذي منح لليمن ميدالية آسيوية – برونزية أكرم النور - وأن نجومه في ألعاب الدفاع عن النفس وألعاب أخرى من هم رفع العلم اليمني في المحافل العربية والقارية المختلفة. نعم.. الميناء وليس غيره هو نادي الإنجازات، وهو الذي يستحق الدعم المساندة في كل شيء إداريا وماليا وعلى مستوى المنشآت الرياضية وقبل ذلك الإدارة الفاهمة، ولا مانع من أن تكون داعمة لأن الأمر مستحب، بل وهو واجب وطني واجتماعي، وذلك حتى يستمر النادي العدني الرائد في رفد الرياضة اليمنية بالميداليات والإنجازات. والأمر هنا لا يتوقف على مسألة دعم الميناء صاحب المقومات التاريخية والفنية، بل هو مطلوب للروضة صاحب الذخيرة البشرية الكبيرة القادرة على تقديم أجيال وأجيال من الأبطال في كل الألعاب سبق وأن قدمت مثلهم في أندية المحافظة وألعابها، وليس هناك مجال للحصر فمنطقة الروضة ولادة بالنجوم والمواهب التي تأتي من عمق هذا الشعب البسيط. تلك كانت إطلالة بسيطة على تاريخ ومقومات ناديي الروضة والميناء في مديرية التواهي محافظة عدن كحالة كان لابد من شرحها وتقديمها لأهل الاختصاص في كل مفاصل الإدارة الرياضية ومواقع القرار الرياضي والاجتماعي والحكومي حتى نبني عليها لما بعدها من كلام سيأتي للكشف عن معاناة هذين الناديين من الإهمال والتقصير المتعمد وغير المتعمد من قبل الجهات المسئولة في تلبية التزاماتها نحو الناديين كحالة متكررة في كل أندية المحافظة. الميناء المصيبة في الإدارة والمال ****** مثل كل أندية الوطن ستظل متلازمة الفشل في الإدارة والمال أهم معوقات التطور الرياضي اليمني، وهي معاناة ظلت تطحن الميناء وتعرقل الروضة عن أي بناء، فكان الحال - دائما - إدارة جيدة في الميناء، وغياب للمال فأصبح الحال كتلك الشاطرة في الطبخ وليس لديها ما تطبخ به. نعم.. الميناء دونا عن غيره من الأندية تميز عبر مراحل طويلة بإدارات جيدة ومتواجدة لكنها كانت على دوام إدارات عاجزة عن توفير الدعم المالي، وفي محيط متلاطم، فقد فشلت تلك الإدارات في قيادة دفة النادي إلى ميناء التألق وديمومة الإنجازات وباستمرار ضربات أعداء النجاح في بعض الاتحادات العامة سقطت ألعاب الميناء لتحقيق أغراض مريضة في قلوب أناس وصلوا إلى سدة الحكم في الاتحادات العامة في غفلة من الزمن راكبين جناح التزوير والتمرير. الروضة بين شرعيتن ضعيفتين ******** أما الروضة فإنه وعلى الرغم من الانتصار له بإعادة الاعتراف به قبل حولي 20 سنة، فإنه أصيب بداء الإدارة الفاشلة التي كسحت وفشلت في تسجيل حضورها الطبيعي المتوقع على خارطة الرياضة العدنية، فكان نصيبها هو الإخفاق المتواصل الذي جعل النادي بمقره الجديد غير المكتمل مجرد مبنى معزول عن السكان بعد أن أصبح حكرا على نفر قليل من المسيطرين والمقربين والمعارف الذين عجزوا عن تكوين فرق رياضية حقيقية للنادي تعيد للمنطقة اشراقتها الرياضية وتوهجها الذي كان في زمن ماضي، وكان يتوقع عودته في ظل النادي الجديد الذي حصل على مشروع استمثاري اعتراه الفشل، وكوته المخالفات، وأصابته لعنة التأخير من يومه الأول إلى اليوم. وإذا كان الميناء قد حصل مؤخرا على إدارة جديدة بقرار إداري منحها الصلاحية، ولم يمنحها العون لتسجيل حضروها على ساحة النادي الخاوية على عروشها بعد أن كسرت لبناء مشروع جديد للنادي كصالة هي الأولى في المحافظة، فإن هذه الإدارة قد بقيت مثل سابقتها، فاشلة لأنها لم تجد عصب الحياة، وهو المال كما أنها وجدت نفسها تدير نادي بدون ملعب وبدون ساحة، وهي مقومات أساسية لبناء رياضة حقيقة في أي نادٍ، فإن مكتب الشباب والرياضة بعدن قد عجز حتى الآن عن فعل الشيء نفسه في نادي الميناء بعد قرار اعتبر مستحق بحل الإدارة السابقة وتعيين إدارة جديدة، لكنه أي مكتب الشباب والرياضة عجز حتى الآن عن