سوريا المجد العربي فؤاد السايسالحرب الشعواء التي يشنها العدو الصهيوني ضد أهلنا في لبنان قد دخلت منعطف شديد الخطورة، ويتطلب موقف عربي مشرف يدعم هذه الوقفة الجادة الناجحة التي يقودها الأبطال في لبنان وتحديداً في الجنوب، فإشراقات الفجر الذي نرى فيه بيارق العزة والأمل للتحرر من قيود الإستعمار، قد أضحى واقعاً، وقد جئنا باليوم للثأر من عدونا المشترك «قل للمغير على مرابعنا كالسيل ينفذ من هنا.. وهنا إذا لم يكن زمن يوافقنا للثأر منكم نخلق الزمنا»، نعم الزمان الذي نخلقه هي الساعة التي نقبل عليكم نواجه أسطورة الكبرياء والصلف الصهيوني، نمارس حقنا في الدفاع عن النفس، ندفع شر المعتدي والمستكبر الذي يرفض حق الآخر في العيش في أمن وأمان، في سكينة ووئام، لقد تعطلت آلة التنمية في العالم العربي نتيجة حقد هذه الفئة التي تكره الخير للآخر، تمضي قدماً في تدمير كيان الأمة ومقموماتها الأساسية الإقتصادية، مانراه اليوم من تدمير ممنهج لكل البنية التحتية التي لم يستطيع مستر شمعون بيريز تدميرها في عدوانه على لبنان عام 1996م، نتيجة عوامل لبنانية داخلية وقفت صامدة في وجه هذا العدوان ، ونتيجة ضغوط خارجية مارسها المجتمع العربي عندما كانت له جزء من الكلمة، استطاع أن يوظفها في إيقاف عنجهية العدوان الصهيوني على لبنان.ولكن لم ينطفي الحقد الدفين الذي في جوف العدو، حتى آلت له وسنحت هذه الفرصة ليدمر كل المكتسبات، ويشرد ويهجر مليون مواطن لبناني ويقتل كيفما شاء دون ردع من أحد، أو إدانة أو إستنكار، من تلك الدول التي لها علاقة وإعتراف دبلوماسي مع الكيان الصهيوني التي على مايبدو تتطلع إلى الوسيلة التي تؤدي إلى إلحاقها من ركب قافلة الراكعين المطبعين واقع الحال التي تعيشه الآن، إلى دائرة الموالين المستنجدين بسيد البيت الأبيض، وفي هذه النقلة تأمل أن يتم منحها أدوار مشبوهة تؤدي إلى خنق المواطن العربي، وإهدار ثرواته وبعثرتها كيفما أتفق، وإختزال قدرته على بناء مستقبله الزاهر بعيداً عن الهيمنة والتبعية، مثل هذه الزمرة والفئة الخانعة يجب تحييدها وكشف نواياها الزائفة وعدم تمكينها من القرار السياسي السيادي وضرورة نعتها ووصمها بالعار.الأدهى أن المطبعين في ذهول مما هو جاري من حيث حجم الإعتداء الصهيوني اللامتناهي والإستخدام المفرط لآلة التدمير، دون أن تكون لهم القدرة والجرأة لتناول وترجمة وتعبير عن مدى سخط شعوبهم لهذه الممارسات الفجة، أو ممارسة ضغوط تؤدي إلى إيقاف هذا النزيف المستمر منذ ستة وعشرون يوماً، ولكن رغم علمنا المسبق أن فاقد الشيء لايعطيه، وأن لاوزن ولاثقل لهم يذكر نتيجة تواطئهم وتخاذلهم وقد بائت كلها بالفشل الذريع لأسباب أضحت واضحة.لقد أعلى حزب الله عناوين النصر وسطر ملحمة بطولية وإنجاز عسكري لايمكن وصفه إلا بالمعجزة، إذا ما أخذنا في الإعتبار فارق التفوق العسكري وما لدى الكيان الصهيوني من أسلحة، وقد تكبد العدو إلى الآن سلسلة من الخسائر المالية والبشرية نتيجة التكتيك العسكري الناجح الذي لجأ إليه حزب الله المنتصر للحق «لايموت الحق وإن لطمت عارضية قبضة المغتصب».