من خصوصية الثورة اليمنية, وانفرادها عن بقية ما عُرف ب(ثورات الربيع العربي) أنها : أولاً: بدأت بالتأثر, واستلهام الثورات الأخرى (كثورتّي تونس ومصر) إلا أنها عادت مبكراً إلى عزلتها وحيرتها, دون اكتمال استلهامها لنجاح (شقيقاتها الثوريات)! ثانيا: قبلت لنفسها, أو أُملي عليها أن تكون ثورةً متدثرةً بعباءة أزمة! فتم (أزمنة الثورة) لتغدو (ثورة مؤزمنه )! بمعنى قَبِلَ أهلُها أن تكون (نصفية) نصف ثورة ونصف أزمة ! ثالثاً: ساعدت على أن يكون الخارجيُ قريباً أكثر مما ينبغي من شئوننا. بل إنه يكاد يتولى إدارة أمورنا! أما انكشافنا تجاه الأجنبي والانفعال به فيعدُ داؤنا المزمن الذي لم نبرأ منهُ بعد ! رابعاً: تعايشت مع معارضةٍ يمنيةٍ حزبيةٍ, مازالت من أهم المعارضات العربية وأقواها, وأكثرها تأثيراً على الشباب. إلا أنها قد أخفقت في توظيف تأثيرها وقوتها لصالح كل من الشباب والثورة معاً ! خامسا: رضيت بأن تكون القبيلةُ اليمنيةُ جزءاً من الداء والدواء معاً؛ فكثيرٌ من رجال القبائل وزعمائها قد ناصروا الثورة. ولكن بالمقابل, ماأنفكت بعض القبائل وزعمائها يشكلون رافداً للثورة المضادة. وهذا مرتبط بخصوصية القبيلة اليمنية ذاتها؛ فهي ليست كلاً موحداً, أو كتلة مصمتة. فثّمة قبائل ثائرة وأخرى خانعة, وقبائل محاربة وأخرى مسالمة ! سادسا: تكيفت مع نظام يكاد أن يغدو بائداً, و يستميت أن يظل باقيا! مكوناته توزعت بين ثورية الشعار, وإصلاحية الممارسة. وأخرى رجعية الذهن, عنيفة الفعل, سلمية الألفاظ, وتنشد المصالحة! سابعاً وأخيراً: استمرأت الزهدَ في أن يتمتع أهلُها بحياةٍ تفتقرُ لكثيرٍ من الحقوق والحريات, وقبلت أن يعيش غالبيتهم حياة الكفاف, بل وأدنى من الكفاف, في مقابل تمتع حفنةٍ مستبدةٍ وفاسدةٍ بخيرات الوطن وثرواته ! إنها خصوصية يمانية: مكبلة لا محررة, منفعلة لا فاعلة, مترددة لا حاسمة, متشككة لا واثقة, خانعة لا ثائرة, مقهورة لا قاهرة! ختاماً : ثوروا على هكذا خصوصية , بمعكوسها ؛ تنجح ثورتكم . يرحمنا ويرحمكم الله .