مع كل يوم جديد في تعز يتعقد المشهد أكثر في المحافظة الملقبة ب"الحالمة"، وتصبح حياة المدنيين فيها أكثر صعوبة، نتيجة الانفلات الأمني الذي تعيشه المدينة جراء الحرب المستمرة فيها منذ أكثر من عامين. وتشهد تعز فوضى أمنية فرضتها الحرب التي ما تزال قائمة حتى اللحظة، منذ انقلاب سبتمبر/أيلول 2014، الذي اكتسحت فيه المليشيا الانقلابية أغلب المحافظاتاليمنية، لكنه يتصاعد يوما بعد آخر بشكل غير مسبوق.. فما الذي يجري في تعز؟، يتساءل مراقبون كما هو حال سكان المدينة التي اتسمت بالمدنية.. مظاهر الانفلات تتنوع مظاهر الانفلات الحاصل في تعز، ومن أبرزها الاغتيالات التي ظهرت مؤخرا وطالت مسئولين أمنيين وقادة وأفراد في المقاومة الشعبية. وبلغ عدد ضحايا الاغتيالات التي رصدتها "أخبار اليوم" منذ مطلع العام الجاري وحتى أبريل/نيسان، أكثر من خمسين بينهم عسكريين ومدنيين وأفراد وقادة في المقاومة الشعبية. وزاد ذلك الوضع المخاوف من توسع رقعة الاغتيالات، وهو ما سيزيد من حجم الصراع داخل المحافظة، خاصة بعد تبادل الاتهامات التي يعقب مثل تلك الحوادث. وأكد مسؤول عسكري في الجيش الوطني ل"أخبار اليوم" (طلب عدم ذكر اسمه)، إن عديد من الاغتيالات طالت بعض المنتمين للجيش والمقاومة الشعبية. وذكر أن من الصعب تحديد الجهات التي تقف وراء الاغتيالات، لكنه حمل الخلايا النائمة التابعة للانقلابيين بالقيام بذلك، من أجل إثارة الفوضى في تعز. إضافة إلى الاغتيالات فإن ظاهرة (تكسير الأقفال) وسرقة المحلات التجارية والمنازل كانت هي الأكثر انتشارا، والتي تضرر جراءها عديد من المواطنين. تروي أم محمد عبد الواسع وهي امرأة خمسينية، كيف أن بعض الأفراد قاموا بسرقة منزل جيرانهم تحت تهديد السلاح دون أن يتجرأ أحد على منعهم من ذلك. وهو الأمر ذاته التي تتعرض له المحلات التجارية، التي بات أصحابها يغلقونها في الخامسة عصرا غالبا، خوفا من اللصوص، فكثيرا ما يأتي بعض المسلحين إلى التجار ويهددونهم بالسلاح، للحصول على بعض المال. وفي حديثها ل"أخبار اليوم" ذكرت أنها باتت قلقة، من الوضع الذي تعيشه تعز، ولم تعد تشعر بالأمان ليس بسبب القصف الذي يطال الأحياء من وقت لآخر، ولكن جراء الفوضى التي تشهدها المحافظة. التقطع للسيارات وأخذها بالقوة، هي ظاهرة تزايدت مؤخرا، فلم يعد يجرؤ مالكي العربات على الخروج أو قيادتها إلى أماكن عملهم، بعد أن تعرض كثير منهم للنهب. وإن عادت السيارة فتعود بعد وساطات كبيرة ، ودفع مبالغ طائلة للعصابات التي تقوم بالسرقة، هذا ما أكده ل"أخبار اليوم" أحد أبناء تعز (م.ا) الذي فضل عدم الكشف عن اسمه. وكان للمدنيين أيضا نصيب من الاختطافات التي لم تنتشر كثيرا، لكنها أثارت الرعب في نفوس المواطنيين، نتيجة لغياب الأمن، وانتشار الشائعات بسرعة كبيرة وتضخيمها في المدينة. أم سهيل نبيل امرأة أربعينية تضطر يوميا للذهاب مرتين إلى مدرسة ابنها الذي ما يزال في الصف الأول الابتدائي، لإيصاله في الصباح والعودة به في الظهر إلى المنزل. وعن سبب ذلك قالت ل"أخبار اليوم" إنها تسمع كثيرا