رصاصاتٌ تُهدد حياة ضابط شرطة في تعز.. نداءٌ لإنقاذ المدينة من براثن الفوضى    كشفت عن عدة اسلحة خطيرة.. الحكومة تعلق على تقارير دعم الحوثيين للقاعدة    ليفربول يعود إلى سكة الانتصارات ويهزم توتنهام    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ورشة في عدن بعنوان "مكافحة غسل الأموال واجب قانوني ومسئولية وطنية"    أين تذهب أموال إيجارات جامعة عدن التي تدفعها إلى الحزب الاشتراكي اليمني    صحيفة بريطانية تفجر مفاجأة.. الحوثيون دعموا تنظيم القاعدة بطائرات مسيرة    مليشيا الحوثي تستهدف مواقع الجيش غربي تعز    الرئيس الزُبيدي ينعي المناضل محسن أبوبكر بن فريد    السلطة المحلية بمارب توجه بتحسين الأوضاع العامة بالمحافظة    بيان حوثي بشأن إغلاق مكتب قناة الجزيرة    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    الوكيل الحسني يطلع على سير اعمال مشروع إعادة تاهيل الشارع العام مدخل مدينة الضالع    افتتاح دورة مدربي الجودو بعدن تحت إشراف الخبير الدولي ياسين الايوبي    خصوم المشروع الجنوبي !!!    الحبيب الجفري ناعيا الشيخ بن فريد.. أكثر شيوخ القبائل والساسة نزاهة في بلادنا    لماذا اختفت مأرب تحت سحابة غبار؟ حكاية موجة غبارية قاسية تُهدد حياة السكان    مجلس القضاء الأعلى يقر إنشاء نيابتين نوعيتين في محافظتي تعز وحضرموت مميز    قيادي حوثي يعاود السطو على أراضي مواطنين بالقوة في محافظة إب    سر خسارة برشلونة لكل شيء.. 270 دقيقة تفسر الموسم الصفري    بعد رحلة شاقة امتدت لأكثر من 11 ساعة..مركز الملك سلمان للإغاثة يتمكن من توزيع مساعدات إيوائية طارئة للمتضررين من السيول في مديرية المسيلة بمحافظة المهرة    الإصلاح بحضرموت يستقبل العزاء في وفاة أمين مكتبه بوادي حضرموت    تنفيذي الإصلاح بالمهرة يعقد اجتماعه الدوري ويطالب مؤسسات الدولة للقيام بدورها    بخط النبي محمد وبصمة يده .. وثيقة تثير ضجة بعد العثور عليها في كنيسة سيناء (صور)    تقرير يكشف عن توقيع اتفاقية بين شركة تقنية إسرائيلية والحكومة اليمنية    أمريكا تغدر بالامارات بعدم الرد أو الشجب على هجمات الحوثي    عندما يبكي الكبير!    غدُ العرب في موتِ أمسهم: الاحتفاء بميلاد العواصم (أربيل/ عدن/ رام الله)    ماذا يحدث داخل حرم جامعة صنعاء .. قرار صادم لرئيس الجامعة يثير سخط واسع !    الحكومة تجدد دعمها لجهود ومساعي تحقيق السلام المبني على المرجعيات    حادث تصادم بين سيارة ودراجة نارية على متنها 4 أشخاص والكشف عن مصيرهم    اشتباكات بين مليشيا الحوثي خلال نبش مقبرة أثرية بحثًا عن الكنوز وسط اليمن    نجوم كرة القدم والإعلام في مباراة تضامنية غداً بالكويت    أطفال يتسببون في حريق مساكن نازحين في شبوة بعد أيام من حادثة مماثلة بمارب    أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني في صنعاء وعدن    كارثة وشيكة في اليمن وحرمان الحكومة من نصف عائداتها.. صندوق النقد الدولي يدق ناقوس الخطر    ماذا يحدث في صفوف المليشيات؟؟ مصرع 200 حوثي أغلبهم ضباط    ثعلب يمني ذكي خدع الإمام الشافعي وكبار العلماء بطريقة ماكرة    قطوف مدهشة من روائع البلاغة القرآنية وجمال اللغة العربية    الحرب القادمة في اليمن: الصين ستدعم الحوثيين لإستنزاف واشنطن    المشرف العام خراز : النجاحات المتواصلة التي تتحقق ليست إلا ثمرة عطاء طبيعية لهذا الدعم والتوجيهات السديدة .    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    أرسنال يفوز من جديد.. الكرة في ملعب مان سيتي    مارب.. تكريم 51 حافظاً مجازاً بالسند المتصل    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يفوز على مايوركا ويقلص الفارق مع برشلونة    مقرب من الحوثيين : الأحداث في اليمن تمهيد لمواقف أكبر واكثر تأثيرا    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    صندوق النقد الدولي يحذر من تفاقم الوضع الهش في اليمن بفعل التوترات الإقليمية مميز    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الربيع العربي.. الثروة لقتل الثورة
نشر في الأهالي نت يوم 28 - 08 - 2013

فجر عربي بزغ من تونس 17 ديسمبر 2010 وفي 14/1/2011 وكان مفاجئا مثيرا للدهشة بن علي هرب ضاقت به الأرض، واتسعت له مملكة آل سعود.
