صباح الخميس قبل الماضي انطلقت سيارة شاص من بيت جهلان بمديرية الشاهل بمحافظة حجة تحمل على متنها نحو 23 امرأة ومعهن 8 أطفال باتجاه منزل أحد أقاربهم في المنطقة المجاورة لمشاركته فرحة العرس، وما إن قطعت السيارة نحو عشرة كيلو متر في الطريق الوعر وتحديدا في جبل حرام فقد السواق السيطرة على السيارة التي تراجعت وسقطت من مكان مرتفع وانقلبت عدة قلبات لتتحول فرحة العرس إلى حزن خيم على المنطقة التي أفزعها ارتفاع عدد الضحايا. وفور وقوع الحادث أسعفت النساء والأطفال وسائق السيارة إلى أحد المستشفيات بمدينة حجة ولم تمض سوى ساعات على وصول الحالات إلى المستشفى إلا واستقبلت قرية بيت جهلان 15 حالة وفاة بينها خمسة أطفال أعمارهم ما بين 4 إلى 8 سنوات حيث تم دفن جثث الدفعة الأولى من الوفيات وعددهن 7 في الساعة الرابعة عصرا فيما استقبلت القرية في الساعة الثامنة من مساء اليوم ذاته الدفعة الثانية من الوفيات وعددهن 8 جثث، وتم دفهن ليل الخميس. ولعدم وجود إمكانيات تعالج الكسور وتجري العمليات المطلوبة لضمان سلامة المصابين في الحادث قضت الضرورة نقل 11 حالة بينها طفلين إلى صنعاء أحد الحالات وهو سائق السيارة تم نقله إلى مستشفى خاص نظرا لصعوبة حالته فيما بقيت الحالات الأخرى في مستشفى الثورة العام بصنعاء، وكان وصول الحالات إلى المستشفى في الحادية عشرة ليلا وهناك لم تجد الحالات أسرة رقود وبقيت في الطوارئ حتى الساعة السابعة من صباح الجمعة لتحصل حينها على سرير لمصاب واحد، وكان على البقية الانتظار في الطوارئ حتى السبت على الرغم من توجيهات وزير الصحة بتوفير كافة الرعاية اللازمة لهم بناء على التنسيق والجهود الذي قام بها محافظ حجة -حسب ما قيل. يوم الاثنين وصلت الخمس الحالات المتبقية إلى مستشفى الثورة بصنعاء وبعد يومين تقرر خروج امرأتين من المستشفى قبل الشفاء، ما اضطر أقاربهن لنقلهن إلى مستشفى خاص، وهو الأمر الذي زاد من معاناة الأسرة كون تكاليف العلاج بالمستشفيات الخاصة باهظة. ومنذ اللحظة الأولى للحادث المروع لم يسجل رئيس الجمهورية ولا رئيس حكومته ولا أعضاء الحكومة موقفا يذكر، وكأن الأمر لا يعنيهم، فيما لو وقع حادث من هذا النوع في دولة أخرى لهبوا جميعا وتسابقوا على الأقل بالتعازي. «آيات» تحلم بالعودة إلى المدرسة رغم الألم تقول الطفلة آيات صادق جهلان إنها تريد رؤية أخيها الصغير والعودة إلى المدرسة حتى لا تسبقها زميلاتها في الصف الثاني الابتدائي إلى المرتبة الأولى كونها حصلت العام الماضي على الترتيب الأول. ترقد الطفلة آيات على سرير المرض في قسم الرقود بمستشفى الثورة العام بصنعاء وتعاني من جروح في رجلها اليمنى على خلفية إصابتها في الحادث. ليست آيات الجريحة الوحيدة من هذا البيت، ففي السرير المقابل ترقد والدتها التي تعاني من إصابة هي الأخرى، وهو الأمر الذي ربما يزيد من معاناة ألام وطفلتها. بين السرير الذي ترقد علية الطفلة آيات وسرير ولدتها يقف والد آيات صادق جهلان ينظر إلى ابنته وزوجته يلهج بذكر الله، وكل ما يتمناه هو عودته