عزلت اللجنة العامة لحزب المؤتمر الشعبي العام الرئيس عبدربه منصور هادي من منصب الأمين العام للحزب، وعبدالكريم الإرياني من منصب النائب الثاني لرئيس الحزب. وأزاحت هادي من الأمانة العامة للحزب وعينت بديلا عنه عارف الزوكاء الامين العام المساعد للحزب. كما أزاحت الإرياني من منصب نائب الحزب وتعيين بن دغر نائب الاول لرئاسية الحزب. وتفاقمت الخلافات بين هادي وحزب المؤتمر عقب التضييق على الرئيس السابق علي صالح وإغلاق قناة اليمن اليوم. كما تصاعد الصراع عقب إصدار مجلس الأمن لقرارات تعاقب صالح بسبب سعيه لزعزعة استقرار اليمن عن طريق خلق صراعات في البلد وتمويل ميليشيات مسلحة. وتصاعد الصراع على منصب رئاسة حزب المؤتمر الشعبي، الممسك بمفاصل السلطة، بين الرئيسين: الحالي عبدربه منصور هادي، والسابق علي عبدالله صالح، منذ وصول الأول للسلطة، ليبلغ ذروته بعزل هادي من منصب النائب الثاني لرئيس الحزب. وكان صالح قال في وقت سابق إنه لن يكون هناك "سيفين في غمد واحد"، لكن قبضته بالحزب تتعزز بمرور الوقت، إنه يحتكر قرارات الحزب ويعمل على توسيع تحالفاته في الدوائر العليا بتعيين موالين له كأعضاء في اللجنتين الدائمة والعامة، صاحبتا الحق في القرارات السيادية. لم تُفلح الأموال السخية وعروض ومغريات الاستقطابات التي كانت ولا تزال الشغل الشاغل للرئيس هادي، في زعزعة قبضة صالح. لقد تبدلت الموازين، لتعلن اللجنة الدائمة اليوم في اجتماع حضروه صالح، عزل هادي وتعيين عارف الزوكاء الامين العام المساعد للحزب بديلا عنه. ويرأس صالح الحزب منذ تأسيسه عام 82م، ويشغل عبدربه منصور منصب النائب الأول لرئيس الحزب وأمينه العام. يستخدم صالح نفوذه وصلاحياته الحساسة لتسخير الحزب ضد الرئيس هادي، والحكومة وإجهاض العملية الانتقالية، ويلعب دور المعارض للرئيس والحكومة، رغم مشاركة حزبه. وكان هادي يُمسك بصلاحيات كبيرة، تمنحه أنظمة ولوائح الحزب سلطة غير قليلة في قرارات الحزب، إنه يمسك بموازنة الحزب ويتحكم بأرصدته، لا يمكن لأي مصروفات أن تمضي دون توقيع هادي على شيكات وأذون الصرف. لكنه لم ينجح في حسم الصراع على منصب رئيس الحزب وتنحية صالح من طريقه. ويحكم حزب الرئيسين (المؤتمر) البلاد، رغم اندلاع الثورة الشعبية وإطاحتها بصالح، إلا أن منصب رئيس الجمهورية كان من نصيب الحزب الذي لعب دور المعارضة لرئيسه. وكثف صالح اجتماعاته باللجنة العامة للحزب (المكتب السياسي)، وهي اللجنة التي لم يجتمع بها هادي غير مرتين منذ توليه منصبه تقريبا. وتصدر تيار صقور المؤتمر المعركة ضد الرئيس هادي، وسبق واتهم العواضي الرئيس هادي بالتورط في حادثة جامع النهدين، فيما سبق ولوح الأمين العام المساعد للحزب سلطان البركاني، إلى محاولة اغتيال هادي بحديثه عن أن شرايين هادي سوف تنتهي خلال أشهر. كما شن المتحدث الإعلامي