طارق سلام:عدن تعيش حالة عبث غير مبرر    افتتاح مشاريع زراعية وسمكية بأمانة العاصمة بتكلفة 659 مليون ريال    ايران تلقي القبض على 700 جاسوس    كيف تمكن الموساد من اختراق ايران ..والى أي مستوى وصل    بثلاثية الترجي.. تشيلسي إلى دور ال 16    فلامنجو يفرض التعادل على لوس أنجليس    90 مليونا.. بطاقة خروج رودريجو من الريال    بوليتيكو: استهداف منشآت إيران النووية لم يضعف قدراتها.. بل عزّز خيارها النووي    تشيلسي يغتال حلم الترجي بثلاثية قاسية    تجارة الجوازات في سفارة اليمن بماليزيا.. ابتزازًا مُمَنهجًا    الشاعر المفلحي.. رافعات الشيادر روحن فوق جيل الديس    بلاغ للزبيدي.. أعداء الجنوب الأمنيون يتسللون إلى معاشيق بأوامر العليمي غير المعلنة    تفاصيل إخماد تمرد في معسكر القوات الخاصة بلحج    مصادر تتحدث عن تقرير صادم لاستخبارات البنتاغون بشأن نووي إيران    الجنوب.. الحوثي والشرعية وما بعد تأثير إيران    استشهاد بطلين من القوات المسلحة الجنوبية في جبهة الضالع الحدودية    صنعاء .. البنك المركزي يوقف التعامل مع 9 منشآت وشركات صرافة وبنك وشبكة تحويل أموال خلال يونيو الجاري    تقرير أممي: استمرار تدهور الاقتصاد اليمني وارتفاع أسعار الوقود والغذاء    وزير الدفاع الإسرائيلي يأمر بإعداد خطة عسكرية ضد "انصارالله"    صنعاء.. الخدمة المدنية تعلن الخميس المقبل إجازة رسمية    افتتاح مشاريع زراعية وسمكية بأمانة العاصمة بتكلفة 659 مليون ريال    اليمنية توضح تفاصيل حادث عرضي لطائرة في مطار عدن    إدارات أمن عدد من مديريات إب تحيي ذكرى الولاية    تكتل قبائل بكيل يدين قصف قاعدة العديد في قطر ويدعو لتجنيب شعوب المنطقة ويلات الحروب والتدخلات    تاريخ المنطقة خلال سبعة عقود تم تلخيصه في عامين    الرئيس الزُبيدي يبحث مع رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي الأوضاع الراهنة في بلادنا وسُبل دعم جهود السلام    الوزير الزعوري يشيد بمشاريع هيئة الخليج وعدن للتنمية والخدمات الإنسانية وجهودها في دعم الفئات المحتاجة    الأندية المغادرة والمتأهلة لثمن نهائي كأس العالم للأندية    وفاة امرأة في عدن جراء انقطاع الكهرباء    إصابة 7أشخاص بحادث مروري بذمار    كم كسب الأهلي ماليا من كأس العالم للأندية 2025    الصحة الإيرانية تعلن استشهاد 44 سيدة و13 طفلاً في هجمات الكيان الصهيوني على إيران    - عنوان ممتاز وواضح. ويمكنك استخدامه كالتالي:\r\n\r\n*الأوراق تكشف: عراقيل تهدد إعادة فتح فندق موفنبيك \r\nعراقيل مفاجئة أمام إعادة افتتاح موفنبيك صنعاء... والأوراق تفتح الملف!