ما الذي يترتب عن الاعتذار للجنوب وصعده لاحقا؟ أليس من الأحرى أن يكون من نتائج مؤتمر الحوار الوطني بدلا من أن تقرره اللجنة الفنية للإعداد والتحضير للحوار؟ وفي الوقت الذي أثارت فيه تسريبات الاعتذار جدلاً واسعاً بين الأواسط السياسية والثقافية والاجتماعية أعلنت الناطقة الرسمية باسم لجنة الحوار الوطني أمل الباشا مطلع الأسبوع الماضي أن لجنة الحوار الوطني أقرت بالإجماع اعتذاراً رسمياً للجنوب وصعدة، مؤكدة أن كل الضحايا الذين سقطوا في الجنوب ومحافظة صعدة خلال حربي صيف 1994 والستة الحروب التي شهدتها محافظة صعدة جميعهم شهداء وإن اجتماع اللجنة أقر بشكل نهائي وكامل ذلك الاعتذار، يضاف إليها قرارات أخرى لم تعلن بعد وستقدم عبر رسالة سيسلمها للرئيس هادي الدكتور عبدالكريم الإرياني. الدكتور عادل الشرجبي أستاذ الجغرافيا السياسية بجامعة صنعاء أكد في تصريح ل»الأهالي نت» أن الهدف من الاعتذار هو المصالحة الوطنية من أجل أن يشارك الجميع في مؤتمر الحوار الوطني وأن تتقارب وجهات النظر فيما يتعلق ببناء الدولة المنشودة. وقال: لا أعتقد أن يترتب على الاعتذار تعويضات على المستوى الداخلي على خلاف لو كان الأمر بين دول، وقانون الدالة الانتقالية هو من سيحل موضوع التعويض الضحايا، وإذا كان مؤتمر الحوار الوطني سيناقش المصالحة الوطنية كان من الأفضل أن يتم تأجيل مسألة الاعتذار واعتبر الاعتذار ضروري قبل الدخول في مؤتمر الحوار الوطني. فيما يرى رئيس مركز أبعاد للبحوث والدراسات عبدالسلام محمد أن الاعتذار بالصيغة الحالية هو اعتذار للضحايا وليس للقوى المتصارعة لكن ما يطرح الآن بعيد جدا عن ذلك بحيث تصب بعض التصريحات والتسريبات في تفسيرها أن الاعتذار للحوثيين والانفصاليين يعد استغفالاً، وكان من المفترض أن يؤجل الاعتذار كنتيجة من نتائج مؤتمر الحوار وليس شرطاً من شروط الدخول في مؤتمر الحوار فهو عمليا بداية لعرقلة الحوار. وتساءل الشيخ درهم حسين الظمأ أحد القيادات الاجتماعية بمحافظة مأرب: لماذا لا يكون الاعتذار للجنوب مقابل الاعتذار عن الانفصال؟ مشيرا إلى أن الاعتذار للجنوب يعني منح الشرعية للدعوة للانفصال في 94م. وقال ل»الأهالي نت» لو أن لجنة الحوار اعتذرت بالنيابة عن طرفي حرب 94م على صيغة الاعتذار للجنوب عن الحرب وللشعب عن الانفصال لكان هذا مقبولا أكثر لأن جميع اليمنيين اتفقوا على وجوب الحرب ضد الانفصاليين وهم قلة وليس ضد أبناء الجنوب. ومنذ بدء الحديث عن الاعتذار للجنوب وصعدة كانت بعض القوى السياسية والشخصيات الاجتماعية قد عبرت عن امتعاضها من تلك الخطوة وأبدت مطالبتها الحكومة باعتذار مماثل لأبناء المحافظات الأخرى على خلفية قضايا الظلم والتهميش والأحداث التي شهدتها خلال الفترات الماضية ومن ابرز تلك المطالبات الاعتذار لأبناء المناطق الوسطى. الاعتذار للشعب لا لأفراد أو جماعات ومن ضمن التعليقات التي خرجت عقب إعلان اللجنة الفنية للحوار الوطني الاعتذار طالب النائب البرلماني إنصاف مايو رئيس المكتب التنفيذي للتجمع اليمني للإصلاح بمحافظة عدن الأحزاب السياسية الرئيسية (التجمع اليمني للإصلاح والمؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني) وكل النخب السياسية التي شاركت وتحملت المسئولية في اليمن خلال الفترة الماضية بالاعتذار للشعب اليمني عامة والمحافظات الجنوبية بشكل خاص نتيجة مشاركتها في الحروب التي شهدتها اليمن خلال المراحل الماضية والأخطاء التي ارتكبتها تلك الأحزاب وألحقت الضرر بحياة الشعب اليمني وسببت له الكثير من المعاناة. وكان الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني الدكتور ياسين سعيد نعمان قد اعتبر في تصريح صحفي بأن إقرار اللجنة الفنية والتحضيرية للحوار الوطني لضرورة الاعتذار رسميا للجنوب عن حرب صيف 94 وعن الحروب الست في صعدة، يعتبر من صلب مهامها لكونها معنية بالبحث عن كافة الشروط لإنجاح الحوار الوطني وبأن اللجنة في طرحها لقضية الاعتذار بشأن الحروب لم تخض في التفاصيل بقدر ما تم الحديث عن أن الحروب كقضية لا أخلاقية يجب أن ترمى وراء ظهورنا وبأن ما طرحته اللجنة هو الاعتذار رسميا، من قبل الأطراف المشاركة في الحروب، وقال بأن الاعتذار سيصدر رسميا، من قبل كافة الأطراف المشاركة في تلك الحروب وسيوجه إلى الشعب والجنوب وأبناء صعدة وكل المتضررين من الحروب. وأشار نعمان إلى أن الاعتذار يجب أن يتم توجيهه إلى الشعب اليمني وليس إلى أفراد أو مجاميع أو أحزاب، لأن الشعب هو من عانى من ويلات تلك الحروب. رفض واستنكار في المقابل استنكر التحالف القبلي لأبناء صعدة والمواطنين المقيمين في المحافظة والنازحين خارجها ورفض بشدة ما أصدرته اللجنة الفنية للحوار الوطني بخصوص الاعتذار للحركة الحوثية وتساءل بيان مشترك صادر عنهم هل يرضيكم الاعتذار لمن قتل الأطفال والنساء وكبار السن العاجزين بذريعة عملاء أمريكا وإسرائيل. ولقي قرار الاعتذار سخرية من بعض الشباب على شبكة التواصل الاجتماعي حيث علق أحدهم أن قبائل منطقته تطالب بالاعتذار لها أسوة بالجنوب وصعدة وذيل التعليق بعبارة نسخة خاصة للسادة أعضاء لجنة الحوار للاعتذارات الرسمية. واختلفت تناولات الكتاب والإعلاميين لموضوع الاعتذار فالبعض ذهب إلى أن مجال اختصاص اللجنة الفنية هي الأمور الفنية من قبيل عدد المشاركين وتجهيز الأدبيات وتجهيز البطاقات للجان وغيرها من الأمور الفنية ومثل هكذا قرار يقرره مؤتمر الحوار في حال انعقاده بكافة التيارات والتوجهات. ويستغرب متابعون من إصدار اللجنة الفنية لهذا القرار رغم أنها لجنة فنية فيما القرار سياسي بحت.