برفقة ابنته وزوجته وبقية أقاربه المصابين إلى القرية. صادق جهلان (والد آيات) الذي يعمل مدرسا في مدرسة الفتح بجبل حرام يناشد وزير التربية ومكتب التربية بمحافظة حجة التعاون معهم فيما يتعلق بغيابه عن العمل في المدرسة بسبب وقوفه إلى جانب أسرته المنكوبة كما يشكر نقابة المعلمين ودائرة المرأة بالتجمع اليمني للإصلاح على وقوفهم وتعاونهم معه. ناصر يفقد شقيقته، وإصابة ثلاث من بناتها ناصر مبخوت جهلان توفيت شقيقته بالإضافة إلى إصابة عمته وثلاث من بنات شقيقته لم يستطيع وصف المعاناة التي يعيشها جراء الحادثة التي راح ضحيتها خمس نساء من بيته منها حالة وفاة وأربع حالات في عداد الجرحى حيث اختزل وصف معاناته، ولا يزيد على أن يردد: حسبنا الله ونعم الوكيل. بسام.. والرحلة الأخيرة مع والدته الطفل بسام يحيى هادي جهلان الذي لا يتجاوز العام ونصف العام من العمر، كان برفقة أمه في آخر رحلة له معها، وانتهى بهم المطاف إلى أحد المستشفيات بمدينة حجة وهناك كانت لحظات فراق الأم لطفلها وفلذة كبدها بعد أن طلبت إحضاره إليها وكأنها تشعر بقرب الأجل وأنها لن تشاهده مرة أخرى، وبمجرد أن نظرت إلى وجه رضيعها ورأته مخضبا بالدم بكت بكاء شديدا ولم تمض سوى لحظات حتى فارقت الحياة قبل أن يتم إسعافها إلى صنعاء ليبدأ بسام رحلة علاجية برفقة أقاربه الجرحى إلى صنعاء في أول غياب لوالدته عنه. ويتذكر والد بسام وأقاربه تلك اللحظات التي انهمرت فيها دموع أم بسام قبل دقائق من وفاتها ليتجدد الحزن والأسى كل يوم. الطفل بسام جهلان يختزل قصة معاناة أسرة بكاملها بعضها فارق الحياة والبعض الأخر لا يزال في المستشفيات الحكومية والأهلية يتجرعون مرارة الألم بحثا عن العلاج ومعاناة الحزن على أذويهم الذين فارقوا الحياة أمام أعينهم. عبدلله جهلان: نواجه صعوبة في علاج الحالات بالمستشفيات الخاصة أكد عبدلله أحمد جهلان ولي أمر إحدى المصابات والقائم بخدمة الضحايا أن هناك صعوبة في معالجة الحالات التي تتلقى العلاج في المستشفيات الخاصة وعددها أربع حالات كما أن هناك صعوبة في دفع تكاليف أخرى لشراء العلاجات للمصابات اللاتي خرجن من المستشفى. مشيرا إلى أن الحالات في المستشفيات الحكومية تشكل عبئا ثقيلا كونها تحتاج إلى عمليات باهظة الثمن. وعن المصابات في مستشفى الثورة طالب هيئة المستشفى بالإسراع في إجراء عمليات الكسور التي تحتاجها بعض المصابات كون تأخرها يزيد من حجم معاناة المصابات، مؤكدا على أن من بين الحالات التي تم نلقها إلى مستشفيات خاصة بعد رقودها في المستشفى الحكومي تبين أنها تأثرت أكثر بسب عدم الإسراع في إجراء العمليات فور وصولها إلى المستشفى. وتوجه بالشكر إلى كل المتعاونين وفاعلي الخير ومن اهتم بالقضية سواء عبر الدعم أو الاتصال وغير ذلك. بشائر.. أصغر ضحايا الحادث الناجين من الموت تعد الطفلة بشائر صالح جهلان ذو الخمسة أشهر من عمرها أصغر ضحايا الحادث الناجين من الموت حيث ترقد حاليا بمستشفى الثورة العام بصنعاء حيث كانت أثناء الحادث بحضن والدتها التي هي حاليا