من قصص الاختطافات، وأصبحت تخاف كثيرا على ابنها. وتابعت: صحيح أنني حريصة على ابني، لكن عديد من الأطفال معرضون للخطر، وهذا ما يزيد من وجعي، مؤكدة أن الحياة في ظل القلق على حياة الأبناء يسبب ضغطا نفسيا كبيرا. سبب الفوضى يشير متابعون إلى أن أبرز أسباب ارتفاع وتيرة الاغتيالات، والانفلات الأمني في تعز، الذي يعد مظهرا من مظاهر الحرب، هو غياب الأمن وعدم قيام المجلس المحلي بمهامه وكذا الجيش الوطني وقادة المقاومة، في حفظ الأمن كما ينبغي، ما أدى إلى وجود عصابات تقوم بالسرقة والنهب، أو ما يُطلق عليهم بتعز ب"المفصعين" وهم أفراد محسوبين على القوات الشرعية. كما أعدوا تأخر الحسم العسكري في تعز، بأنه أحد أبرز أسباب الانفلات الأمني الحاصل، فلذلك تبعات كثيرة، بدأت تظهر وبقوة مع مرور أكثر من عامين على بدء الحرب في المحافظة. فضلاً عن وجود صراعات خفية ومناكفات ومكايدات بين بعض فصائل المقاومة الشعبية، وهو ما أدى إلى زيادة الاغتيالات في صفوف أفراد المقاومة. وفي ملاحظاتهم بأن الاغتيالات طالت كذلك مدنيين، يرجع مراقبون ذلك إلى أنه يعود إلى انتشار السلاح بينهم بشكل كبير، فأصبح يتم حل الخلافات بالقتل، بالإضافة إلك فإن غياب الأجهزة الأمنية والمحاكم أدى بدوره إلى تصفية المشكلات بينهم عن طريق عمليات القتل، ففي مارس/آذار الفائت رصدت "أخبار اليوم" اغتيال 12 مدني بينهم طفلين، وهو مؤشر على تدهور الأمن في تعز. ولا يستبعد المراقبون وقوف جهات وراء استمرار الفوضى في تعز- والتي يمكن السيطرة عليها-، وذلك من أجل إظهار تعز بصورة غير حسنة أمام التحالف العربي، والمجتمع الدولي، فضلا عن تشويه صورة المقاومة، وهو ما سيعيق تحريرها. وبحسب إيضاحاتهم يمكن القول إن حليفي الانقلاب (الحوثي/صالح) دفعا باتجاه الاغتيالات، وذلك لتصفية حساباتهم مع مناوئيهم، فضلا عن ما يمكن أن يكسبوه من إثارة الفتنة بين قيادات المقاومة الشعبية أو الجيش. مخاوف مع تردي الأوضاع الأمنية في تعز، تزايدت المخاوف من إمكانية أن تنزلق المحافظة إلى مربع الصراع والاقتتال الداخلي، وهو ما سيحقق هدف الانقلابيين الذين تشكل لهم الحالمة مكسبا كبيرا لما تشكله من أهمية بسبب موقعها الاستراتيجي، وثقلها السياسي والاجتماعي. ففي الوقت الذي يقاتل فيه أفراد القوات الشرعية في الجبهات، ويحرزون التقدم في عديد من المناطق، كان يشتعل فتيل معارك داخل المدينة، تؤثر بشكل أو بآخر على أداء الجيش والمقاومة في ساحات القتال. إضافة إلى ذلك فقد بدأت مؤخرا بعض القيادات في القوات الشرعية تلمح إلى بوجود أطراف تعمل على سحب الشباب من الجبهات، والزج بهم بمعارك مفتعلة داخل المدينة، وهو ما يهدد بإعادة تموضع الانقلابيين واستعادتهم للمناطق المحررة، خاصة أن بعض الجبهات خفت فيها وتيرة القتال بشكل لافت. وأمام استمرار مسلسل الانفلات الأمني في تعز، فإن مخاوف المدنيين تتصاعد بشكل دائم، وبات عديد من المواطنين يشعرون بالقلق على حياتهم وأبنائهم وممتلكاتهم في ظل ما يجري. حلول بإرادة وتحرير يؤكد خبراء عسكريون على أنه بات