\r\n    استشهاد وإصابة61 مواطنا بنيران العدو السعودي الأمريكي الصهيوني في صعدة    "حققنا هدفنا".. الحكومة الإسرائيلية تعلن رسميا سريان وقف إطلاق النار مع إيران    وفاة وكيل وزارة الثقافة عزان    من يومياتي في أمريكا .. مؤتمر وباحث عن فرصة عمل    كيف تواجه الأمة واقعها اليوم (4)    موقف غير أخلاقي وإنساني: مشافي شبوة الحكومية ترفض استقبال وعلاج أقدم كادر صحي في المحافظة    الأهلي المصري يودع مونديال الأندية    المجلس الأعلى للطاقة يقر حلول إسعافية عاجلة لتوفير وقود لكهرباء عدن    "العليمي" يفرض الجزية على حضرموت ويوجه بتحويل 20 مليار ريال شهريا إلى إمارة مأرب    هلال الإمارات يوزع طرود غذائية على الأسر الأشد فقرا بشبوة    كفى لا نريد دموعا نريد حلولا.. يا حكومة اذهبي مع صاروخ    حين يتسلل الضوء من أنفاس المقهورين    إب .. تعميم من مكتب التربية بشأن انتقال الطلاب بين المدارس يثير انتقادات واسعة وتساؤلات حول كفاءة من اصدره    هيئة الآثار والمتاحف تسلم 75 مخطوطة لدار المخطوطات بإشراف وزير الثقافة    الشعر الذي لا ينزف .. قراءة في كتاب (صورة الدم في شعر أمل دنقل) ل"منير فوزي"    فصيلة دم تظهر لأول مرة وامرأة واحدة في العالم تحملها!    الصين.. العثور على مقابر مليئة بكنوز نادرة تحتفظ بأسرار عمرها 1800 عام    كأس العالم للأندية: ريال مدريد المنقوص يتفوق على باتشوكا المكسيكي بثلاثية    إيران تنتصر    مرض الفشل الكلوي (9)    توقيف الفنانة شجون الهاجري بتهمة حيازة مخدرات    من قلب نيويورك .. حاشد ومعركة البقاء    الحديدة و سحرة فرعون    علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن وكلاء المرحلة! الشيخ حسين بعيون المملكة، والخبجي بعيون قطر، ومناع بعيون ليبيا
نشر في الأضواء يوم 12 - 08 - 2010

تتوافق نشرات الأخبار على قناة الجزيرة وقناة العربية في التوقيت، وأحيانا في المواضيع المتناولة، ونادرا ما تتوافق في طريقة التناول والتوظيف السياسي للحدث.. والساعة التاسعة من مساء الاثنين من الأسبوع الفائت -كنموذج لهذه النشرات- كانت القناتان حاضرتين في اليمن، إلا أن كل قناة حضرت بطريقتها، والقناتان على الدوام وبمهنية عالية تعكسان السياسة المرسومة لهما من قبل المؤسسين والممولين، وهما طرفان يخوضان -منذ سنوات- حربا باردة. واليمن صاحبة المبادرات لإصلاح الشرق والغرب لم تبخل بمبادرة تقدم -بموجبها- أرضها ساحة لصراع الطرفين.الجزيرة اتجهت يومها جنوبا، والإضراب الذي نفذه الحراكيون في عدد من المديريات بالمحافظات الجنوبية أصبح -بحسب الجزيرة- إضرابا شاملا في جنوب اليمن!!وضيفُ النشرة لم يكن أحدا من قيادات السلطات المحلية في تلك المحافظات، ولا أحدا من قيادات المعارضة في المشترك، ولا أحدا من المحللين المستقلين، ولا أحدا من الصحفيين أو مراسلي القناة، ولا أكثر من طرف يعرضون وجهات النظر المختلفة، بل كان الضيف هو الدكتور ناصر الخبجي -أحد قيادات الحراك المطالبين بالانفصال بلا قيد أو شرط أو حتى حوار!!وهذا الاتجاه من قبل الجزيرة يعكس رغبة قطر في لعب دور في الجنوب سبق وأن طلبت الدوحة -بالتصريح أو التلميح- فرصة لأن تلعبه هناك، لكنها لم تجد من صنعاء ردا إيجابيا حتى اللحظة -فيما يبدو، وقد يستجاب لها قريبا في حال رفضت وساطتها مجددا، وذلك كنوع من الإرضاء تتلافى به صنعاء خطأ تكرار الرفض الجارح للوساطة.