ما بعد تحرير حضرموت ليس كما قبله    غدر في الهضبة وحسم في وادي نحب.. النخبة الحضرمية تفشل كمين بن حبريش وتسحق معسكر تمرده    صرخة في وجه الطغيان: "آل قطران" ليسوا أرقاماً في سرداب النسيان!    كتاب جديد لعلوان الجيلاني يوثق سيرة أحد أعلام التصوف في اليمن    أبو الغيط يجدد الموقف العربي الملتزم بوحدة اليمن ودعم الحكومة الشرعية    البنك المركزي بصنعاء يحذر من شركة وكيانات وهمية تمارس أنشطة احتيالية    الكويت تؤكد أهمية تضافر الجهود الإقليمية والدولية لحفظ وحدة وسيادة اليمن    صنعاء.. تشييع جثامين خمسة ضباط برتب عليا قضوا في عمليات «إسناد غزة»    صنعاء توجه بتخصيص باصات للنساء وسط انتقادات ورفض ناشطين    وطن الحزن.. حين يصير الألم هوية    فقيد الوطن و الساحة الفنية الدكتور علوي عبدالله طاهر    حريق يلتهم مستودع طاقة شمسية في المكلا    مصر: نتنياهو يعرقل المرحلة الثانية من اتفاق غزة    حضرموت تكسر ظهر اقتصاد الإعاشة: يصرخ لصوص الوحدة حين يقترب الجنوب من نفطه    تحليل في بيانات الحزب الاشتراكي اليمني في الرياض وعدن    القائم بأعمال وزير الاقتصاد يزور عددا من المصانع العاملة والمتعثرة    البنك المركزي اليمني يحذّر من التعامل مع "كيو نت" والكيانات الوهمية الأخرى    توتر جديد بين مرتزقة العدوان: اشتباكات مستمرة في حضرموت    الرشيد تعز يعتلي صدارة المجموعة الرابعة بعد فوزه على السد مأرب في دوري الدرجة الثانية    صنعاء.. تشييع جثمان الشهيد يحيى صوفان في مديرية الطيال    لحج.. تخرج الدفعة الأولى من معلمي المعهد العالي للمعلمين بلبعوس.    هيئة التأمينات تعلن صرف نصف معاش للمتقاعدين المدنيين    مدرسة الإمام علي تحرز المركز الأول في مسابقة القرآن الكريم لطلاب الصف الأول الأساسي    المحرّمي يؤكد أهمية الشراكة مع القطاع الخاص لتعزيز الاقتصاد وضمان استقرار الأسواق    صنعاء تحتفل بتوطين زراعة القوقعة لأول مرة في اليمن    3923 خريجاً يؤدون امتحان مزاولة المهنة بصنعاء للعام 2025    صدور كتاب جديد يكشف تحولات اليمن الإقليمية بين التكامل والتبعية    بالفيديو .. وزارة الداخلية تعلن دعمها الكامل لتحركات المجلس الانتقالي وتطالب الرئيس الزبيدي بإعلان دولة الجنوب العربي    ميسي يتربّع على قمة رياضيي القرن ال21    استثمار سعودي - أوروبي لتطوير حلول طويلة الأمد لتخزين الطاقة    الأميّة المرورية.. خطر صامت يفتك بالطرق وأرواح الناس    باكستان تبرم صفقة أسلحة ب 4.6 مليار دولار مع قوات حفتر في ليبيا    أرسنال يهزم كريستال بالاس بعد 16 ركلة ترجيح ويتأهل إلى نصف نهائي كأس الرابطة    تركيا تدق ناقوس الخطر.. 15 مليون مدمن    ذا كريدل": اليمن ساحة "حرب باردة" بين الرياض وأبو ظبي    نيجيريا.. قتلى وجرحى بانفجار "عبوة ناسفة" استهدفت جامع    سلامة قلبك يا حاشد    المدير التنفيذي للجمعية اليمنية للإعلام الرياضي بشير سنان يكرم الزملاء المصوّرين الصحفيين الذين شاركوا في تغطية بطولات كبرى أُقيمت في دولة قطر عام 2025    الصحفي المتخصص بالإعلام الاقتصادي نجيب إسماعيل نجيب العدوفي ..    الجزائر تفتتح مشوارها بأمم إفريقيا بفوز ساحق على السودان"    تعود لاكثر من 300 عام : اكتشاف قبور اثرية وتحديد هويتها في ذمار    ضبط محطات غير قانونية لتكرير المشتقات النفطية في الخشعة بحضرموت    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل في مشروع سد حسان بمحافظة أبين    الحديدة تدشن فعاليات جمعة رجب بلقاء موسع يجمع العلماء والقيادات    هيئة الزكاة تدشن برامج صحية واجتماعية جديدة في صعدة    "أهازيج البراعم".. إصدار شعري جديد للأطفال يصدر في صنعاء    دور الهيئة النسائية في ترسيخ قيم "جمعة رجب" وحماية المجتمع من طمس الهوية    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    تضامن حضرموت يواجه مساء اليوم النهضة العماني في كأس الخليج للأندية    الفواكه المجففة تمنح الطاقة والدفء في الشتاء    تكريم الفائزات ببطولة الرماية المفتوحة في صنعاء    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    تحذيرات طبية من خطورة تجمعات مياه المجاري في عدد من الأحياء بمدينة إب    مرض الفشل الكلوي (33)    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حراك جنوبي وحوثيون...قضايا عادلة أم دعاوى باطلة !
