إنَّ أخطر ما في نظرية المؤامرة ليس بديهيتها , وذكاء أصحابها في تحقيق أهدافهم عبرها فحسب , بل إنَّها تحجب عن ناقديها مواطن ضعفهم , وإخفاقاتهم , ومركب نقصهم ! فهُم , كلما أدمنوا الفشل داخليًا , وأخفقوا في مواجهة مخططات أعدائهم و(مؤامراتهم) خارجيًا , تجدهم يركنون إلى شجب (نظرية المؤامرة) , وإزاحة المسؤولية عن كواهلهم ! أظن أنَّ تفجير أنابيب النفط , وضرب أبراج الكهرباء ليست (مؤامرةً) صهيونيًة , بل يمانية التخطيط , والفعل , والأداة ! كما أن ظاهرة سقوط أو(إسقاط) الطائرات الحربية اليمنية , واغتيال الضباط والجنود , ليست (تأمرًا) أمريكيًا بالضرورة ! المعضلة أنَّ الخارجي يخطط , وقد( يتآمر) ولكنه جاد ؛ حيث يتبع التخطيط و(التأمر) الفعل والتنفيذ ! أما الفارون إلى التفسير التآمري من بني جلدتنا , فإنهم يشجبون , وينددون , ولا يواجهون مواقف الآخرين العدائية , بل إنهم يخفقون في إحباط (مؤامراتهم) وخططهم ! نعم إنَّ أعداء الأُمتين العربية والإسلامية كُثر , ولكن أخطاء حكامها , ونخبها , وحركاتها الاجتماعية , وأحزابها السياسية أكثر! وهنا تكمن المعضلة ! يا أنصار نظرية المؤامرة : التفتوا إلى مثالبكم , وفتشوا عن مركب نقصكم ؛ تدرءون مؤامرات غيركم , وتُفشِلون مخططاتهم ؛ إن كنتم جادين , وصادقين . واعلموا أنَّ هروبكم من تحمل مسؤولياتكم , ونكوصكم عن القيام بمهامكم بمثابة ( مؤامرة) كبرى! رحمة الله تغشاك يا دكتور/ عبد الوهاب المسيري , أيها المفكر المصري العربي الفذ ؛ ألست القائل :(إن نظرية المؤامرة بديهية ولا تحتاج إلى إثبات).