باسم رئيس المؤتمر الشعبي أحمد الصوفي، هجوما عنيفا على الرئيس في سلسلة مقالات نشرتها صحيفة "اليمن اليوم" التابعة لنجل صالح، وقال الصوفي إن هادي لم يعد مقبولا ولا يتميز بتلك الشروط التي يقبلها أطراف اللعبة السياسية. في غير مرة أعلن صالح وقوفه ودعمه لهادي، داعيا قيادات وأعضاء وأنصار الحزب للوقوف معه، إلا أن الحال تبدل ، صار صالح يجاهر بعدائيته ونقمته على هادي، حتى تم إزاحته من منصبه الحزبي. وفي وقت سابق كان حزب المؤتمر قد استبق جميع القوى السياسية والثورية والشعبية معلنا رفضه تمديد فترة المرحلة الانتقالية، وأعلن الحزب عبر لجنته العامة رفضه التمديد، ودشن حملة توقيعات لرفض التمديد لنائب رئيسه وأمينه العام. ولم تنجح الضغوط المحلية والدولية في إقناع علي صالح بترك منصب رئيس حزب المؤتمر الذي يمسك به منذ عام 82م ويعتبره البوابة الوحيدة للبقاء في الحياة السياسية ويعتقد أن ذلك قد يحقق له وهم العودة إلى السلطة، وهو البقاء الذي يعتبره رعاة المبادرة الخليجية سيشكل عائقاً أمام العملية الانتقالية وفقاً لتصريحات أطلقها السفير الأمريكي السابق بصنعاء جيرالد فايرستاين. في المقابل، كان هادي يطمع إلى تنفيذ نص أنظمة الحزب الذي يقول إن "رئيس الجمهورية هو رئيس المؤتمر"، ليستكمل آخر حلقات قبضته بالقرار، لكن أياً من الرجلين لم يتمكن من حسم الصراع المربوط بعقد المؤتمر العام للحزب الذي له الحق في اختيار رئيسه. وظل الصراع محتدما بين "الرئيس" و"الزعيم" بعيداً عن الأضواء لكن ملامحه كانت تظهر في تسريبات يمررها هادي بعيداً عن ضوء الإعلام عبر مجالسه ولقاءاته، وحين يخرج الصراع إلى الضوء تغرق البلاد بظلام انقطاع الكهرباء وأدخنة أنابيب النفط وعرائض القوائم السوداء للمتهمين بالاغتيالات والتقطعات والفوضى الأمنية. وكان هذا الصراع المحتدم بين تياري "الرئيس ورئيسه" أوجد تياراً ثالثاً يمكن تسميته بتيار "المنتفعين" الذي ترتبط مصالحهم مع صالح وارتبطوا بمصالح جديدة مع هادي، واستمروا يأكلون "المن'" من مائدة صالح و"السلوى" من موائد هادي. هذا التيار مثل الصوت المرجح لكنه لم يعارض حسم الصراع لصالح أي من الطرفين أو حتى طرف ثالث وعمل على إبقاء الصراع للاستفادة من عروض الاستقطاب. ويخول النظام الداخلي للحزب اللجنة الدائمة حق اختيار مرشح الحزب في الانتخابات الرئاسية، ويبدو أن اللجنة ستكون ميدان المعركة الحاسمة مع اقتراب رئاسيات 2104م التي يفصلنا عنها أقل من 8 أشهر. يعتمد صالح على الأغلبية التي يحتفظ بها داخل دائمة الحزب وهي أعلى هيئة ومسئولة عن قيادة وتوجيه أعمال وسياسة الحزب. ويستهلك الوقت مستفيداً من بقاء الوضع على حاله لتعزيز موقعه وموقفه إذا ما اقتربت ساعة اختيار مرشح الحزب لفرض الأمر الواقع على الرئيس هادي والدخول في تفاوض قد ينتهي بصفقة تبقي هادي رئيساً