تبدأ اليوم الاربعاء المناقشات الرئيسية في اجتماعات الدورة الرابعة والستين للجمعية العامة للامم المتحدة بمقر الجمعية بنيويورك وتستمر إلى آخر الشهر الحالي حيث من المقرر أن يتعاقب أكثر من مئة من رؤساء دول ورؤساء حكومات ووزراء خارجية على القاء كلمات بلادهم أمام الجمعية العامة. ومن المقرر أن يلقي الزعيم الليبي معمر القذافي والذي وصل نيويورك مساء امس الثلاثاء وذلك في زيارة لأمريكا هي الأولى له منذ وصوله إلى الحكم عام 1969 ، خطابا للمرة الاولى في المناقشات العامة للجمعية العامة مما يعد سابقة في تاريخ الاممالمتحدة لانه لم يحضر إلى الاممالمتحدة خلال أربعين عاما أي منذ توليه السلطة. وتجتذب زيارة القذافي الي مقر الاممالمتحدة في نيويورك ، اهتمام المراقبين ، الذين يعتبرونها حدث الدورة الجديدة للجمعية العامة للامم المتحدة . واعتبر مراقبون الخطاب الذي ينتظر أن يلقيه القذافي اليوم من أبرز الأحداث المرتقبة خلال الايام المقبلة . وفي الوقت الذي لم تصدر فيه تأكيدات رسمية لما يمكن أن يجريه القذافي من لقاءات مع رؤساء وقادة دول وشخصيات عالمية خلال زيارته الأممالمتحدة، إلا أن مراقبين ركزوا علي البعد الاستثنائي للحدث باعتباره الأول من نوعه من جهة، وبالنظر الي المضمون الذي يمكن ان يحمله خطاب القذافي أمام الجمعية العامة. وحسبما ذكرت جريدة "الاسبوع" المصرية المستقلة، فإن المراقبين يتطلعون الي ما سوف يتضمنه حديث القذافي ، أمام الجمعية العامة للامم المتحدة، في ضوء التنويه الرسمي الذي صدر في طرابلس ، من أن الحديث سوف يتضمن امورا مهمة خصوصا فيما يتعلق بالمنظمة الدولية . وكانت وكالة الجماهيرية للأنباء ، قد ذكرت أن القذافي " سيطرح علي الجمعية العامة للأمم المتحدة ، حلولاً راديكالية قد تزلزل بنيان منظمة الأممالمتحدة المتهالك وقد تبني علي أنقاضه هيكلاً أممياً جديداً ، مبنياً علي المساواة بين الأمم كبيرها وصغيرها ، وخالياً من الفيتو والمقاعد الدائمة والأخري المؤقتة ، وتعيد الاعتبار للجمعية العامة التي هي كونجرس العالم " . وسيلقي قائد الثورة الليبية رئيس الاتحاد الافريقي خطابا في كل من المناقشة العامة للجمعية اليوم الاربعاء ، وقمة مجلس الامن حول عدم انتشار الاسلحة النووية غدا الخميس ، حسبما ذكرت مصادر الاممالمتحدة ، الامر الذي يعد سابقة تاريخية في المنظمة الدولية . وتوقع مراقبون أن يتضمن خطاب القذافي امام الجمعية العامة للامم المتحدة انتقادا لسياسات الولاياتالمتحدة وخصوصا لجهة دعمها اللامحدود لإسرائيل علي حساب الحقوق العربية، وكذلك هيمنتها علي مؤسسات الأممالمتحدة. وكان القذافي ، قد أعلن غير مرة ان سيطالب بمقعد دائم لافريقيا في مجلس الامن الدولي، حيث قال بهذا الصدد :"انه لا بدّ أن تنال إفريقيا حقها في المجتمع الدولي بجدارة وأنها تستحق تعويضات من الدول المستعمِرة عن الحقبة الاستعمارية" ، مشيرا الي انه سيطالب بتعويضات لافريقيا عن فترة النهب والاستغلال الاستعماري بقيمة ' 777' تريليون دولار . وقال مراقبون إن الإدارة الأمريكية بدت متهيبة مما قد يوجهه القذافي