"لا يمكن تفضيل شيء قبل العدالة".. سقراط ربما لم يعد ملائماً الركون إلى التاريخ الذي يسجل أنه كان على هذه الأرض دولة متماسكة، وُصفت ذات نهار بالبلاد السعيدة، فكل يوم نثبت أننا ما نزال بعيدين جداً عن حلم الدولة المنشودة. أخشى أن نكون اخترنا الفوضى طريقة حياة. لا أعرف إن كان من المناسب القول إننا ربما قد قررنا عدم التخلي عن هذا الخيار الذي يمنحنا شعوراً زائفاً بالحرية. أبرز ملامح الفوضى التي تحكمنا بلا منازع، ليس غياب القانون، فقد تجاوزنا هذه المرحلة منذ زمن بعيد، ولكن احتقار القانون، إذا كنت لا تعرف مستوى الانحطاط الذي وصلنا إليه، فيكفي أن تعرف أن اليمن هي الدولة الوحيدة التي ليس فيها أي قدر من الاحترام لأحكام القضاء، فهي مهدرة طوال الوقت. لنتجاوز حقيقة أن القضاء في اليمن بدائي جداً، ومخترق، وغير نزيه، لنسأل كيف يتم السماح لمسلسل العبث بالقانون أن يستمر. هل ندرك كم سيكون الثمن باهظاً؟ حتى الذين يعتقدون أنهم أقوياء ويملكون حصانات لا حصر لها من مصلحتهم عدم احتقار القانون لأنهم في أي لحظة سيدفعون ثمن هذه الحماقة. لنتذكر كيف قُتل القذافي بطريقة همجية، في الحقيقة دفع ثمن استهتاره بالعدالة. قبل عدة أيام، قضت الدائرة الدستورية في المحكمة العليا بعدم دستورية 34 مادة من قانون السلطة القضائية، ماذا يعني ذلك؟ ببساطة، "كنا نعيش في غابة". هل ندرك أن الحديث عن السياسة وعن الفيدرالية وعن المعتقلين وعن توجيهات الرئيس بهذا الخصوص مسائل لا قيمة لها دون أن يكون هناك قضاء عادل وشريف. افتحوا ملف القضاء، فهذا أوانه، حتى لا يعود الاستبداد تحت أي ثوب. لنعلن أننا سنحارب من أجل أن يكون لدينا قضاء نطمئن إليه، فهذا السبيل الأمثل لتجنب سيناريوهات مدمرة. كم مرة يجب أن نقول إننا أمام اختيارين، إما القانون أو الفوضى؟ في هذا المضمار ربما يجب التذكير بأننا أمة عريقة عرفت القوانين وعملت على احترامها، وهذا يعني أننا قادرون على انجاز التغيير الحقيقي وهو التغيير في مجال العدالة، يكفي الثورة هذا الانجاز. نقلا عن أسبوعية الناس