إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)) آل عمران: 2 0 1 ((يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)) النساء: 1 ((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)) الأحزاب: 70، 71 أما بعد: فهذه رسالة مختصرة، مفيدة ميسرة تحتوي على وقفتين يسيرتين: الوقفة الأولى: ماذا بعد رمضان؟ الوقفة الثانية: أحكام العيد وآدابه وسننه. أسأل الله تعالى أن ينفع بها، وأن يجعلها في موازين الحسنات، وأن يجعلها خالصة لوجهه مقربة لمرضاته، نافعة لعباده، فما كان فيها من صواب فمن الله وحده، وما كان فيها من خطأ فمن نفسي والشيطان، واستغفر الله من ذلك وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه. الوقفة الأولى: ماذا بعد رمضان ؟ لقد كان شهر رمضان ميدانا يتنافس فيه المتنافسون، ويتسابق فيه المتسابقون، ويحسن فيه المحسنون، تروضت فيه النفوس على الفضيلة، وتربت فيه على الكرامة، وترفعت عن الرذيلة، وتعالت عن الخطيئة، واكتسبت فيه كل هدى ورشاد، ومسكين ذاك الذي أدرك هذا الشهر ولم يظفر من مغانمه بشيء، ما حجبه إلا الإهمال والكسل، والتسويف وطول ا لأمل. ترحل شهر الصبر والهفاه وانصرما *** واختص بالفوز في الجنات من خدما وأصبح الغافل المسكين منكسرا *** مثلي فيا ويحه يا عظم ما حرما من فاته الزرع في وقت البذار فما *** تراه يحصد إلا الهم والندما وإن الأدهى من ذلك والأمر أن يوفق بعض العباد لعمل الطاعات، والتزود من الخيرات حتى إذا انتهى الموسم نقضوا ما أبرموا، وعلى أعقابهم نكصوا، واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، وذلك والله خطأ فادح بكل المقاييس، وجناية مخزية بكل المعايير لا ينفع معها ندم ولا اعتذار عند الوقوف بين يدي الواحد القهار.