وكالة: الطائرات اليمنية التي دمرتها إسرائيل بمطار صنعاء لم يكن مؤمنا عليها    البرلماني بشر: اتفاق مسقط لم ينتصر لغزة ولم يجنب اليمن الدمار    أرقام تاريخية بلا ألقاب.. هل يكتب الكلاسيكو نهاية مختلفة لموسم مبابي؟    أرقام تاريخية بلا ألقاب.. هل يكتب الكلاسيكو نهاية مختلفة لموسم مبابي؟    السعودية تقر عقوبات مالية ضد من يطلب إصدار تأشيرة لشخص يحج دون تصريح    تعيين نواب لخمسة وزراء في حكومة ابن بريك    رئاسة المجلس الانتقالي تقف أمام مستجدات الأوضاع الإنسانية والسياسية على الساحتين المحلية والإقليمية    ضمن تصاعد العنف الأسري في مناطق سيطرة الحوثي.. شاب في ريمة يقتل والده وزوجته    السامعي يتفقد اعمال إعادة تأهيل مطار صنعاء الدولي    صنعاء.. عيون انطفأت بعد طول الانتظار وقلوب انكسرت خلف القضبان    وسط فوضى أمنية.. مقتل وإصابة 140 شخصا في إب خلال 4 أشهر    في واقعة غير مسبوقة .. وحدة أمنية تحتجز حيوانات تستخدم في حراثة الأرض    انفجارات عنيفة تهز مطار جامو في كشمير وسط توتر باكستاني هندي    وزير الاقتصاد ورئيس مؤسسة الإسمنت يشاركان في مراسم تشييع الشهيد الذيفاني    سيول الامطار تجرف شخصين وتلحق اضرار في إب    الرئيس : الرد على العدوان الإسرائيلي سيكون مزلزلًا    *- شبوة برس – متابعات خاصة    القضاء ينتصر للأكاديمي الكاف ضد قمع وفساد جامعة عدن    السيد القائد: فضيحة سقوط مقاتلات F-18 كشفت تأثير عملياتنا    تكريم طواقم السفن الراسية بميناء الحديدة    صنعاء .. شركة النفط تعلن انتهاء أزمة المشتقات النفطية    صنعاء .. الافراج عن موظف في منظمة دولية اغاثية    مطار صنعاء "خارج الخدمة".. خسائر تناهز 500 مليون دولار    اليدومي يعزي رئيس حزب السلم والتنمية في وفاة والدته    المرتزقة يستهدفون مزرعة في الجراحي    السعودية: "صندوق الاستثمارات العامة" يطلق سلسلة بطولات عالمية جديدة ل"جولف السيدات"    لوموند الفرنسية: الهجمات اليمنية على إسرائيل ستستمر    باريس سان جيرمان يبلغ نهائي دوري أبطال أوروبا    . الاتحاد يقلب الطاولة على النصر ويواصل الزحف نحو اللقب السعودي    بعد "إسقاط رافال".. هذه أبرز منظومات الدفاع الجوي الباكستاني    محطة بترو مسيلة.. معدات الغاز بمخازنها    شرطة آداب شبوة تحرر مختطفين أثيوبيين وتضبط أموال كبيرة (صور)    شركة الغاز توضح حول احتياجات مختلف القطاعات من مادة الغاز    كهرباء تجارية تدخل الخدمة في عدن والوزارة تصفها بأنها غير قانونية    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الحاج علي الأهدل    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض رسوم جمركية على بوينغ    خبير دولي يحذر من كارثة تهدد بإخراج سقطرى من قائمة التراث العالمي    وزير الشباب والقائم بأعمال محافظة تعز يتفقدان أنشطة الدورات الصيفية    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    اليوم انطلاق منافسات الدوري العام لأندية الدرجة الثانية لكرة السلة    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المهاجرون الأفارقة.. الهروب نحو الجحيم
مسئولون حكوميون متورطون في الإتجار بهم و"سامية الأمم المتحدة" تدعهم للنخاسة..