والخبران التاليان -في هذا السياق- سمعنا بهما منفردين، وعند دمجهما في فقرة واحدة يعطيان دلالة لم تكن واضحة عند تناول كل منهما بشكل منفرد، مفاد الأول: رئيس الجمهورية بعد زيارته الأخيرة لدولة قطر يغادر الدوحة متجها مباشرة إلى حضرموت، ليقضي هنالك أياما حظيت إقامته خلالها بتغطية تلفزيونية وإعلامية واسعة وتفصيلية. ومفاد الثاني: أمير قطر يغادر صنعاء بعد زيارته الأخيرة لها، والرئيس علي عبدالله صالح يحزم حقيبته متجها إلى حضرموت ليقضي فيها أياما حظيت إقامته خلالها بتغطية تلفزيونية وإعلامية واسعة وتفصيلية!!وعودا على بدء: الجزيرة اتجهت في تلك الليلة جنوبا للحديث عن الإضراب «الشامل»، وقناة العربية -من جانبها- يممت صوب شمال الشمال، وتحديدا حرف سفيان، وكان مضمون الخبر هو إطلاق الحوثي سراح مائتي جندي إثر وساطة قبلية ترأسها الشيخ حسين الأحمر الذي استقبل الجنود في منزله بحسب القناة وإن لم تظهر صورته عند اكتظاظ المجلس بهم. وضيف النشرة هنا لم يكن أحد قيادات السلطة المحلية في عمران، ولا أحد قادة الجيش، ولا أحد قيادات الحوثي، ولا أحد قيادات المشترك، ولا أيا من الصحفيين أو مراسلي القناة، بل كان الدكتور كمال البعداني -أحد المناهضين للحوثية بقوة وبصورة تفتقر للأخذ بالاعتبار تفاصيل الصراع الدائر أو الالتفات إلى الأيدي الخفية التي تدير الحرب والتي تشير إليها التقارير المحلية والدولية ويؤكدها كثير من المحللين في الداخل والخارج.لم تسأل قناة العربية عن الاشتباكات التي وقع هؤلاء الجنود في الأسر على إثرها، ولا عن طبيعة المعارك الدائرة هناك، ولا غير ذلك مما ينتظر السؤال عنه مما يتعلق بمضمون القضية، بل سألت -وكررت السؤال عدة مرات- عن الشيخ حسين الأحمر الذي نجحت وساطته في إطلاق هذا العدد من الجنود؟ وعن الثقل الذي يتمتع به الشيخ حسين وتمكن به من إطلاق هذا العدد الهائل من الجنود؟ وإلى آخر تلك الأسئلة التي تدور جميعها حول الشيخ حسين ولا شيء سوى ذلك!!ماذا وراء هذا الخطأ..!؟ العربية تتحدث عن الشيخ «حسن الأحمر»..وقعت القناة في خطأ تكرر أكثر من مرة في تلك النشرة، حيث كان المذيع يسأل عن «الشيخ حسن الأحمر» وليس «حسين»، وهكذا كتب اسمه على الشاشة فيما يعرف بال «كبشَن». وهذا الخطأ ليس عابرا يتطلب منا تجاوزه، بل وراءه دلالة مؤكدة، وهو أن السؤال عن ثقل الشيخ حسين الأحمر لم يكن نابعا من قناعة المذيع ولا متابعته لأخبار الشيخ حسين ونشاطاته، ولا نابعا من قناعة المعدين والمحررين في قسم التحرير ومتابعتهم لأخباره وأنشطته، فلو كانوا على قناعة بشيء من ذلك أو يتابعون نشاطه لكانوا قد عرفوا اسمه ولما وقعوا جميعا في خطأ نطق اسمه. ولو نطقه المذيع «حسن» وكتب على الشاشة «حسين» لقلنا إنه خطأ المذيع، ولو نطقه المذيع صحيحا وأخطأ الطباع في كتابته على الشاشة لقلنا خطأ مطبعي، أما وقد اتفق الطرفان على خطأ الاسم كتابة ونطقا وبصورة متكررة، فالمعنى أنهم لا يعرفون الشيخ حسين ولا سمعوا به، وإنما -فقط- وصل اسمه على الفاكس أو التلفون والشخص الذي استقبل المعلومة لم ينتبه جيدا للاسم وعممه على الجميع في الاستوديو وخارجه، وطلب منهم في تلك الرسالة التي تضمنت اسمه أن يروجوا له رغم أنهم سمعوا به تلك الليلة لأول مرة!!