استيقظت منصة ساحة التغيير بصنعاء بعد شهور من الصمت ، وأخذ يهتف ما تبقى هناك من معتصمين بالهتافات الثورية التي لا تخلو من الوعيد والتهديد بالتصعيد الثوري ، دعوات وجهت لشباب الساحات الى رفض الحوار باعتباره تفريطا بدماء الشهداء الذين سقطوا خلال ذروة الاحتجاجات التي شهدتها البلاد. التصعيد في الساحة أتى بعد قرار رئاسي شكل لجنة للتواصل بخصوص الحوار الوطني اليمني ، وضمت التشكيلة اسماء مدنية وسياسية تحظى بقبول شعبي ، والملاحظ ان الموقف البارحة لم يلحظ أبان تشكيل حكومة الوفاق الوطني برئاسة محمد سالم باسندوة. مراقبون فسروا ذلك " الاستنفار" في الساحات يأتي من كون لجنة الاتصال شكلت من الأصل : الأحزاب السياسية وهي أهم حامل مدني (أكان اللقاء المشترك أو المؤتمر) ولم تشكل من الفرع الطارئ والدخيل (اللجنة التحضيرية للحوار) فقد قامت القيامة وتذكرت منصة الساحة فجأة دماء الشهداء كورقة مزايدة وارتزاق. تصريحات الصبري ..مزحة ثقيلة الناطق باسم اللجنة التحضيرية للحوار محمد الصبري قلل من فرص نجاح لجنة التواصل معللاً ذلك لكونها تضم عدداً من أنصار الرئيس السابق صالح. يفسر مراقبون توقعات الصبري بأنها تبدو كمزحة ثقيلة دم وحجة واهية فلو كان مع ناطق تحضيرية الحوار حساسية من العمل السياسي مع أعوان صالح فالأولى أن تكون حساسيته تلك من الجلوس أسبوعياً على طاولة واحدة مع حمود عباد وأعضاء الحكومة التي يرأسها رفيقه في تحضيرية الحوار محمد باسندوة ، وفي الحكومة طبعاً من أنصار الرئيس صالح أكثر مما في لجنة الحوار والتواصل وأسوأ. باسندوه أراد إحراج الرئيس تصريح رئيس الحكومة الاستاذ محمد سالم باسندوة لجريدة عكاظ حول إن الضربات الأمريكية، التي تلقى ادانات شعبية ، تتم دون موافقته وإذنه . يعتبر مراقبون ذلك التصريح إنما هو نوع من الضرب تحت الحزام لابتزاز الرئيس هادي وليّ ذراعه. و إلقاء اللوم كله بانتهاك السيادة اليمنية على الرئيس هادي وإحراجه أمام الرأي العام والجنوبيين وبشكل خاص أبناء محافظته أبين. أما باسندوة فحسبه معرفة من يضربون أبراج الكهرباء وخطوط النقل إن استطاع. لجنة حميد الاحمر ..ام اللقاء المشترك؟ لا يستثني المتابعون الملياردير حميد الاحمر من دوائر اللعبة ، ويرون ان الرجل ينظر للحوار الوطني كملكية خاصة ، اللجنة التحضيرية للحوار لا تود ان تطوي اوراقها وترحل ، لكن ما يجب على حميد الاحمر – بحسب المراقبون – معرفته ان قبولها في الاوساط أنتهى عند اندلاع ما يسمى بالثورة الشعبية الشبابية ، فحضورها كان في أجواء كانت خلاله البلد معطلة ، أبان تأجيل الانتخابات والتمديد للبرلمان ووصول العملية السياسية الى حائط مسدود. الآن .. لا يبدو ان يكون أمرا مقبولا ان تصبح اللجنة بديلاً لأحزاب عريقة ناضلت منذ سنوات كالإصلاح والاشتراكي ولديها قواعد ومؤسسات وتخضع لنظم وأطر قانونية . مراقبون عبروا عن اسفهم في كون