امتد الفجر إلى مصر كبرى البلاد العربية في 25 يناير ليعلن مغادرة مبارك للسلطة في 11 فبراير، امتدت الثورة إلى اليمن لتكن ثورة11 فبراير، وفي 17 فبراير 2011 تندلع في ليبيا، وفي 15 مارس 2011 تندلع في سوريا، ليكون فجرا مكلفا في ليبيا، وفي اليمن فيه قدر من الضباب، وفي سوريا همجية ووحشية وقتل ودمار بغير حساب ولا يزال.
انطلق المارد، نجح في تونس، وفي مصر نصف نجاح، وفي اليمن تداخلت عوامل محلية وإقليمية ودولية لتكون تسوية حالت دون تغيير جذري، وجاءت الثورة السورية ليقال يجب أن تقف هنا وتواطأ العالم أجمع على الشعب السوري، ونجح التواطؤ في إيقاف المد الثوري العربي الذي كان مرشحا في الجزائر والسودان.
من حق الشعوب في هذه المنطقة أن تتجرد من الاستبداد والفساد، ولا يتم لها ذلك إلا بامتلاك إرادتها العامة في اختيار الأشخاص الذين تفوض إليهم السلطة وفق شروط ومراقبتهم ومحاسبتهم.
المنطقة العربية التي تمثل موقعا جغرافيا فريدا وتمتلك عناصر قوة هائلة مؤهلة لأن تكون أقوى قوة في الأرض، تحررها ببساطة يؤدي بالضرورة إلى نهوض وتضامن واتحاد وقوة.
الثورات العربية كانت إيذانا بتحول تاريخي وتغيير جذري قادم، وقيام مشروع عربي نهضوي، يضعف سطوة القوى المهيمنة والمتصارعة على المنطقة التي تجعلها تدفع أثمانا باهظة من المشروع الصهيوأمريكي إلى المشروع الفارسي الشيعي.
تدرك القوى الخارجية ذلك وسعت منذ أيام الدولة العثمانية إلى الهيمنة على المنطقة واستغلالها، وكانت خارطة سايكس بيكو ووعد بلفور الأولى لتقسيم المنطقة والأخرى لاغتصاب فلسطين، وأدركت قوى الاحتلال الأنجلوفرنسي أنهم لن يستطيعوا البقاء إلى الأبد فكان لا بد من صنع أنظمة تؤدي الغرض، وقد كان، لقد صنعت أنظمة نجحت في تكريس الخارطة على الأرض وإقامة الحدود وتقطيع العلاقات العربية العربية وتوفير الأمن للكيان الصهيوني.
ورثت الولايات المتحدة الاحتلال القديم، وأصبحت أهدافها واضحة محددة، الحفاظ على المركز الأول، الحيلولة دون ظهور قوى منافسة، المنطقة حيوية "حياة أو موت" منابع الطاقة، الطاقة هي الموجه الرئيس لسياستها في المنطقة كما يقول الجنرال طوني زيتي، وأمن "إسرائيل" وعلى ذلك فإن المنطقة يجب أن تظل تحت الاستبداد والفساد. إن المنطقة لديها كل المقومات لأن تكون القوة الأعظم في العالم، والتحكم في مصادر الطاقة والممرات المائية للتحكم في كل القوى بما فيها الاتحاد الأوروبي والصين وروسيا.
