من كان في قلبه مثقال ذرة من حقد ضد "بشار الأسد" و "علي عبدالله صالح" وأمثالهما فليقرأ هذا المقال لأنه يتحدث عن حقد من نوع آخر لا علاقة له بحقد العامة من الناس، إنه حقدٌ أسود تخرج شياطينه من سجّين لتقتل وتسفك وتهدم، ليخرج بعد ذلك الناطق الرسمي لكل حاقد لئيم وقد خلع ثوب الحق ولبس عباءة التقوى قائلا ما يقوله الأشقياء حينما يتنصلون عن جرائمهم. الحقد مادة للدمار والإفناء، والحاقدون قنابل موقوته يتحينون الفرصة للانفجار بأنفسهم إن لم يجدوا في خصومهم مادة لهتك الأعراض وسلب الأرواح، وكل حاقد مذموم حتى لو قال عنه التاريخ أنه السيد القديس وصحاب المقام وقطب الكون..... إلخ المسميات التي تشير إلى أن روعة القرن الواحد والعشرين لن تكفي أن تنتزع من وجوهنا جزءاً من مادة الدهشة الممزوجة بالحزن والألم، بفعل أحداث صاخبة مرعبة لا منطقية عبثية، تجتمع كلها في قلب حاقد لئيم ينادونه في سوريا "بشار الأسد" وندعوه هنا في اليمن "علي عبدالله صالح" المشهور "بعفاش"، وليت الأمر مقصور على هذين المجرمين، ولكنا سنكتفي بالتعريض بهما ليدرك الجميع أن في قلوب زعماء الطغيان من الحقد على الشعوب ما يكفي لصنع آلاف الصواريخ المحملة برؤوس نووية. وإن كان للعامة حظٌ من الحقد فهو ما يزيلون به عن أنفسهم وعثاء الخصومة وشدة المكر من أبناء جلدتهم الذين يتسلى الواحد منهم بهتك عرض خصمة إن لم يجد في نفسه قدرة على إلحاق منتهى الألم بمن يتنازع معه في شأن من شؤون الناس. ولكن الحقد بتلك الكيفية هين على الرغم من شدته، بسيط على الرغم من فداحة ضرره. أقول ذلك وأنا لا أزال في دائرة الدهشة أترجم عمق المصيبة بما لا يسمن من كلمات ولا يشبع من صرخات. إنه حقد الملوك، الحقد الهائل المخبوء في دهاليز مظلمة قيل عنها القصور الرئاسية. إنه الطاعون الأسود والهلاك البيّن، قنبلة نووية جمعت حقيقة الكراهية للأرض والإنسان. حقدُ بشار على السوريين أنزل بهم البلاء وأذاقهم الويل وسلبهم الماضي والحاضر والمستقبل. بل إنه أحال سوريا إلى نسخة مصغرة من مدن الموت أثناء الحرب العالمية الثانية، فأصبحت حلب مثل باريس المدمرة ، وغدت حمص مثل مدينة ستالينجراد الروسية التي دكتها قوات الفوهرر، أما مدينة حماة فلن يكون حالها أقل مما كان عليه حال برلين بعد أن اجتاحتها جيوش الحلفاء، وها هي اليوم أطلال " هيروشيما ونجازاكي " تطل علينا في كافة المدن والبلدات السورية بعد قيام المأفون الأسد، باستخدام السلاح الكيماوي. وعلى الرغم من ذلك لم يقدر بشار على سلب إرادة السوريين وهمتهم، فهو لأجل ذلك يزداد في حقده عليهم بما يكفي أن يتفوه فمه ليس بالكلمات ولكن بصواريخ قال عنها يوما أنها صواريخ للممانعة والمقاومة. عن أي مقاومة يتحدث هذا العتل بلا كرامة الزنيم بلا مروءة، وقد أحال سوريا اليوم إلى ثقب أسود يمتص أحلام السوريين وآمالهم، وكل ذلك تحت مقولة " أعلُ هبل" يقولها