إمرأة يمنية في الثانية والثلاثين من عمرها، أختارت لنفسها اسم وهمي "أحلام" لتبقى هويتها سرا ولا تتعرض لمضايقات في حياتها, بسبب إصابتها بفيروس فقدان المناعة المكتسبة (الايدز) تفاديا للوصمة الاجتماعية التي يتعرض لها المتعايش مع هذا الوباء . تعيش أحلام حياة طبيعية مع زوجها وأطفالها الثلاثة رغم إصابتها بمرض الإيدز منذ خمس سنوات، لتجد نفسها أمام خيارين لا ثالث لهما، التحدي والصمود في وجه المرض، أو فقدان الأمل واليأس من الحياة وتقرير المصير المحتوم الذي لا مفر منه عاجلا أو آجلا. إدارة أخبار المرأة والطفل بوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) اقتربت من أحلام، التي رفضت الاستسلام للخوف بعد اكتشافها بأنها مصابة بالمرض من زوجها الأول الذي أنجبت منه طفلان أحدهما سليم والأخر مصاب، وتخلى عنها أقرب الناس إليها والدها ليضيف إلى معاناتها همًا آخر، جعلها تسيطر على مشاعرها في لحظة تستوجب الوقوف معها لاستكمال مشوار حياتها. تقول أحلام:" حينما علمت بأني مصابة بالمرض حمدت الله ورضيت بقضائه وتحدًيت المرض، وقتلته بإرادتي وقوتي قبل أن يدمرني ورفعت من معنوياتي لأعيش كأي فرد مصاب بأي مرض، وانا أعيش حياتي الطبيعية التي قررت بي الانتقال إلى مستوى أفضل بدلا من حالة اليأس التي عشتها بوجود المرض". وأضافت:" عندما عرف إخواني بأني مصابة تفهموا الوضع تماما خاصة وأن حالتي النفسية والصحية كانت حرجة للغاية، واستخدمت العلاج الثلاثي ل 8 أشهر وتعاملت معه كمرض السكر أو الضغط او أي مرض يصاب به الإنسان وأُمارس حياتي بشكل طبيعي". وعبرت أحلام عن ألمها وحزنها لإصابة أبنها بهذا المرض وقالت :" أنا لا اتألم على نفسي بقدر ما أتألم على أبني المصاب وهو طفل بريء لا ذنب له،فعندما يكبر ويعرف أنه مصاب بهذا المرض كيف يكون مصيره ، وكيف ستكون نظرة المجتمع السلبية له في المستقبل". واستغربت احلام من التمييز الذي يمارس ضد المتعايشين مع مرض الإيدز وتخلي المجتمع عنهم في لحظات صعبة يفترض أن يقف إلى جانبهم، ووصفت نظرة المجتمع للمتعايشين مع المرض بالسيئة والمعيبة على اعتبار أنهم صاروا في طريق خاطئ بسبب المفاهيم المغلوطة حول انتقال المرض وطرق الاصابة. ولا تختلف طريقة تعامل الشاب نبيل مع الايدز عن طريقة احلام.. يقول:" بدأت أعرف بأني متعايش مع المرض قبل خمس سنوات، وكنت حينها خارج اليمن واضطررت للعودة للوطن وكنت متخوف من نظرة المجتمع ". وأضاف نبيل :" طبعا والدي ووالدتي كبار السن ولم يعرفوا حتى الآن أني مصاب،لكن بالعكس إخواني تقبلوا الوضع وقدموا لي دعم نفسي ومادي وشجعوني على ان اعيش حياتي دون مشاكل أو عوائق ". وأوضح أنه خضع للحجز الصحي لمدة سنة، استعمل علاج مكافحة المرض وخرج بعدها إلى المجتمع المدني واختلط " بجمعية أيد لرعاية المتعايشين مع الإيدز" .. منوها بدعم ومساندة الجمعية لرفع معنوياته والتحاقه في دورات تدريبية في هذا المجال حتى أصبح قيادي ومدرب في مجال الإيدز. وتابع:" استخدمت العلاج الثلاثي منذ سنتين ونصف، وبعد أخذي للدورات وانخراطي في المجتمع كسرت حاجز الخوف والصمت وبدأت أعمل دورات توعوية وتثقيفية حول المرض في الحدائق والجامعات ونزول ميداني إلى المراكز الطبية لمعرفة مستوى الخدمات التي تقدم للمتعايشين مع المرض" . وبيٌن نبيل أن المتعايشين مع مرض الإيدز يعانون مضايقات مجتمعية متكررة وهذه وصمة عار لا تزال في الأذهان وعلى المتعايشين كسر حاجز هذا الخوف .. معربا عن أسفه لما يتعرض له بعض المتعايشين مع مرض الإيدز من طرد واحتجاز من قبل أهاليهم في غرف مغلقة وإعطائهم الأكل من وراء الباب والبعض منهم من أخذت زوجته منه خوفا عليها من الإصابة . وأكد أن المتعايشين مع المرض يعيشون حياة طبيعية باستخدام العلاج الثلاثي، باعتبار أن مرض الإيدز كمرض السكر أو الضغط .. محملا وسائل الإعلام قضية تهويل المجتمع وتخويفه من مرض الإيدز وتصويره لهم وكأنه شبح . واردف نبيل قائلا :" هناك متعايشين