إن وجود إسرائيل واستمرارها مرهون ببقاء المنطقة تحت أنظمة الاستبداد والفساد وأقلية كانزة وأغلبية فقيرة، ومنذ نشأت الأنظمة في المنطقة مكنت لإسرائيل في المرحلة الأولى قيام الدولة، وفي 67م انتقلت الحالة عربيا من شعارات إزالة إسرائيل إلى إزالة آثار العدوان والانسحاب من أراضي 1967م، وإيران لا ترى من مصلحتها نجاح الثورة العربية فالتقت مع الغرب والصهاينة في سوريا.
30 يونيو.. ثورة إسرائيلية بتمويل خليجي
لم يكن احتضان مملكة آل سعود لبن علي مصادفة، بل عبر عن مدى الكراهية لتحرر الشعوب من الطغاة واستعداد لشن حرب عليها.
المستفيد الأول من سياسة المملكة تجاه التغيير في المنطقة هي الدولة الصهيونية التي وجدت في الثورة العربية بداية النهاية لوجودها، وهذا الحديث ليس من قبيل التحليل بل كتبت الصحف العبرية ذلك عام 96م، إن صعود الإسلاميين الأتراك إلى السلطة بداية النهاية لإسرائيل فكيف بمصر؟.
وتحدث نتيناهو عقب سقوط بن علي قائلا: إن ما حدث في تونس يؤكد أننا في منطقة غير مستقرة، نعم لقد استقرت لهم مع أنظمة صنعوها لكن الثورات ستأتي بنظم تعبر عن إرادات الشعوب، إرادة أمة، ومن ثم ستؤدي بالضرورة إلى النهوض والتضامن والاتحاد. إن تلك القوى هي المستفيدة من إسقاط الثورات العربية.. فما الذي تستفيده الإمارات والسعودية حتى تدفع الحكومتان أموالا طائلة؟. إن الحكومتين لا تدركان مدى تحديهما للأمة ومصالحها العامة، لقد انحازا إلى صف القوى المعادية للأمة من موقعها وثرواتها، لقد شنت كل منهما حربا سافرة ووضعت ثقلها المالي والإعلامي والدعائي والسياسي "المهين" في خدمة أعداء الأمة التي لن تنسى لهما هذه المواقف، وغدا سيعلمان عاقبته.
القوى السياسية المصرية
لا ريب أن القوى السياسية المصرية تتحمل المسئولية الأولى في ضياع ثورة شعب، وإعادة البلد إلى ما هو أسوأ من قبل ثورة يناير.
إن الثورة في العادة لا بد أن يتوفر لها حاضن سياسي لديه رؤية ولديه برنامج، لكن القوى السياسية لم يكن لديها رؤية ولا برنامج، فكان المجلس العسكري، أي أن النظام هو نفسه المدبر للمرحلة الانتقالية وكانت غايته الإبقاء على النظام -التي جاءت الثورة لإزالته- وإحداث تغيير أشبه بالطلاء. وليكن حاضنا لثورة مضادة.
لقد كان من المفترض في القوى السياسية وفي مقدمتها الإخوان أن يقرأوا الحالة قراءة علمية مجردة وأن لا تغيب عن أذهانهم المعطيات الصارخة التي تقول: إن القوى التي صنعت الأنظمة في المنطقة ومكنت خارطة سايكس بيكو ووعد بلفور لن تقف مكتوفة الأيدي وسيكون لها سياسات معلنة وغير معلنة، وأن المسألة في جوهرها صراع وجود، وأن النظام لا يدين بالولاء للدولة المصرية، بل لمصالح خاصة، ومصالح قوى خارجية.
إن هذه المعطيات الواضحة كانت تتطلب: الارتفاع إلى مستوى التحدي، ومن ثم الحرص على الشرعية الثورية التي تمكن من كنس النظام، وبناء نظام جديد.
الأمية السياسية لدى قوى الثورة المصرية مع انتهازية لدى البعض مكنت المجلس العسكري من المحافظة على النظام وإحداث شروخ بين قوى الثورة، ومحاولة عزل الإخوان عن القوى الأخرى.
لقد كان من المفترض:
- تشكيل قيادة سياسية للثورة.
