أسئلة نود أن يجيب عليها عبدالملك الحوثي لنعرف عنه أكثر من الصرخة، وأنه حمل السلاح في وجه الدولة، ومن كونه يتمتع بتأييد رباني وبنور قرآني يدخره لنا في الأيام القادمة. سنوات طويلة منذ حمل الحوثي السلاح في مواجهة الدولة وجيشها وإن اختلفنا في مشروعية الحرب والتمرد سنة وتسعة أشهر منذ قامت الثورة، وأعلن انضمامه لها في مارس حوالي تسعة أشهر منذ تمت الانتخابات الرئاسية، وهو ينعزل كل يوم دون خطوة واحدة للتقارب. في الحروب الخمسة التي نرفضها، وأود أن أوصفها كما وصف البردوني المواجهات بين الزارنيق والإمام يحيى «حرب غير وطنية وتمرد غير وطني»، ومع عدم تكافؤ القوى، ظهر أن الحوثي انتصر كما يدعي «عقيدته» ودعوني أعرفها بالتفوق الأخلاقي، لكن أين التفوق الأخلاقي في الدخول في حرب مشبوهة وقتل أخيه ابن بلده، وبطريقة جملها الشاعر انسي الحاج «علوت عليك بضعفك لا بقوتي»، فقد تفكك الطرف الثاني والذي أدخل اليمن في حرب يعرف أغراضها وحده والطرف المقابل له. حينها كانت المواقف المعلنة للجميع دون استثناء تتعاطف معه خاصة مع عدم تكافؤ القوى، ودخول صالح بخصومات مع كل الأطراف، أو مواقف كانت محايدة، عدا بعض القبائل القريبة التي كانت تخشى توس�'عه، فتقوم برد عدوانه كما رأت، لقد خاض حسين الأحمر حرباً ضد الحوثي متحالفاً مع علي عبدالله صالح، لكنه رح�'ب به في صعدة أيام ثورة الشباب، لكنه رفض نزول عبدالوهاب الآنسي الذي أثبتت وثائق ويكليكس أنه تحدث مع مسؤولين غربيين عن أن حروب صعدة غير شرعية ويستغلها صالح لابتزازهم، رفض نزوله إلى صعدة ضمن لجنة الحوار، وهي مفارقة يمكن فهم الحوثي من خلالها.. كان انضمام الحوثي إلى الثورة انتهازياً بمعنى الكلمة؛ لأنه من أول يوم فيما كان صالح يوجه كل الأجهزة العسكرية والأمنية والحزبية التي تقع تحت يده لسحق الثورة، كان الحوثي يوجه ضربات مستفزة للمشترك ولحزب الإصلاح بالذات، وبدت المواجهات التي حدثت في مناطق الجوف كأنها محاولة للتنفيس على نظام يئن من وطأة ثورة، وهو يحاول جاهداً إثبات العكس بأنه صراع بين أطراف.. في الساحة وهذه شهادة للتاريخ أسجلها كان يبث التالي وسمعتها من أكثر من واحد منهم، الذين قتلوا في جمعة الكرامة هم من الحوثيين الإصلاحيين يخافون وقت المواجهات، ومثلهم من استشهد أمام وزارة الخارجية ووو، لقد بث الحوثي «إشاعة» أن الذين قاتلوا في الحصبة هم من الحوثي. هذه طريقة انتهازية يستخدمها الحوثي في مواجهة الأطراف القوية في المجتمع، وبالتالي يكسب سريعاً بقدر سمعتهم، وربما تأثيرهم، طريقة انتهازية وهو خلق خصم قوي لتكون قوياً، وفي هذه الحالة قد يكسب الحوثي بعض المكاسب الآنية، لكن المهم هي المكاسب الاستراتيجية، وهي أن تكون صاحب قضية عادلة. يقدر أن يبتكر طرقاً كثيرة للدفع إلى الصراع كما بدا في مراحل عديدة، فالضحية يريد ممارسة دور الجلاد، لكن إذا تغير الزمن والمكان والعوامل فستكون النتائج مختلفة عن السابق. إنه يملأ آذاننا وأسماعنا بأشياء من قبيل الصرخة، والنور القرآني، وأنصار الله، وإلى جوارها المدنية، ويقف ضد العمالة، فيما هو نقيض لكل ذلك. لا أعتقد أن حوثي اليوم هو الحوثي السابق، فلم يعد مظلوماً، ربما اليوم أصبح ظالماً، وانظروا لصعدة التي تحدث قبل فترة عنها وكأنه الناطق الرسمي لها بدلاً عن الدولة، وكيف أصبح «يؤمن» المواطنين بالمسلحين المنشرين في كل مكان، وشاهدوا قناته التي لم تحتفل باليوبيل الذهبي الخمسين لثورة 26 سبتمبر، والاستقطابات والصحف، واسمعوه وهو يعترف بأنه على علاقة وطيدة مع إيران من ناحية مادية.. هذا كله قد يجعل صوته عالياً، لكنه لا يقرأ في كتاب الزمان جيداً، إنه ينطلق من منطلقات لا تشبه هذا الزمن، ولا يتعلم على يد أستاذه، لكن ألم يقل المثل الشعبي «الدهر فقيه» أو فقي؟!. المصدر: الجمهورية