نشر في أخبار اليوم يوم 29 - 06 - 2014

ترك "شيكوري" منزله ببلدة ريفية إثيوبية.. بعد أن ودع أسرته وزملاءه في المدرسة.. واتجه نحو البحر, حيث سيحمله قارب- مع رفاق له- للانطلاق بحثاً عن عمل في المملكة العربية السعودية.. ولكن عندما وصل اليمن في طريقه، وجد نفسه محاصراً في رعب لا يمكن تصوره.. لقد اختطفه متاجرون في البشر واقتادوه إلى معسكر معزول في الصحراء, حيث يقومون بتعذيب المهاجرين الأفارقة للحصول على المال فديةً من أقاربهم وأصدقائهم..
في وقت متأخر من إحدى ليالي الخريف الماضي، كان الشاب الأسمر (20) عاماً يجلس على فراش يكاد يلتهمه العفن في ساحة مهجورة في بلدة حرض شمالي اليمن، يتحسس أوجاعه, بينما يتذكر سنوات تعليمه وعندما كان طالباً بالمدرسة الثانوية.. وكيف صار اليوم بعد اختطافه وتعذيبه وابتزازه..
أدوار الجلادين و"شيكوري"
بعد اختطافه من قبل عصابة دفع " شيكوري" فديته, ولكن تم بيعه إلى مجموعة ثانية، وأيضاً دفع الفدية مرة أخرى، ليفرجوا عنه، لتختطفه بعدها مجموعة ثالثة.
علقت المجموعة الثالثة شيكوري بالأسلاك المعدنية من إبهاميه كل يوم لمدة تصل إلى خمسة عشر دقيقة في كل مرة.. ربطوا أعضاءه التناسلية بحبل وعلقوا زجاجة ماء مملوءة بالحبل.. كل هذا لإجباره على إعطائهم رقم هاتف أحد أفراد أسرته الذين يمكن أن يرسلوا المال من أجل إطلاق سراحه.
بعد 15 يوماً من رفض إعطاء جلاديه أي رقم، وصل من الضعف مبلغا، فلم يعد قادراً على تناول الطعام أو الكلام والحركة.. جره التجار من رجليه وألقوا به في أقرب طريق حيث أنقذته مجموعة تساعد المهاجرين.
مشاهد مروعة
"يقوم متجرون باحتجاز مهاجرين أفارقة في 'معسكرات للتعذيب‘ لابتزاز أموال من عائلاتهم الفقيرة إلى حد مؤلم.. وعندما ترى متجرين يسوقون الناس على الملأ إلى شاحنات في قلب حرض، فإنك تدرك أن السلطات تغض الطرف".. قال إريك غولدستين، وهو نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش.
يصف المهاجرون إساءة معاملة مروعة في المعسكرات، حيث كان الاعتداء بالضرب شائعاً. يحكي أحد الرجال مشاهدة اقتلاع عيني رجل آخر بزجاجة للمياه.. ويقول آخر إن المتجرين علقوه بسلك ملفوف حول إبهاميه، وربطوا حبلاً تتدلى منه زجاجة مليئة بالمياه حول قضيبه. ويفيد شهود أن المتجرين اغتصبوا بعض السيدات المهاجرات اللواتي كانوا يحتجزونهن.
أحد المهاجرين انتهى به الأمر إلى البقاء محاصراً لمدة 7 أيام في معسكر للمتجرين. يقول سعيد- وهو يستعرض ندوباً بعرض ظهره- "كانوا يقيدون يديّ خلف ظهري ويرقدونني على الأرض. وبعد ذلك يضربونني بالعصي. ورأيت الحراس يركلون وجه رجل كان على الأرض، فيكسرون أسنانه".
صناعة حرض المربحة
في حرض- البلدة الصغيرة الواقعة على بعد سبعة كيلومترات إلى الجنوب من الحدود السعودية- قدّر مسئول محلي في الحكومة اليمنية أن نحو ثمانين في المائة من اقتصاد المدينة يعتمد على الإتجار وتهريب البشر والبضائع.
