ينتظر المسلمون في كل بقاع الأرض رمضان بفارغ الصبر لما يحمله من خير وافر على المجتمعات، يلتمسون منه نفحات الإيمان، يتزودون منه لعام قادم، كما تظهر في رمضان معاني الرحمة والألفة والتكافل الاجتماعي والعطف على الفقراء والأيتام والمحتاجين. غير أن هذه المعاني السامية في اليمن عموماً ومحافظة حجة خصوصاً للأسف الشديد قضت عليها سياسات وأعمال الميليشيات الانقلابية، طيلة العامين الماضيين، زادت بشكل أوضح مع رمضان الحالي، فلم يعد هناك من يواسي الفقير، حيث الغالبية بين الفقر المدقع، وأصبح الخوف يسيطر على الجميع نتيجة تسلط الميليشيات وحكم العاب الذي أسسته بدلاً من النظام والقانون لتعم الهمجية في شتى مناحي الحياة.. "أخبار اليوم" سلطت الضوء على أجواء رمضان لهذا العام بمحافظة حجة، من التقرير التالي عبر جملة من الجوانب المعيشية للمواطن والروحانية والاجتماعية..... إلى التفاصيل : توسع رقعة الفقر والتشرد تعتبر محافظة حجة من أكثر المحافظاتاليمنية ارتفاعاً في نسب الفقر، طيلة العقود الماضية، إلا أن الميليشيات ومنذ انقلابها على الدولة زادت من أعداد الفقراء ووسعت قاعدة الفقر بين سكان المحافظة خاصة بعد أن عطلت مؤسسات الدولة وأصابت القطاع الخاص بالشلل التام الذي انعكس بشكل سلبي على مختلف جوانب الحياة. كما شهدت المحافظة أكبر موجة نزوح، حيث شردت الميليشيات أكثر من نصف مليون مواطن إلى المجهول بعد أن حولت مناطقهم إلى ساحات حروب عبثية، فأصبحوا بلا مأوى ولا غذاء، تكاد تنعدم بينهم أبسط مقومات الحياة، الأمر الذي نشر فيما بينهم الأمراض وفي مقدمتها سوء التغذية والكوليرا وغيرها من الأوضاع الإنسانية الصعبة التي عجزت قواميس اللغة عن وصفها.. إغلاق مؤسسات الخير والتكافل و خلال سنوات ما قبل الانقلاب المشؤوم كانت الدنيا لا تزال بخير، رغم انتشار الفقر والعوز، إلا أن وجود الجمعيات الخيرية والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية ومواساتها الفقراء والمحتاجين طيلة العام ومع مواسم الخير مثل رمضان على وجه الخصوص كان له الأثر الكبير في معالجة الكثير من احتياجاتهم، وتعزيز قيم والتكافل الاجتماعي بين المواطنين. إلا أن محاربة الميليشيات الانقلابية لهذه المنظمات وإغلاقها سواء المحلية منها أو الدولية ساهم في تفاقم معاناة المواطنين بالمحافظة، خاصة الفقراء والنازحين منهم الذين يشكلون الغالبية، ومع مرور شهر الخير والبركات (رمضان) تظهر حجم الجريمة التي ارتكبتها الميليشيات بحق المواطنين، لما يشهده هذا الشهر من معاني الرحمة والتآلف والتكافل، والذي غيبته قبح سياساتهم وهمجيتها.. منع التراويح وزرع الطائفية مع أول أيام الشهر الفضيل بادرت ميليشيات الشر الى منع صلاة التراويح في معظم مناطق المحافظة ابتداء من بمركزها، حيث أعلنت في اكبر جامع بالمحافظة (حورة) وغيره من مساجد المدينة عن استبدال وقت صلاة التراويح بدروس من ملازم الهالك حسين الحوثي، والتي عممتها في كافة المديريات. هذه الإجراءات لاقت سخطاً كبيراً بين أبناء المحافظة، خاصة وأن ميليشيات الحوثي والمخلوع وقفت حجر عثرة أمام الصلاة التي تعد من أكثر العبادات تقربا إلى الله في شهر رمضان، بالمقابل إن هذه العصابات تريد فرض أفكارها الطائفية غير المقبولة علي المواطنين، الأمر الذي يكشف نواياهم المبيتة في زرع سمومها الفكرية الخبيثة بين المجتمع الذي تربطه علاقات تعايش ومحبة وإخاء.. مصادرة وإغلاق دور ومؤسسات القرآن يعتبر شهر رمضان شهر القرآن بكل ما تعنيه الكلمة، ففيه يزيد إقبال المسلمين على تلاوته وتشجيع الأبناء علي حفظه والتنافس فيه، كما كان رمضان في السنوات السابقة يشهد رمضان احتفاء كبيراً بالحفاظ والحافظات لكتاب الله، عبر مؤسسات خيرية ودعم رسمي لهذه الفعاليات المهمة.. غير أن توجهات من يسمون أنفسهم ب"المسيرة القرآنية" عمدوا إلى محاربة الجهات العاملة في دعم ورعاية حفاظ القرآن، من خلال إغلاق الجمعية الخيرية لتعليم القرآن الكريم، ومصادرة مقرها وتحويله لمقر ميليشياتهم، قبل قدوم رمضان بأيام قبيلة، كما أغلقت عددا من دور القرآن بمركز المحافظة وبعض المديريات وحولتها لثكنات مسلحة. وبهذه الأعمال الهمجية أثبتت الميليشيات فعلاً لا قولاً محاربتها للقرآن وحملة القرآن، كما جعلت من شهر القرآن خاويا من الروح.. عادات الخير الرمضانية تختفي ومع رمضان كانت المحافظة كغيرها من المحافظات قبل الانقلاب المشئوم تشهد العديد من الفعاليات والأنشطة الخيرية التي تعزز أواصر المحبة والرحمة والتكافل الاجتماعي، ومن أبرز هذه الأنشطة (موائد الإفطار الجماعية في المساجد، وتوزيع التمور والسلات الغذائية للأسر الفقيرة والأيتام، والأمسيات الرمضانية الثقافية الدينية المعززة لقيم المحبة والسلام بين المجتمع) وغيرها من العادات الدينية والاجتماعية الرائعة. إلا أن الميليشيات بهمجيتها عملت على إخمادها وتغييبها بل وصل الأمر لمنعها، معللين ذلك بمواجهة ما يسمونه بالعدوان، وخاصة بعد أن أغلقت الجمعيات الخيرية وحصرت دعم المنظمات الدولية لعناصرها.. الميليشيات دمرت حياة اليمنيين كما سبق وغيرها من الأعمال الهمجية أصبح شعور المواطن بمحافظة حجة تجاه هذه العصابات الانقلابية، سيئاً للغاية، كما ينتظر الأهالي من يأخذ بأيديهم لإنقاذهم من الوضع المأساوي الذي أوصلتهم إليه سياسات المتمردين. ولسان حال المواطن بالمحافظة (دمّرت الميليشيات حياتنا وكل جميل في الوطن) ومع زيادة وطأة الظلم الذي يمارس بحقهم ترتفع دعوات الظلومين في هذا الشهر الكريم بأن يعجل الله بالفرج وتنقشع الغمة عن -اليمن أرضا وإنساناً..