عودة الناس مرتبطة بالدراسة لأبنائهم وإن لم تفتح المدارس في أبين فسيضطر غالب السكان للبقاء في محافظة عدن لتدريس أبنائهم.. كما أن الوجوه هي هي لم يتغير أحد حتى ممن باعوا المحافظة للشيطان فكيف يأمن الناس على حياتهم.. بدأ المواطنون النازحون من محافظة أبين في محافظتي عدن ولحج بالعودة إلى مدنهم وقراهم.. وكانت مدينة زنجبار العاصمة أبين هي الأكثر حظاً في عودة أبنائها إليها يومياً خلال هذا الشهر، ولكن قابل هذه العودة غياب شبه تام للسلطة المحلية باستثناء مؤسستي المياه والكهرباء اللتين بذلتا جهداً يثني عليه المواطنون. وفي هذه الجولة نلتقي عددا من المواطنين والمسئولين. يقول المواطن نبيل النمي: عدنا إلى ديارنا في زنجبار غير عابئين بالوضع الأمني الهش ولا بمخاطر الألغام وآثار الحرب، ومن كان بيته مهدماً جزئياً سكن في الجزء المتبقي منه مخاطراً بأولاده ونفسه من أجل عيون زنجبار موطن الروح قبل الجسد، لكن للأسف لنا إلى الآن ما يقارب الشهر ولم نر أي وجود فعلي للسلطة المحلية.. كما أن الأمن في المدينة تقوده اللجان الشعبية حديثة عهد بالأمن وهذا لا يطمئن المواطنين –حسب قوله. وطالب النمي المحافظ العاقل بسرعة العمل على توفير الأمن والأمان إلى المدينة حتى يسهل عودة أهلها إليها فالأمن أولوية قصوى في هذا الظرف مستشهداً بقوله تعالى (الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف). وأضاف: كما نطالب بسرعة إزالة مخلفات الحرب لما لها من أثر سيء على الإنسان والحيوان والحياة عموماً ومحاولة تنظيف البيئة من آثار الحرب المدمرة للبيئة قبل الإنسان. أبين.. التركة الثقيلة ومن جهته يقول المهندس زين أحمد ناصر إن ما جرى في أبين كانت حرباً عبثية دمرت المحافظة وشردت أهلها، والآن بدأ المواطنون بالعودة ولكن مدنهم لم تتأهل بعد لاستقبالهم وللأسف حتى الآن لا وجود للسلطة المحلية ولم يلمس المواطن أي دور ملموس للسلطة المحلية ومن أولى الأولويات تطبيع الأوضاع الأمنية والآن يشعر المواطن باللادولة.. وباعتباري رئيس لجنة الاتصال في مجلس (أبين التاريخ) فقد قدمنا مبادرة ضافية للأخ المحافظ جمال العاقل حول أوضاع زنجبار كي نكون عوناً له في عملية إعادة تأهيل المحافظة لانتشال وضعها الكارثي الذي لا يمكن تجاوزه بدون تدخل منظمات دولية عالية التخصص والدراسة وأكد على جملة قضايا إجرائية مطلوبة ومنها: * أن الارتجاجات والاهتزازات القوية التي سببتها الحرب المدمرة على زنجبار طوال أكثر من عام براً وبحراً وجواً وكمية ال (دانات) التي سقطت على مساحة جغرافية محدودة وفي أرض ساحلية ضعيفة الصلابة بالتأكيد كل هذا سيؤدي إلى انزلاقات في التربة وعلى المباني (غير منظورة بالعين المجردة) وهذه بحاجة إلى خبرات دولية ذات تخصص عال لتقيس صلابة التربة وصلابة المنشآت القائمة عليها وذلك يمثل خطرا محدقا بالسكان، والإعمار أصلاً هدفه الأساس استقرار الإنسان وليس استقرار المباني فحسب، لأن الإعمار وسيلة للاستقرار، فلا معنى له إذا كان حياة الإنسان مهددة. * البيئة التي يعيش عليها الإنسان التي تلوثت من آثار الحرب يجب دراسة الأثر البيئي لإمكانية حياة الإنسان بدون