في السنوات الأخيرة، أنشأ المتجرون اليمنيون معسكرات التعذيب هذه في الصحراء حول حرض، وذكر مسئول محلي اثني عشر من هذه المعسكرات، وقدّر أنه قد يكون هناك حوالي ثلاثين معسكراً في المنطقة.
يعلم المسئولون الحكوميون جيداً بوجود هذه المعسكرات: قالت هيومن رايتس ووتش. وإنهم قاموا بمداهمتها بشكل متقطع فقط وآخر مرة كانت قبل عام، وقالوا إنه- بسبب إخفاق الحكومة في مقاضاة المتجرين -يعاد إقامة المعسكرات وتشغيلها مرة أخرى في غضون أسبوع.
عصابات بحصانة حكومية
ينتظر المتجرون على شواطئ البحر الأحمر وخليج عدن المهاجرين الذين دفعوا مبالغ كبيرة للمهربين من أجل عبور آمن إلى المملكة العربية السعودية، وهي البلد الغني حيث يأملون في العثور على عمل.
ويعمل المتجرون مع طواقم القوارب والمهربين وغيرهم من الشبكات التي تمتد غالباً من جيبوتي والصومال وإثيوبيا وصولا إلى المملكة العربية السعودية، ويطلبون المال من المهاجرين حال مغادرتهم القوارب، ويأخذون من لا يستطيع أو يرفض الدفع إلى المعسكرات الصحراوية الخاصة بهم.
يذكر مهاجرون أنهم شهدوا حالات اغتصاب وتعرضوا للتعذيب وغيره من الانتهاكات، وتشير روايات المهاجرين والمسئولين والمهربين والمتجرين على حد سواء إلى أن عصابات الإتجار تعمل بحصانة وتواطؤ مع الحكومة اليمنية.
شبكة مناصب ورتب
شهاداتهم – بالإضافة إلى شهادات المُتجِرين والمهربين والمسئولين الحكوميين والعاملين بالمجال الصحي والمساعدات الإنسانية - ترسم صورة لشبكة كبيرة من العمليات غير القانونية، والتي بحسب تقديرهم، ترتبط بمسئولين يمنيين من مختلف الرتب والمناصب، والذين – في الحد الأدنى – يتلقون الرشاوى لتجاهل ما يحدث، أو قد يلعبون دوراً أنشط وأساسياً في هذه العمليات.
في حديثه ل" بلقيس واللي"- وهي باحثة اليمن في هيومن رايتس ووتش, قال شيكوري إنه واجه قوات حكومية تتواطأ مع التجار، فبعد إطلاق سراحه من معسكر التعذيب الثاني، كان شيكوري يسير في اتجاه الحدود السعودية مع تسعة أثيوبيين آخرين عندما وصلوا إلى نقطة تفتيش خارج حرض، حيث أمسك بهم أربعة من عناصر نقطة التفتيش يرتدون الزي العسكري وسرقوا أموالهم وأجبروهم على الصعود في شاحنة من نوع تويوتا هايلكس بيضاء دخلت نقطة التفتيش، وعندما مرّت الشاحنة عبر نقاط التفتيش باتجاه حرض، رأى شيكوري السائق يدفع النقود للحراس، عندها خشي شيكوري أن الشاحنة كانت تسير مباشرة إلى معسكر تعذيب.
عندما تباطأت السيارة عند نقطة التفتيش الأخيرة قبل حرض، تمكن شيكوري والعديد من أصدقائه من القفز، وحين رآهم عنصر نقطة التفتيش أخبرهم أنهم سيتعرضون لخطر الخطف مرة أخرى، وأن زملاءه يريدون أخذهم إلى الصليب الأحمر، فصعدوا في مركبة عليها إشارة الشرطة وكان يقودها أحد الضباط, لكنه اقتادهم إلى معسكر آخر للمتجرين في الصحراء.
تواطؤ وإخفاق
"أمضى اليمن العامين الماضيين في محاولةٍ لخلق نظام جديد يحترم سيادة القانون وحقوق شعبه، ويجب أن يكون احترام وحماية حقوق المهاجرين جزءاً من هذا الجهد..": تقول هيومن رايتس ووتش.