اللجنة التحضيرية نجحت في أن تكون بديلاً لأحزاب اللقاء المشترك في رئاسة الحكومة محذرين من ان لا ينبغي أبداً أن تكون بديلة لها في العملية السياسية. هادي يمسك زمام الدولة استطاع الرئيس عبدربه هادي خلال فترة وجيزة اتخاذ قرارات مصيرية شجاعة وجبارة في المؤسسة العسكرية. كان الكثيرون يسخرون من الرئيس هادي ويدعون بأنه سيكون أداة ولعبة في يد الرئيس السابق إلا أن الرجل فاجئ الجميع وسارع في إزاحة وتنحية مراكز قوة ونفوذ من نظام الرئيس السابق صالح ، إلا الرئيس هادي كلما سعى إلى إضعاف مراكز قوة الطرف الآخر (علي محسن الأحمر وآل الأحمر والجناح القبلي) تم التلويح باستخدام الفيتو: الثورة ودماء الشهداء والزحف الثوري....إلخ عند الانتخابات الرئاسية المبكرة رفع الإصلاحيون صور الرئيس هادي في الساحة بمبالغة وتقديس (بل وقادوا مظاهرات في الساحة لإغاظة الحوثيين مرددين وعلى عينك يا حوثي رافعين صور هادي). وصدرت فتاوى شرعية بالتصويت لهادي. لماذا تبدلت المواقف ؟! ويتسائل احدهم : ما الذي جرى بعد أقل من شهر من رفع صوره؟ ما إن مارس الرئيس ضغوطاً دبلوماسية وسياسية على اللواء علي محسن حتى أعلنت منصة الساحة التصعيد الثوري وإحياء جمعة الكرامة وتنكيس صور هادي في الساحات والفيس بوك. كانت رسالة واضحة (كما رفعنا صورك في الساحات نستطيع أن ننكسها. وكما صرت محل أكبر إجماع وطني نستطيع إخراج المتظاهرين عليك في شارع القاع ومن يدري ربما اشتبكوا مع قوات الأمن فيتحول هادي من مخلص اليمنيين إلى قاتل وسفاح ومجرم. لا انكار من ان الساحات يندر فيها الشباب المستقلين ، لكنهم موجودون ، لكن الابتزاز لا يزال في ايدي القوى الغالبة ، لم تكن المنصة في معظم أداءها، ولا اللجنة التنظيمية، نزيهة وصادقة. كان أداءها موجهاً في الغالب ومبتذلاً. أدل مثال على ذلك عندما توجه قادة أحزاب اللقاء المشترك إلى المباحثات الخليجية في الرياض. كانت الكرة في ملعب النخبة السياسية ممثلة بقادة أحزاب المشترك ولم تكن القوى القبلية والعسكرية المنضمة للثورة ممثلة في الرياض لذا دعت اللجنة التنظيمية إلى الزحف الثوري إلى شارع الجزائر ووقعت مجزرة وسالت دماء طاهرة فقط من أجل تحسين شروط التفاوض. وحسمت النتيجة لصالح التقليديين ولسان حالهم: "الشباب يقتلون والمشترك يفاوض على دمائهم". أولا وأخيرا الرئيس هادي بقوته ورباطة جأشه، بسعة صدره وحرصه .. وفي نفس الوقت غيرته وصراحته أمام تعرجات جديدة بلا شك سينشئها المتذمرون في طريق الدولة المليئة بما يكفي من المنغصات والتحديات وكما لم يرضخ لنظام الرئيس صالح فأنه لن يكون أبداً أداة بيد آل الأحمر وعلي محسن وبقية من ركبوا موجة الثورة. وعلى الشباب وقوى اليسار والحوثيون والحراك والأحزاب وخاصة المؤتمر الشعبي دعمه في المرحلة القادمة من أجل توحيد الجيش وإضعاف القبيلة وتقوية المؤسسات . تقرير من سعيد عزيز و محمد عبده العبسي