مخاطر.. فالجثث المتحللة والحيوانات النافقة بجميع أشكالها أليفة وغير أليفة تحللت جثثها وانصهرت في التربة وهذا يمثل خطرا عظيما على حياة الإنسان وعليه يجب أن تخصص دراسات وإمكانات عالية لبحث الأثر البيئي وكيفية حماية الإنسان من انعكاساته السلبية إذا كان الإنسان هو الهدف الرئيس للسلطة. * ضرورة تكامل الجهد الشعبي والرسمي لمواجهة مثل هذه التحديات فلا يمكن لجهة واحدة التغلب بمفردها على مثل هكذا مشكلات إلا إذا كان من باب المزايدات. ويستدرك قائلاً: لقد ورثنا تركة ثقيلة من ثقافة المزايدات ولا ينبغي لها أن تستمر, مطالباً جميع منظمات المجتمع المدني في أبين بالتكاتف والتلاحم والتآخي وجعل زنجبار هي هدفها وميدان نشاطها بعيداً عن الولاءات الأخرى. واختتم حديثه بالإشادة بدور مؤسستي المياه والكهرباء السباقتين إلى ميدان العمل في زنجبار لتقديم ما يستطيعان من خدمات اجتماعية للمواطنين. وقال سالم صالح المغوري: ما زالت المعونات العينية يتم توزيعها في عدن كي يضمن الفاسدون استمرار نهب أكثر من نصفها باسم نازحي أبين لأن عودتها إلى أبين ستفضح الأسماء الوهمية والمستفيدين منها.. ولا ندري ما موقف المحافظ جمال العاقل من هذا التصرف الأرعن وإلى متى سيظل الفاسدون يستثمرون جراحات الناس وآلامهم؟ صندوق النظافة بانتظار رد المحافظ وضمن سلسلة لقاءاتنا التقينا مدير عام صندوق النظافة بأبين الأستاذ محمد علي العدني الذي قال: بدأنا تدشين العمل في مدينة زنجبار يوم 3 سبتمبر وسنستمر يومياً لمتابعة أعمال النظافة وتصفية مخلفات الحرب وفق المستطاع كما سنقوم في المرحلة اللاحقة بتصفية المدارس لتهيئتها لاستقبال العام الدراسي الجديد وبدعم من الأخ المحافظ جمال العاقل سنعمل كل جهدنا في مجال النظافة وفق الإمكانات المتاحة. كما طالب المواطنين بالتعاون مع عمال النظافة وإرشادهم إلى الأماكن التي تحتاج لأولوية التنظيف ووضع المخلفات في أماكنها المحددة ليسهل نقلها بسيارات النظافة خارج المدينة وعن الإمكانات المتوفرة لدى الصندوق لمواجهة عبئ مخلفات الحرب الضخمة قال: إمكانات متواضعة وليس في وسعنا تصفية مخلفات الحرب وحدنا.. فلدينا أربع سيارات نقل فقط وهي غير كافية بالمرة, لكننا قدمنا دراسة لمشروع نقل مخلفات الحرب إلى الأخ المحافظ تتضمن وسائل وآليات وإمكانات نقل المخلفات الضخمة الناجمة عن تحطم المباني والمنازل التي تحتاج إلى إمكانات عالية ليست متوفرة الآن ولكن منظمة (يمن عطاء) وعدت بمساعدتنا. وحول تحفيز عمال النظافة لدفعهم لبذل جهد أكبر قال: بتواصل الأخ/ جمال العاقل محافظ أبين مع القيادة السياسية استطاع استلام 28 مليون ريال دفعت لعمال النظافة على شهرين حوافز ومكافئات وهي تشكل دافعاً قوياً لزيادة نشاط العمال بالقياس إلى ضخامة المخلفات. أما الأستاذ فضل الشبيبي مدير عام وكالة الأنباء اليمنية سبأ فرع محافظة أبين فقال: إن بدء حملة النظافة في زنجبار تعد خطوة إيجابية جيدة ونتمنى أن تتبعها خطوات أخرى فيما يتعلق بحفظ الأمن وترسيخ دعائم الاستقرار وتطبيع الأوضاع عموماً بما فيها توفير الخدمات الأساسية للمواطنين من كهرباء ومياه وصحة وما إلى ذلك كما طالب الدولة