مع المرض لأكثر من 15 سنة يستخدمون العلاج الثلاثي بانتظام ومواعيد ورعاية صحية مع الأطباء وهم حاليا يمارسون حياتهم بشكل طبيعي، منهم من تزوج وآخرين أنجبوا أطفال، وتجد نسبة إصابة أطفالهم بالمرض من 1 إلى 2 بالمئة . أحلام ونبيل نموذجان من النساء والرجال المسجلين في الإحصائيات الرسمية الذين تعايشوا مع مرض فيروس نقص المناعة المكتسبة الايدز وعانيا من التمييز والوصمة الاجتماعية التي ترتبط بضحيته وقررا ممارسة حياتهما الطبيعية بفضل الجهود المبذولة، ولا يخفيان شجاعتهما في الظهور ونقل تجربتهم للآخرين لتحسين نوعية الحياة للمتعايشين مع فيروس الأيدز ووقف كل أشكال التمييز والإقصاء الذي يتعرض له المتعايش معه. وبحسب مدير مشروع مكافحة الايدز بالمجلس الوطني للسكان الدكتور عبدالله عبدالكريم العرشي في الندوة الصحفية التي نظمتها وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) وبرنامج الأممالمتحدة المشترك للإيدز والمركز الإعلامي للأمم المتحدة بصنعاء بالتنسيق مع وزارة الصحة العامة والسكان، يوم امس الاول كشف العرشي ,ان عدد المصابين بمرض نقص المناعة الايدز في اليمن وفق الإحصائيات الرسمية بلغ نحو ثلاثة آلاف و 236 حالة مسجلة حتى نهاية العام 2010 م . ووفق معادلات منظمة الصحة العالمية فإنه وراء كل حالة معلنة 10 حالات مخفية ويقدر عدد الحالات في اليمن ما بين 27 إلى 28 ألف حالة مصابة بالمرض . وأوضح العرشي ان المشروع منذ تأسيسه في 2005م يعمل مع 35منظمة مدنية محلية وجهات حكومية لرصد الوصمة والتمييز التى يتعرض لها مريض الإيدز ونشر التوعية بين فئات المجتمع .. مؤكدا أن المشروع استهدف خلال الفترة الماضية جميع الفئات بما فيهم أعضاء المجالس المحلية والسجناء والفئات المهمشة والصيادين ورجال الأمن والمرشدين والإعلاميين . وقال: " إننا نعول كثيرا على وسائل الإعلام ورجال الصحافة في تناول طرق انتقال المرض والوقاية منه الذي أصبح تسونامي صامت يداهم العالم ويحصد ضحاياه في غياب الوعي بخطورة المرض". وأهاب العرشي بجميع المواطنين إجراء الفحص الطوعي المجاني في مراكزالفحص الطوعي لمرض الإيدز التابعة لوزارة الصحة العامة والسكان التي تم افتتاحها وعددها 16 مركزا في مختلف المحافظات . وفي سياق ذلك أكد أمين عام جمعية (آيد) لرعاية المتعايشين بمرض الإيدزعبدالحافظ الورد أن الجمعية تعمل على إزالة الوصمة والعار في نفوس المتعايشين مع مرض الإيدز بما يكفل لهم العيش في حياة عادية وطبيعية. وأوضح الورد ، أن الجمعية بالتنسيق مع الجهات المعنية تسعى لحصول المتعايشين مع مرض الإيدز على فرص عمل تكفل لهم العيش والحياة كغيرهم من أفراد المجتمع إضافة إلى التنسيق مع وزارة الصحة لحصولهم على العلاج الثلاثي للمرض والنزول الميداني الى المستشفيات لتقديم الخدمات للمتعايشين. المدربة في المهارات الحياتية ومعلمة بوزارة التربية والتعليم ياسمين محمد ,طالبت الجهات المعنية وعلى رأسها وزارة الصحة العامة والسكان باستهداف طلاب وطالبات مدارس التعليم الأساسي والثانوي والجامعات وتوعيتهم وتثقيفهم بمرض الإيدز ومخاطره وطرق الوقاية منه . وقالت محمد :" إن الطلاب والطالبات هم الفئة الأكثر عرضة للإصابة بهذا المرض ولا بد من تظافر الجهود بين منظمات المجتمع المدني والجهات الحكومية لإيصال رسائل التوعية والتثقيف بما يكفل حمايتهم من هذا المرض الخطير". وتصنًف اليمن بحسب تقرير البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز بوزارة الصحةالعامة والسكان الذي عرضه الدكتور عبد الحميد الصهيبي في الندوة - من الدول ذات المعدلات المنخفضة في نسبة انتشار المرض بأقل من 2 % . وسجلت اليمن أول حالة إصابة في عام 1987م، فيما بلغ عدد حالات الإصابة بفيروس الايدز في عموم الجمهورية اليمنية حتى نهاية العام المنصرم نحو ثلاثة آلاف و236 حالة منها 984 حالة وصلت الى مرحلة الايدز وعدد ألفين و 252 حالة حاملة للمرض وتتوزع الفئة العمرية للإصابات