من الضروري أن يتم تحرير تعز، فتأخر ذلك أدى إلى تعميق الصراعات، ووجود أدوار ثانوية لبعض أبناء الحالمة لا تصب في مصلحة تعز. معتبرين أنه من شأن استعادة المحافظة أن تعمل على تأمين العاصمة المؤقتة عدن، ومدينة الحديدة التي تعد رقما صعبا بالنسبة للانقلابيين، نظرا لامتلاكها لثاني أكبر ميناء في اليمن، وأطول شريط ساحلي في البلاد الذي قاموا باستغلاله في تهريب الأسلحة إليهم من حليفتهم إيران. وفي اعتقاد مراقبين فإن استقرار المحافظة بحاجة إلى أن تتحمل السلطة المحلية وقيادة الجيش والمقاومة المسئولية، وتعمل على استكمال ضم أفراد المقاومة بالجيش. فضلا عن تفعيل إدارة الأمن لأجهزة المخابرات العسكرية التابعة لها، وكذا الأمن السري في المحافظة، للقضاء على أي اختلالات أمنية، وللتخلص من الخلايا النائمة التابعة للانقلابيين التي تقوم بزعزعة الاستقرار في تعز. ويشدد محللون على أن إرادة السلطة المحلية، وقيادات الجيش والمقاومة الشعبية، ستكون كافية للبدء بعملية القضاء على الانفلات الأمني، من خلال تكثيف الحملات الأمنية وقيامها بدورها، إضافة إلى ذلك يتوجب على التحالف العربي والشرعية دعم تعز بشكل أكبر، واستغلال الدعم الذي تتحصل عليه المدينة بشكل أكبر، والقضاء على الاختلالات التي كانت تحدث في هذا الجانب، وأدت إلى بعثرة بعض جهود التحالف، ولن تكون مهمة سهلة خاصة أن من الصعوبة فتح جبهات قتال أخرى وسط المدينة. تعز بين نارين تزايدت تعقيدات الوضع الأمني في تعز، مع ارتفاع معدلات الجرائم والاغتيالات التي أصبحت ظاهرة مؤرّقة للمواطنين، بل كابوساً مرعباً جعل سكّان تعز بين نارين؛ نار الحرب، ونار الانفلات الأمني غير المسبوق في تاريخ مدينة باتت تضيق بمقاتليها. وفي الوقت الذي يقلل البعض فيه من خطورة تلك التصرفات الفردية، معتبرين أن ما يجري أمرا طبيعيا، كونه جاء في ظل الحرب. يطالب آخرون بضرورة تفعيل أجهزة الأمن في المحافظة، وتعزيز دور السلطة المحلية، من أجل التخلص من مثل تلك الممارسات، غير المقبولة في المجتمع التعزي، الذي يحرص على العيش في كنف الدولة، ويرفض أي ممارسات خارجة عن القانون، وليست حاضنة لهم. ويُحذر كثيرون من خطورة تأخر تحرير تعز، كون ذلك الأمر يعني استمرار غياب الدولة، وهو المعضلة التي تفاقم من مشكلة الانفلات الأمني، وتبقي على آثارها لمدة أطول بعد استعادة المحافظة. وفي حين يرى مراقبون أن غياب الأمن بمدينة تعز وفّر بيئة ملائمة لازدهار عصابات النهب والقتل، ليعيش من تبقى من سكانها حرباً أخرى موازية. ينوه محللون إلى أن غياب الأمن في المحافظة وحجم انتشار الجريمة أصبح أمراً محيّراً لسكان المدينة. غير أن ناشطين في تعز يعتقدون أن هناك من يسعى إلى تصوير المدينة كوكر للمتشددين. ويؤكدون أن المخلوع صالح وجماعته، والحوثيين ومليشياتهم هم المستفيدون من تصوير تعز بتلك الصورة ليبرروا للعالم هذا الحصار والقتل الظالم لأبنائها بل ولكسب تعاطف العالم معهم في معركتهم ضد مايسمونه التطرف والإرهاب. وفي حين ينتقد كثيرون الوضع الأمني المتدهور