ربما لا يعلم الكثير من المتابعين او المراقبين ان حقل '' الفكة '' العراقي الحدودي في محافظة ميسان الجنوبية كان بمثابة الشرارة الأولى التي دفعت الرئيس العراقي السابق صدام حسين لاتخاذ قرار الحرب على إيران حيث كان هذا الحقل وتلك المنطقة الحدودية عام 1980 وعلى مدى أشهر منطقة ساخنة بسبب الهجمات التي كان يقوم بها الجيش الإيراني على الحدود العراقية، وفي نهاية عام 1983 كانت المنطقة نفسها ساحة لمواجهة عسكرية دموية استمرت لعدة أشهر وانتهت بدايات عام 1984 دفع خلالها الجيش العراقي عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والأسرى لاسترجاع الحقل والمنطقة واخراج القوات الإيرانية منها، ومن المفارقات المضحكة المبكية ان ينجح فقط 11 عسكريا إيرانيا بأسلحة فردية باحتلال هذا الحقل بعد 26 عاما.من الصعب التعامل مع احتلال حقل الفكة من زاوية الأطماع الإيرانية بالنفط العراقي فحسب فالحقل يحمل في باطنه من النفط ما قيمته مئات المليارات من الدولارات فالبعد الرمزي والأحقاد التاريخية حاضرة بقوة في المشهد فالحقل نفسه كان السبب في اطلاق صدام حسين لما سمي بشرارة ''القادسية الثانية او قادسية صدام''.احتلال حقل الفكة هذه المرة يأتي في ظل جو سياسي مختلف تماما عن تلك الاجواء التي كانت سائدة ابان حكم صدام حسين '' العدو اللدود للخميني والخمينية ''، فالعراق اليوم هو اقرب دولة في المنطقة الى ايران وحكام العراق الآن هم حلفاء ايران تاريخيا، حيث تربوا وترعرعوا في كنفها ابان معارضتهم للنظام العراقي السابق وعندما عادوا الى العراق بعد الاحتلال الاميركي ادخلوا إيران من اوسع الابواب، فحجم التغلغل الإيراني في عراق ما بعد صدام لا يوصف ولا يصدق، فإيران هي القوة الاكثر تأثيرا على الارض من الولاياتالمتحدة '' قوة الاحتلال الرسمية ''، ورغم كل هذه الهيمنة السياسية والاقتصادية والامنية التي تتمتع بها ايران في العراق الا انها لم تكتف بها واصرت على ممارسة العدوان على ارض حلفائها وهو سلوك لا يمكن تفسيره بالطمع بل بالحقد التاريخي حيث شكل العراق والعراقيون تاريخيا سدا منيعا في وجه الأطماع الإيرانية ليس في العراق بل في منطقة الخليج العربي.يقول منصور فرهنج أول سفير للجمهورية الإيرانية الإسلامية لدى الأممالمتحدة في يناير 1980 في كتابه الذي صدر مؤخرا في أمريكا بعنوان ''السلام وليس الإرهاب'' ان الخميني كان يكن العداء والاحتقار للعرب، وانه حتى عندما حاول تحريض العراقيين الشيعة ضد صدام حسين عبر رسائل متتالية في الاذاعة والتلفزيون وفشل في اثارتهم ضد النظام البعثي كشف الخميني عن شعوره تجاههم وقال: ''.. انهم كلهم عرب انهم كلهم معاوية بن ابي سفيان'' في اشارة الى ان الفرس هم الشيعة المخلصون لآل البيت في حين ان العرب هم قتلة الحسين وعائلته عليهم الرحمة والسلام.ويورد فرهنج دلائل اخرى على كراهية الخميني للعرب ويقول كان الخميني رغم طلاقة لسانه بالعربية الا انه يرفض التحدث بها مع اي عربي ايا كان مستواه حيث كان يعتمد في الترجمة من الفارسية الى العربية على حفيده مصطفى، كما كان يرفض تسمية الخليج العربي بالعربي ويصر على تسميته بالفارسي.ان احمدي نجاد اكثر رجال ايران تمسكا '' بالخمينية '' لن يتعامل مع العراق الا بعقلية الطامع ولربما تكون تصريحات حسين ابراهيمي مسؤول لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الإيراني والتي تزامنت مع حادثة احتلال '' الفكة '' وكجزء من تبريرها والتي طالب فيها العراق بدفع تعويضات عن الحرب الإيرانية ؟ العراقية مقدارها 1000 مليار دولار هي اكبر دليل على ما ذهبت اليه.* الرأي الأردنية