- إصدار إعلان دستوري مؤقت يعلق العمل بالدستور ويحدد اختصاص السلطات لفترة انتقالية.
- التوافق على رئيس مؤقت وحكومة مؤقتة. - السير في إعداد الدستور.
- إيقاف الجهات العاملة ضد الثورة مثل المحكمة الدستورية والنائب العام وقيادات في الداخلية والمخابرات.
لم يحدث من ذلك شيء، لقد سلمت البلاد للمجلس العسكري.
حقائق وأكاذيب
الجيش ليس له حق في الشأن السياسي، يكذب المدعون ويفترون حين يزعمون أن الجيش يحمي النظام ويتدخل للفصل في اختلاف السياسيين.
لقد كان حديث وزير الخارجية الأمريكي أكبر مهرج غشاش حين زعم أن الجيش استرد الديمقراطية، إنه يضحك علينا كالأطفال. إن الدول تعد جيوشا لمهمة واحدة، حماية البلد من العدوان الخارجي، فهي تعد وينفق عليها لردع وصد العدوان الخارجي ومن ثم فإنها لا تتدخل في الخلاف بين السياسيين إطلاقا، تدخلها إفسادا لها وإفساد للسياسة، وإضرار بالبلد وإغراء العدو بها.
وقوات الأمن هي للمحافظة على الأمن والسلم الداخليين والمخابرات لمكافحة التجسس الخارجي، ولا يحق لها الانحياز إلى طرف سياسي، فهي تقوم بمهامها دون النظر للخلاف بين السياسيين.
إن الخلاف بين السياسيين يظل طابعه مدنيا سلميا، الذين في السلطة والذين في المعارضة، لأن أي منهما لا يمتلك جيشا ولا أمنا، ولا مخابرات فكلها مؤسسات دولة التي هي المظلة للجميع، انحياز تلك الأجهزة لطرف/ أطراف ظلام قاتم، وعدوان على شعب بأسره وخيانة عظمى للأمانة.
وزير وبزة عسكرية
من الأخطاء القاتلة في معظم هذه الدويلات أن يكون وزير الدفاع عسكري، إن السياسيين لا يدركون أن موقع الوزير سياسي مدني وليس عسكريا، كيف يكون عسكريا قائدا للجيش وفي موقع سياسي، إنه هنا فوق رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.
إن الدول الغربية من أسباب استقرار أنظمتها هو الوضوح لحدود المهام ووظائف المؤسسات ومنها المؤسسة العسكرية التي يشترط فيها عدم الاقتراب من السياسة، إنها خاضعة للقانون وتعمل وفقا له.
وزير الدفاع سياسي مدني وإذا كان له ماض عسكري فيجب أن يكون متقاعدا ومرت عليه سنوات بحيث تكون صلته بالقوات المسلحة قد انقطعت تماما، وأصبح يمارس السياسة، فيكون عمله هو عبارة عن وسيط بين القائد السياسي الأعلى وبين القوات المسلحة، وعمل الوزير إداري، يقدم خدمات للجيش ويكون مطلع على شئونه، وقرارات الترقيات داخل الجيش تتم بواسطة هيئة الأركان ويصادق عليها الرئيس، ثم قيادات المناطق العسكرية فتتم بتعيين من الرئيس وفقا لشروط ومعايير وليس مزاج الرئيس، وإذا خاض القائد العسكري في السياسة فإنه يعد مستقيلا تلقائيا، وتلك هي الضمانات التي تحول دون الانقلابات العسكرية.
لا يستطيع قائد الأركان أن يعلن تحريك الجيش في شأن داخلي إلا بأمر من القيادة السياسية، ولو فعل فإن وحدات الجيش لن تسمح له بل ستكون أول من يلقي القبض عليه.
في مصر تم تعيين السيسي جريا على تقاليد الأنظمة السابقة قائد عسكري، عين وزيرا وببزته العسكرية، ومن الطبيعي أن جمعه بين الموقع السياسي والعسكري يجعل له اليد العليا على الرئيس والحكومة. نرجو من جميع الأحزاب والقوى السياسية أن تدرك ذلك.