نشر في البيضاء برس يوم 07 - 10 - 2009


البرلماني علي احمد العمراني
إن علاقة كل من الحراك والحوثيين بغياب العدالة مسألة ملتبسة، فقد نشأ الحراك مطلبياً. كان لنشوئه علاقة بمطالب تتعلق بالعدالة وإزالة المظالم. وهنا أيضاً يكمن جوهر التعاطف معه. لكن الحراك انتهى إلى المطالبة بالانفصال الشطري سياسياً واجتماعياً وجغرافياً، واقترف بعض المحسوبين عليه جرائم منكرة، كقتل الحلوانيين من أبناء القبيطة أو جنود النجدة في امعين وغير ذلك. علاوة على حملات الكراهية التي يقوم بها بعض المحسوبين على الحراك ضد كل من هو شمالي، وهنا وقع الحراك في الظلم [سنتناول لاحقاً ما يجري في الجنوب بتفصيل أكثر].
أما الحوثيون فلا يزالون يتحدثون عن أشياء كثيرة. ويحاول كثيرون أن يضعوا لحروبهم قضية عادلة أو ما يسمى هدفاً نبيلاً يجلب الالتفاف والتعاطف، غير أن كل ذلك باء بالفشل. والحوثيون مثل القاعدة لا يتحمس في حقيقة الأمر لطروحاتهم إلا أشخاص محدودون أو أتباع منظمون أجري لهم غسيل دماغ مكثف وهائل.. وفيما يتحدث الحوثيون ومتعاطفون معهم حول استهداف للهاشميين أو الزيود، فإن أياً من ذلك يعتبر زيفاً محضاَ، ولم يكن البتة أي من ذلك سبباً لنشوء الحوثية. لكن من غير شك فنتيجة للحروب المتتالية بين الدولة والحوثيين فلا بد سيتضرر كثيرون ممن لا ذنب لهم من الهاشميين تحديداً وهذا أمر مؤسف حقاَ، وما أسهل أن يُرْمَى كثير من الهاشميين بتهمة الحوثية ظلماً، وقد يمارس بعض ضعفاء النفوس وقصيري النظر والجهلة تمييزاً ضدهم، وأتذكر أن الأديب والشاعر الوطني الكبير عباس الديلمي مدير عام الإذاعة، قد ألمح في مقالة له في صحيفة "26 سبتمبر" إلى مضايقات تعرض لها في مطار صنعاء، وهو عائد من دمشق، ربما بسبب اللقب وعدم التعرف عليه من قبل غبي تسبب في أذى الأستاذ الديلمي. وأذكر أن موظفاً بسيطاً من الهاشميين استعان بي في إنجاز أمر يخصه، ولفت نظري أنه حذف لقب عائلته [شرف الدين] من الطلب الذي كتبه بخطه، وتحاشياً من إحراجه لم أسأله لماذا حذف اللقب، لكنني تحمست أكثر لإنجاز موضوعه، ولعله قد خشي من تحيز المسؤول المعني الذي سيعرض عليه موضوعه وهو بالمناسبة موضوع بسيط..غير أن كل ذلك هو نتيجة للحرب وليس سبباً لها. ومع ذلك فأظن أنه كان من المهم أن يُعْلِنَ الأخوة الهاشميون موقفاً يساعد على كبح جماح الحوثي والحد من تطرفه وضرره على نفسه وذويه وعلى البلد، ولكن فيما فضل أكثر الهاشميين تحاشي إعلان موقف محدد مما يجري فقد أبدى بعضهم تعاطفا مع الحوثيين، خصوصاً قبل الحرب الأخيرة. أما بعض ممن هم موظفون كبار مع الدولة فقد اتخذوا موقفاً مندداً بالحوثيين، ولعل ثقتهم في صوابية موقفهم تتزايد مع الزمن والعكس بالنسبة للمتعاطفين...
