الكشف عن حجم المبالغ التي نهبها الحوثيين من ارصدة مسئولين وتجار مناهضين للانقلاب    نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    هاري كاين يحقق الحذاء الذهبي    نافاس .. إشبيلية يرفض تجديد عقدي    نهائي نارى: الترجي والأهلي يتعادلان سلباً في مباراة الذهاب - من سيُتوج بطلاً؟    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    الكشف عن أكثر من 200 مليون دولار يجنيها "الانتقالي الجنوبي" سنويًا من مثلث الجبايات بطرق "غير قانونية"    صحفي: صفقة من خلف الظهر لتمكين الحوثي في اليمن خطيئة كبرى وما حدث اليوم كارثة!    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    تعيين شاب "يمني" قائدا للشرطة في مدينة أمريكية    الوية العمالقة توجه رسالة نارية لمقاتلي الحوثي    "لا ميراث تحت حكم الحوثيين": قصة ناشطة تُجسد معاناة اليمنيين تحت سيطرة المليشيا.    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    وفاة ثلاثة أشخاص من أسرة واحدة في حادث مروري بمحافظة عمران (صور)    تقرير برلماني يكشف تنصل وزارة المالية بصنعاء عن توفير الاعتمادات المالية لطباعة الكتاب المدرسي    لحوثي يجبر أبناء الحديدة على القتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل    القبائل تُرسل رسالة قوية للحوثيين: مقتل قيادي بارز في عملية نوعية بالجوف    التفاؤل رغم كآبة الواقع    اسعار الفضة تصل الى أعلى مستوياتها منذ 2013    حملة رقابية على المطاعم بمدينة مأرب تضبط 156 مخالفة غذائية وصحية    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب إلى 35 ألفا و386 منذ 7 أكتوبر    وزارة الحج والعمرة السعودية تطلق حملة دولية لتوعية الحجاج    وفد اليمن يبحث مع الوكالة اليابانية تعزيز الشراكة التنموية والاقتصادية مميز    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    بمشاركة 110 دول.. أبو ظبي تحتضن غداً النسخة 37 لبطولة العالم للجودو    طائرة مدنية تحلق في اجواء عدن وتثير رعب السكان    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    الهلال يُحافظ على سجله خالياً من الهزائم بتعادل مثير أمام النصر!    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجاء دور مصر
نشر في الأهالي نت يوم 21 - 07 - 2013

لنعد بالذاكرة إلى الوراء قليلاً، ولنسأل أنفسنا: كيف أسقطت بريطانيا (مع فرنسا) الخلافة العثمانية؟ سؤال كبير نستطيع تلخيص إجابته في خطوط عريضة:
- جاؤوا بعملاء من الأتراك ووضعوهم في مراكز عظمى في دار الخلافة.
- أوجدوا القومية التركية (الطورانية) التي أشعل وقودها يهود الدونمة، وفي مقابلها القومية العربية التي أسسها نصارى العرب.
- أقنعوا العرب بضرورة محاربة تركيا، ووعدوا الشريف حسين بمُلك العرب في الوقت الذي كانوا فيه يرسمون حدود بلاد العرب وينوون الغدر بالشريف.
- صنعوا من كمال أتاتورك بطلاً قومياً للأمة الإسلامية ونصبوه حاكماً على تركيا، وهو ابن يهودية.
- استطاع كمال بعد إحكام قبضته الحديدية على تركيا أن يُلغي الخلافة، ويلغي الإسلام من حياة الأتراك وغيرهم، وأعلن تركيا دولة علمانية ظاهراً، ودولة بوليسية معادية لكل ما هو إسلامي.
- لم يقتسم الغرب جميع الدول الإسلامية اقتساماً مباشراً، بل حجموا الدولة التركية في حدودها الحالية، وقسموا بقية الأمة إلى دول كثيرة أخذوا بعضها مباشرة والأخرى حكموها بطريق غير مباشر عن طريق عملاء.
