يبدو أن القيادة العليا للجان الشعبية التي قاتلت وطردت تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وجماعات أنصار الشريعة الموالية لها، من تخوم مدينة لودر وبلدات الوضيع ومودية المجاورتين للودر في محافظة ابين، جنوباليمن، قد اعتمدت معايير معينة دقيقة عند اختيار قياداتها العسكرية لجبهات القتال، من خلال قيادات، جعلت لاسمها نصيبًا أوفر في المهمة القتالية التي اسندت إليها، من انمار مرورا بنزار وصولا الى الدرداء.. انمار الاجدل، اسمه اقتبس من هيئته، رغم جسمه النحيل، الا انه مقاتل شرس، قائد وحدة «المارينز» او التدخل السريع لإنقاذ احدى جبهات القتال، التي تكون قد تعرضت لهجوم عناصر القاعدة، كما أنه يوحي لك أنه الخبير الاستراتيجي والقارئ المتفحص لسير المعارك في كل الجبهات، حينما يقدم لك شرحا تفصيليا عن سير المعارك ووضع الانساق والخطوط الدفاعية لردع العناصر الارهابية والتصدي لأي هجوم محتمل، الى جانب مهمته في حماية غرفة عمليات ادارة المعركة والحراسة الشخصية لرئيسها، هذا المقاتل الشرس فقد شقيقه وعددًا من أفراد اسرته في الحرب الدائرة، كان اخرهم اصابة نجل شقيقه بشظايا قذيفة هاون عندما سقطت بجوار منزله الاسبوع الماضي. نزار جعفر، شاب في العقد الثالث من العمر، قائد لإحدى جبهات المعارك ضد القاعدة في لودر، التقيناه وهو يتنقل بين مجموعاته القتالية في جبهة الحمراء، يثير في مقاتليه الحماس ، يرتدي البنطلون الجينز، لكنه يقاتل كما لو انه من القوات الخاصة، الى درجة انه كان يزرع الرعب لدى مسلحي القاعدة، ويقول: مقاتلي اللجان الشعبية يخوضون معارك مع عناصر القاعدة بمعنويات مرتفعة. محمد عبدالله شقرة، يناديه زملاؤه ب» الدرداء» تخصص دبابات يتولى قيادة قوات اللجان الشعبية في الجبهة الشرقية- جبهة جبل يسوف أو جبهة الفلوجة، كما يحب ان يسميها هو، يقول: ان الدبابات التي اخذها مقاتلو اللجان الشعبية من الجيش لاستخدامها في معركتهم ضد العناصر الإرهابية من تنظيم القاعدة غالبيتها بلا صيانة، وانه قام بصيانتها، ويتم استدعاؤه إلى جبهة القتال كلما عطبت دبابة أو آلية عسكرية ليتولى إصلاحها. وبرغم الحادث المأساوي الذي اصاب محمد الدرداء في مقتل طفلته «سعيدة 8 سنوات» مع زميلتها»نور 9 سنوات»، بقذائف اطلقتها القاعدة على المدينة في ال30 من ابريل الماضي، الا ان معنوياته ظلت مرتفعة طوال فترة الحرب ال 40 يوما، لم تنكسر في قتال القاعدة والدفاع عن المدينة الى ان تحقق له ولزملائه النصر على الارهابيين وطردهم من على تخوم المدينة، وقال إنه لم يندم على مقتل طفلته سعيدة، وإنما سعد باستشهادها ومستعد للتضحية وتقديم أطفاله الأربعة الآخرين على رأسهم «الجحجاح» فداء للأرض والعرض، فضلا عن ذلك فالدرداء كان قد تعرض للإصابة بتاريخ 11 ابريل الماضي في احدى الاشتباكات مع الارهابيين. صالح عباد، قائد إحدى مجموعات اللجان الشعبية جبهات معارك لودر، رغم بدانته، إلا أنه في المعركة يتحول الى وزن الريشة، ويتحرك وسط مجاميعه كما لو انه في منافسة للالعاب البهلوانية او في مهرجان استعراضي للسيرك الروسي او الجمباز الصيني، يتنقل بين مقاتليه من موقع الى اخر، وعند الاشتباك مع مسلحي القاعدة يركض اليهم بالطريقة الحلزونية التي تفوق سرعتها سرعة نيران مسلحي القاعدة. طاهر النخعي، مقاتل متمرس في اللجان الشعبية، كان قد تعرض لإصابة في احدى المعارك مع القاعدة، كما ان نجله (الخضر 8 سنوات) اصيب هو الاخر الاسبوع الماضي مع ثلاثة اخرين من اطفال الحي بشظايا قذيفة هاون اطلقتها القاعدة على منازل المدينة.. وينتمي طاهر النخعي، الى اسرة الشيخ عبدالعزيز النخعي الذي كلفه بحشد وقيادة قبائل محافظة ابين في القتال الى جانب قوات الجيش ضد القاعدة وطردها من زنجبار العام الماضي وتمكن بالفعل من هزيمة الجماعات المسلحة والوصول الى مبنى كلية التربية وسط مدينة زنجبار، لكنه استشهد في شهر رمضان الماضي مع نحو 63 من مسلحيه في نفس المكان بغارة جوية للطيران الحكومي- حسب تأكيدات ابناء القبائل. كل هذا لم يضعف عزيمة النخعي أو يثنيه عن إصراره في الدفاع عن مدينته وقتال القاعدة، حتى النصر او الشهادة، فتحققت له الأولى ولبعض زملائه الثانية، بل إنه كان يحرص قبل توجهه الى جبهة المعركة ان يتلو وصيته على طفليه وطفلته علياء بأن يواصلوا - من بعده ان كتبت له الشهادة- قتال القاعدة وعدم السماح لها بتدنيس مدينتهم ودخول لودر العصية عليهم. * المدينة السعودية