"أن تعقد صفقة مع الشيطان فكل اليقين أن الحياة تعد لك فخاً قميئاً".. عبده خال لا توجد مؤشرات على أن الأمور تسير بصورة جيدة. فالرئيس يبدو رجلا غامضا، يثير لديك مشاعر الريبة والإعجاب معا. تزداد الملهاة اليمنية عندما يتأكد كل يوم أن النخبة الحاكمة لا ترى في اليمن إلا صفقة دائمة، وهو أمر لا يبعث على الارتياح. بعد عامين من مرحلة انتقالية هشة، ماذا يمكن أن نلاحظ غير مجموعة من التفاصيل التي لا تثير التفاؤل: السلطة القائمة جزر متناثرة، والمعارضة غير واضحة المعالم، أما الحوثيون والحراك الجنوبي فلديهما فائض شعارات، وساعات طويلة من أغنيات النصر القادم. في اليمن لا أحد يفكر خارج منطق الصفقة. ومع أن هذا يكفي للشعور بالإحباط، إلا أننا قد نقبل هذا المنطق بشرط أن تكون الصفقة التي تلوح في الأفق هي الأخيرة، وأن تكون بنودها واضحة أيضا، وتحقق متطلبات بناء الدولة، لا يجب التهاون بشأن ذلك مطلقاً. لنتحدث بشكل أكثر وضوحاً، يُراد للتمديد أن يشكّل مدخلاً مناسباً لإبرام صفقة سياسية تشمل مختلف الأطراف، وكل ما تراه من ضجيج يدور حول هذا الموضوع هو لتحسين المواقع التفاوضية وحسب. ما هذه الانتخابات التي سوف تجري ولم يتم تحديد بعد شكل ونظام الدولة، ولم يتم انجاز الدستور، ولم يتم فعل شيء ذي قيمة في ما يتعلق بالانفلات الأمني الذي يتخذ في أحيان كثيرة شكل حروب أهلية صغيرة. يدرك الجميع أنه لا يمكن السير في أرض مجهولة، لا أحد يريد أن يقامر بحياته ومصالحه. في هذا الإطار، لن يكون بمقدور أحد الوقوف ضد التمديد للرئيس هادي، حتى ذلك الذي لا يكف عن التصريحات البائسة، ناسياً كيف مدد لنفسه ولرغباته السلطوية أكثر من ثلاثة وثلاثين عاما. يبدو لي أن السؤال الذي يجب أن يطرح في هذه اللحظات التاريخية، ليس ما إذا كان هناك تمديد أم لا؟ وإنما ما هي كلفة مثل هذا الخيار؟ إذا سُمح لك بالجلوس إلى جوار الرئيس، فإنك ستجد أمام الطاولة الرئاسية مجموعة من الفواتير التي يجب أن يسددها الرئيس لكل أولئك الذين سوف يؤيدونه في المعركة الرئاسية الباهتة غالباً، بما في ذلك الآتية من خارج الحدود. نريد أن نسأل ومن حقنا أن نعرف، ما هو سقف هذه الفواتير الداخلية والخارجية، وهل نحن قادرون على تحملها أم لا؟ وعلى أثر ذلك يمكننا أن نحدد مواقفنا بشكل أوضح، أما قبل ذلك، فالأمر يشبه صراخا متبادلا بين مشجعي فريقين متعبين قبل بدء مباراة في كرة القدم. *صحيفة الناس