يبدو أن البعض يفهم الثورة على أنها فوضى، ويفهم الحرية على أساس أنها عبث..الثورة يا سادة هي وسيلة ناجعة للحد من الاستبداد والإجحاف بحق الشعوب وإعادة الأمور إلى طبيعتها وإنصاف المظلومين ومساواة الناس وإلغاء الامتيازات الطبقية أيا كان مصدرها. كل ثورات العالم التي قامت اقتربت قليلا أو ابتعدت قليلا عما سبق، لكنها لم تكن تعني الفوضى والعبثية واستمرار العشوائية، صحيح إنها اندفاع الجماهير للتغيير لكنه الاندفاع المنظم كما عرفناه من الربيع العربي، فهذه الثورات وخاصة في تونس ومصر واليمن أتت سلمية وكلما فعلته هو دورة تسليم واستلام للسلطة من الحكام السابقين أو المخلوعين إلى الحكام الجدد، لكنها لم تكن فوضى ولا عبث ولم تخرج الجماهير لإسقاط ما بقى من هيبة الدولة. كما أن الحرية هي وسيلة وليست غاية في ذاتها، وهي لا تعني الفوضى والعبثية والهيجان والغليان، فالحرية تعنى بتنظيم حقوق الناس العامة والخاصة وإلزام المجتمع بقانون وإلزام السلطة بتنفيذ هذا القانون على الناس جميعا بدون تمايز أو استثناءات أو مجاملات. في اليمن حيث تعم الفوضى في خيالات الكثير من الناس خاصة النخب الكرتونية التي تدعي أنها مثقفة ومتعلمة ومتمدنة وحداثية وعلمانية نجد الكثير منها إما مع الفوضى واستمرار العبث بحثا عن أمجاد شخصية أو عداء لفلان وعلان، وكأن الوطن مجرد شبح مخفي وغير موجود، ولا هم لهم إلا إثارة النعرات الطائفية والمناطقية والمطالبة بالمحاصصة الطائفية والمناطقية في كل خطوة وقرار، ولا يزالون حتى اللحظة متذمرين من وجود اللجنة التنظيمية في ساحة التغيير بصنعاء، فالثورة عند هذه النخب المعلبة الفارغة شيء من العبث لا غير فالمنصة يجب أن تكون عبثية واللجنة يجب أن تكون غير موجودة وكل ثائر يعمل ما بداله حتى تقوم الساعة، لم يدخل إلى عقولهم أن كان لديهم عقول! إن الدولة يجب أن تبقى ويجب أن تسيطر على كافة الأوضاع في الساحات وفي كل شبر من البلد، لكن من يقنع ديناصورات الثقافة والحداثة والمحرضين على سرقة سروال السفير الأمريكي والمهولين من وصول 20 ألف جندي أمريكي إلى اليمن 200 مدرعة وكم حاملة طائرات، فهم مع العلمانية لكن مع عدم وجود دولة -العلمانية والحداثة عندهم فقط ترف فكري و"مطابزة" للاسلامين فقط لا غير- ومع عدم سيطرة الدولة على كل شبر من أراضيها، وكثير من هذه النخب اتجهت للفوضى وعادت لدعم تيارات فوضوية عبثية كتيار الحوثي الذي لم ينتظم له حال ويبحث أفراده عن "حق ابن هادي في استعادة ملكه الأزلي في اليمن" ونفس الفريق يساند بقايا الرجل العجوز الذي أطاحت به الثورة اليمنية في كل جزء من الوطن وخلعته عن الحكم للأبد، هذه النخب لا تريد الديمقراطية ولا حتى العلمانية التي تتشدق بها لان من سيحكم بعد انتخابات 2014 قد افترضوا انه مخالفا لهم، لعلمهم المسبق أنهم مجرد أبواق لأزمنة انتهت ولن تعود ولن تحكم، وإنهم فقط متسولين للحقوق من المنظمات، بينما لا يستطيعون أن يقفوا صفا واحدا وان يشكلوا تيارا واحدا ويساهموا في التنمية وإعادة بناء الدولة، لكنهم جندوا أنفسهم للحرب على إي نظام ستفرزه النتائج القادمة والبدايات من الآن فمرة يتهمون الرئيس هادي بدعم من يكرهون، وأخرى يتهمون الجيش المؤيد للثورة انه يتبع من يكرهون، ومرة يتهمون الجماهير أنها تتبع من يكرهون.ولذا هم يرون أن الديمقراطية لا تصلح لحكم اليمن ويتمنون عودة ديكتاتورية صالح والتي كانت مزيجا من الفساد والنهب والاستبداد. هذه النخب في حقيقتها التي تجهلها عن نفسها قد الفت الفساد والعبث ماليا وادريا هي ستكون في صف أعداء التنظيم كعملية أدراية بحتة، وهذا ما تثبته الوقائع المتتالية. ليقف كل هذا العبث في اليمن نحن وان كنا نريد اردوغان في طبعته اليمنية الخاصة لكننا نخشى من العفو العام والمصالحات التي لا تنته، والمجاملات التي لن تنقطع ولن يستطيع اردوغان اليمن أن يحرك المياه التي الفت الركود وتحب أن تكون آسنة للأبد، إننا بحق بحاجة قبل اردوغان إلى أتاتورك في نسخته القوية، حيث حافظ على تركيا من الانقسامات والتمزق إلى أربع دول برعاية إقليمية وصهيونية صليبية، أتاتورك أوقف هذا كله ورمى عظمة العلمانية لتتسلى بها كل الكلاب الضالة في الداخل والخارج بينما أسس دولة قوية ذات مؤسسات هذه المؤسسات هي من أنتجت اردوغان الآن والذي استطاع أن يزيل بقايا الديناصورات المثقفة بثقافة المتعة والفساد . إننا لا نطرح أن يكون اتاتورك اليمن علمانيا بالضرورة، لكننا نريده أن يطبق القانون بقوة على الجميع بدون استثناء وان يحافظ على الجمهورية اليمنية وسيادتها من التمزق ويضرب "بيد من قانون" كل من تسول له نفسه تمزيق التراب اليمني لحساب مصالح شخصية لا تتعدى المنتفعين بها .أن بقاء اليمن قويا موحدا هو ما سيفتح الطريق أمام التنمية وبناء دولة المؤسسات الحديثة التي تعتمد على الكوادر اليمنية القادرة على البناء بدون عنصرية ومناطقية ومذهبية.