بالمدينة، تحاول السلطة المحلية التقليل من خطورة ما وصل إليه الوضع الأمني من تدهور مقلق حيناً، وحيناً أخرى تتراشق الاتهامات فيما بينها. وكان مكتب الإعلام بمحافظة تعز في الثالث من أبريل الجاري ناقش في مؤتمر صحفي الوضع الأمني والصحي في المحافظة. وأشار نائب مدير الأمن بالمحافظة- العقيد/ إبراهيم المحمودي إلى أنهم لم يجدوا أي تجاوب من أي جهة والتي قدمت للكثير بما يحتاجه الجانب الأمني. وأكد على ضرورة تعاون الجميع، وأن تعز الرائدة في العمل المدني وميلها إلى المدنية والعمل في الواقع لاستتباب الأمن والنظام بالمحافظة. وفي وقت لاحق حملت السلطة المحلية بتعز اللجنة الأمنية العليا مسؤولية الوضع الأمني بالمحافظة، وذلك في اجتماع استثنائي عقده المكتب التنفيذي في المحافظة في الثالث عشر من أبريل. وحمل المكتب التنفيذي اللجنة الأمنية العليا مسؤولية تدهور الحالة الأمنية في المحافظة، وشدد على ضرورة توفير الاحتياجات المادية والعينية للأجهزة الأمنية، مع إيلاء عناية خاصة للجانب الأمني في مديرية الشماتيين. وقبلها كانت أحزاب اللقاء المشترك في محافظة تعز دعت السلطة المحلية إلى تحمل مسؤوليتها تجاه الوضع الأمني المتردي الذي تعيشه مدينة تعز والتوجيه لكافة الأجهزة الأمنية للقيام بدورها في حماية أرواح وممتلكات المواطنين وحماية المنشآت والمؤسسات الخدمية لتتمكن من الاستمرار في تقديم خدماتها للناس. وطالبت أحزاب مشترك تعز في بيان لها نهاية مارس المنفرط الحكومة أن تولي محافظة تعز عناية استثنائية، لما تمر به من ظروف، ولتجد المحافظة ومدينة تعز بالذات من الإمكانات ما تقوى به على مواجهة التحديات ومخططات مليشيا الانقلاب للنيل من تعز وصمودها. وأهابت أحزاب مشترك تعز بكل الأحزاب والقوى السياسية ومختلف المكونات الاجتماعية والشبابية إلى اليقظة والعمل بروح الفريق الواحد والتصدي لكل تلك الممارسات الإجرامية التي لا يقرها دين أو عرف أو قانون، مشددة على ضرورة الاصطفاف في وجه هذه الممارسات. وسبق لمحافظ تعز/ علي المعمري انتقاد التناولات التي تصور تعز كمدينة أشباح. وأكد أن خلايا العنف التي تمارس الجرائم لها ارتباط بجماعة الحوثي وصالح. وقال المعمري- في لقاء مع برنامج " فضاء حر" على قناة بلقيس:" البعض يصور تعز أنها مدينة أشباح وهذا أمر غير صحيح". وأشار إلى أن من يمارسون البلطجة داخل المدينة ليسوا جيشا وإنما جماعات مسلحة سيتم التعامل معهم وفقا للقانون، حد قوله، موضحا بأن الاختلالات الأمنية متوقعة في ظل الظروف التي تمر بها المحافظة. وقال إن الجرائم ترتكب في المدينة كلما وجهت ضربات قاسية للانقلابيين في الجبهات، مؤكدا أن خلايا العنف مرتبطة بجماعة الحوثي وصالح. محافظ تعز أوضح، في حديثه لقناة بلقيس في الثامن من أبريل الجاري، أنه تسلم المحافظة في ظل عدم وجود أمن ليبدأ التأسيس من الصفر، مضيفاً بأنه نفذ كل ما طلب منه في تجهيز الشرطة العسكرية. وتابع: نحن بصدد تجهيز القوات الخاصة، للقيام بدورها في حفظ الأمن، مردفاً: تعيقنا الإمكانات، ونحن مستاءون من مظاهر