من نقد منطقي لسياساتها، ومن ثم استبقت أجنحة فيها الأمر بمحاولة فرض قيود زمنية واشتراطات إجرائية على خطابه، معتبرين أن من حق القائد الليبي عدم التقيد بتلك القيود والاشتراطات. وتتميز دورة الجمعية العامة الجديدة التي افتتحت رسميا الاسبوع الماضي ، بالحضور الليبي ، المتمثل ، علي وجه الخصوص ، في رئاسة ليبيا للجمعية العامة ، وهو ما يصفه المراقبون بأنها أجواء جديدة لم تعرفها الاممالمتحدة من قبل. وقد افتتح الدورة الرابعة والستين رئيس الجمعية العامة للامم المتحدة الليبي الدكتور عبدالسلام التريكي والذي تسلم رئاسة الجمعية العامة من النيكاراجوي ميجيل ديسكوتو بعد اختتام إعمال الدورة 63 للجمعية. وقبل توليه رسميا رئاسة الجمعية العامة للامم المتحدة ، أكد التريكي ضرورة اصلاح نظام العمل في الاممالمتحدة واعطاء الجمعية العامة صلاحيات أوسع باعتبارها تمثل كل الدول الاعضاء. يذكر أن الجمعية العامة للامم المتحدة تعقد اجتماعها السنوي الاعتيادي في شهر سبتمبر/ايلول من كل عام بحضور ومشاركة زعماء الدول الاعضاء في المنظمة الدولية والتي تبدأ باختيار رئيسها الجديد قبل افتتاح كل دورة سنوية جديدة بثلاثة أشهر لإتاحة الفرصة للرئاسة الجديدة للاستعداد للمهام الجديدة التي تنتظرها. ومن المعلوم أن الجمعية العامة التي تتألف من جميع أعضاء الاممالمتحدة البالغ عددهم 192 تمثل منتدى للمناقشات المتعددة الاطراف لكامل الطيف المتنوع للقضايا الدولية التي يشملها ميثاق الاممالمتحدة كما أنها تقوم بدور مهم في عملية وضع المعايير وتدوين القانون الدولي. الزيارة تثير غضب الأمريكيين وكانت أنباء زيارة القذافي للولايات المتحدة والتي بدأها امس لحضور اجتماعات الأممالمتحدة بمدينة نيويورك، قد اثارت غضبا شعبيا وسياسيا أمريكيا وذلك في أعقاب الاستقبال الشعبي والرسمي الذي حظي به الليبي عبد الباسط المقرحي المدان بتفجير طائرة "بانام" الأمريكية فوق قرية لوكربي الاسكتلندية عام 1988. حيث هدد أهالي ضحايا لوكربي بالتظاهر ضده ونددوا بشدة بالحكومة الاسكتلندية، بسبب قرارها الافراج عن المقرحي، وهو الشخص الوحيد الذي أدين بتفجير الطائرة. وأثار الافراج عن المقرحي ردود فعل مستنكرة من السلطات الأمريكية وعائلات ضحايا الاعتداء الذي أسفر عن سقوط 270 قتيلا ، معظمهم من الأمريكيين، في 21 ديسمبر/كانون الاول 1988 . وكان الزعيم الليبي قد أثار جدلا في نهاية اغسطس/آب مع اعلان نيته نصب خيمته في نيو جيرسي وقد أثار هذا الخبر استياء لأن عددا من ذوي ضحايا اعتداء لوكربي يقيمون في هذه المنطقة مما دفع القذافي إلى التخلي عن فكرته بحسب نائب محلي وقال فرانك لوتينبرج، وهو عضو في مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية نيوجرسي، في بيان له، "يمكن التأكيد للقذافي بأنه ليس محل ترحيب هنا". وكان مسؤول في البعثة الليبية في الأممالمتحدة، أكد أن القذافي يعتزم حضور اجتماعات الجمعية العامة في مقر الأممالمتحدة في مدينة نيويورك، ولكنه قال إنه لا يملك معلومات عن مكان إقامته. واعتاد الزعيم الليبي أن ينصب خيمته البدوية