لقد أثبت سيد المقاومة القدرة على قيادة هذه الملحمة البطولية بكل إقتدار ووظف كل الإمكانيات التي تؤدي إلى إفشال مخططات العدو، ولقد لجأ العدو إلى كل السبل المؤدية لكشف أسباب الصمود والممانعة التي يتمتع بها أفراد المقاومة وقيادتهم الفذة، فصحيفة يديعوت أحرونوت العبرية قالت في عددها الصادر صباح الثلاثاء 2006/8/1م أن طاقماً يتكون من خمسة عشر باحث إستخبارات ومستشرق وعالم نفس، تابع ظهور الشيخ نصر الله في وسائل الإعلام على مدار الأسابيع الأربعة الأخيرة وخرجوا بنتيجة مفادها أن نصر الله هو «رجل فهيم على نحو مدهش».. «صبور ولو لم تبقى منه بقية.. قؤول وإن كانت السيوف جواب» لنقول الحقيقة المشرفة، إن الصمود الذي مارسه حزب الله وأهلنا في سوريا قلعة التحدي، والحنكة والمهارة في إدارة الصراع وقلب الطاولة علي مهندسي مشروع التدمير والتخريب، وإفشال كل المخططات التي يراد منها النيل من هذه الأمة العريقة يدعو إلى التوقف والتأمل وبحث مكونات النجاح لهذا التصرف الحكيم العقلاني الذي أثبت مقدرة فذة نادرة قادرة على تعطيل أدوات العدو دون ضجيج.فالقرار 1559 وما كان يراد منه من نتائج مباشرة تؤدي إلى الإحتراب بين القطرين السوري واللبناني قد تم إفشاله بنجاح باهر مع المحافظة على صلة القربى والإخاء بين القطرين، وقد ودع الشعب اللبناني القوات السورية بكل حب ووفاء، وفي فترة لاحقة خرج مليون مواطن لبناني في تظاهرة لم تشهد لها بيروت مثيل حملت أسمى معاني الشكر والتقدير للجيش السوري وقيادته وشعب سوريا الأبي، وقد كان في طليعة هذه التظاهرة المليونية سيد المقاومة الشيخ حسن نصر الله ينوه ويشكر ويثمن الدور السوري في لبنان ويصفه بأنه نابع من الإخوة الصادقة التي تجسدت نتيجة نضال الشعبين ضد عدو مشترك متجبر محتل.لقد لمس الشعب السوري وعن قرب مقدار مايكن لهم الشعب اللبناني من حب وتقدير، فسوريا العروبة دوماً كانت قلعة الإيمان تعطي ولاتكل في العطاء، وتتعاطى بالشأن العربي وهي على إقتناع تام بأن الأمن القومي العربي يأتي ضمن أولويات إهتمام القيادة السياسية، وكون هذا المبدأ أيضاً قد ترسخ وأضحى من أدبيات السياسة العامة السورية، وقد تجسد هذا المفهوم بشكل واضح وملموس وقد تحملت سوريا نتيجة تمسكها بمبادئها وإنتهاجها لهذا المسلك المشرف الكثير من الصعاب، وتعبر المنظمات الجماهيرية هذه التضحية بمثابة ضريبة يجب تحملها من أجل ترجمة الأهداف النبيلة التي كان يؤمن بها الرئيس الراحل حافظ الأسد.لقد تولدت قناعة لدى الجميع من أن سوريا الدكتور بشار حافظ الأسد لن تنقطع عن عطائها تجاه أهلنا في لبنانوفلسطين، من هذه النقطة ننطلق لنقول أن العدوان إذاً لن يستمر، وإن التخاذل مآله الإنحصار، وأن المخططات سوف تقبر وأن النصر سوف يكون ذات رسالة خالدة، وأن سوريا لن يزعزع إيمانها بأنها على حق وتدافع عن الحق، ولن تحيد عن الحق قيد أنملة مهما بلغ حجم التآمر، وحجم التهديد وحجم الوعيد.