الانفلات. ولفت إلى أن سلطاته ألقت القبض على معظم منفذي جرائم القتل في المحافظة إلا أن بعض الإعلاميين ليس لديهم استعداد للإشارة إلى الجوانب المضيئة في تعز حد قوله. الاغتيالات.. تكرير سيناريو عدن بين الفينة والأخرى تعود إلى الواجهة عمليات الاغتيالات، في مدينة تعز، وسط اليمن.. وتزداد حدتها لتطال مسؤولين أمنيين ورجال المقاومة الشعبية، حتى لم تكد تمر يوم دون عملية اغتيال في شوارع المدينة التي طالما وصفت بعاصمة الثقافة والمدنية. وفيما يفسر مراقبون تصاعد أعمال الاغتيال، بوجود خلايا نائمة تتبع مليشيا الانقلاب لإرباك المشهد في محافظة تعز وزعزعة الأمن في المناطق المحررة بعد أن خسرتها المليشيا عسكرياً. يرجع محللون ذلك إلى ضعف الأداء الأمني في المحافظة الذي بدوره أعاد عمليات الاغتيالات في تعز. ويشير محللون إلى أن حالة الانفلات الأمني التي تشهدها تعز تشبه ما حصل في العاصمة المؤقتة عدن عقب تحريرها في يوليو/ تموز 2015، حين قامت الجماعات المتشددة والتكفيرية التابعة لتنظيم "القاعدة" بتنفيذ عدد كبير من عمليات الاغتيال التي استهدفت قيادات أمنية وعسكرية. كما قامت هذه الجماعات بتنفيذ عدد من التفجيرات التي استهدفت النقاط الأمنية ومعسكرات التجنيد، قبل أن تقوم الجهات الحكومية باتخاذ عدد من الإجراءات والتدابير الأمنية التي قلصت من عدد وحجم هذه العمليات. خصوصاً أن تزايد عدد جرائم الاغتيالات في تعز يأتي في ظل وضع سياسي غير مستقر تعيشه المحافظة. وفي حين تتعالى حدة مطالب أبناء المدينة المتكررة للسلطة المحلية وللأجهزة الأمنية بالتحرك، لوضع حد لهذا الانفلات. يخيم الصمت على الجهات المختصة، وفقاً لاتهامات ناشطين ينتقدون عدم قيام هذه الجهات بتفعيل دورها وإيجاد حل للتدهور الأمني وشبح الاغتيالات الذي يضرب المدينة. ويتوقع متابعون أن تتسع دائرة الاغتيالات في مدينة تعز خلال المرحلة المقبلة، لافتين إلى أن ما حدث في الأيام القليلة الماضية كان نتيجة طبيعية للشحن وتبادل التهم بين مكونات سياسية وفي المقاومة، بالعمل لحساب أطراف أخرى، داخلية وخارجية. وفي الوقت الذي يشار إلى أن أغلب المنفذين للعمليات مسلحون مجهولون، ينوه مراقبون إلى استغلال أطراف أخرى في صفوف الانقلابيين لخارطة الخلافات داخل فصائل "المقاومة الشعبية" في تعز، وتنفيذ عمليات بغرض الإيقاع، وتوسيع دائرة الخلاف. وكانت مدينة تعز شهدت خلال الأشهر الماضية اختلالات أمنية يعتقد أن لها مغزى سياسي لأحد الأطراف في الصراع ك صالح وشركائه، وكان ملف الاغتيالات هو الأبرز، حيث تم تصفية عدد من عناصر المقاومة والمدنيين في عمليات ينفذها مسلحون مجهولون. ودعا المراقبون إلى سرعة تفعيل دور الأجهزة الأمنية في المديريات المحررة والعمل على التنسيق بين كل الأجهزة الأمنية والعسكرية لضبط الأمن ومنع مثل هذه الجرائم التي باتت تتصاعد في مشهد يومي يسعى من خلاله الانقلابيون إلى تشويه صورة المقاومة والسلطة الشرعية. ويرى البعض في ضرب شبح الاغتيالات لمدينة تعز بأنه يعود في جزء منه إلى ما تعيشه المحافظة