تعتبر وزارة الخارجية من أهم الوزارات التي لها تواصل مع الدول العربية والأجنبية من خلال السفارات أو القنصليات، ومن خلال قيام الدبلوماسيين، ووزير الخارجية والنواب، بحضور المؤتمرات والندوات واللقاءات. وبالرغم من مكانة وأهمية هذه الوزارة إلا أننا نجدها من أكثر الوزارات فسادا ومع ذلك نشاهد وزير الخارجية في المؤتمرات والندوات واللقاءات على شاشة القنوات الفضائية اليمنية والقنوات الأجنبية وأيضا في الإذاعات يتحدث دائما عن الفساد ومحاربة الفساد والفاسدين ويبدو إلى يومنا هذا لم يدرك الدكتور أبكر القربي ما معنى الفساد، وما هي الآثار المدمرة على الدولة والمجتمع وعلى الفاسد نفسه؟ الفساد يغير من سلوك الأفراد الفاسدين ويجعلهم يتعاملون مع الآخرين بدوافع مادية، ومصالح ذاتية بحتة، يؤدي الفساد إلى إحباط الموظفين والعاملين المنتجين الجادين ويخلق ثقافة الكراهية والعدوان وتفاقم الصراعات داخل أي مؤسسة أو وزارة، وكذلك فإن الفساد يقلل من حجم المساعدات الخارجية من الدول الصديقة والمانحة ويضعف التدفقات الاستثمارية الخارجية، ويقلل من النفقات الحكومية على التعليم والصحة، وغيرها من الخدمات العامة. أيضا يتم تعيين سفراء في الدول العربية والدول الأجنبية غير مؤهلين، كذلك يتم تعيين ملحق عسكري وملحق تجاري في عدد من السفارات ولا علاقة لليمن بهذه الدول لا في المجال العسكري ولا التجاري بالإضافة إلى تعيين عدد من الدبلوماسيين كملحق ثقافي وملحق إعلامي وسياحي ونواب لهم، ومنهم من يظل في السفارة لعشرات السنين، في بعض السفارات عدد الدبلوماسيين والموظفين في السفارة أكثر من عدد المغتربين والطلاب. والشيء الذي يثير الضحك أن سفارات الدول العربية والأجنبية في اليمن، في العاصمة صنعاء 42 سفارة بينما اليمن لديها 55 سفارة، فعلا سبيل المثال لا توجد في صنعاء سفارات لكل من البحرين والدنمرك وبلجيكا والنرويج والسويد وجمهوريات فنلندا وكندا وألبانيا. كما لا يوجد لهذه البلدان سفارات باليمن ويوجد قائمون بالأعمال وهم من اليمن بينما اليمن لديها سفارات من معظم هذه البلدان. كذلك تعتبر اليمن من أكثر دول العالم في الاحتفالات بالأعياد الوطنية وتقام هذه الاحتفالات ليس في السفارات اليمنية بل في أفخم الفنادق في معظم الدول التي فيها السفارات اليمنية، وقد يكلف احتفال في فندق واحد في أمريكا أو فرنسا وبريطانيا مبالغ قد تبنى بها مدرسة للبنات أو البنين في قرية يمنية بأمس الحاجة للمدرسة. في هذا الموضوع أؤكد أن جرائم الفساد الإداري والمالي كالرشوة والاختلاس والتزوير والغش والابتزاز واستغلال النفوذ والتعيينات على أساس الانتماء الحزبي أو الانتماء العائلي، جميع مرتكبيها هم من المتعلمين والمتخصصين بالعلوم الإدارية والمالية والقانونية أو السياسة والاقتصاد والعلوم الاجتماعية والمصرفية وليس من الأميين والعاطلين عن العمل أو من أصحاب السوابق، نقول المتنورين معرفيا والمتمدنين حضاريا والشفافين اجتماعيا، ومع تلك السمات الشخصية الإيجابية فإنهم يساهمون في إفساد المؤسسات والمنظمات والوزارات التي يعملون فيها والتي وجدت بالدرجة الأساسية لتلبي احتياجات الناس وتحقيق أهدافهم في الحياة، وإرقاء مستويات معاشهم.