ماتت معادلة “الشيخ والرئيس″ في اليمن، فهل تعيش معادلة “الرئيس واللواء” التي أطلت برأسها في الأيام الأخيرة، خصوصا في ضوء القرارات المتعلقة بإعادة هيكلة القوات المسلّحة التي اتّخذها الرئيس عبد ربه منصور هادي؟ بدت القرارات تعبيرا عن معادلة جديدة ترتكز على الرئيس اليمني المؤقت، المفترض أن تنتهي ولايته في فبراير 2014 من جهة واللواء علي محسن الأحمر، الخصم اللدود للرئيس السابق علي عبدالله من جهة أخرى. كانت معادلة “الشيخ والرئيس″، قائمة على التحالف غير المعلن القائم بين الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي بقي في السلطة بين 1978 و2012 من جهة والشيخ عبد الله بين حسين الأحمر شيخ مشائخ قبيلة حاشد التي كان علي عبد الله صالح ينتمي إليها، مثله مثل اللواء علي محسن الأحمر من جهة أخرى. والأخير يحمل كنية الأحمر نسبة إلى أنه من قرية بيت الأحمر في مديرية سنحان وهي مسقط رأس علي عبدالله صالح أيضا. من قراءة الأسماء التي شملتها التعيينات العسكرية الأخيرة، تبدو بصمات علي محسن الأحمر واضحة عليها؛ فقد قضت التعيينات بتسمية العميد أحمد علي عبدالله صالح، قائد الحرس الجمهوري، سفيرا في الإمارات وإبعاد كلّ من طارق محمد عبدالله صالح وعمّار محمد عبدالله صالح إلى برلين وأديس أبابا كملحقين عسكريين. والاثنان من أولاد الأخ الأكبر لعلي عبدالله صالح ويعتبران، مع شقيقهما الأكبر العميد يحيى الذي كان مسؤولا عن الأمن المركزي، من أبرز رموز سيطرة علي عبدالله صالح على المؤسستين العسكرية والأمنية. في المقابل، بقي علي محسن الأحمر في صنعاء بصفة مستشار عسكري لرئيس الجمهورية. ومن الملفت أن معظم الضباط الذين كانوا يدينون بالولاء له تولوا مواقع مهمّة في المؤسسة العسكرية وذلك على حساب ضباط كانوا محسوبين على علي عبدالله صالح ونجله. كذلك، تولى مواقع عسكرية مهمّة ضباط تابعون مباشرة، لاعتبارات مناطقية أوّلا، لرئيس الجمهورية. سمحت معادلة “الشيخ والرئيس″ لعلي عبدالله صالح والشيخ عبدالله الأحمر بالسيطرة على مرافق الدولة اليمنية وتهميش قوى مهمّة في البلد على رأسها قبيلة بكيل وهي أكبر القبائل اليمنية وأكثرها انتشارا. كانت هذه السيطرة على البلد شبه كاملة بعد حرب صيف العام 1994 التي هُزم فيها الحزب الاشتراكي الذي قاد زعيمه علي سالم البيض محاولة انفصالية. تصدّى “الشيخ” و”الرئيس″ لتلك المحاولة. كان علي محسن الأحمر جزءا من تلك المعادلة، كذلك عبدربه منصور هادي العسكري الآتي من الجنوب والذي كان لجأ إلى الشمال في مطلع العام 1986 بعد خسارة جناح الرئيس علي ناصر محمّد السلطة في ما كان يسمّى اليمن الجنوبي. شارك عبدربه منصور، وهو ضابط محترف من محافظة أبين الجنوبية في الحرب على الانفصاليين وكوفئ بتعيينه نائبا للرئيس في العام 1994. بين 1994 و2007، تاريخ وفاة الشيخ عبدالله الأحمر، بقيت معادلة “الشيخ والرئيس″ صامدة، ماتت يوم موت الشيخ في كانون الأوّل 2007. سمحت تلك المعادلة بقيام تواطؤ بين الشيخ ورئيس الجمهورية اقتسما بموجبه السلطة والثروة. وما كان ملفتا أن الأمر وصل بالشيخ عبدالله الأحمر إلى حد احتلال المنزل الذي كان يقيم فيه البيض أثناء وجوده في عدن بصفته نائبا لرئيس مجلس الرئاسة بين 1990 و1994. كما استبيحت أملاك أخرى في المحافظات الجنوبية على يد ضبّاط علي عبد الله صالح وعلي محسن الأحمر وأبناء الشيخ عبدالله الأحمر في الفترة التي تلت هزيمة الحزب الاشتراكي في حرب الانفصال. ما وضع حدّا فعليا لمعادلة “الشيخ والرئيس″ لم يكن فقط غياب الشيخ عبد الله عن الساحة اليمنية وصعود نجم نجله حميد الذي يكنّ عداء شديدا للرئيس اليمني السابق ولأفراد عائلته، كانت هناك عوامل أخرى، من بين هذه العوامل الحروب مع الحوثيين في الشمال اليمني، وهي حروب بدأت في 2004 واستمرّت حتى 2009 وحاول من خلالها علي عبدالله صالح حرق علي محسن الأحمر سياسيا وعسكريا واستنزاف الفرقة الأولى مدرع التي كانت بإمرته، كي يسهل عليه توريث نجله أحمد الرئاسة. وهذا ما خلق عداء شديدا بين الرجلين بعدما كانا وجهين لعملة واحدة. في الواقع، تغيّرت أمور كثيرة في اليمن بعد غياب الشيخ عبدالله وذهاب حميد الأحمر بعيدا في عدائه لعلي عبدالله صالح بدعم من الإخوان المسلمين، وهو عداء ترافق مع ابتعاد علي محسن الأحمر أكثر فأكثر عن الرئيس اليمني السابق. دخلت أيضا “القاعدة” على الخط، خصوصا بعد اضطرار علي عبدالله صالح إلى محاربتها جراء الضغوط الأميركية عليه ومعرفة الأميركيين أنّ عناصر من هذا التنظيم الإرهابي كانت مرتبطة ارتباطا وثيقا بأجهزة أمنية يمنية وحتى بعلي محسن الأحمر نفسه. العرب اللندنية