هل علينا هلال رمضان إيذانا ببدء أيام الصوم حيث يلزم كل مسلم بذلك إلا فئات معينة من الناس هم في رخصة إلهية كريمة نظرا لظروفهم الخاصة، إنهم المرضى والمسافرون (في إطار الشروط الفقهية)... وفي المقابل هناك قسم آخر من الناس لهم خصوصية أشد تجعلهم ملزمين أيضا لكن ليس بالصوم بل بالإفطار، حيث ألزمهم الدين والطب بالإفطار في شهر رمضان نظرا لحالتهم الصحية المتدهورة والمضاعفات الخطيرة المحملة إن هم صاموا.. أولئك هم بعض المصابين باعتلالات وأمراض مزمنة.. الأمراض المزمنة الأكثر شيوعاً - بحسب الأطباء - هي أمراض الجهاز التنفسي مثل الربو والتهابات الشعب الهوائية المزمنة وضيق النفس، وأمراض الجهاز الهضمي مثل قرحة المعدة والاثني عشر والقولون العصبي والإمساك المزمن والتهاب الكبد الوبائي، كذلك أمراض الجهاز الدوري مثل القلب والدم، ثم أمراض الجهاز البولي والكلى مثل الفشل الكلوي وأمراض الجهاز البولي وأخيرا مرضى السكري. يتساءل العامة .. هل المصابون بأيٍّ مما ورد أعلاه قد أعفي من الصوم في رمضان بحكم الطب والدين؟ الإجابة فيما أورده المختصون للتفصيل عن الحالات السابقة أن أياً منهم ملزم بالإفطار في رمضان بناء على حالته الصحية التي لا تسمح له بالصوم مطلقا. فقد أكد استشاريون ومختصون أن غالبية مرضى الجهاز التنفسي يمكن للطبيب تعديل جرعات الدواء الخاصة بهم بما يتيح لهم الصوم إلا إذا تعرض المريض لنوبات ضيق تنفس وهو صائم فيجب عليه الإفطار فوراً حفاظاً على سلامته. مرضى الجهاز الهضمي وفيما يخص أمراض الجهاز الهضمي يؤكد استشاريو الأمراض الباطنية أن على المصاب بقرحة الاثني عشر عدم الصوم لما يشكله الجوع من ضرر كبير عليه.. حيث إن فراغ المعدة من الطعام يؤدي إلى زيادة تركيز الحامض المعدي ويمكن أن تصل الزيادة إلى درجة عالية قد تؤدي إلى تآكل جدار الاثني عشر، بعكس مريض قرحة المعدة الذي يجد راحة كبيرة في الصيام .. مع التنبيه إلى أن بالإمكان حالياً السيطرة على إفرازات الحامض المعدي أثناء الصيام مما يتيح الفرصة للصوم من دون متاعب تذكر بالنسبة لمرض القرحة، وذلك بالتنسيق مع الطبيب المعالج. في حين لا يسمح مطلقا للمصابين بمرض التهاب الكبد الوبائي بالصيام. مرضى القلب المرضى المصابون بهبوط ضغط الدم هم أيضا من الفئات المرضية التي يحتمل أن يتسبب لها الصيام بمخاطر كثيرة نظراً لاعتمادهم المستمر على الأدوية.. فضلاً على أن الصيام يحدث نوعا من التقليل في حجم الدم مما يسبب حملاً إضافياً على الجهاز الدوري. وفيما يرى بعض الأطباء أن هبوط ضغط الدم له بعض الفوائد عند بعض المرضى.. إلا أنهم ومن باب الاحتياط لا ينصحون بالصيام لتجنب الأضرار التي تنجم عن إهمال المريض أو عدم التزامه بجرعات ومواعيد الدواء. أمراض الكلى وفيما يخص أمراض الجهاز البولي والكلوي يرى الأطباء أن المصابين بالفشل الكلوي غير مسموح لهم بالصيام مطلقاً، وللعلم فإنه في كل الأحوال بالنسبة للجهاز البولي فإن الصيام يؤدي إلى حدوث نقص في سوائل الجسم وبالتالي زيادة تركيز الأملاح في سوائل الجسم ويصاحب ذلك ارتفاع شديد في تركيز البول ما يعني تسببه بتكون الحصوات أو الاملاح المركزة، وهذا يزيد من احتمالات المغص الكلوي إضافة إلى ما تسببه من خدوش للأغشية المخاطية المبطنة لجدار الجهاز البولي.. ولذا ينصح أولئك المرضى بتجنب الصيام. وفي حالة إصرار المريض على الصوم فيُنصح