تمكين الإدارة المعينة من أمور النادي كعجزه عن مساندة الإدارة السابقة ومنحها فرصة لمواصلة العمل حتى الانتخابات المقبلة!. إذا فنادي الروضة يعيش هذه الأيام شرعيتين الأول منتخبته انتهت مدتها القانونية، والأخرى معينة لم يتم تمكينها من مزاولة عملها وهنا، فإن زمن التناحر الإداري في النادي يسحب نفسه على وضع المنطقة التي انقسم شبابها بين مؤيد ومعارض تلازم مع فشل في حسم أمر النادي ليس على مستوى المكتب، ولكن على مستوى الرجل الأول في الوزارة الذي قدم مقترحان وعجز عن حسم الأمر بقرار يعيد للنادي استقراره متناسيا أنه المعني الأول عن الرياضة وليس غيره. الروضة اليوم بحاجة إلى من ينتشل وضعه ليس بإدارة مؤقتة فقط، ولكن بنقله من مرحلة التأسيس إلى مرحلة العمل المؤسسي من خلال تشكيل جمعية عمومية للنادي وفق معايير يتم الاتفاق عليها من قبل لجنة يتم اختيارها من أهل المنطقة القادرين على اختيار وتنقية الجمعية العمومية بهدف الوصول إلى انتخابات حقيقية تفرز إدارة صادقة وقادرة على استعادة الوهج الروضاوي. الرياضة مقومات ومنشآت ******** ولأن الرياضة نشاط إنساني يعتمد على مقومات أهمها العنصر البشري إدارة ولاعبين وجمهور ومن بعده يأتي المال والمنشآت والخبرات، فإننا نجدد التذكير أن المقومات كلها متوفرة لنادي عريق مثل الميناء وبدرجة أقل في الروضة لكنها تظل بحاجة إلى المال والمنشآت التي كات تكون حاضرة لولا إن الإهمال والتقصير وتدخل السياسة في شئون الرياضة أفقدها فرصة الحصول على منشآت رياضية – ملعب رياضي – مثل باقي أندية عدن التي نالت حظها من ملاعب خليجي 20. والحقيقة إن إدارتي الناديين لعبت دورا كبيرا في الحصول على هذه الملاعب، وأن بدت غير مناسبة لكنها حصلت على هذين المشروعين وبدا العمل بهما إلا أن تقصير وزارة الشباب والرياضة في دفع مستحقات المقاولين آخر إنجازهما كما هو الحال في تأخر إنجاز صالة نادي الميناء ليكون الحال اليوم هو أن الميناء والروضة بدون معلبين لكرة القدم وساحات لباقي الألعاب، ما يعني أن الروضة والميناء أصبحا مجرد ناديين بدون مقومات للعمل الرياضة، وأن هذا الوضع يؤكد ضرورة الإسراع في إنجاز مشروعي الملعبين حتى تكتمل الصورة بانتظار تحقيق وعد رفع المخصصات للأندية الذي أطلقه الوزير. ملعب الميناء المسلوب آن له أن يعود.. وفي الروضة استثمار مخالف!! ****** وقبل أن نختتم الحديث عن الواقع الحزين الذي يعيشه الجارين الميناء والروضة فإنه لابد من التذكير مرة ثانية أن للميناء ملعب سلب منه بقرار سياسي ليتحول إلى نصب تذكاري للشهداء، وقد حان وقت عودته الحق لأصحابه حتى يستخدم كمشروع استمثاري يعين النادي على توفير ما يلزم للشباب والرياضيين، وأن للروضة مشروع استثماري متأخر في الإنجاز ليس هذا فحسب بل ومليء بالمخالفات التي كان آخرها السماح ببناء دور ثاني ليس في الاتفاقية الرئيسة بين النادي والمستثمر. والمصيبة أن هذه الإضافة مخالفة صريحة تتطلب دخول مكتب الشباب والرياضة لإيقافه لكن المصيبة الأعظم أن يكون مكتب الشباب والرياضة كما يقال هو العارف بالأمر بل ومن منحه مباركته في ظلمة ليل. وبإطلالتنا هذه على أوضاع الناديين فإننا - لا شك - نفتح في فتح ملفات الأندية الرياضية في عدن التي تطلق استغاثها المتواصلة من حال التأخر والإهمال الذي وصلت إليه اليوم، وفي فترات مضت وهي اليوم بحاجة إلى من ينتشلها وينقذها من ماهي فيه وينقلها إلى فضاء التألق الذي كانت عليه في زمن مضى تألق فيها أهل الموهبة واكتفى غيرهم بالوقوف احتراما للمتابعة والتفرجة، لكنهم اليوم وحدهم من يسيطر على الرياضة بعد أن أقصى أهل الحق وغابت أدوارهم عن ساحات الفعل الرياضي المتخصص مستغلين تداخل السياسة بالرياضة الذي ساهم في جعل الرياضة ساحة للفشل والتراجع.