وتشير إلى قيام متجرين في اليمن باحتجاز مهاجرين أفارقة في معسكرات احتجاز، مع تعذيبهم لابتزاز أموال من ذويهم، بتواطؤ من مسئولين محليين. في بعض الأحيان ينتهي التعذيب بوفاة الضحية.. وتطالب الحكومة اليمنية بفتح تحقيق جاد مع المتجرين في البشر وأفراد القوات الأمنية المتورطين في الانتهاكات، وملاحقتهم.
قام المتجرون بتشييد المعسكرات في السنوات الأخيرة، وهم يأسرون المهاجرين عند وصولهم بالقوارب إلى الساحل، أو "يشترونهم" من ضباط الأمن والجيش عند نقاط التفتيش، ويتقاضون رسوماً من المهاجرين مقابل وعد بتوصيلهم إلى السعودية أو غيرها من بلدان الخليج الثرية للبحث عن العمل. وفي تلك المعسكرات يسبب المتجرون آلاما ومعاناة شديدة للمهاجرين لابتزاز المال من ذويهم في أوطانهم، أو أصدقائهم العاملين بالخارج بالفعل.
وفي ما عدا بعض المداهمات الحكومية اليمنية في 2013تقول المنظمة الدولية إن السلطات لم تفعل ما يذكر لوقف الاتجار، فقد قام مسئولون في أحيان أكثر بتحذير المتجرين من المداهمات، وأخفقوا في ملاحقة من اعتقلوهم، وأفرجوا بعد ذلك عنهم. وفي بعض الحالات قاموا بدور نشط في مساعدة المتجرين على اصطياد مهاجرين واحتجازهم.
تجارة تزدهر
وجدت هيومن رايتس ووتش أن مختلف الأجهزة الأمنية اليمنية في بلدة حرض الحدودية، حيث توجد عشرات المعسكرات، وعند نقاط التفتيش، تسمح لصناعة الإتجار في البشر بالازدهار دون تدخل حكومي يذكر.
يقول عمال إغاثة إنهم لاحظوا دلائل الإساءة على مهاجرين، تتفق مع رواياتهم عن قيام متجرين بانتزاع أظافرهم، وإحراق غضاريف آذانهم، ووسم جلدهم بقضبان الحديد، واقتلاع أعينهم، وتكسير عظامهم.
عاملون بالقطاع الصحي في منشأة طبية بحرض أكدوا أنهم كثيراً ما شاهدوا مهاجرين بإصابات تشمل تهتكات جراء الاغتصاب، وأضرار نتيجة التعليق من أصابع الإبهام، وحروق من السجائر والبلاستيك المصهور.
في بعض الأحيان ينتهي التعذيب بالموت.. يفيد أحدهم إنه شاهد متجرين يربطون قضيب رجل بحبل ويضربونه بعصي خشبية حتى أسلم الرجل الروح أمام عينيه.. ويقول آخر إن المتجرين قتلوا رجلين في مجموعته بتمزيقهما ببلطة.. وأحياناً ما يجري إلقاء المهاجرين الذين تم تعذيبهم حتى اقتربوا من الموت أمام مركز للمهاجرين في حرض تديره المنظمة الدولية للهجرة.
ابتزاز ورشاوي
ابتزاز المال من عائلات المهاجرين الأسرى يدخل مبالغ مالية كبيرة إلى اليمن، أفقر بلدان الشرق الأوسط. قال مهاجرون إن ذويهم وأصدقاءهم دفعوا فديات لتحريرهم تتراوح بين ما يعادل 200 دولار أميركي إلى ما يفوق الألف دولار.. وقال متجر مختص بالتفاوض على الفدية إنه كثيراً ما يتمكن من ابتزاز 1300 دولار مقابل المهاجر الواحد من عائلته.