هذه نقاط عريضة كبيرة بينها تفاصيل كثيرة متشعبة، وهو مكر كبير عظيم أداره الغرب بحنكة عالية أسقطوا بها دولة الخلافة التي دامت ثلاثة عشر قرناً. لقد نفذوا هذه الخطة بثبات وبطء شديد وصبر بعد دراسة مستفيضة للوضع الإسلامي وتناقضاته، ويكفي أن نعلم بأنهم طبقوا خطة إقامة دولة اليهود في فلسطين في خمسين سنة!
إن ما يجري اليوم في بلاد المسلمين من تناحر وتقاتل هو ذات المخطط الذي لا زالت الأمة تعاني منه منذ قرن، والذي تغي�'ر هو الأدوات: فاستبدلوا القومية بالمذهبية، واستبدلوا الشريف حسين بأكثر من حاكم، ولا زالوا يبحثون عن أتاتورك جديد يقود الأمة إلى الهاوية.
إن تسارع الأحداث تحدث نوعاً من التشويش على العقل فلا يرى إلا الظاهر، وينسى في غمرة التقلبات أن يربط الخيوط ببعضها ليخرج بتصور متكامل للمشهد.
لنسأل أنفسنا: ما هي المعطيات التي عندنا اليوم؟ كانت إيران قبل بضع وثلاثين سنة دولة سنية، أو فلنقل: علمانية، ثم أتى الأمريكان والفرنسيون بالخميني ليقلب الدولة إلى المذهب الشيعي الغالي في التشيع، الحاقد على أهل السنة، هذه الدولة الوليدة تحيط بها دولٌ إسلامية على المذهب السني، ولكنها استطاعت بفضل عقيدة التقية وبفضل الدعاية أن تتغلغل بدعوتها في جميع الدول العربية والإسلامية، حتى كاد الخميني أن يُصبح أتاتورك جديد.
الخطة المرسومة لهذه الدولة الوليدة أن تتمدد إلى الغرب والشرق لتكون نداً للمسلمين بحيث تستطيع أن تواجههم، وربما تكسر شوكتهم، أو يتقاتل الطرفان حتى ينهك بعضهم البعض ليتحقق الضعف فتكون الأمة كلها لقمة سائغة في يد الدول الغربية، تماماً كما حدث ابان سقوط الخلافة العثمانية..
تمددت إيران في الهند وباكستان ودول الاتحاد السوفييتي السابق وفي أفغانستان ودول الخليج واليمن والعراق والشام ومصر وبلاد المغرب، ولها دعاة في كل مكان في العالم الإسلامي وغيره، ولها من الصناعات العسكرية ما ليس للدول العربية مجتمعة، وذلك ليحصل بعض التوازن بسبب قلة عدد الشيعة مقابل أهل السنة، وكان لابد من إضعاف أهل السنة عن طريق زرع الفتن بينهم وتفريقهم.
كانت العراق العقبة الأولى أمام إيران، واستطاع الأمريكان إغراء صدام حسين بغزو الكويت، ثم أتت أمريكا بقواتها واحتلت جزيرة العرب وسلمت العراق لإيران، ودمرت العقبة الأولى أمام الشيعة وأمام اليهود، حيث أن الصهاينة يعتقدون أن جيشاً عراقياً سيكون سبب دمار دولتهم في فلسطين. وفتح الأمريكان الحدود أمام الإيرانيين لغزو الشام عقدياً بالتوازي مع غزو دول الخليج واليمن ومصر.
يجب أن نعلم بأن أهل السنة هم العدو الأكبر (أو الشيطان الأكبر) في عقيدة الشيعة وليس الأمريكان كما يزعمون، والأمريكان يعلمون هذا جيداً، ويعلمون أن الشيعة مستعدون للتعاقد مع إبليس في سبيل الإنتقام من أهل السنة، ونظرة على ما يجري في العراق وسوريا يؤكد هذه الحقيقة، فلا ينبغي لعاقل أن يشك بأن هناك اتفاق بين إيران والغرب على تقاسم بلاد المسلمين، فالغرب اكتشفوا أن الإيرانيين لا عقيدة لهم ثابتة غير الحقد على أهل السنة، وأهل السنة يشكلون أكثر من 90% من المسلمين.