هذا الخبر الذي تجاهلته الجزيرة، توقفت العربية عنده طويلا، والهدف واحد: إثبات ثقل الشيخ حسين. لكن القناة قبل أن تثبت ثقله وتحقق الهدف المطلوب، أثبتت أمورا أخرى على قدر من الأهمية وجميعها ظلت تتحاشاها على امتداد فترة تغطيتها لقضية صعدة، فقد أثبتت أولا -وبالصوت والصورة- صحة المعلومة المتعلقة بأسر الحوثي لمائتي جندي، وهي المعلومة التي تضاربت حولها التصريحات الرسمية. وأثبتت للرأي العام الداخلي والخارجي أن الحوثي أقرب إلى تقديم التنازلات وأحرص على السلام، إذ ليس من السهل أن يسلم مائتي جندي من الحرس الجمهوري بهذه البساطة وقبل أن يستثمر أسرهم كورقة ضغط هي -بالنسبة للمتعارف عليه في دول العالم- أكثر الأوراق ربحا!! والأمر -في حقيقته- إنجاز تستطيع أبسط وساطة تحقيقه، ذلك أن الحوثي يخشى -أولا- التبعات المستقبلية المحتملة لبقاء هؤلاء المئات عنده وأن يتعرضوا لموت جماعي على غرار ما حدث مرتين خلال الحرب السادسة، إذ أعلن في المرة الأولى وفاة نحو (200) جندي دفعة واحدة جراء تعرضهم للقصف -كما قال- ثم أعلنت وسائل الإعلام وفاة قرابة ضعف هذا العدد دفعة واحدة أيضا، وجميعهم من الأسرى لديه.ويدرك الحوثي أن بقاء هؤلاء لديه ينشئ ضده حقدا مجتمعيا، ذلك أنهم -بهذا التعداد- يمثلون عشرات القبائل والمناطق اليمنية، وهو في مرحلة غدا فيها يفكر جيدا بأي تصرفات من هذا القبيل تثير ضده الحقد المجتمعي الذي يُعقّد عليه المهمة في المستقبل. ويعلم الحوثي يقينا أن السلطة لا تهتم لهؤلاء المئات من الجنود إذ تتعامل بمنطق «الجندي بداله جندي»، وبالتالي فإن أسر العشرات أو المئات أو الآلاف من الجنود، كله سواء ولا يشكل ورقة ضغط، وإنما قد يحرص على استبقاء واحد منهم لو كان هذا الواحد من القيادات الكبيرة أو المتوسطة التي تنتمي للقبائل الكبرى ذات التأثير الكبير في السلطة، فهؤلاء فقط هم الذين يمكن استثمار أسرهم واستخدامهم ورقة ضغط تفاوضية رابحة، أما سواهم فليس له من بقائهم -إضافة إلى النقاط السابقة- إلا متاعب حراستهم وتوفير متطلباتهم من الأكل والشرب والدواء والعلاج والهم والهرم.. إلخ!!وهذه النقطة الأخيرة هي الأقل أهمية من بين مبررات إطلاقهم، لكنها تتعاضد من النقاط السابقة لتشكل -في مجملها- مبررات منطقية تدفعه للتخلص من الجنود الأسرى بأي شكل، فكيف وقد توفر له إطلاقهم استجابة لوساطة قبلية يستفيد منها سياسيا وإعلاميا، وقد شهدنا قبل أشهر كيف أطلق عشرات من الجنود المنتمين للمحافظات الجنوبية وكيف استثمر ذلك سياسيا وإعلاميا، وقد أطلقهم من تلقاء نفسه بغير وساطة، لا ثقيلة ولا خفيفة!!لا أريد بهذه الأسطر أن أنفي صفة تمتع الشيخ حسين الأحمر بالثقل السياسي والاجتماعي، فالمعروف أنه أصبح الأثقل من بين أبناء الشيخ عبدالله بن حسين ومشائخ حاشد، سواء سياسيا أو اجتماعيا أو من حيث علاقاته بالإقليم. وإنما الهدف هو الإشارة إلى تعسف قناة العربية في إضفاء هذه الصفة عليه، وهو ما يبدو مطلبا سعوديا واضحا وجليا، وهذا هو محل الشاهد ومربط الفرس وبيت القصيد!!