يقوم المتجرون الذين ينقلون يمنيين وأفارقة بدفع رشاوى موحدة التسعيرة للمسئولين حتى يمرروهم من نقاط التفتيش في المناطق الحدودية, لكن تواطؤ المسئولين يتجاوز الرشاوى الصغيرة، فقد قال مهربون ومهاجرون على السواء إن الحراس في بعض نقاط التفتيش قاموا بتسليم مهاجرين تم اعتراضهم على الطرق إلى متجرين مقابل أموال.
يقول أحد المهاجرين إنه- بعد فراره مع صديق له من معسكر للتعذيب في أغسطس/آب 2013- استوقفه جنود يمنيون عند نقطة تفتيش بالقرب من حرض.. وبينما تم إطعام الرجلين الخبز والشاي، أجرى الجنود بعض المكالمات, وخلال وقت قصير وصل رجلان في سيارة ودفعا للجنود مبالغاً نقدية مقابل المهاجرين، واقتاداهما إلى معسكر للتعذيب.
تورط أمني
يبدو أن التورط في الإتجار يمتد إلى عناصر من داخل مختلف الأجهزة الأمنية في حرض، بما فيها الشرطة والجيش والمخابرات.. وقد قام متجرون ومهربون ومسئولون يمنيون بتزويد هيومن رايتس ووتش بأسماء مسئولين كبار، قالوا إنهم متواطئون في الإتجار.. كما قال اثنان من المسئولين إن المتجرين قدموا لهما رشاوى لتجنب المداهمات أو الاعتقال.
في 20 مايو/آيار تلقت "هيومن رايتس ووتش" رسالة من وزارة الدفاع اليمنية فيها ردود على أسئلة أرسلتها المنظمة للوزارة في أبريل/ نيسان.. أكدت الوزارة على تصميم الجيش على استهداف معسكرات التعذيب التي توصل إليها.

لكن الدفاع اليمنية نفت أي تواطؤ من مسئولين حكوميين- بحسب المنظمة الدولية، بما في ذلك الضباط عند النقاط الأمنية، مع المتجرين بالأشخاص.. كما ذكرت الوزارة أنه لم يتم التحقيق مع أي مسؤولين بناء على اتهامات بالتواطؤ مع المتجرين.
وقد قامت قوات الأمن اليمنية منذ مارس/ آذار 2013 بإجراء سلسلة من المداهمات على معسكرات المتجرين.. وقالت وزارة الدفاع إن قوات الأمن أوقفت المداهمات لأنها عجزت عن تزويد المهاجرين بالطعام أو المأوى عقب تحريرهم. واعترف مسئولون بأن الكثير من المعسكرات التي داهمتها قوات الأمن عادت للعمل من جديد.
يقول قاض بمحكمة الجنح في حرض إنه لم ير سوى قضية واحدة تتعلق بالإساءة إلى المهاجرين، وإن ممثل الادعاء أفسدها.. كما لم تجد هيومن رايتس ووتش أية إمارة على توجيه اتهامات أكثر جدية في محكمة الجنايات القريبة, لكن لم يستطع مسئولو وزارة الداخلية أو غيرهم الاستشهاد بحالة واحدة تم فيها اتخاذ إجراءات تأديبية أو قانونية بحق مسئولين للتواطؤ مع المتجرين- حد هيومن.
مخالفة الالتزامات
إخفاق الحكومة اليمنية في التحقيق والملاحقة للانتهاكات الجسيمة المرتكبة بحق المهاجرين من جانب أطراف خاصة، وتورط مسئولين حكوميين فيها، تؤكد ووتش أنه يخالف التزامات اليمن بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان بحماية الأشخاص من انتهاك حقهم في الحياة وفي السلامة الجسدية.
"إن الأشخاص الملهوفين على العمل، الذين يدفعون للمهربين، لم يوافقوا على تعذيبهم وسرقتهم أثناء ذلك. وعلى اليمن ألا يظهر أي قدر من التسامح مع المتجرين في البشر الذين يمارسون التعذيب مقابل الربح، ومع من يساعدونهم": يقول إريك غولدستين. وتشير هيومن إلى تواطؤ مسئولو حدود سعوديون في انتهاك حقوق المهاجرين، عن طريق استيقاف عابري الحدود وتسليمهم إلى متجرين من حرض، كما قال مهاجرون ومتجرون ومسئولون يمنيون على الحدود.