لنسأل أنفسنا سؤال: لو أراد الغرب اليوم احتلال الدول العربية عسكرياً، فمن يستطيع منعها؟ سؤال مخيف، ولكن الجواب أشد غرابة وأعظم من أن نتجاهله. لا يوجد جيش عربي يستطيع الوقوف أمام الدول الغربية لبضعة ساعات، وليس هناك جيش عربي من عقيدته محاربة الدول الغربية، وهذا أخطر شيء على الأمة، فالعقيدة هي التي تحقق الثبات في المعارك، ولقد أظهر بوش الابن نيته عندما أعلن الحرب الصليبية على الإسلام، وأعلن عزمه حرب ستين دولة، الرجل لم يكن يتكلم من فراغ، بل هذه هي الخطة العملية.
لنعد إلى إيران، لقد أعلن بوش الحرب على العراق وأفغانستان في غضون أيام، بل إن البارجات الأمريكية تحركت من أمريكا قبل ثلاثة أيام من دخول صدام الكويت، فالأمر كان محسوماً، والخطة كانت جاهزة، ولكن لنتوقف هنا وننظر قليلاً إلى أمر غاية في الأهمية: لماذا لم تحارب أمريكا إيران؟ لماذا هذه التهديدات والتصريحات والمناوشات الكلامية طيلة ثلاثة عقود دون أي فعل في مقابل الإسراع في حرب العراق وأفغانستان! لماذا تسكت أمريكا عن تدخل إيران في العراق والشام ولبنان والخليج وأفغانستان ودول الاتحاد السوفييتي السابق! أمريكا تستطيع إحتلال إيران في بضعة أيام بمساعدة الإيرانيين الذين يبغضون حكم الملالي أكثر من أي شيء آخر. فهل إيران فعلاً عدوة لأمريكا!
إن أي مراقب يستطيع أن يصل إلى أن هذه المقاطعات الاقتصادية والمناوشات السياسية والكلامية ما هي إلا ستار يخفي خلفه حقيقة التعاون الوثيق بين أمريكا وإيران، وقد رأينا هذا في العراق وأفغانستان، ونراه في سوريا ودول الخليج، فالأمر أوضح من حاجته لبرهان. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن: ما حقيقة هذا التعاون، أو ما حقيقة الاتفاق الجاري بين أمريكا وإيران؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا ونعقله ونعمل بمقتضاه قبل فوات الأوان.
إيران ترى بعداً جغرافياً لها في الساحل الغربي من الخليج، فهي ترى أحقيتها في دويلات الخليج من الإمارات إلى الكويت، ولا نعتقد أنها تساوم عليها إلا بما يختص آبار النفط التي قد تستغني عن بعضها أو كلها لصالح الغرب، وخطة إيران الخمسينية تقضي باحتلال الحجاز، فالشيعة يعلمون مركزية الحرمين الدينية وأهميتهما لنشر التشيع في العالم، وهذا هو شأن العراق عندهم، فهذا ما تريده إيران في خطها الخمسينية التي نشرت من أجلها أعوانها على طول الساحل الخليجي الغربي وأمدتهم بالمال والمنهج والتدريب السياسي والعسكري.
