* ميرفت سيوفييبدو الأمر أشبه بنكتة عندما يتصرف بعض رؤوس "شي" - تنظيم أو فصيل أو فرقة وكأنّهم دولة قائمة بحدّ ذاتها، وأحياناً تبلغ الوقاحة بهؤلاء حدّ استدراج العروض ل"جرّ رجل" دولة ما للاعتراف بنديّتهم لها، وأحياناً يكونون قد أكلوها ب"الصرمة" ولا يسمح واقعهم السياسي بأن "يتفرعنوا" ومع هذا يتفرعنون، الأمر أشبه بعرض الهدنة الذي قدّمه مرّة كبير "إرهابيي" العالم أسامة بن لادن على أميركا، بعدما قصفت طائراتها طول وعرض أفغانستان، وحفرت جبال وكهوف ومغاور تورا بورا بحثاً عنه إلى أن تحوّل من رجل شاشة الفيديو إلى مجرد صوت على تسجيل كاسيت مشكوك في صحته أيضاً!! هكذا أطل كبير المتمرّدين في اليمن ورجل إيران الأول فيها عبد الملك الحوثي عارضاً "هدنته" على المملكة العربيّة السعوديّة، وبوقاحة شديدة أعلن يوم الاثنين الماضي وقف إطلاق النار مع السعودية والانسحاب من كامل أراضيها، وعلى طريقة "بن لادن" الصوتيّة فقد جاء إعلان الحوثي في شريط صوتي أكد فيه "أن الحوثيون سينسحبون من كامل الأراضي السعودية التي دخلها المتمردون منذ تشرين الثاني". وكأن كلام الحوثي هذا، جاء ليفضح من يدير اللعبة من إيران عندما "هوبر" أحمدي نجاد قالباً الحقيقة رأساً على عقب حتى ليكاد السّامع يظنّ أن المملكة هي التي دخلت "المربع الأمني الحوثي الإيراني"، ولم ينسَ نجاد بالطبع استغلال كلمة "مسلمين" وهي معزوفة إيران الثانية بعد كلمة "فلسطين"، التي تستخدمها لتبرر اعتداءاتها وتدخلها السافر في شؤون دول العالم العربي، فلم يلبث عبد الملك الحوثي الأداة الإيرانية الصغيرة أن كشفت كذب الأداة الكبيرة و"محراك الشرّ" في المنطقة العربية. المشهد نفسه سبق وتكرر قبل أيام قليلة في بيروت عندما "أرسل" أبو موسى الانشقاقي في مهمة عاجلة فأطل من صيدا ظنّاً منه أنه رئيس الدولة الفلسطينية عارضاً الحوار على الدولة اللبنانيّة، مع أن رئيس السلطة الفلسطينيّة محمود عباس وممثليه في لبنان لا يترددون في التأكيد أمام عدسات الكاميرات بأن الفلسطينيين ضيوف على لبنان... ومع هذا "قنبز" أبو موسى ليقول بوقاحة كبرى أنه جاء ليحاور الدولة اللبنانية، بصفتك "شو" و "مين"؟! ولدواعي السياق لا بدّ من أن نذكر هنا أن حماس كانت السباقة في عروض الهدنة هذه، عندما اقترحت هدنة السنوات العشر على دولة العدو، ربما لأن حماس ظنّت إسرائيل "كفّار قريش"، وظنت نفسها - وحاش لقدر رسول الله - محمد ومن معه من المؤمنين برسالته، وأنها خلال هذه السنوات العشر ستبني مجتمع الأمة، أو ربما كي يُقال أن عرضها للهدنة "شرعي" حفظاً لماء وجهها لكثرة ما يتاجر طالبو الدنيا والسلطة وكراسي الحكم بلوك الكلام عن الإسلام... أما هدنة الحوثي، فما هي أكثر من رغبة المخادع المناور العاجز، يطلب وقف القتال ويعرض هدنة على دولة عربية كبرى علّه بهذا يرغم اليمن على قبول هدنة هي الأخرى والكفّ عن قتاله، وهو في هذا ليس إلا خالطاً ما بين الاعتداء على حدود بلد آمن، والتمرد على سلطة الدولة التي يسعى لضربها من داخلها... سؤال واحد يحتاج في تقاطعاته إلى إجابة عن أحجياته الكثيرة: كيف يحدث أن تتزامن تحركات ثلاثة في اليمن وبتزامن مدروس: "الحوثيون - القاعدة - الحراك الجنوبي" ثلاثة خيوط يتلاعب بها اصبع واحد "إيران"!! "الشرق"