الكبيرة، في أسفاره خارج ليبيا، وهو ما يثير عادة انتقادات في الدول التي يزورها، ولاسيما الدول الأوروبية، حيث لاقى الأمر استهجان الإيطاليين خلال الزيارة الأخيرة للقذافي إلى روما. يذكر أن القذافي دائماً ما يصطحب خيمته معه في زياراته الخارجية، مثلما فعل خلال زياراته إلى فرنسا وروسيا وإيطاليا. وتفيد تقارير أن السلطات رفضت طلبه بنصب خيمته في متنزه "سنترال بارك" فكانت نيوجيرسي خياره الثاني. خطوط حمراء أمريكية للقذافي في تصريحات وصفت بالنارية وتعكس مدى التوتر الذي يسود حاليا العلاقات بين واشنطن و"طرابلس الغرب" في أعقاب الاستقبال التاريخي الذي لاقاه الليبي عبد الباسط المقرحي، المتهم بعملية تفجير طائرة "بان أمريكان" فوق بلدة لوكربي في عام 1988 وذلك عند وصوله إلى العاصمة الليبية طرابلس بعد قرار إفراج السلطات الاسكتلندية عنه قبل أسبوعين، وكانت الولاياتالمتحدة حددت للزعيم الليبي "خطوطا حمراء" عليه ألا يتجاوزها وذلك أثناء زيارته المرتقبة إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. فقد حذرت سفيرة الولاياتالمتحدة لدى الأممالمتحدة سوزان رايس في تصريحات صحفية الزعيم الليبي من مغبة القيام بأي تجاوز في تصرفاته خلال زيارته المرتقبة الى نيويورك وحددت له المدة الزمنية التي سيستغرقها في إلقاء كلمته بحيث لا تزيد عن 5 دقائق كما حددت له موضوع الخطاب وهو منع الانتشار النووي. ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" عن رايس قولها: "لقد صدم جميع الأمريكيين من الاستقبال الحافل الذي لقيه عبد الباسط المقرحي، المدان في اعتداء لوكربي والذي أطلق سراحه لأسباب صحية، في طرابلس". وأضافت: "انه موضوع حساس ومؤلم" بالنسبة إلى الولاياتالمتحدة. يذكر أن هناك 189 أمريكيا بين قتلى اعتداء لوكربي البالغ عددهم 270. وتابعت قائلة: "إن طريقة التصرف التي سيختارها القذافي لدى مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة ومجلس الأمن في نيويورك ستحدد ما إذا كان سيؤجج هذه المشاعر والانفعالات أم لا". وذكرت رايس الزعيم الليبي بأن اجتماع القمة لمجلس الأمن الذي سيعقد برئاسة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في الرابع والعشرين من سبتمبر/أيلول سيركز حصرا على مسألة نزع السلاح ومنع الانتشار النووي. وتابعت بلهجة تحذيرية: "سيكون من غير اللائق من قبل أي زعيم دولة أن يتكلم عن مواضيع لا علاقة لها بهذه المسائل". وأضافت: "نريد أن نعامل رؤساء الدول الذين سيشاركون باحترام, لقد طلبنا وتلقينا ضمانات من معظمهم انهم سيكتفون بخمس دقائق لإلقاء مداخلاتهم وننتظر من الرئيس القذافي الأمر نفسه إذا حضر". وغالبا ما تكون الجمعية العامة للأمم المتحدة، فرصة للمنتقدين كي يوجهوا سهامهم للولايات المتحدة، التي لا تملك خيارا يذكر، سوى السماح لحكام الدول بالحضور، ومن بين الزعماء- الذين غضب الأمريكيون من زياراتهم في الأعوام الأخيرة- الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد، والرئيس الفنزويلي هوجو تشافيز، والزعيم الكوبي السابق فيدل كاسترو.