بتناول كميات كبيرة من السوائل قبل أذان الفجر مباشرة لضمان بقاء السوائل أطول فترة ممكنة. مرضى السكر أما ما يخص أمراض السكري فإن الأمر أشد وطأة، حيث إن غالبية الناس يعانون منها وعليه فإن الأمر يتطلب وضوحا أكثر وبياناً أكبر لعلاقة مرضى السكري بالصوم. يوضح الأطباء أن مريض السكري عند صيامه لساعات طويلة إذا لم يعط النصائح الجيدة يمكن أن يدخل في مضاعفات خطيرة جدا، منها ارتفاع نسبة السكر أو انخفاضها. السكتة الدماغية، الجلطة القلبية، هبوط القلب وغيرها .. ويحصر الأطباء مرضى السكري الملزمين بالإفطار في الآتي: مرضى السكري من النوع الأول المعتمدين على الأنسولين بصورة أساسية في حياتهم، خاصة إذا كانت جرعتهم أكثر من 40 وحدة. الثاني مرضى السكري من النوع الثاني المعتمدين على الأنسولين بجرعة 40 وحدة، يليه مرضى السكري غير المنتظم والذي قد تأتي آخر أيام شعبان ونسبة السكر فيه غير منتظمة، ثم مرضى السكري الذين اكتشفت إصابتهم قبل الصوم بأيام قليلة، فيكون نسبة السكر لديه مضطربة وغير ثابت، ودخول المريض في صيام يؤدي به إلى مشاكل ومضاعفات. مرضى السكري والسكتة الدماغية، فهؤلاء يكونون عرضة للإصابة بجلطة دماغية أخرى. مرضى السكري ولديهم مضاعفات كأن يكون لديهم نزيف في الشبكية أو مشكلة في الكلى أو هبوط في القلب.. فهؤلاء يجب ألا يصوموا.. وأخيرا مرضى السكري ولديهم التهابات لأنه يجب أن يخضعوا للمضادات الحيوية والأنسولين المركز والمتكرر وهم عرضة للهبوط وغيره. وهذا ما أكدته فقهيا فتاوى المجمع الفقهي الدولي حول من يسمح لهم بالصوم من مرضى السكري، والتي أكدت أنه يتعين شرعاً لهؤلاء الفطر في رمضان درءاً للضرر. وفيما عدا ذلك من مرضى السكري والذين صنفهم المجمع الفقهي الدولي في الفئة الثالثة والرابعة من المرضى ذوي الاحتمالات المتوسطة للتعرض للمضاعفات نتيجة الصيام، مثل مرضى السكري ذوي الحالات المستقرة والمسيطر عليها بالعلاجات التي تحفز خلايا البنكرياس المنتجة للأنسولين. والمرضى ذوي الاحتمالات المنخفضة للتعرض للمضاعفات نتيجة الصيام وهم مرضى السكري ذوو الحالات المستقرة والمسيطر عليها بمجرد الحمية أو بتناول العلاجات الخافضة للسكر، فهؤلاء لا يجوز لهم الإفطار، لأن المعطيات الطبية لا تشير إلى احتمال مضاعفات ضارة بصحتهم وحياتهم، بل إن الكثير منهم قد يستفيد من الصيام. فوائد الصوم الصحية وختاما وبعد كل ما ورد آنفا فإن الأطباء يؤكدون بما لا يدع مجالاً للشك فيه أن الصيام فرصة حقيقة لتجديد الشباب وزيادة حيوية وعمل خلايا الجسم، حيث يؤدي الصوم إلى إذابة الدهون من جدران الأوعية الدموية، وبالتالي زيادة تدفق الدم وزيادة نسبة الأكسجين والغذاء الواصل إلى الخلايا عبر هذا الدم، كما يعمل الصوم على انتهاء وتحلل الخلايا التالفة واستبدالها بخلايا جديدة ونشطة. ونظرا لأن بعض أمراض الحساسية تزيد بتناول أنواع معينة من الأطعمة، فإن الصيام يريح الجسم من هذه الأطعمة، وبالتالي يشعر مرضى الحساسية براحة كبيرة مع الصيام.. و يساعد الصوم أيضا على علاج حب الشباب والبشرة الدهنية والدمامل والبثور والتهاب الثنايا، ويخفف من أعراض وعلامات فشل القلب، وكذلك السمنة أو زيادة الوزن، كما أنه يعالج كثيرا من مشكلات الجهاز الهضمي مثل زيادة الحموضة والقولون العصبي، وعسر الهضم، وانتفاخات البطن، وكل ذلك على سبيل التمثيل لا الحصر.. صحيفة الجمهورية