سئمت مجاملة الفتيات السياسيات والحداثة العربية المكذوبة، منذ فترة مثلاً اعتقدت بأن لدينا حالة حداثية حقيقية متمثلة بتيار عريض من جميع الأحزاب، كان أحد المفكرين السياسيين ينفي وجود الحداثة في الوطن العربي، ذلك أن الحداثي أو المثقف متداخل المواقف، من الصعب جداً فرزه وتصنيفه، مرة يقبل البيادة ومرة يرفضها، مرة ينادي بالديمقراطية وحقوق الإنسان وأحيانا يتخذها مطية لتبرير الجرائم واغتصاب السلطة. في اليمن البلد المنهك تماماً بفعل الكثيرين يختار كل منا خصمه بطريقة غريبة، يترقب أخطاءه فقط ويتجاهل ما يقترفه الآخرون بحق هذا الوطن، قبل أقل من شهر تحدث محمد المقالح في قناة المسيرة بحديث غريب، كان يتحدث عن حرب عمران ويقول الإصلاح سبب القتال في عمران لأن أنصار الله جماعة نشأت منذ اليوم الأول كجماعة مسلحة أما الإصلاح فلماذا يحمل السلاح وهو حزب سياسي، هذا نموذج لهذه الحالة الحداثية التي نعيشها. قبل أشهر كتبت ألفت الدبعي منشوراً عن الزنداني، اشتهر هذا المنشور أكثر مما ينبغي وبدت فيه ألفت ذا حضور جماهيري واسع نظراً لحدة الاستقطابات التي نعاني منها ولأن خصوم الزنداني كثيرون. بعدها سكتت ألفت الدبعي عن كثير من جرائم الحوثي، سكتت عن الجرائم الإنسانية التي يقترفها الحوثي بحق مقاتليه، سكتت عن الجثث التي يحملها فوق الدينات كما تفعل السلطات العربية مع جثث الكلاب الضالة لأن خصمها الذي اختارته في هذا البلد هو الزنداني فقط وليس أمراء الحروب. لست نصيراً للزنداني فأنا أحمله مسؤولية كثير من الأخطاء التي حدثت في اليمن. بعد سقوط عمران بيد مقاتلي الحوثي ومقتل قائد اللواء 310 كتبت ألفت الدبعي منشوراً غريباً يدعو الأطراف جميعاً لمغادرة العنف وعن حقن دماء الناس والعودة إلى طاولة الحوار الوطني ثم دعت العقل السياسي في الإصلاح وفي أنصار الله إلى التغلب على الجناحات العسكرية التي بداخلهما. لا يهمني إن كان الإصلاح مخطئاً أم لا فقد كتبت كثيراً عن أخطائهم، يقرفني فقط هذا الانتقاء المجحف لشكل الخصوم وهذه المغالطة الواضحة التي يعاني منها الحداثي العربي في تصنيف الحقيقة. تؤمل ألفت على الجناح المدني في أنصار الله ونسيت أن الحوثيين عبارة عن أربعة إعلاميين فقط ورئيس دائرة سياسية ومائتين ألف مقاتل في بعض التقديرات والبقية يعملون ضمن أوامر محدودة وبرنامج مرسوم. حتى عندما تحدث البخيتي بطريقة ذكية عن تسليم سلاح أنصار الله متى سلمت بقية القوى سلاحها أصدر المكتب السياسي لأنصار الله بياناّ بلهجة قوية ويحذر البخيتي من التحدث باسمه وأنه لن يسلم سلاحه وأن يعرف هؤلاء الصغار حدودهم في الكلام، كان ذلك قبل خمسة أشهر لكن مدرسة المنهج التفكيكي في علم الاجتماع نسيت كل ذلك لأنها تعاني من ثقب عميق في الذاكرة.