أما الجانب الغربي فيهمه من الخليج والعراق: النفط، والغرب الصليبي يهمه الشام كونه مركز ثقله الديني في كتابهم المحرف، وتهمهم مصر اقتصادياً حيث كانت مصر سلة غذاء الدولة الرومانية التي استغلت مصر حقاً ولم تدمرها كما فعل حسني والسادات وجمال عبد الناصر. ولا ننسى أن اليهود يريدون دولتهم الكبرى من شرق مصر إلى غرب العراق، وبهذا يكون الإيرانيون قد تنازلوا عن الشام كلها بمن فيها لصالح يهود. ولتفعيل هذه الخطة كان لا بد من إزالة جميع العقبات من أمام هذا المخطط الرهيب. فما هي هذه العقبات؟
كان الجيش العراقي هو العقبة الأولى، فتمت إزالته واستبداله بجيش رافضي موالٍ للغرب. والعقبة الثانية هي دولة باكستان النووية التي يعمل الإيرانيون مع الأمريكان على التخلص من قوتها عن طريق علمنة جيشها وتغيير عقيدته التي حاول ضياء الحق أسلمتها فقُتل لهذا السبب، وربما يقومون بجره للحرب مع الجيش الهندي في أي وقت، وقد حاولوا إقامة دولة رافضية في باكستان عن طريق عائلة بوتو ولكنهم فشلوا، وإن كان تغلغل الرافضة في المراكز القيادية بباكستان مخيفاً.
أما العقبة الثالثة فهم المجاهدون من القاعدة وغيرهم، فهؤلاء تم تدمير قوتهم في أفغانستان وباكستان وجاري تدميرهم في العراق وسوريا واليمن ومالي والصومال والمغرب العربي، ولو نظرنا إلى الأمر نظرة فاحصة لعلمنا أن الغرب مع الشيعة هم من يتولى محاربة المجاهدين على الأرض بدعم مادي من بعض الدول العربية التي شيطنت المجاهدين في وسائل الإعلام وأظهرتهم بمظهر الإرهابي والتكفيري، تماماً كما تفعلت مع الإخوان اليوم.
وأما العقبة الرابعة فهي الجيش المصري القومي الذي أعلن البرادعي عن خطته لتغيير عقيدته وتحويل بوصلته ليكون في مواجهة الشعب المصري ودينه بدلاً من اليهود، وهم الآن يحاولون جر الجيش المصري لمحاربة الشعب في محاولة لإعادة المشهد السوري في مصر.
هنا تكمن أهمية الجيش المصري الذي يُعد الآن بمثابة الحلقة الأخيرة في هذه السلسلة. لقد استعجل الغرب الإطاحة بمرسي لأنه بدأ محاولة بسيطة لاسترجاع العقيدة القتالية المصرية من منطلق قومي (وليس إسلامي) ولكن الغرب يعلمون أن الفكر القومي المجرد خطر عليهم فكيف وهم يعلمون بأن مرسي كان يخطط لأسلمة الجيش على المدى البعيد، وهذا أمر لا يمكن قبوله في ظل هذه المؤامرة الكبرى، فكان لا بد من الإطاحة بالرجل في أسرع وقت، وكان العمل على قدم وساق بمكر غربي يهودي رافضي، ومال إيراني خليجي، وعمالة وخيانة مصرية.
الذي لم يحسب له الغرب والإيرانيون حساب هو قوة الصحوة الإسلامية في الدول العربية، فهذا الربيع العربي أظهر مدى تمسك المسلمين بدينهم وقضاياهم، وانتشار الربيع العربي في الدول الإسلامية شكل ضربة قوية للمخطط الغربي الرافضي، فكان لا بد من التصدي لهذا المد الإسلامي وإيقافه، وهذا ما يجري الآن في سوريا ومصر وتونس واليمن وليبيا. لقد خلطت الشعوب الثائرة الأوراق لبعض الوقت، ولكن الأعداء استردوا عافيتهم وأعملوا كيدهم وقاموا بمناورة انقضاضية سريعة لإيقاف هذا المد الشعبي الإسلامي.
الكثيرون كانوا يتوقعون هذا من الأعداء، ولكن ما لم يكن متوقعاً هو الطريقة التي تم التعامل بها مع حركة الشعوب. لقد استخدم الغرب بعض الدول العربية لكسر هذا التمدد الشعبي، فالمؤامرات تدور في واشنطن وطهران، والتمويل من بعض دول الخليج الغنية التي فضلت حفر قبرها بيدها على استخدام هذه الأموال لنصرة قضايا أمتها ورفعتها! ولخلق بعض التوازن وإهدار المال العام: سمحت أمريكا لدولة قطر بمساندة الجانب الآخر لبعض الوقت ليطول الأمد وتُهدر الأموال ويتحقق المخطط.