الوكيل الحصري للمملكة في اليمنلقد حاولت السلطة منذ انتهاء الحرب السادسة أن تضرب العلاقة القائمة بين مشائخ حاشد والمملكة العربية السعودية لترفع عنهم الدعم المالي والسياسي الذي يعتمدون عليه اعتمادا يكاد يكون كليا، ودفعت بعدد من مشائخ بكيل للقاء بالعاهل السعودي وولي عهده وتوسطت لترقيتهم وتثبيتهم في كشف الراتب بعد عقود ظل أكثرهم -خلالها- يعمل «بالقطعة» وفق نظام الأجر اليومي، أو وفق نظام التعاقد!! ويبدو أن ذلك لقي قبولاً لدى المملكة، لكن تلك الخطوة لم تأت على حساب حاشد كما أرادت صنعاء، إذ زادت الرياض تمسكها بحاشد كحليف تاريخي وتحديدا بالشيخ حسين الأحمر الذي يشق طريقه ليغدو الوكيل الحصري للمملكة في اليمن خلفا لأبيه، ذلك أن الشيخ صادق ورث عن أبيه توافقا وعلاقة جيدة مع كل الفرقاء، لكن الواقع باعد بين هؤلاء الفرقاء حتى أصبح الجمع بين ودّهم ضربا من المستحيل، فلم يستطع المفاضلة بين هذه الأطراف والانحياز -بالتالي- إلى طرف على حساب البقية، فكانت هذه الحيرة كفيلة بقتل روح المبادرة لديه وبتقييده عن الفعل السياسي المؤثر على المشهد، ولهذا نجده في الصفوف الأولى مع أعمدة النظام كلما دعوه إلى فعالية يرون وجوده فيها مهما بالنسبة لهم، ونجده في الصفوف الأولى في المؤتمرات والفعاليات الكبرى التي ينظمها التجمع اليمني للإصلاح، ونجده في الصفوف الأولى في ملتقيات السلفيين، وفي الصفوف الأولى في ملتقيات علماء اليمن. وهو -في كل ذلك- لا يهدف -كما أتصور- لأكثر من استرضاء الجميع حفاظا على الود القديم، غافلا عن أن «رضا الناس غاية لا تدرك»، وأن التوسع وفق رؤية وتحت لافتة المشروع الوطني هو أول وأهم أدوات الحفاظ على الموجود.والأمر لا يختلف كثيرا عند الشيخ حميد الأحمر، فالرجل الذي لمع نجمه في انتخابات 2006م وظهر -حينها- كصاحب فعل ومبادرة، سرعان ما وقع في أسر حيلة نفسية إذ وجد في «اللجنة التحضيرية للحوار الوطني» دولة تملأ شعوره ورغبته في الحكم، وهو -في الحقيقة- قد ظل على امتداد عمل هذه اللجنة يدور في ذات الإطار لم يتجاوزه إلى أبعد. والثلاثة (صادق، وحميد، وحسين) يدورون مثل كرات الثلج، فالأخير يدور مثل كرة الثلج في مكان بارد ومفتوح ويزداد حجم الكرة مع كل دورة وإن كانت هذه الكرة على الدوام تحت سيطرة الأخ الرئيس، والثاني يدور مثل كرة الثلج في مكان مغلق وساخن، وهذه الكرة ينقص حجمها مع كل دورة، والأول في حال وسطى وأداؤه أشبه بأداء الأحزاب التي لا تزيد حركتها عن إثبات الحضور معتقدة أنها تحافظ على الموجود وهي في الحقيقة تقف بانتظار ما سينجلي عنه الغبار.انضم الشيخ حسين إلى لجنة الحوار الوطني التي يقودها أخوه حميد من موقعه كأمين عام، ولم يكن ذلك الانضمام عن قناعة بقيادات اللجنة ولا بمشروعها الذي حددته الأحزاب، ولا حتى بمشروعها الذي حددته الأشخاص، بل كان انضمامه إليها انعكاسا للعلاقة بين الرياض وصنعاء التي تزداد سوءا يوما بعد آخر منذ انتهاء الحرب السادسة في صعدة.ومؤخرا، وقعت الأحزاب اتفاقاً على الحوار مع السلطة، وهو ما لا يرغب فيه الشيخ حميد إذ في هذا الاتفاق ما ينتزع منه دولته المصغرة التي وجد فيها ذاته، ولا يرغب فيه الشيخ حسين باعتبار أن المملكة ما زالت بحاجة إلى وقت تلاعب فيه السلطة، خاصة بعد استقدامها لوساطة الدوحة.