لم يكن قد مضى سوى يومين على تولي القاضي عدلي منصور رئاسة المحكمة الدستورية العليا في الأول من تموز عندما كلفه الجيش مساء أمس بإدارة شؤون مصر، خلال الفترة الانتقالية حتى انتخاب رئيس جديد بعد إزاحة محمد مرسي. ولم يتوقع الرئيس المخلوع محمد مرسي، وهو يوقع مرسوم تعيين المستشار عدلي منصور رئيساً للمحكمة الدستورية، أن هذا القاضي سيخلفه بعد أيام في منصب رئيس الجمهورية. أما المستشار منصور، فلم يكن يتوقع أن يكون الثلاثين من شهر حزيران العام 2013، وهو اليوم الذي تسلم فيه منصبه رئيساً للمحكمة الدستورية، مدخلاً له إلى تاريخ مصر الحديث، حيث تزامن تسلم مهامه في اليوم ذاته التي انطلقت فيه «ثورة 30 يونيو» ضد حكم «الإخوان»، لتجعله سابع رئيس لمصر، وثاني رئيس مؤقت للجمهورية بعد رئيس مجلس الشعب صوفي أبو طالب الذي شغل هذا المنصب ثمانية أيام عقب اغتيال الرئيس محمد أنور السادات في 6 تشرين الأول العام 1981. وكانت الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا قد وافقت في 19 أيار الماضي على تعيين المستشار عدلي منصور، النائب الأول لرئيس المحكمة، رئيساً لها، خلفًا للمستشار ماهر البحيري الذي انتهت فترة رئاسته في 30 حزيران لبلوغه السن القانونية. وجاء تعيين منصور بعد تعديل على قانون المحكمة بالمرسوم بقانون رقم 48 لسنة 2011، والذي نص على تعيين رئيس المحكمة بقرار من رئيس الجمهورية من بين أقدم ثلاثة نواب لرئيس المحكمة بعد موافقة الجمعية العامة. ولد المستشار عدلي منصور في 23 كانون الأول العام 1945، وتزوج وانجب ثلاثه ابناء هم احمد وياسمين وبسنت. مسيرة منصور في المجال الحقوقي منذ حصوله على دبلوم الدراسات العليا في القانون من كلية الحقوق في جامعة القاهرة في العام 1969، ودبلوم الدراسات العليا في العلوم الإدارية في العام 1970 .عيّن منصور مندوباً مساعداً في مجلس الدولة، ثم نائباً من الفئة (أ)، ثم مستشاراً في مجلس الدولة، ثم نائباً لرئيس مجلس الدولة. وتدرج في السلك القضائي حتى عين نائباً لرئيس المحكمة الدستورية في العام 1992. ومن أهم الأحكام التي أصدرها منصور عدم دستورية بعض التعديلات التي أدخلها مجلس الشعب السابق على قانون الانتخابات الرئاسية الخاصة بإلغاء فترة الصمت الانتخابي، وبدء الدعاية الانتخابية اعتباراً من تاريخ فتح باب الترشح لرئاسة الجمهورية، حتى بدء يوم التصويت داخل مصر، وحظر تولي أعضاء لجنة الانتخابات الرئاسية مناصب قيادية تنفيذية. كما أصدر قراراً بعدم الاختصاص بنظر الطلب الوارد إليها من رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بشأن إبداء الرأي في مشروع القانون المعروف ب«العزل السياسي» لرموز النظام السابق، إعمالاً لحكم المادة 28 من الإعلان الدستوري الصادر في آذار العام 2011 بعد أن رفض المستشار فاروق سلطان، رئيس المحكمة، والمستشار ماهر البحيري النائب الأول، الاشتراك في نظر مشروع القانون، وإصدار القرار بشأنه، نظراً لمشاركتهما في أعمال لجنة الانتخابات الرئاسية. كما ترأس منصور الجلسة التي نظرت فيها المحكمة تعديل بعض أحكام القانون رقم 174 لسنة 2005، بتنظيم الانتخابات الرئاسية إعمالاً لحكم المادة 28 من الإعلان الدستوري، والذي انتهى فيه إلى أن مشروع القانون المعروض يتفق وأحكام الإعلان الدستوري الصادر في 30 آذار العام 2011. وشارك منصور فى نظر تعديل بعض أحكام القانونين رقمي 38 لسنة 1972 بشأن مجلس الشعب، و73 لسنة 1956 بشأن تنظيم مباشرة الحقوق السياسية، والمعروفين ب«قانون النواب»، و«مباشرة الحقوق السياسية»، وقد انتهى إلى عدم دستورية أربع مواد، وإجراء بعض التعديلات في ست مواد أخرى، وتم إرساله إلى مجلس الشورى لإجراء التعديلات اللازمة، إلا أنه تم الطعن عليه، وأعيد للمحكمة مرة ثانية لإعمال رقابتها اللاحقة عليه. حَلّق الرجل بعيداً عن الوطن مرة إلى باريس في منحة دراسية (1975-1977)، ومرة إلى السعودية حيث أعير مستشاراً قانونياً في وزارة التجارة (1983-1990). وقد انتدب للعمل مستشاراً في الأمانة العامة لمجلس الوزراء (الأمانة التشريعية) في 1990 وحتى العام 1992. ومعروف عن المستشار منصور البساطة في تعامله وهو مشهود له وسط زملائه في المحكمة بالسمعة الحسنة والكفاءة والقوة في حسم الأمور. وبالرغم من ترديد اسمه كثيرا خلال الأيام الماضية، بعد مشاركته في عدد من الأحكام التي صدرت من المحكمة الدستورية، إلا أنه لم يظهر إعلامياً بصورة كبيرة.