تخلت المفوضية السامية عنهم, فأصبح الشارع وطنهم البرزخي.. تتقاذفهم أمواج الشر.. لاجئون أفارقة يتجشمون الضياع على أرصفة التشرد, باتوا يمثلون قنابل موقوتة في وجه البلد الفقير.. حيث تتعالى التحذيرات من التحاقهم بعصابات التجارة غير المشروعة, أو الوقوع تحت استغلال جماعات مسلحة, كالحوثي والقاعدة...
خذلتهم سامية الأمم المتحدة فتاهوا بلا هوية
لاجئون يتسولون وطن..!
شبح الحروب وقساوة الأوضاع في بلدانهم تدفع بكثير منهم ( صوماليون, أثيوبيون, أريتيريون, نيجيريون,...و...) اترك أوطانهم والهروب إلى بلدان مجاورة, بحثاً عن أمان أو مصدر رزق.. غالباً ما تكون اليمن هي أقرب نقطة يؤمم هؤلاء حياتهم شطرها.. حيث يحصلون على مبتغاهم في اللجوء والجنسية.. وأحايين يتخذون من البلد محطة عبور إلى مملكة النفط والثراء- العربية السعودية.
لكن الأمان الذي ينشدونه كثيراً ما يتحول إلى حياة جحيم, يبدو- في لحظة تعذيب قاسية- الموت بين رحى الحروب الطاحنة أو جوعاً أهون بكثير..
المأساة ليست عندما يجد لاجئ أفريقي نفسه مشرداً في الشوارع.. لكن المأساة الحقيقية أن تنكث منظمات دولية, أوكل بها مهمة احتضناهم ومعالجة أوضاعهم, بعهودها ومواثيقها, تجاه هؤلاء وتتخلى عنهم, ليس أخرها" مفوضية سامية", تتولى مهمة استضافة لاجئين لأشهر, قبل أن ترميهم إلى الشارع, كما حدث مؤخراً مع بعضهم بالعاصمة صنعاء- حد إفادات مصادر ل" أخبار اليوم".
بعد ثلاثة أشهر عاشوها في الفنادق بضيافة المفوضية السامية لشئون اللاجئين باليمن, حتى تتم إجراءات تسجيلهم أو ترحيلهم إلى بلدانهم.. الشهر الماضي وجد عدد من اللاجئين الأفارقة أنفسهم مشردين في شوارع العاصمة اليمنية..
مصادر وثيقة أوضحت أن مجموعة الأفارقة هؤلاء كانوا دخلوا الأراضي اليمنية بطرق غير شرعية- كما هو معتاد في الغالب.. في محافظة الحديدة, حيث محطة الوصول تم ضبطهم وإيداعهم السجن المركزي هناك.. لكن تدخل المفوضية الأممية, بعد عدة أشهر قضوها في مركزي الحديدة, أفضى لاتفاق مع السلطات اليمنية بترحيلهم إلى العاصمة صنعاء, واتخاذ الإجراءات القانونية: الجنسية أو الترحيل.. حيث استضافتهم المفوضية في أحد الفنادق..
وبينما كانوا ينتظرون الدور السامي المأمول من المنظمة الأممية.. فجأة تبدت المأساة المفاجأة, حين صرحت منظمتهم الدولية باليمن تخليها عنهم, ليتم طردهم من الفندق.. أصبح الشارع وطنهم البرزخي.. فيه تتقاذفهم أمواج قاسية, تحركها ريح شر, عاصفةُ بحياتهم نحو مستقبل مخيف, كثيراً يبدي مراقبون قلقهم من كارثية عواقبه غير المحمودة, أخفها ضرراً الارتماء في أحضان عصابات ومافيا تجارة غير مشروعة( مخدرات, جنس, ممنوعات أخرى).. إن لم يكن الوقوع تحت تأثير استقطابات واستغلال جماعات مسلحة وإرهابية( قاعدة, حوثي, حراك مسلح, وجماعات قبلية تخريبية)..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.