ستظل سوريا بحكمة قائدها ورؤيته الثاقبة تقاوم لتحفظ لهذه الأمة كرامتها ومجدها، وأن العدو يدرك ما لسوريا من حب كبير يتسع ليشمل شعوب بل أقول الشعب العربي من مشرقه إلى مغربه، فهاهي تحتضن كما عودتنا النازحين وتفتح لهم الأبواب الموصدة، وتقدم لهم كل العون والمساعدة، سوريا لاتأبه لمن يكيل لها الإتهامات جزافاً وتقابل الإساءة بالحلم والتروي، وسوف يعود الضالون إلى رشدهم، وعودتهم إلى الحضن الحاني إلى القلب الصافي إلى الروح العربية يطلبون السماح والعون والإرشاد، سوريا كانت دوماً في الطليعة.. ومن يتبؤ هكذا مكانة لايمكن أن يتخاذل ويتخلى عن دوره الإيجابي، وهاهي سوريا يتوافد إليها الغرب المستعمر من أجل إيجاد حل وسط للصراع الدائر على أرض لبنان، سوريا التي لها نفوذ لدى محبيها يتطلعون منها أن توقف الحرب وأن يعود السلام إلى لبنان، ويعولون لهذا الدور الكثير، سوريا بكياسة وحنكة وحكمة قائدها لاتأبى أن يسود السلام ربوع لبنان وأن يعلو الحق وأن تعود الحقوق لأصحابها وأن يستظل لبنان بالعزة والشموخ والشمم، سوريا تأبى أن ترى لبنان كسيح بدون حراك سياسي، لذلك نجد رئيس الدبلوماسية السورية يحلق في سماء بيروت ليجبر الكسر وليعود الصفاء وليذكر من نسي أن سوريا لم ولن تكون عدوة لبنان وأن كان الجهل قد طغى على البعض وتفوه بكلمات يندى لها الجبين عندما رأي أن البحر خلفه وأن العدو أمامه، ليجد من قلعة الأسود من ينصر شأنه ويدفع عن كره الأعداء وبغضهم، ويسحق دنائة التخاذل والتخابر والإنحياز ومسايرة العدو على أمل أن يصدق الحدث والإحساس ولو لمرة واحدة بأن العدو ناصرهم، ولكن يأبى الزمان إلا أن يبرهن للمخدوعين المتخاذلين بأن سوريا هي الحصن الحصين، ولن يكون هناك ملجأ يأوي الجميع في دفء الأمن والأمان غير ماهو متاح في هذا القطر الذي فتح أبوابه من جديد من أجل نصرة أهلنا في لبنان وتحمل عبء الضغوط التي يمارسها البعض من أجل التخلي عن قضية فلسطين وطرد قادة حماس من دمشق، ولكن لما كانت شيمة الكبار العطاء يأبى بشار الإنسياق وراء مبتغى العدو، وهاهو يمد يداه كعادته لإحتضان المواطن العربي «إني أمرؤ عربي والعلا نسبي في أي أرض أرى عرباً أرى وطني».لقد أخذت المقاومة على عاتقها حمل الدفاع عن كرامة الأمة في لبنان ونالت الدعم والمؤازرة من الشارع العربي، وهاهي الشعوب تتفاعل مع المعطيات الجديدة في المنطقة وترفع شارة النصر لتعود هذه الأمة تسمع العالم هدير صوتها القومي العروبي لتقول لا للإستعمار لا للإحتلال ولتبني من جديد قلعة الحرية ولتروي شجرة الإباء والشموخ بدم شهيد حتى ينال هذا العهد والشمم قدسيته ليمضي ركب الحرية والتقدم دون تململ أو تعثر.وأختتم بكلمات الرئيس الخالد جمال عبدالناصر: «إذا عملنا من أجل الدول العربية فهذه مبادئنا، هذه عروبتنا، هذه قوميتنا، هذه حياتنا، إن تحرير أي جزء من الوطن العربي حماية مباشرة لنا».المجد والخلود لشهداء التحرير، والنصرة والعزة حليف أمتنا، والموت والإندحار لأعداء هذه الأمة.