بالتعويض العادل لكل المتضررين الذين دمرت منازلهم وشردوا من ديارهم والعمل على سد الفجوة النفسية التي عاشها أبناء أبين طوال أكثر من عام.. ومازلت أؤكد على ضرورة ترسيخ الأمن فالأمن قبل الإيمان كما يقال. الفاسدون.. ما زالوا هنا الشيخ لطفي عوض وعرة قال: من المعيب أن يبادر المواطنون النازحون إلى العودة إلى زنجبار ولا يجدون أثراً للسلطة المحلية وهذا معيب في حق السلطة المحلية التي يفترض أن تكون سباقة إلى زنجبار لاستقبال العائدين وترتيب أوضاعهم حتى يطمئن المواطن. ودعا السلطة المحلية للعودة إلى زنجبار وأن تفتح كل المكاتب الإدارية الخدمية ويعود المحافظ ليباشر عمله في مكتبه بدلا من المباشرة في الكورنيش.. وأضاف: وحتى يلمس المواطن نتائج الثورة السلمية يجب أن يتم تغيير كل مسؤول عبث بأمن وسلامة المحافظة وحتى الذين لم يصمدوا في وجه التخريب يجب أن يطالهم التغيير, فلا مكان لهؤلاء في عصر التغيير والثورة السلمية. عيادة صحية واحدة في مدينة الدكتور رضوان عبدالله شيخ مالك عيادة الرحمن في زنجبار بادر إلى فتح عيادته كأول عيادة تفتح في زنجبار بعد تطهيرها من المسلحين ويستقبل مرضاه بازدحام نظراً لانعدام المرافق الصحية في المدينة حتى الآن.. يقول: الملاحظ أن حالات الإسهال والقيء بين المواطنين في زنجبار قد ارتفعت بشكل ملحوظ وفي كل الفئات العمرية بلا استثناء وهذا أمر مقلق لنا وطالب الجهات الطبية بضرورة إنزال فريق طبي عاجل لمتابعة هذه الظاهرة وغيرها ومعرفة أسبابها وتلافي انتشارها. عودة الحياة مرتبطة بعودة الدراسة عاد المواطنون إلى مدينتهم التي دمرتها الحرب وبدأوا يلملمون أوضاعهم المعيشية الحياتية ويتأقلمون مع واقع الحال رغم الخطوب.. منازلهم مدمرة وأخرى مهشمة وثالثة بها أضرار جزئية ولا يوجد منزل لم يأخذ نصيبه من الدمار ولكن بتفاوت نسبة التدمير لا أكثر.. لكن المحزن أن المدينة تحكمها اللجان الشعبية التي لا تجيد كيف تدير أفرادها فكيف لها إدارة مدينة.. فلا وجود للأمن العام ولا خبر عن بدء العام الدراسي في المدينة لأن عودة الناس مرتبطة بالدراسة لأبنائهم وإن لم تفتح المدارس في أبين فسيضطر غالب السكان للبقاء في محافظة عدن لتدريس أبنائهم.. كما أن الوجوه هي هي لم يتغير أحد حتى ممن باعوا المحافظة للشيطان فكيف يأمن الناس على حياتهم واستقرارهم في وضع كهذا وصار حال أبناء زنجبار بين رمضاء النزوح ونار المتنفذين ومصاصي الدماء الفاسدين وكأن الثورة السلمية لم تنتصر (وكأنك يا بوزيد ما غزيت). المحافظ خارج نطاق المدينة عاد أهالي زنجبار إليها وهم يحملون في صدورهم أوجاع التشرد لأكثر من أربعة عشر شهرا، فوجد الكثير منهم ديارهم قد سويت بالأرض، ولم يسلم أي مبنى في المدينة من الضرر جزئيا كان أم كليا، عادوا إليها لأنها مدينتهم رغم الخطوب ، فلا ملجأ لهم سواها وإن كانت الحرب قد حولتها إلى ما يشبه الأطلال . لكن المؤسف له أن السلطة المحلية لا وجود لها في المدينة، وتناهى إلى مسامع المواطنين أن المحافظ العاقل قابع في منزله بالكورنيش المطل على ضفاف بحر العرب ويبعد عن المدينة عدة أميال، واللجان الشعبية هي من تدير المدينة ولكن بعقلية قبيلي.