لقد استطاع الغرب مع الإيرانيين إقناع بعض الحكومات بضرورة محاربة المجاهدين (القاعدة وغيرها) ومحاربة الإخوان وما يسمونه "الإسلام سياسي"، ومحاربة الربيع العربي، وأقنعوهم بأن هؤلاء خطر على عروشهم، ففتحت هذه الحكومات خزائنها لتنفق بغير حساب، وضرب الأعداء بضعة عصافير بحجر واحد: فبعد ارتفاع سعر النفط أصبح لدى هذه الدول فائض مالي كبير، فكان لا بد من سحب هذا الفائض، وكان مما فعله الغرب:
أولاً: إعلان أزمة اقتصادية عالمية بلعت نصف استثمارات الحكومات الخليجية في أمريكا وأوروبا، وهذا يقدر ببضعة تريليونات.
ثانياً: تهديد هذه الدول بإيران لتسارع بشراء الأسلحة من الغرب والتعاقد مع الجيوش الغربية لإقامة قواعد عسكرية في جزيرة العرب، وهذا إحتلال مدفوع التكاليف!
ثالثاً: استنزاف ميزانية هذه الدول بتوجيهها لحرب المجاهدين والإخوان والربيع العربي، مع السماح لبعضها بمساعدة الجانب الآخر حتى يتحقق الاستنزاف الكامل.
أما سياسياً فقد استفاد الغرب بضرب هذه الدول بعضها ببعض وخلق مشاكل بينها وزعزعة استقرارها، فالحكومات التي وقفت ضد الربيع العربي أصبحت ممقوتة من قبل شعوبها، وأصبحت بعض الحكومات في مواجهة التمدد الإسلامي الجهادي والسياسي، ولعل أوضح صورة لهذه المؤامرة ما حدث في حرب مالي حينما ذهب الرئيس الفرنسي إلى دولة الإمارات لتتكفل الأخيرة بتكاليف الحرب، فكان الإعلان عن هذا الدعم من الرئيس الفرنسي نفسه لا من الحكومة الإماراتية التي التزمت الصمت، وهذا يُظهر حقيقة المخطط الغربي للإيقاع بالدول العربية في مستنقع المواجهة مع الشعوب المسلمة عامة ومع المجاهدين خاصة، حيث لم تكن هناك أية حاجة لهذا الإعلان غير الإيقاع بحكومة هذه الدولة في هذا المستنقع، خاصة وأن الإمارات استجلبت الكثير من الاستثمارات إليها لموقعها ولاستقرارها السياسي والأمني ولبنيتها التحتية، في الوقت الذي تتدهور الدول الأوروبية اقتصادياً، فإذا حدثت مشاكل أمنية في الإمارت فإن رؤوس الأموال ستبحث عن أماكن أكثر استقراراً، مثل أوروبا، وهذا ما أراده الرئيس الفرنسي، فعدم استقرار الدول الخليجية الغنية أمنياً – وخاصة الإمارات - مطلب أوروبي كبير في هذه المرحلة.
لا أدعي انني اطلعت على أوراق سرية لهذه المؤامرة الكبرى، ولكن الواقع يحتم علينا قراءته، وقد بدت أمور وتكش�'فت أخرى ولم يبق إلا ربطها ببعضها لتتضح الصورة، فالأمر لم يعد أمر دول الخليج أو مصر أو سوريا، الأمر أمر الأمة الإسلامية كلها، فلا بد لأهل العلم السياسي والديني أن ينظروا إلى الصورة الأكبر وينبهوا الشعوب ويعملوا على كشف هذه المخططات الشيطانية.
