اعترفت الولاياتالمتحدة علنًا، وللمرة الأولى، بأن الطبيب الباكستاني الذي اشتبه فيه طويلا لجمعه أدلة حيوية، تمهيدًا لاغتيال زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، كان يعمل في الواقع لصالح المخابرات الأميركية. وقال وزير الدفاع الأميركي ليزن بانيتا، في حوار تلفزيوني، "إن الطبيب شاكيل أفريدي قد قدم دليلا على أن المجمع السكني في أبوت آباد، الذي تم تتبع الساعي الخاص ببن لادن إليه، هو بالفعل مكان اختباء زعيم القاعدة". وقد ساعدت المعلومات التي قدمها الطبيب الرئيس باراك أوباما على سرعة اتخاذ قرار الهجوم في أيار/مايو الماضي ليتم قتل بن لادن. لتقوم باكستان، التي وقعت في حرج شديد، باعتقال الطبيب أفريدي بتهمة التخابر مع جهات أجنبية، ليوضع في السجن منذ ذلك الحين. وقال بانيتا إنه "قلق جدًا" بشأن الطبيب. ولم يعط بانيتا أي تفاصيل أخرى، ولكن سجلات الإحاطة السابقة سواء في الولاياتالمتحدة أو باكستان قدمت تفاصيل عن تحقق المسؤولين الأميركيين من أن الرجل الملتحي طويل القامة الذي تم رصده يمشي داخل المجمع كان في الواقع بن لادن. ولم تتمكن الصور بعيدة المدى من تأكيد هوية الرجل، ولكن الأميركيين كانوا يشتبهون بقوة في أنهم عثروا على هدفهم. وقد تم تجنيد الطبيب أفريدي، المسعف المسؤول عن الصحة في خيبر، من قبل وكالة الاستخبارات لجمع أدلة من الحامض النووي للأطفال داخل المجمع للتأكد من أنهم أبناء بن لادن، الذين نادرًا ما ذهب في أي مكان لفترة طويلة من دونهم. وكانت الخطة هي زيارة المجمع لإعطاء الأطفال لقاح التهاب الكبد كما يفعل برنامج الصحة المحلي، مع استغلال الممرضة التي تعطي اللقاح في جمع العينات الوراثية إما عن طريق آثار عينات من الدم على إبر المحاقن أو عن طريق جهاز إلكتروني حملته معها. وقد تم الحصول على الأدلة الضرورية للتأكد من إنه هو المكان الصحيح. وقد أحرجت العملية باكستان على عدة مستويات، أولا لكون الولاياتالمتحدة قادرة على شن مثل هذه العملية على أراضيها، وثانيًا لأنه لم يتم إبلاغ باكستان بما سيكون حتى انتهت العملية، وثالثًا عن طريق الإيحاء بأن مشاركة باكستان في مطاردة زعيم تنظيم القاعدة كانت غير جدية. فقال بانيتا إنه لا يجب نسيان إحاطة المجمع بسور ضخم ارتفاعه 18 قدمًا يحيط بأكبر مجمع في المنطقة، وهو ما يجعل من الضروري التساؤل عن كيفية عدم تسبب الأمر في أي شك لأجهزة الأمن الباكستانية، مؤكدًا على قناعته بأن هناك أعضاء في الحكومة الباكستانية "كانوا يعلمون بوجود شخص مهم داخل المجمع"، لكنه غير متأكد من كونهم علموا بأن هذا الشخص هو بن لادن أم لا. وعن تهمة الخيانة الموجهة إلى الطبيب أفريدي، قال بانيتا إنه لا توجد أي خيانة في الأمر، فباكستانوالولاياتالمتحدة لديهما قضية مشتركة ضد الإرهاب، وإن اتخاذ إسلام آباد لمثل هذا التصرف ضد رجل ساعد على ملاحقة الإرهاب يعد "خطأ حقيقيًا". وذكرت وكالة أنباء "أسوشيتد برس"، السبت، أن باكستان تأمل بحل هذه المسألة بهدوء، ربما عبر تسليم أفريدي لاحتجاز الولاياتالمتحدة، وذلك وفقًا لاثنين من المسؤولين الباكستانيين، طلبا عدم الكشف عن اسميهما، بسبب استمرار التحقيقات.