لا يوجد أجهزة في اليمن لقياس الاضطرابات وقرع جرس الإنذار لتنبيه الناس بإمكانية حدوث كارثة فضلاً عن التأكد منها. ولعل أقرب مثال على ذلك ما حدث الأسبوع الفائت من ارتباك واضح من قبل القيادة اليمنية إثر تلقي الجانب الرسمي بلاغاً عاجلاً من المركز الدولي للإنذار المبكر بأستراليا يؤكدون فيه إمكانية وصول «تسونامي إلى المحافظات الجنوبية الشرقية في اليمن حسب ما أورده وكيل وزارة المياه والبيئة المساعد مفيد الحالمي لوكالة الأنباء الرسمية بعد أن ضرب تسونامي جزيرة سومطرى بأندونيسيا. والغريب أن يأتي الإنذار قبل إمكانية حدوثه بنصف ساعة، ونصف ساعة لا تكفي حتى لإبلاغ المواطنين القريبين من السواحل والصيادين وغيرهم، فضلاً عن أن يتمكنوا من الابتعاد عن تلك الأماكن في هذا الوقت القصير. بعد انفجار البركان الذي أثار مخاوف اليمنيين في جزيرة الطير أواخر سبتمبر وأوائل أكتوبر عام 2007م، تهاون الجانب الرسمي بشأن رصد الزلازل وتقلبات البحر، وقامت وزارة النفط والمعادن ممثلة بهيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية بإنزال مناقصة عام 2009م لتوريد وتشغيل محطات رصد زلزالي للبراكين، وأن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي، وإلى الآن لا تزال الأجهزة قيد اللغط. الأجهزة غير مطابقة للشروط بلغت قيمة المناقصة ما يزيد عن أربعمائة ألف دولار، أي ما يقارب من 400 مليون ريال يمني، ورست على إحدى الشركات ذات العلاقة (يحتفظ الموقع باسمها). ووصلت الأجهزة، والمعضلة تكمن في وصولها، ذلك أن أهم الأجهزة غير مطابقة للعقد، فضلاً عن الدراسة التي تم إعدادها من قبل اختصاصي مركز رصد الزلازل بعد استلام عروض الشركات المتقدمة للمناقصة. وتلقت الهيئة العليا لمكافحة الفساد والتي حررت مذكرة -حصل عليها الأهالي نت- إلى إدارة هيئة المساحة الجيولوجية لتوقيف الضمان الخاص بالشركة الموردة. وبعد الاستعانة بلجنة للتأكد من فحص الأجهزة المستلمة من الشركة ومطابقتها للعقد ودراسة المواصفات تبين الفروق الجوهرية والإخلال في الشروط، فضلاً عن عدم توفر الكتالوجات الإرشادية بكافة الأجهزة . وتعتبر عملية المراقبة والإنذار المبكر عنصرا رئيسيا للحد من خسائر الكوارث إذ تقلل من تأثيراتها المادية والاقتصادية ولابد من توفر قواعد علمية مناسبة للتنبؤ بالبراكين وتوقعها، بالإضافة إلى نظام مراقبة يعتمد عليه ويعمل على مدار ال 24 ساعة، وهذا يتطلب توفير المعدات الفنية التي تناسب الظروف والحالات، فحركة المنصهرات المصاحبة للنشاط البركاني باتجاه الأعلى يتولد عنها حركة راسية في الصخور المحيطة بالبركان عند سطح الأرض، وهذا يتطلب نشر شبكة من اللاقطات لالتقاط الترددات العالية. وبحسب التقرير الذي أعدته اللجنة فإن الأجهزة المستوردة مخيبة للآمال تماماً، وبحسبه -أيضا- فقد لوحظ وجود تحولات جوهرية وغريبة في المواصفات الخاصة وبشكل سلبي يتناقض تماماً مع كراسة المواصفات من حيث: حداثة الموديل لمنظومة أجهزة الرصد، المواصفات التقنية، ونوع اللاقطات من مدى قصير إلى مدى واسع، نوع منظومة الاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية، خفض سرعة الموديمات الخاصة بنقل البيانات لمنظومة الاتصالات من (128 kbps-50 mbps) إلى (64kbps). وفي الدراسة تضمن شراء أجهزة براكين ومنظومة اتصالات عبر الأقمار وبدون ذكر محطة مركزية وHUB، بينما تم شراء محطة مركزية وHUB وبسعر خيالي بلغ تسعين ألف دولار (مع أن المركز كان قد اشترى ذلك في مناقصة عام 2008م) بدلاً عن الشبكة الجوديسية والتي تعد من أعمدة الأجهزة المستخدمة للمراقبة الدقيقة لتشوهات القشرة الأرضية. ووجه رئيس قسم المراجعة بمركز رصد الزلازل عبدالوهاب الوراق مذكرة إلى وزارة النفط شكا فيها من الفساد المالي والتزوير والمغالطات التي يجيدها مسؤول كبير (تحتفظ الأهالي نت باسمه) في هيئة المساحة الجيولوجية ونائب رئيس المركز ومدير المراجعة الداخلية بالهيئة الذين يستخدمون كل صلاحياتهم من أجل دفن القضية وحماية الفاسدين حد تعبيره، وأرفق المذكر بتقرير من 8 صفحات أعدته اللجنة المختصة والمكونة من المهندس منير المسني، والمهندس خالد العراسي. *من المحرر: نشرت هذه المادة في أسبوعية الأهالي وجاء الرد من نائب مدير المركز الذي أبدى ملاحظته حول مبلغ المناقصة الذي قال أنها 100 مليون وليس 400 مليون.