ضمن المصابات في قسم الرقود. صالح جهلان والد بشائر يقضي ساعاته في المستشفى بجوار ابنته وزوجته وشقيقته راضيا بقدره، ويبدأ حديثه شاكرا كل من تعاون معهم في مستشفى الثورة لكنه يؤكد أن هناك تقصيرا فيما يتعلق بزيارة الأطباء المختصين للمصابات وطالب هيئة المستشفى النظر بعين الرحمة وبإنسانية إلى معاناة المصابات حيث قال إنه وحتى اللحظة قد مضى أكثر من أسبوع ولم نجد أي نتيجة لفحوصات بعض المصابات التي تتدهور حالتهن الصحية بسبب عدم وجود أطباء متخصصين لمعاينة الكسور وغيرها من الإصابات حتى يتم إعطائهن العلاج المطلوب. سائق السيارة يتعرض لصدمة نفسية وعضوية بتعاطف واسع يتردد أقرباء الحالات المصابة لزيارة سائق السيارة عبدالمجيد يحيى صالح جهلان أحد أبناء أسرة بيت جهلان الذي لا يزال يرقد في المستشفى الأهلي بصنعاء ولا يستطيع أحيانا معرفة أقاربه الذين يرافقونه في المستشفى أو الذين يأتون لزيارته بين الحين والآخر لتدهور حالته الصحية ودخوله في حالة من الهذيان وعدم الوعي بما يدور حوله. حتى اللحظة ليس هناك أي معلومات لدى عبدالمجيد عن عدد الضحايا الذين سقطوا في الحادث ويخشى مرافقوه من معرفته لبعض التفاصيل في لحظة تماثله للشفاء وما قد يترتب على ذلك من تدهور محتمل لحالته الصحية السيئة أصلا. على سرير المرض يرقد عبدالمجيد جراء إصابته بجراح بالغة، ومعظم أجزاء جسمه ممزقة. في غرفته بالمستشفى كان الجميع يتحدث بنبرة حزينة عنه رغم أن كل الموجودين لديهم من أقربائهم مصابون إلا إن حالته الصحية الحرجة ومناقبه ومكانته بين أسرته جعلتهم يتألمون لما يعانيه ويدعون له بالشفاء. عبدالرحمن جهلان: يجب أن يلفت الحادث أنظار الجهات المعنية لفعل شيء الإعلامي عبدالرحمن جهلان أحد أبناء القرية وأحد المتعاونين مع الضحايا منذ لحظة دخولهم المستشفى قال إن هذا الحادث يجب أن يلفت أنظار الجهات المعنية بالسلطات المحلية والمركزية لوضع الحلول المناسبة ومعالجة الطرقات في هذه المنطقة التي يقطنها الآلاف من المواطنين في أسرع وقت ممكن حتى لا يتكرر مثل هذه المأساة الإنسانية. وأكد على أن هذا الحادث ليس هو من نوعه حيث شهدت المنطقة خلال الفترة الماضية حوادث مشابهة سقط ضحيتها عشرات من أبناء المحافظة نظرا لصعوبة الطرقات ووعورتها. وشكر جهلان كل من تعاون من المسئولين في المحافظة وفي وزارة الصحة مع ضحايا الحادث لتسهيل علاجهم وإنقاذ حياتهم وثمن دورهم الإنساني وموقفهم النبيل الذي خفف من معاناة الضحايا. وفي ختام حديثه طالب جهلان الحكومة ورئيس الجمهورية الوقوف إلى جانب الضحايا من أجل استكمال العلاج وتجاوز المعاناة التي يمرون بها نتيجة ما خلفته الحادثة من أضرار نفسية وبشرية ومادية بحق أسرة الضحايا. كلمة شكر أهالي الضحايا وعبر صحيفة الأهالي يتقدمون بالشكر والتقدير لنائب مدير مستشفى الثورة العام بصنعاء الدكتور عبدالمجيد أبو حاتم وكذلك الدكتور أحمد حجر والمناوبين الإداريين الدكتور نجم الدين والدكتور مرزوق على تعاونهم وجهودهم التي بذلوها في علاج المصابات بالمستشفى.