في حضرة بشار من يقترفون من الآثام ما يكفي أن تزول عنهم صفة الإيمان، وهل كان "الشبيحة" يوما ما مؤمنين!!! ، لعلي أضحك في مرارة إن زعم ذلك أحد المتحذلقين وهو يحكي عن بشار خوارق العادات بوصفه مثلا أعلى لمن يبحث عن مقاومة إسرائيل ابتداء بقتل السوريين وانتهاء بقتلهم كذلك. فإلى كل من يأخذون محبتهم لبشار، اقتراضاً من محبتهم لحسن نصر الله، أية ثكلى ستنوح عليكم، وقد أدركتم أن وراء محبة ذلك المجرم المأفون الدمار الذي لا يكفي أن يكتب بهذه الكيفية لكي يقتنع أدناكم أن ما يحدث في سوريا هو محرقة حقيقية يقودها بشار وزبانيته بحثاً عن مجد موهوم تحت مظلة ولاية الفقيه. وحالنا في اليمن، يختلف عن سوريا بفارق مهول من أوجه اللامقارنة لكن مع ذلك يأبى "عفاش" إلا أن يطل برأسه بين الحين والحين وقد تحول صدره إلى بركان هائل لحقد أسود فهو ينفث من خلاله صهارةً بركانية مليئة بسحب سوداء كثيفه في مخطط خبيث لإدخال اليمن في عصر جليدي مظلم. هكذا قال عفاش، أو بالأحرى هكذا قالت أفعال عفاش، وقد رأيناه مهددا بملفات لا تزال في يده، ومتوعدا بوثائق لا تزال في يده أيضا، هذا من جهة. لكن هل يعقل أن يمر مسلسل القتل والاغتيالات للعسكريين وغيرهم، دون أن يتجه مؤشر الخرائط في قوقل ماب، نحو تقاطع خطي الطول مع العرض إلى ذات الجهة التي يدير فيها عفاش عملياته الانتقامية الحاقدة. يقول أحدهم أن "عفاش" قد اختزل مشروعه الانتقامي في دراجة نارية تصب الموت على رؤوس العسكريين، في لحظة جمعت الموت والدهشة معا، الموت للعسكريين الأبرياء والدهشة للمجتمع المصدوم بفعل طريقة "عفاش" في السخرية، وهي ذات السخرية التي سرقت الأرواح من قلوب خصوم عفاش على امتداد الوطن الواسع، فحقد "علي صالح" ليس وليد اللحظة، بل يمتد في الماضي امتداد الذكريات المرعبة. من منا يجرؤ على استحضار ذكريات الوطن المرعبة، من منا يرغب أن يتذكر حوادث القتل والاغتيال ليلاً في ظروف غامضة، من يرغب في تذكر عشرات السيارات وهي تحمل الموت في إطاراتها المليئة بالغاز، من يرغب في تقصي لغز السقوط اللامنطقي لطائرات حملت بداخلها جثامين أصحابها في اللحظة التي ينتهي فيها عفاش من حفر قبور أبرز أعداءه السياسيين واعتبارهم رموزاً وطنية. وكان الدرس الذي حفظناه جيدا أن عفاش يجيد تفخيخ المقامات السياسية بألغام الموت لشخصيات وطنية بارزة ناصبته العداء. وفي اللحظة التي تحدث فيها حوادث الاعتداء على أبراج الكهرباء وتفجير أنابيب النفط والغاز، تخفق قلوب اليمنيين وهم يستحضرون صورة غريمهم الأزلي، على الرغم من عدم وجود أية أدلة تشير إليه بالتهمة، إلا أن التهمة ذاتها تشير إليه والدليل ذاته يحكي عنه، وخواطر القلوب أحكام مسبقة لا تكفي بطبيعتها للف حبل المشنقة حول رقبة ذلك المجرم العتيد، لكن الأيام القادمة لن تكفي أن تكون خاتمة القصيدة لرواية مليئة بأخطاء مطبعية عنوانها "مصير عفاش".