لا يحسب الإيرانيون أن الغرب سيفون بوعودهم لها، فقد وعدوا – كما ذكرنا آنفا – الشريف حسين بملك العرب ثم ضربوه على قفاه واقتسموا الدول العربية بينهم، فمهما بلغت عمالة إيران واستماتتها في إرضاء الغرب فإن الغرب لا يمكن أن يسمحوا لقوة – ولو كانت تتمسح بالإسلام – أن تظهر على الساحة في هذه المنطقة الحيوية، فإيران تحفر قبرها بيدها وقد أعماها حقدها الكبير على أهل السنة عن رؤية الحقيقة، ولو أنها رجعت بالذاكرة إلى الوراء قليلاً حين كانت أمريكا تدعم صدام وإيران في نفس الوقت في الحرب الخليجية الأولى لعلمت حقيقة أمريكا وسياستها في المنطقة.
أمريكا تستخدم الحكومات لتحقيق أغراضها ثم لا تلبث أن تتخلص منها وتلفضها كما فعلت مع صدام، ولا نشك أنها ستفعل هذا مع حكومات الخليج وغيرها ما لم تتدارك هذه الحكومات أمرها وتصالح شعوبها وتنهض ببلادها وتتوقف عن تمويل مشاريع أمريكا في المنطقة، ومن كان يظن أن أمريكا ستفي بوعودها فهو بعيد كل البعد عن المنطق والعقل.
قد تسلم أمريكا إيرانَ بعض هذه الدول، ولكن في الوقت نفسه لن تسمح لإيران قوية، فقد تدمر أمريكا إيران بعد استنفاذ مبرر وجودها فتقسمها إلى دويلات عرقية، خاصة وأن العرق الفارسي في إيران لا يتجاوز ال(25%)، وقد يصحَب هذا المخطط الكثير من الحروب العرقية والمذهبية المدمرة، فما يحدث الآن هو تمهيد للإجهاز على الأمة الإسلامية، وهذا – وللأسف – يجري عن طريق أموال الأمة ذاتها وعن طريق أفرادها وبعض العملاء فيها.
هنا أمر غاية في الأهمية: قد لا يعني الكثير من الحكومات دمار الأمة الإسلامية، فالأسر الحاكمة والمتنفذون فيها يلمكون مئات المليارات، وهؤلاء سيتركون الشعوب في مواجهة الدمار بينما يخرجون هم وعائلاتهم إلى أوروبا وأمريكا يتنعمون بالأموال التي نهبوها من مقدرات الأمة، وقد يتفق بعضهم مع الغرب على تدمير بعض الدول في سبيل الإبقاء على هذه الأموال، فكثير من هذه الحكومات لا يعول عليها في مواجهة المخططات الغربية، وتبقى الشعوب في الواجهة، ومن هنا كان الربيع العربي غاية في الأهمية، وكان لا بد من السير قدماً في هذا الربيع وعدم توقف عجلته مهما كلف الأمر.
نحن الآن على مفترق طرق في مصر وسوريا، وينبغي على الأمة كلها مد يد العون لهما، فهزيمة المسلمين في سوريا ومصر هي هزيمة للأمة الإسلامية كلها، وبقاء مصر وجيشها هو تأخير لهذا المخطط الشيطاني، وبقاء الشعب السوري وإسلامية سوريا لا يمكن التفريط فيه لكون سوريا ظهر مصر وحلقة وصل لهلال الشيعة لا بد من قطعه، ولا يمكن استرجاع العراق واتحاد مصر الإسلامية مع تركيا دون سوريا، ولهذا نجد استماتة الرافضة والدول الغربية وأمريكا - ومن يمول حربها على الأمة من الدول العربية - في قتل روح الثورة السورية، فلتكن عيون الأمة الإسلامية كلها في هذا الوقت على سوريا ومصر.
