بينما كنت أرتب أوراقي، وجدت هذه الشهادة... وااااو إنها شهادة تقدير من إدارة المدرسة لحضرتي في الصف الثالث الثانوي علمي، لقد تفاجأت بوجودها فلا أتذكر شيئا يستحق التكريم في قاموس إداراتي النمطية.. لا تسيئوا فهمي، فلقد كنا في قمة الانضباط نأتي حتى قبل الحارس لحصص إضافية ونغادر بعد الجميع بعد نقل ما على السبورة، لم نتسلق الجدران ولم نكن نتغيب ولا نتبادل أي محرمات بل إننا كثيرا ما ننسى شكل الساحة لكثرة تواجدنا في الفصل.. الرياضيات لوحدها كانت بخمس مواد (هندسة تحليلية وفضائية وجبر وتفاضل وتكامل) ممنوع توضيح الفرق.. الحقيقة كنا في قمة التفاني، بس كانوا دوما يذكّرونا أنها آخر سنة ولازم نجتهد لنجعلها لا تنسى ونحن نفذنا ذلك بطريقتنا فأكثرنا من حفلات الوداع وحفلات الشاي والكيك.. كما كان يحلو لنا تمثيل عرس متكامل بالأزياء والزفة وحتى العريس الذي نتبادل الدور بتمثيله وأحلى لقطة عند وضع الشارب واللحية والجنبية وووو.. لقد كسرنا قاعدة أن العلمي أكثر هدوء من الأدبي في تلك السنة وضربنا الرقم القياسي في "المرمطة" والتهزئة ذو العيار الثقيل من طاقم الإدارة حتى أعلى الهرم. أنا شخصيا كنت ضالعة في كل المغامرات لكن مهمتي الأساسية كانت في الدعم اللوجستي يعني حين تسوء الأحوال اطلع أفاوض صناع القرار كوني من الأوائل ومرشحة لأوائل الجمهورية وعلى شان سواد عيوني ولساني اللاذع كانت شعبتي تنجو من العقوبات الدولية. لماذا قدموا لي الشهادة؟! لقد كنت أدرس بطريقتي لا بمعاييرهم.. عشقت الكيمياء وخاصة العضوية لأني فهمت منها لماذا نصدر النفط ونظل عالم متخلف.. وكان هيامي في الرياضيات لكثرة ما شرح أستاذي لنا أن حساب ال"جا" وال"جتا" يساعدان في ضبط هبوط الطائرات، وأن بوابة صناعة الحواسيب والفلك في البقية.. والمواريث جعلتني فخورة بدين عادل صارم لا يضيع الحقوق. وما أشد حماستي لمادة الأحياء حين كانت معلمتي تخبرنا أن علم الوراثة باب لتخفيض عدد الإعاقات في المواليد وذلك بالفحص الجيني قبل الزواج وفتحت لنا آفاق للتهجين الراشد.. وما أجمل النحو حين علّمني الإعراب، وأنّي لن أتورط بزيارتي لقطر عربي لو تحدثنا لغة واحدة مش لهجات وطلاسم.. الانجليزي لذيذ خاصة حين تكون معلمتي بآفاق الأدب الانجليزي والحضارة المتقدمة.. والفيزياء اااااح من الفيزياء إنها حبي الأول لكني كرهت الأستاذ فيها.. فعلتُ الأفاعيل ليهرب من المدرسة لكن بلا جدوى.. ظل على رأسي يشوه القوانين ويعجن المسائل.. لقد وعدني أستاذي حسين في ثاني ثانوي أنْ أفهم دمج الكيمياء بالفيزياء في كهربائيات هذا المنهج ثم جاء هذا ال...... ولم أجد ما حلمت به وضاعت فرصتي لفهم عبقرية يحيى عياش المهندس الفلسطيني الذي لا يمكن تفكيك قنبلة صنعها. هكذا كنت أدرس.. مش لأوائل الجمهورية بل لأعيش بكرامة ولقد عشت بين تعلمي ومعلمي وزميلاتي وحفلاتنا الجميلة ذات الشغب المؤدب.. ونسيت الشهادة.