العالم.. أثناء الثورة
عقب الثورة التونسية واندلاع الثورة المصرية كتبت الصحافة العالمية بأن العرب بدأوا عمليا في صناعة صورة مشرفة عنهم للعالم، وكتبت صحيفة الأندبندنت: إرفع رأسك أنت عربي، فالثورة كانت فعلا لصنع العزة والكرامة، الثورة المضادة صنعت أبشع صورة، إنها أسوأ للصورة قبل الثورة.
السيسي العسكري ببزته العسكرية يقود السياسي والقاضي والشيخ وينقلب، ثم يوجه قوات الجيش لإطلاق النار على الشعب الأعزل في ميزان الفطرة البشرية هو خارجها، وفي ميزان قيم المروءة والشهامة فاقد لهما وسلوكه وضيع، وكذلك كل من يؤيده، هو متمرد خارج على القانون، وفي ميزان الدولة والولاء العام لها ولمصالحها هو خائن خيانة عظمى، وفي ميزان الجيش المهني المحترف هو عدو يجعل الجيش عصابات للقتل.
إن الأكاذيب ليس لها حدود، إنها سلطة الأكاذيب وافتضحت على مستوى العالم فوزير الخارجية يكذب على منظمة العفو الدولية وعبر راديو BBC عربي وتكذب المنظمة فورا، لقد نسب إليها القول بوجود أسلحة ثقيلة في رابعة، ولأنهم سلطة أكاذيب فإنهم ظلوا يرددون مقولات السلاح حتى بعد ارتكابهم تلك المجازر التي لا يطيقها أسيادهم.
استعادة الكرامة
إن الشعب في جمهورية مصر العربية معني بمقاومة الطغيان والوقوف صفا واحدا لاسترداد كرامته، إنها ثورة كرامة منذ البداية، إنه إما يكون أو لا يكون، إن باستطاعته بتضامنه سلميا أن يسقط جبروت العسكر، وإلا فإنه سيفقد كرامته وكرامة أجيال قادمة.
حين أجرى المخلوع مبارك تعديل للدستور وأجرى استفتاء عليه عام 2006م تقريبا كانت المشاركة ضئيلة جدا، ربما 3% وفي تقرير عن ذلك توقف ميكروفون الجزيرة ليسأل بعض المواطنين البسطاء، فكانت إجابة أحدهم في الأربعين من عمره- تقريبا- قائلا: احنا إيه؟ إحنا ولا حاجة، وعيناه مغرورقتان بالدموع، نعم شعور مأساوي لكن يعبر عن وعي.
المسخ المضاعف.. الشيخ والمفتي
ربما يدرك المسلمون لماذا لم يشرع في الإسلام الأحبار والرهبان، ولا الشيخ ولا المفتي، ولا الآية ولا الحجة، ولا المرجع، لم يشرع ذلك لأن الله تعالى أراد تجريد الناس من أي صفة دينية خاصة، لأن الله تعالى يعلم أن الحبر والراهب والآية والحجة والشيخ والمفتي هم بشر وسيطوعون الدين لأهوائهم فيجعلونه تعاسة على الناس، ويحولونه من رحمة للعالمين لمن آمن ومن لم يؤمن إلى عذاب فيضرون به وبالناس معا.
وندرك ماذا يعني أن كثير من الأحبار والرهبان{ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم}.
وحين ترى مواقف شيخ الأزهر والمفتي السابق والحالي وبعض المشائخ لا تصدق فتعود وتقول سبحان الله لقد شرع وقاية من هذا، إنهم يخاطبون الجنود بأن يقتلوا الخوارج، هكذا ببساطة، إنهم آثام وجرائم يشاركون في الإثم وأكل السحت ويضفون عليهم مشروعية يلصقونها بالإسلام زورا.
لذلك ضرب الله الأمثال بالذين يخونون الأمانة العلمية بالكلب الذي يلهث والحمار يحمل أسفارا.
المستقبل..
نستطيع أن نقول إن الأطراف المعادية للتحرر في البلاد العربية كانت ماهرة في إدارة الأزمة واستطاعت توظيف الثورة ضد الثورة نفسها، ونقلها من حالة الإمكانية عام 2011 إلى الاستحالة بعد 2013 وإذا أردت نقل حالة إلى ضدها فيكفي أن تجاهر بمساندتها، ثم اعمل على إسقاطها، فإذا سقطت فإنه يغدو من الصعوبة بمكان تفجير ثورة أخرى، وسيمر وقت طويل قبل أن يقتنع جيل من الأجيال بضرورة الثورة، لأن الجيل الذي فجر الثورة ثم سقطت سيكون في حالة يأس من جدوى ثورة أخرى.