هنا أمر لا بد أن يفهمه الجميع: إن الإنقلاب الذي حدث في مصر ليس لاسترجاع حكم مبارك، ولكن لخلق واقع أسوأ بكثير من حكم مبارك، فتغيير عقيدة الجيش المصري وتوريطه في حرب أهلية تمهيداً لتدميره مطلب غربي يهودي رئيس، وتغييب الوعي الديني وضرب المؤسسات الدينية في مصر ونشر التشيع فيها من أساسيات المرحلة، والمهندس الفعلي لهذا المخطط ليس السيسي أو الببلاوي كما يظن البعض، بل هو "محمد البرادعي" الذي خطط لتدمير العراق ولتدمير القوة النووية في باكستان، فهذا الرجل الماسوني (زوج الرافضية) هو الخطر الأكبر على مصر، والسيسي والببلاوي أدوات استخدمها يوشك أن يتخلص منها، فهو المنفذ الفعلي للمخطط اليهودي الغربي الإيراني، وتسليط الأضواء على السيسي وغيره وإهمال البرادعي خطأ كبير وسذاجة غريبة.
لا يعني هذا أن المخطط الغربي الرافضي اليهودي لا بد واقع، وأن الأمر منتهٍ، فنحن كمسلمين نوقن بأن الأمر كله بيد الله، وقد أمرنا الله أن نحذر من كيد الأعداء ومن مكرهم الكبير الذي تزول منه الجبال، وقضية إنكار ما يسمى "نظرية المؤامرة" أمر غاية في الخطورة، فالقرآن أقر حقيقة المؤامرة، فهي ليست نظرية، بل واقع نعيشه، فلا بد من معرفة المؤامرة وحجمها ثم العمل على فضحها وإبطالها، وبدون اليقضة والعمل نقع في سنن الله الكونية التي تجرنا إلى سنوات طويلة من الذلة والصغار، ونحن نعلم أن الله تعالى أبقى بني إسرائيل في التيه أربعين سنة لأنهم لم يتقدموا للقتال الفعلي مع وعد الله لهم بالنصر! فهل نكون كبني إسرائيل ونتيه في واقعنا أربعين سنة أخرى، أم نتوكل على الله ونتقدم بعزيمة وإصرار في مواجهة التحديات لنستحق النصر الموعود! هذا ما يجب أن تقرره الشعوب اليوم.
ومما يجعلنا على يقين أن تحقق مخطط الأعداء ليس أمراً يقينياً: ما حدث في أفغانستان والعراق والصومال، فهذه الدول الكثيرة المجتمعة على حرب المسلمين في هذه البقاع لم تستطع هزيمة ثلة قليلة من المجاهدين، بل هذه أمريكا تبحث لها عن مخرج من أفغانستان والعراق بعد أكثر من عقد من الزمان، واليهود لم يستطيعوا إركاع غزة رغم الكيد والمكر العظيم والخيانات الكثيرة، ورغم الحرب الشرسة وتكالب الأمم على الشعب السوري إلا أنه ما زال صامداً صموداً أسطورياً، وها هو الإسلام يعلو في كل بقعة رغم الحرب الضروس على الدين من قبل الشرق والغرب والعرب والعجم، فكل هذا يزيدنا يقيناً أن الله هو الذي يدبر الأمر وأن الأمر كله بيده.
لعل مستقبل الأمة القريب متوقف على ثبات المرابطين في ميادين مصر، فسقوط مصر ونجاح الانقلاب معناه دمار الجيش المصري، ومعناه حصار سوريا وسقوطها في يد الشيعة والنصيرية، وسقوط سوريا معناه انتهاء ثورة الشعوب العربية والربيع العربي، وهذا يعني انتقال الغرب وإيران إلى المرحلة الثانية من الخطة وهي احتلال الدول العربية مباشرة، فلله در�'ك يا شعب مصر، كم مرة أنقذت الأمة من سقوط ودمار. يا من حررتم فلسطين في حطين، ودحرتم التتار وأنقذتم العالم بهزيمتهم في عين جالوت، ترى هل تكون لكم جولة في معركة قريبة لنصر تاريخي آخر!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.