العصرية نت/بقلم: حسين علي عفيف كنت جالساً كعادتي على شرفة المكتب أتناول الشاي وأتحدث مع زميلي ، فإذا بأحد الشباب يمر راكباَ دراجة نارية يقودها بسرعة البرق فأسريت إلى زميلي ما هذه السرعة الجنونية ؟ فأجابني هذا هو سائق الموت ، فشدني هذا الاسم الغريب ، وعندما رأى صاحبي الاستغراب والدهشة بادية على ملامح وجهي أستهل يحدثني عن سائق الموت وعن سرعته وعن أسرته …….الخ أتضح لي بأن هذا الشاب من أسرة فقيرة ومتعثر في دراسته ( التعليم الأساسي ) ورغم هذا أجبر أهله على شراء دراجة نارية والصرف عليها بما تحتاجه من مصروفات خلال أيام الأسبوع وهو منذ الصباح الباكر ينطلق بها هنا وهناك ينشد التسلية بسرعته الجنونية في الشوارع العامة وبين الأزقة في حارات المدينة . كنت استمع إلى الحديث بكل جوارحي وبأذن صاغية وبعد أن أكمل صاحبي حديثه عن سائق الموت كما يروق له تسميته ، قلت لصاحبي بل أنه الذاهب إلى الموت مع سبق الإصرار . سائقنا لم يبلغ من العمر الخامسة عشرة ربيعاً وليس له مصدر دخل وقد أجبر والديه على شراء دراجة نارية والصرف عليها ( بترول ، زيت ، إصلاحات … الخ ) وهم في حاجة إلى كل ريال في ظل الظروف التي تعيشها البلاد في هذه الأيام لكن سائقنا لايهمه غير الخروج من الصباح الباكر راكباَ دراجته النارية مسرعاً بها يسابق الريح عارضاً مستعرضاً مهاراته في القيادة معتقداً بأنه يلفت الأنظار ويشد المارة وكلمات الإعجاب و الإطراء تلوكها الألسن تمجيداً بسرعته ومهارة قيادته ورسخ في ذهنه بأنه السائق البطل الذي لا يشق له غبار و القائد الهمام الذي تلين له الدراجات النارية بأنواعها المختلفة فتمادى في غيه ، وفقد التوجيه الواعي من والديه وأستغل تعاطفهم معه بتوفير ما يحتاجه على حساب مصروف الأسرة رغبة منهم في إرضاءه ومساواته بغيره من أبناء الذوات ، ويعلم الله كيف وفروا قيمة الدراجة ؟ تمر الأيام تلو الأيام وسائقنا كعادته ذاهباً عائداَ بدراجته في شوارع المدينة بسرعته المعتادة دون مراعاة لحرمة الشارع و الإنسان وكأنه أمتلك الطريق وهو أبن ذلك العامل الفقير الذي يبحث عن قوت أسرته من خلال عمله اليومي الذي يجده يوماً ولا يجده أيام أخر . وكنت أعجب من تصرفات سائقنا أليس له أب يوقفه عند حده ؟ أليس في هذه المدينة جندي مرور ؟ أليس ……. أليس ؟؟؟ كلها أسئلة تدور بخلدي وأنا أفكر في عاقبة ما أشاهده أمام عيني من تصرفات صبيانية ناتجة عن غياب دور المربي في المنزل و المدرسة و الشارع فلكل واحد من هؤلاء دور تربوي أن هم قاموا به استقامة الحياة و أن تركوه أختلت موازينها و الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : (كلكم راع ٍ وكلكم مسئول عن رعيته …… ) . أن التربية في المنزل تقع على عاتق الوالدين من تهذيب وتربية وتوجيه نحو السلوك الصحيح والتصرف المؤدب واحترام الشارع ومن فيه من مارة ومتسوقين والشعور بأن الطريق لها نظام سير يحافظ عليه رجل الأمن حماية للإنسان من تهور وطيش الشباب الذي لا يفكر في عاقبة الأمور ، أن اختلال هذه المنظومة في توعية وتربية الشباب على تعاليم ديننا الحنيف وحقوق الطريق يضع حياة الإنسان في الشارع في مواجهة مباشرة مع سائق الموت . أن سائق الموت ظاهرة منتشرة في أيامنا هذه تراه على دراجة نارية تارة وتارة أخرى على سيارة تعددت الأسباب والموت واحد ٌ وتتوالى الأيام ونسمع عن الحوادث المروعة التي يكثر فيها الموتى والجرحى من الراكبين والمارة و الحمد لله رب العالمين . غياب دور جندي المرور وإدارة المرور في تطبيق قانون السير ورخصة القيادة جعل الأمر سهلاً على من لا يقدّر العواقب الوخيمة من جرّاء السرعة الجنونية والقيادة غير المدربة التي تمتطي السيارات والدراجات النارية امتطائاً ، أصبح احتمال حدوث الموت – بإذن الله – أكبر من أي وقت مضى ، يزدحم الشارع بالمارة وحركتهم وتنقلهم بين محلات البيع وكل ٍواضع قلبه على كفه خوفاً من أن تحدث له صدمة مفاجأة من سائق الموت الذي أصبح تواجده في الشارع العام والأزقة بشكل دائم . من ينقدنا من هذا الوضع ؟ من المسئول عن إيقاف سائق الموت عند حده ؟ وحكايات الحوادث التي نسمع بها هنا وهناك وفي كل وقت وحين دليل قاطع على اللامبالاة بحياة الناس وأخيراً أقول لسائق الموت لا تسرع فإن الموت أسرع وفي العجلة الندامة وفي التأني السلامة ومن يحب ابنه يجب أن يحميه من التهور والاندفاع ويحد من تصرفاته الطائشة التي تؤدي إلى سوء العاقبة . أخي الأب هل تحب أن ترى ابنك يمشي في الشارع وهو مبتور الأطراف ( الرجل أو اليد ) ؟ ومن هو في سنه يمشي سوياً معافى هذا إذا لم يكتب له الموت ، هل تحب أن ترى ابنك يمشي متكئ على عكاز ؟ إذا كنت لا تحب أن يصل ابنك إلى هذه الحالة يجب من الآن التفكير في معالجة مشكلة السرعة والتدريب على القيادة الواعية وخير لك أن تتركه بدون مركوب من أن تراه ماشياً بعكاز أو بيد ٍ مقطوعة فلا إفراط ولا تفريط فالوسطية ديننا والتعقل عملنا و التفكير الواعي حياتنا وحشد همم الشباب فيما يخدم المجتمع مستقبلنا وصرفهم عن سوء الأعمال ينير طريقنا .