ولو كان الشيخ حسين ومعظم أصحابه في مجلس التضامن يريدون التحاور مع السلطة خلال هذه الفترة لتحاوروا معها من غير حاجة إلى لجنة الحوار ومن معها من الأحزاب، وهم أقرب إليها. ولهذا لم يدرج اسم حسين ضمن المائة شخص الذين تقدمت بهم أحزاب المشترك، وأحسب أن الشيخ حميد لعب دورا بارزا في استبعاده على أساس أن حميد وحسين إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا، بمعنى: عندما يكونون في تكتل واحد يظهر بينهم التنافس والخلاف والتنازع، وإذا تباعدت تكتلاتهم دعم كل منهما الآخر بحكم الرابطة الأسرية.ولهذا، أي لأن الشيخ حسين لا يرغب في الجلوس حاليا على طاولة المفاوضات مع السلطة باعتبار أن السعودية لا تريد ذلك، أو هكذا فهم الشيخ حسين رغبتها، فقد ظهر «مشرفا» على كيان جديد حمل اسم «ملتقى أبناء صعدة للإخاء والسلام والبناء»، ووضع الملتقى لنفسه عدة أهداف يعمل من أجلها، والهدف التاسع منها جاء ينص على أنه «يتعامل أبناء صعدة
ومشائخها مع أي خلافات لا يستطيعون حسمها بالحوار والصلح بموجب قوله تعالى (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين)». والبند واضح وضوح الشمس في رابعة النهار: الفئتان اللتان لا يستطيعون التوفيق بينهما فإنهم مباشرة سيخضعون الباغية منهما بقوة السلاح بموجب الآية (فقاتلوا التي تبغي). يريدون أن يقولوا: هكذا أراد الله. لكنهم لم يقولوا ذلك صراحة. وأريد أن أقول: هكذا أرادت المملكة. لكني لن أقول ذلك صراحة!!هذا الكيان الذي ظهر على رأسه الشيخ حسين بصفة «مشرف»، ويشغل فيصل مناع منصب الأمين العام فيه، قد سبقه بأيام ملتقى آخر حمل اسما مشابها برئاسة فارس مناع في صعدة، وحدد أهدافه بدراسة قضايا الصراعات القبلية، ومن ثم النزول الميداني لحلها.. ودراسة الإمكانيات المتاحة لتنمية الموارد الطبيعية وتحسين طريقة استخدامها عبر تشجيع المواطنين على بناء السدود وتحديد محميات طبيعية لزراعتها بالأشجار وتنظيم عملية استخدام المراعي لرفع مستوى مردودها واستغلال الموارد الزراعية التي تزخر بها المحافظة وتسويقها ودعمها والاهتمام بالثروة الحيوانية..».وبالنظر إلى هذه الفقرة، فإن هذا الملتقى قد أسند لنفسه مهام الدولة، وأي منطق هذا الذي يتحدث به كيان سياسي أو قبلي -مهما علا شأنه- ويزعم فيه أنه سيتولى قضايا الجسور والسدود والزراعة والمحميات الطبيعية والثروة الحيوانية ومسح قضايا الثأر وحلها..!؟إنهم يريدون أن يفعلوا شيئا لكنهم لا يعرفون ما هو؟ أو يعرفون لكنهم يخفون مرادهم وراء لافتة البناء والتنمية، أو إنهم يريدون -بذلك- أن يملؤوا خانات «فواتير المطالبة»، أو ربما أن ذلك ليس إلا شطحة من شطحات العقل الجمعي حين تتزاحم الأكتاف في الخيام فيحسب القوم من كثرتهم أنهم غدوا قوة تخرق الأرض أو تبلغ الجبال طولا.. وقد يكون كل ذلك صحيحا، كما قد يكون كل ذلك خطأ باستثناء النقطة المتعلقة ب»فواتير المطالبة»!!* الأهالي

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.