الوحدة المصرية السورية نموذجا: تقول المعطيات إن البلاد العربية كانت في حالة تحرر من الاحتلال الأنجلو فرنسي وكانت الشعوب تتطلع للوحدة، وكانت الوحدة العربية مسألة تكاد تكون مسلمة، وحين قامت الوحدة بين مصر وسوريا وسقطت أحالت الوحدة العربية من الإمكانية قبل قيامها إلى الاستحالة بعد سقوطها. نحن أمام عملية مدروسة خارجيا، كانت بحاجة إلى قيادة إجرامية، ممسوخة، تقوم بما يأنف عنه المخططون وقد كان.
إن البلاد العربية مثقلة بقيادات عسكرية وأمنية وسياسية فاقدة لمعاني الكرامة، والشرف والشهامة وساقطة في وحل الخسة والنذالة وبالطبع فإنها تحمل جبالا من الأحقاد والضغائن وتكره الشعب والوطن، أي لا توجد قيم لا وطنية ولا إنسانية ولا أخلاق مهنة، ولا ولاء لوطن فضلا عن قيم إسلامية.
كشفت وقائع الانقلاب عن ذلك السقوط الأخلاقي الفظيع إعلاميا، عسكريا، قضائيا، أمنيا، سياسيا، سقوط غير مسبوق.
إن السادية وهي مرض نفسي يجعل صاحبه يستمتع بالتعذيب والقتل وإطلاق النار على جموع من العزل. كشفت الأحداث ومن قبل سوريا أن السادية أشبه بالوباء تشمل مختلف الفئات، لاحظنا تلك الشماتة لدى صحفيين وكتاب من اليساري القومي والأممي إلى الحوثي وصولا إلى المخلوع وأسرته.
إن الذين كانوا يتوقعون أسوأ الاحتمالات فجعوا بطرق فض الاعتصامات وقتل الناس العزل. وفوق ذلك يشمتون ويفترون بكل استخفاف إنهم قتلوا أنفسهم.. هناك تعمد للقهر، حتى الذي هو غير جائز في التعامل مع العدو الفعلي.
انعكاسات..
يقدر المخططون أن إسقاط الثورة في مصر سيجعل إسقاطها في بلدان أخرى أيسر، وإن اختلفت الظروف، وإن تكن أكثر تعقيدا، لكن هناك محاولات لم تتوقف لإسقاط الثورة في تونس وفي ليبيا، هناك مشكلات أمنية وفوضى وتخريب.
إن الحالة الليبية تنطوي على أخطار واضحة للعيان، وقد يفاجأ الليبيون بقائد عسكري يقود انقلابا، ويفرض الأمن الذي فشل فيه السياسيون حتى الآن. هناك في ليبيا آخر الأخبار أن الإمارات تسعى لتشطير البلاد، وتدفع أموالا لقبائل في الشرق وحثهم على التمرد وإثارة الفوضى.
تونس..
إن الثورة المضادة في تونس تعتمد على التطرف العلماني والسلفي: الأول: ظاهرة صوتية فاشلة في الانتخابات وتريد الوصول إلى السلطة بأي وسيلة، وتستفز المشاعر بأساليب شتى، والأخرى: من الواضح أن النظام في الجزائر الذي تسيطر مخابراته على تنظيم القاعدة في المغرب العربي يحرك مجموعات القاعدة لإحداث هزات في تونس، واستهداف الجيش التونسي واغتيال بعض رموز اليسار المتطرف أحدثا حتى اللحظة انقساما في صفوف الائتلاف.
الثورة المضادة في تونس ربما لا تعتمد على الجيش، لأنه أثبت حتى الآن أنه الأفضل عربيا، لذلك فإنها تعتمد على:
1) الإعلام ببث الإشاعات وتأجيج المشاعر وإشاعة الكراهية ضد حركة النهضة والرئيس منصف المرزوقي وحزبه.
2) السياسة بقيادة الباجي قايد السبي الذي أعاد إخراج حزب بن علي في اسم جديد حزب "نداء".
