طبقًا لمقولةٍ فحواها: «الأقوياء يقنون القانون والضعفاء يطبقونه» تعمل أمانة الحوار على التضحية بالضعيف لإظهار حزم القانون وانضباطاته. وإذا اجتمعت النخبة تحت سماءٍ فندقية واحدة يتغاضون عن المخالفات الجمة التي يرتكبونها، ثم يستعرضون عضلات القانون للتضحية بالأضعف الذي ارتكب آخر مُخالفة. في 18 مارس 2013 كان العالم في انتظار الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الحوار الوطني الشامل في اليمن، هذا التاريخ ذكرى موجعة لليمنيين، فيه ارتكب نظام صالح أشنع مجزرة في تاريخ الثورة الشبابية "جمعة الكرامة". كان أحد الحاضرين في قاعة دار الرئاسة على غير أتراب الحاضرين، شكله ينصحه بأن يكون متجولًا في ردهة القصر. الرجل مرتديًا بدلة النظافة وفي يمينه عصا المكنسة يتوكأ عليها وله فيها مآرب أخرى، سحنته السمراء تُلزمه أن يكون ذلك؛ لكنه كان يشق الطريق لانتشال فئة المهشمين الذين يمثلهم. نعمان الحذيفي، ألقى خطابات في قاعة موفمبيك، تحدث عن أقرانه دون تسويف، مُلتزمًا بالوقت القانوني. عمل ضمن حركة جديدة أسميت "أخدام الله" ومضى في شغله. يحب الآخرون مناداته ب«الأستاذ»، ذوي البشرة السمراء، يكتفون في الغالب بذكر لقب الأستاذ بدلًا من اسمه، وهي مرتبة عالية تطلق على الشخوص، وسط أعينهم يرونه أكبر من الأستاذ "هيكل"، لكن الاثنان لا تلامذة لهما. بعد ارتيادٍ دائم، والتزام لا يشوبه غياب في جلسات الحوار أوقف نعمان الحذيفي لتتضح صورة التهميش أكثر، وتعلوا لغة استعلاء الواسطة والنفوذ على رابية القانون. قد تكون خطوة إيقافه قانونية لكنها لم تُنفذ على زملائه في ذات القاعة ارتكبوا ذات الفعل. توجيه الصفعات على الوجنات الملساء أو الخشنة، فعلٌ ذميم تدينه الأخلاق العامة، وما هو أذم من ذلك؛ الحكم على الصافعين بأحكام متفاوتة، منعدمة التساوي. صفعات عديدة وزعت على أعضاء الحوار، آلت جميعها إلى الاعتذار دون إحالة المتعاركين إلى لجنة الانضباط، القيادي في الحراك محمد علي أحمد، الشيخ ناصر الشريف، الدكتور عادل الشجاع، الناشطة ليزا الحسني، وآخرون، تلاسنوا جميعًا حد الاشتباك بالأيدي، لم نسمع بتوقيف أحد. الخميس الفائت أوقفت هيئة رئاسة مؤتمر الحوار عضو المؤتمر عن المهمشين نعمان الحذيفي، وأحالته إلى لجنة الانضباط والمعايير بطلب من الأمانة العامة التي أوقفت كذلك مدير أمن المؤتمر ياسين المصري وموظف الانضباط بكيل الفيل. وذكر موقع الحوار طبقًا لتوضيح صادر عن الأمانة العامة لمؤتمر الحوار إنه «أثناء تواصل أعمال الجلسة العامة الثالثة يوم الخميس قام نعمان الحذيفي النائب الثاني لفريق الحقوق والحريات بتنفيذ وقفة احتجاجية بدون إذن مسبق من رئاسة الجلسة أو تنسيق معها، وعندما حاول أحد موظفو الانضباط منعه جرت ملاسنة بينهما واستدعي على إثرها مدير إدارة الأمن ياسين المصري لتوضيح الملابسات لأعضاء المؤتمر، ولحظة وصول مدير الأمن باشره نعمان الحذيفي بالاعتداء وصفعه دون وجه حق ودون أن تكون له علاقة». ويضيف الموقع إنه جرى التدخل ومحاولة التهدئة والاتفاق على أن يقوم نعمان الحذيفي بالاعتذار لمدير الأمن لكن ملاسنة جديدة أدت إلى اعتداء مدير الأمن على الحذيفي. وأشار التوضيح إلى أن أمين عام مؤتمر الحوار الدكتور أحمد عوض بن مبارك طلب من رئاسة المؤتمر إحالة الحذيفي إلى لجنة الانضباط والمعايير لاعتدائه على أحد مدراء إدارات الأمانة العامة ودون وجه حق، كما وجه بتوقيف مدير أمن المؤتمر ياسين المصري وضابط الأمن بكيل الفيل حتى استكمال التحقيقات -يقول الموقع. الغريب في توضيح الأمانة العامة للحوار؛ التبرير غير اللازم عقب الاعتداءات، فهي تتحدث من أن الاعتداء كان ب"دون وجه حق"، وكأن الصفعات السابقة كانت على وجه حق لذا تم التغاضي عنها! وعلاوة على ذلك فإن نعمان الحذيفي لم يتم التضامن معه من قبل زملائه، الحذيفي ممثل المهمشين!