من انفلات امني غير مسبوق. في حين يخيم الصمت على الجهات المختصة، وفقاً لاتهامات ناشطين ينتقدون عدم قيام هذه الجهات بتفعيل دورها وإيجاد حل للتدهور الأمني وشبح الاغتيالات الذي يضرب المدينة. وفي تصريحات صحفية اعتبر نائب مدير شرطة تعز- العقيد/ محمد إبراهيم المحمودي ما شهدته محافظة تعز مخراً من عمليات اغتيال بأنها انعكاساً لغياب الدولة، مشيراً إلى أن اختفاء الأجهزة الأمنية والمحلية يولد فوضى عارمة. وبحسب المحمودي فإن عمليات الاغتيالات تشير إلى ضعف الجهاز الأمني الذي تعانيه محافظة تعز في وضعف الأجهزة العامة إذ يرتبط الأمر بالملف السياسي الذي أسهم بخلط الأوراق وإضعاف جبهة تعز الخارجية بإشغالها بالجبهة الداخلية. وفيما لفت إلى أن هذه الفوضى تأتي نتيجة تركيز قادة الانقلاب على محافظة تعز في خطاباتهم على الرغم من وضوحها إذ نوهوا في خطاباتهم إلى وجود جماعات متشددة داخل مدينة تعز لاستجلاب العالم الخارجي لحرب داعش والجماعات المتطرفة. أوضح نائب مدير شرطة تعز أن بعض الحوادث لها دوافع جنائية، مشيراً إلى أن هناك قضايا قتل جرى متابعتها وتم التيقن من دوافعها المتعلقة بسرقات. وقال إن الانفلات الأمني في ظل الأزمة المالية يؤدي إلى تصاعد أعمال فوضى وعنف، لافتا إلى أن تضافر كل هذه العوامل أدت إلى ما شهدته مدينة تعز. وأفاد أن الانتصارات التي تشهدها مدينة تعز في الساحل الغربي وفي بلدة المخا تحديداً انعكس بشكل مباشر على تعز من خلال تضييق الخناق على المدينة وذلك وفق أجنده يتبعها الرئيس السابق علي صالح والحوثيين لإقناع العالم أن المحافظات المحررة تشهد فوضى ويصعب استقرارها. وكشفت الحوادث والاختلالات الأمنية التي شهدتها محافظة تعز مؤخرا، عن مخطط فوضى كبير أعدته مليشيات الحوثي والمخلوع صالح، للعبث بأمن واستقرار المحافظة، والانتقام من قياداتها وأبنائها، وفقاً لمراقبين اعتبروا الاغتيالات بأنها ليست سوى إحدى حلقات هذا المسلسل الطويل، الذي يحاول الانقلابيون من خلاله تعويض خسارتهم الكبيرة في مختلف جبهات القتال، لا سيما في جبهة المخا ذات الأهمية الكبيرة. وفي تصريحات صحفية سابقة اتهم وكيل وزارة الداخلية اليمني اللواء محمد مساعد، المخلوع صالح بالوقوف وراء عمليات الاغتيال التي تشهدها محافظة تعز. مشيرا إلى أن تلك العمليات الإرهابية تهدف إلى التمويه على الخسائر التي تتعرض لها ميليشيات المخلوع في الساحل الغربي لمدينة تعز ورفع المعنويات المنهارة لأتباعه. وقال: "إن عمليات الاغتيالات التي تنفذها خلايا نائمة تحت مسميات القاعدة وداعش، تجري بتمويل مباشر من المخلوع علي صالح في كل أنحاء اليمن ومنها تعز". وفي اعتقاد محللين وناشطين فإن عمليات الاغتيالات في تعز أمر متوقع، وتنامي ظاهرة الاغتيالات، في هذا التوقيت وغيابها في الأشهر الماضية، دليل كافي على أن القوات الشرعية حققت أهدافها في مختلف الجبهات. موضحين أن التقدم الكبير الذي حققته قوات الشرعية، في مختلف مناطق التماس، فرض على الانقلابيين، استخدام أوراقهم المتبقية، فبدئوا بالاغتيالات.