الجهاز الأمني: والانقلاب الذي قاده بن علي عام 87م كان أمنيا فأجهزة المخابرات وقيادات أمنية ولاءها للنظام السابق يعتمد عليها في السطو على السلطة.
التجارة والتمويل: ولدى الثورة المضادة ممولين دائمين آل سعود والإمارات، ونهابين ومخططين خارجين ربما فرنسيين وأمريكيين وإسرائيليين.
لقاء الغنوشي مع أمين عام الاتحاد العام للشغل في باريس ربما لقناعة فرنسا بصعوبة إلغاء القوى التي تشكل المشهد التونسي، هو لقاء بين اثنتين من أهم القوى الفاعلة في تونس، قوة سياسية ممثلة بالنهضة وقوة نقابية ومنظمة مدنية الاتحاد العام للشغل الذي كان فاعلا في الثورة، والاتفاق الذي تم بتشكيل حكومة كفاءات قد يقطع الطريق على الثورة المضادة.
اليمن..
في اليمن تمت تسوية بين الثورة ونظام المخلوع بموجبها تم نقل السلطة إلى رئيس جمهورية من المؤتمر، ورئيس حكومة من المشترك ومناصفة بين المشترك والمؤتمر.
أهم إنجاز: خروج علي صالح من الرئاسة، وإخلاء مواقع عسكرية وأمنية من أسرته. غير أن بقاء صالح على رأس المؤتمر يشكل خطرا حقيقيا على الثورة مع وجود رغبات لآل سعود وأمراء أبو ظبي ودبي وسعي حثيث لإسقاط الثورات، ومع وجود أحمد علي هناك وحيث غدت عاصمة للثورة المضادة فإن الثورة المضادة في اليمن يتم تشغيلها بوتيرة أعلى، ومن الواضح أنها تتخذ طابعا سياسيا وتلميحات مبطنة تهدد الرئيس مع عمليات لا تنقطع للإخلال بالأمن وصناعة القطاعات. الاتجاه لجعل النظام برلماني، فتح شهية المخلوع للمزيد من السيطرة على المؤتمر الشعبي، وقد رصدت مليارات من الدولارات مقدمة من الإمارات لفوز المؤتمر بالأغلبية في انتخابات مجلس النواب، إن ذلك يعني ببساطة أن علي صالح يشكل الحكومة بصلاحيات واسعة، مقابل رئيس جمهورية بلا سلطة، بل شرفية رمزية، وما أيسر من إعادة نظامه خاصة وأن قوى الثورة تفرقت، وبعض منها صار للمخلوع حليفا.
قطر..
إن دولة قطر ثابتة في الانتماء لأمتها وانحيازها لتطلعات الأمة، إنها تقف بإمكاناتها إلى جانب الثورات العربية، سياسيا وتمويلا.
الجزيرة..
ذكرت تقارير غربية إن شبكة الجزيرة واحدة من عشر قنوات فضائية تشكل الرأي العام على مستوى العالم. إن الجزيرة هي المشروع العربي الوحيد الذي يمكن وصفه بالاستراتيجي، إنها إخبارية وثائقية رياضية انجليزية عالمية، ثم ها هي تكسر الاحتكار الصهيوني للإعلام التلفزيوني الأمريكي..
لقد أحدثت تحولا تاريخيا في المنطقة، أول قناة عربية بلا زعيم، وها هي أوجدت تنافسا واسعا، إنها المتنفس لنقل الصورة كما هي.
تركيا..
تبقى الإشارة إلى الموقف التركي الذي لم يخف رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان صدمته من انقلاب السيسي ودمويته، وتظافر قوى مختلفة على العدوان.
ويدرك الأتراك أن القوى المعادية في الخارج ووكلائها المحليين والإقليميين يعملون على إبقاء المنطقة رهينة الاستبداد والفساد.. لقد تحدث أردوغان عن وثائق تثبت هوية الانقلاب وأن وراءه (إسرائيل).
خاتمة
إنها جولة من الصراع الحاد بين أمة تسعى للتحرر من الطغيان والفساد، وتتطلع للنهوض، وبين قوى دولية وتابعين إقليميين ومراكز قوى محلية تنظر إلى ذلك باعتباره خطرا يهدد وجودها ومصالحها غير المشروعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.