للجمهورية مقابل بقاء صالح رئيساً للحزب. ويتعزز هذا الاحتمال في أنه قد يحظى بإجماع قيادات ومكونات الحزب كي يتمكن من البقاء في الحكم والتوغل في مفاصله عبر بوابة الرئاسة التي يضمنها هادي مقابل بقاء صالح خارج السلطة ومنحه جزءاً من المحاصصة والمقاسمة واستمراره في الحياة السياسية لضمان لعب الحزب دوراً قيادياً فيها ووقوفه أمام القوى الأخرى، ما يعني عودة الحزب كحزب حاكم من بوابتين. ووفقا لأنظمة ولوائح الحزب كان يمكن لهادي بصفته الأمين العام للحزب دعوة اللجنة العامة للاجتماع أثناء غياب صالح للعلاج بالرياض، وكان يمكنه أيضاً دعوة اللجنة الدائمة لاجتماع تدعو فيه لعقد المؤتمر العام وحسم الصراع. لكن كما يبدو أن هادي يعتقد أنه لن يتمكن من استجماع دائمة الحزب ولو قدر أن يفعل لكان فعل. في المقابل، يستند هادي إلى نص أنظمة ولوائح الحزب على: "رئيس الجمهورية هو رئيس المؤتمر" وكان يمكنه فرض الأمر على الحزب وتطبيق الأنظمة واللوائح. وكان الدكتور عبدالكريم الإرياني قد أطلق تحذيرات "الويل" للحزب مع اقتراب انتهاء المرحلة الانتقالية. الإرياني وهو النائب الثاني لحزب المؤتمر دعا حزبه إلى إصلاح "حاله" وإنهاء "الثنائية" التي قال إنها تزعجه وليست في مصلحة الحزب ويجب أن تنتهي وتحسم. كان الإرياني سابقاً يمثل "حل وسط" بين قطبي الصراع لكنه بات اليوم معزولا إلى جانب هادي، فعلاقته بصالح لم تعهد جيدة كعهدها السابق. سبق وفوض صالح الإرياني برئاسة اجتماعات اللجنة العامة التي صارت تتنقل بين دعوات هادي وصالح، لكن صالح ألغى التفويض مبكراً وعاد لرئاسة اجتماعات اللجنة. وسبق أيضاً أن اتفق هادي وصالح على تكليف الإرياني بأعمال الأمين العام (هادي) إلا أن ذلك لم يحدث. وإضافة إلى إبعاد صالح للإرياني من رئاسة فريق الحزب في مؤتمر الحوار قدم الأخير استقالته للأول مؤخراً من منصبه كرئيس لمؤسسة "الميثاق" التي تمثل أكبر مؤسسة استثمارية للحزب، وسبق وتعرض الإرياني لإهانات واتهامات من صالح دفعته إلى مغادرة البلاد قبل نجاح وساطات بإقناعه بالعودة. وفي آخر اجتماع لها أقرت اللجنة الدائمة للحزب (7 ديسمبر 2011م) ترشيح هادي لمنصب رئيس الجمهورية في الانتخابات الرئاسية المبكرة التي جرت في 21 فبراير 2012م، وخرج الاجتماع باتفاق على ترشيح الدكتور علي محمد مجور -عضو اللجنة العامة- لمنصب الأمين العام للحزب واستكمال إجراءات انتخابه في دورة موسعة كان يفترض أن تضم اللجنة الدائمة واللجان الدائمة الفرعية في فبراير 2012 إلا أن ذلك لم يحدث حتى اليوم. وورث هادي منصب الأمين العام عن سلفه الدكتور عبدالقادر باجمال وانتخبته اللجنة الدائمة (12نوفمبر 2008) نائبا لرئيس الحزب. وكان صالح يبدي موافقةً على التنحي عن رئاسة المؤتمر وإفساح المجال لهادي لكنه كان يشترط تنصيب نجله أحمد أميناً عاماً للحزب.