جنوبيون يهتفون في مؤتمر الحوار "ثورة ثورة يا جنوب".. هذه إحدى العجائب، وإن كنت لا أدري أن كانت من عجائب الحوار، أم من عجائب الحراكيين، أم من عجائب اليمن. لدى الإخوة الجنوبيين "قضية جنوبية" والجميع مقتنعون بها، في الشمال والجنوب، والداخل والخارج، ومؤتمر الحوار معني بحلها، وكل يقدم رؤية، انفصال، أو استمرار الوحدة الاندماجية مع معالجة المشكلات المتسببة، أو فدرالية، وعلى إقليمين أو ستة آو ستين. أن يرفعوا علم الشطر الجنوبي السابق في مؤتمر الحوار فهو أمر مفهوم، وإن كان المطلوب أن يطرحوا رؤيتهم للنقاش لا أن يرفعوا العلم في الجلسات العامة، لكن أن يهتفوا "ثورة ثورة" فهذي عجيبة. ذات يوم في 2008م كنت أتناقش مع أحد الجنوبيين، وكان الخلاف على كلمة "احتلال" التي كان يستخدمها فقلت له إنني لا أوافق على كلمة احتلال وقلت له: أنت نفسك مش مقتنع أنه احتلال، قال: كيف مش مقتنع؟ فأجبته: لو كنت مقتنعاً أنه احتلال لما كنت محتاجاً للتأكيد المستمر على "سلمية الحراك" لأن من يرى بلده محتلاً فعلاًُ فإنه لن يتردد عن الكفاح المسلح. فأطرق واعترف أن ثمة شيئاً يحتاج مراجعة. مؤتمر الحوار مطالب بحل القضية الجنوبية، ومن وافق على المشاركة والحضور فهو يؤكد موافقته عن هذا الحل عبر الحوار. ومن يرى الحل في ثورة فالثورة مكانها الشارع وليس مؤتمر الحوار!! إحدى المفردات العجيبة بعضهم هتف أيضاً لرحيل وحيد رشيد محافظ عدن، وابتداء نؤكد أن لكل شخص الحق في المطالبة بإقالة هذا المسئول أو ذاك لكن قطعا ليس في مؤتمر الحوار، لأن مؤتمر الحوار معني بقضايا محددة ومعروفة للجميع تتعلق بمستقبل اليمن ولا صلة له بإقالة هذا المسئول أو ترقية ذاك. من السيئ جدا أن يكون بين المتحاورين من لا يعرف مهمة مؤتمر الحوار، أو لا يعرف ماذا يريد، وما إذا كان مؤتمر الحوار سيحقق له مراده أو لا، والأسوأ في السيئ أن يكون بين هؤلاء جنوبيون يتبنون "القضية الجنوبية"!! الذين لا يروقهم وحيد رشيد هم -في الغالب- ممن لديهم خلفية سياسية غير متوافقة مع الإصلاح، ولن يقتنعوا بأي شخص إصلاحي آخر رغم أنهم جنوبيون أيضا. وهذا ليس منطق من يتحدث عن قضية جنوبية، وإنما هو منطق خصم لطرف سياسي، وصاحب حمولة سياسية قديمة أو حديثة جاء يفرغها في مؤتمر الحوار على حساب القضية الجنوبية التي يزعم أنها قضيته الأولى والأخيرة!!