بالمرض مابين 15 و 45 عاما وأجمالا من عدد حالات الإصابة بالمرض منها 60 % ذكور . وبينت الدراسات أن نسبة الانتشار للمرض بلغت 6 % في أوساط مرضى السل، و25% في أوساط الحوامل ونسبة 3 ر1 % في أوساط الممارسات للجنس . في حين وضع البرنامج خطة عمل وطنية القطاعات والتعاون الفعال على مختلف المستويات للتصدي لجميع جوانب المشكلة بما يسهم في تعزيز الوقاية من فيروس الإيدز والعلاج والرعاية ودعم القدرات بين الحكومة والمجتمع المدني إضافة إلى زيادة التغطية حول الوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية لعمليات نقل الدم المأمون، ووضع وتطبيق معايير السلامة للدم . وتضمنت الخطة التوعية المجتمعية والتثقيف بفيروس نقص المناعة البشرية الإيدز وغيرها من الأمراض المنقولة جنسياً بين الفئات المهمشة تحديداً والمعرضة للخطر و تعزيز السلوك الأمن إضافة إلى دراسات المراقبة وتنمية القدرات وتحليل الوضع . وفيما يتعلق بمأمونية نقل الدم يشير مدير البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز والأمراض المنقولة جنسيا بالوزارة الدكتور الصهيبي ، الى ان التنسيق قائم مع خدمات نقل الدم الذي يعتبر مكون أساسي لإستراتيجية الوزارة وخطة البرنامج ويتم فحص عينات الدم قبل نقلها. ويبين الصهيبي بان البرنامج وفي سبيل مكافحة العدوى عمل على إعداد دليل إرشادات لتطبيق المعايير الدولية للسلامة وتنفيذ دورات تدريبية للعاملين حول مكافحة العدوى، فيما لا يزال التنسيق قائم بالنسبة لخدمات الوقاية من الأمراض المنقولة جنسياً في الإدارة العامة للصحة الإنجابية في قطاع السكان . وبدأ البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز والأمراض المنقولة جنسيا بوزارةالصحة العامة والسكان العمل في تقديم خدمات المشورة والفحص الطوعي "طوعياً ودون تمييز ويمكن الوصول إليها بسهولة وإتاحة الفرصة للراغبين في إجراء الفحص والاستفادة من خدمات المشورة قبل وبعد الفحص وتشجيع المتعايشين للوصول والحصول على خدمات طبية ورعاية صحية". واستطاع البرنامج توسعة الخدمة ليصل عدد مواقع المشورة والفحص إلى 25موقعاً عام 2010م، لتقدم خدماتها عبر كوادر مؤهلة ومدربة وبدعم من الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا بالتعاون مع منظمة اليونيسيف . ووفقا لتقرير البرنامج فإن اليمن تؤمن علاج المصابين بمرض الإيدز بدعم من الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا بالتعاون مع منظمة اليونيسيف، بالعقاقير المضادة للفيروسات لجميع المتعايشين مع الفيروس ، حيث بلغ عدد المتقدمين بطلب الرعاية والفحص 924 حالة وعدد الذين يتلقون العلاج 531 متعايشاً حتىنهاية 2010م. بينما يقدم البرنامج خدمات وقائية لعدم انتقال عدوى فيروس الإيدز من الأم الحامل المصابة بالفيروس إلى الطفل إعطائه جرعة علاجية وقائية بعد الولادة إضافة إلى توعية النساء الحوامل بطرق الوقاية والمشورة للنساء أثناء فترة الحمل وتقديم الرعاية والعلاج للمرأة الحاملة المصابة بعدوى فيروس الإيدز عبر مواقع تقديم الخدمات وعددها 8 مواقع في خمس محافظات تشمل مركز العلفي بأمانة العاصمة ومستشفى الوحدة ومركز البساتين الطبي الخيري بعدن ومستشفى بن خلدون بلحج والمكلا وتعز والحديدة. وحدد التقرير عدد الأمهات الحاصلات على مشورة قبل الفحص بسبعة آلاف و 775 حالة، واللائي خضعن للفحص سبعة آلاف و657 حالة،واللائي حصلن على مشورة بعد الفحص سبعة آلاف و 428 حالة، وعدد الأطفال الحاصلين على أدوية وقائية 25 طفل ..فيما حصلت ثمان امهات على أدوية وقائية 9 . وينفذ البرنامج أنشطة توعوية وبرامج تثقيفية عن فيروس نقص المناعة البشرية بالتعاون مع المجلس الوطني للسكان ومنظمة أطباء بلا حدود ومنظمات المجتمع المدني وتحديدا للفئات الأكثر عرضة للإصابة ويقدم معلومات وخدمات الإحالة عبر خط هاتفي مباشر في البرنامج (برقم 175) مجانا إضافة إلى تنفيذ لقاءات توعية وبرامج تثقيف النظراء .