قناة الجزيرة تقلب ظهر المجن لأهل اليمن
...
في برنامج الاتجاه المعاكس الذي أذاعته قناة الجزيرة يوم الثلاثاء 15 / 9/ 2009 وكان بعنوان"أوضاع المهمشين في العالم العربي" تحدى فيصل جلول، حسن بلقاسم، أن يأتيه بعشرة مطالب اقتصادية واجتماعية للحوثيين، فلم يستطع حسن أن يأتي بمطلب واحد. وتحدث كثيرا خارج الموضوع. وقال:"... حينما تقول إن الحوثيين لا يمكن مقارنتهم بالآخرين، الحوثيون هم جماعة كانت قائمة كقبيلة قبل تأسيس الدولة اليمنية، هم قبائل، هناك قبائل وشعوب كانت قائمة قبل تأسيس الدول الحديثة وتلك الشعوب كانت لها أراضيها ومواردها وأنظمتها السياسية والقانونية وكانت تحمي نفسها من الفقر ومن البؤس ومن الحرب..". ويبدو أن هذا هو كل ما يفهمه حسن بلقاسم عن الحوثيين، وواضح أن هذا فهم غريب، وليس واضحاً فهم مقدم البرنامج فيصل القاسم لطبيعة وخلفيات ما يجري حيث إنه بدا كالذي لا يفهم أو لا يدري أما إذا كان يفهم ويدري فلا شك أن المصيبة أعظم كما يقال!... قال جلول: لا توجد مطالب محددة وواضحة للحوثيين، هؤلاء يريدون فقط إعادة الإمامة التي سقطت في ستينات القرن الماضي، فانتهره فيصل القاسم الذي ظل يقاطع فيصل جلول باستمرار، وبدا القاسم بعيداً عن الموضوعية والحيادية وكأنه يريد أن يثبت شيئاً ما ولو كان مستحيلاً وقال: أنت يا فيصل مشكلتك مشكلة الإعلام العربي التضليلي! مع أن من الصعب تصور جهل فيصل القاسم عن مدى التضليل التي تمارسه قناة الجزيرة في قضايا كثيرة بالغة الأهمية في مصير بلدان كثيرة كقضية وحدة اليمن وحرب الحوثيين، وقال القاسم بصيغة سؤال تقريري: يعني من حق الحوثيين تقرير مصيرهم ؟ وأجابه حسن بلقاسم بنعم ! وأكد أن ذلك حق بموجب المواثيق والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها اليمن..وعلى الرغم من أن البرنامج كان بعنوان" أوضاع المهمشين في العالم العربي" إلا أن فيصل القاسم كان مصراً إن يتركز جل الكلام على الحوثيين الذي قال" إنهم مثال يحتذى في العالم العربي"..كانت قطر مع الوحدة ومع اليمن عندما عز النصير في حرب التسعينات ويشكرون حقاً على ذلك ويجب أن يحفظ لهم ذلك الموقف الجميل. لكن الحال تغير اليوم. وللأسف فقد تغير موقف قطر لسبب بسيط وثانوي وهو أن الرئيس لم يكن قادراً على حضور مؤتمر غزة في الدوحة وكان يمكن التفهم من قبلهم أو يكفي العتاب إذا لزم الأمر...ولكن عادة ما ينال اليمن من أشقائه عقاباً مفرطاً وضرراً بالغاً على اجتهادات أو هفوات صغيرة لا يُقْصَدُ منها الإساءةُ لأحد.
كنا نظن أن قناة الجزيرة ستكون قناة التوحد ولمّ شمل العرب، وقناة الحرية والموضوعية والمهنية، فإذا بها تتكفل بشن الحملات على من لا يروق لبعض الناس...ولا نزال نتذكر مستوى التضليل والهبوط الذي وصل إليه برنامج الاتجاه المعاكس حول "من مع وحدة اليمن ومن ضدها؟" عندما استضاف فيه فيصل القاسم المساوى والنقيب في 19 مايو 2009...وأذكر أن فيصل القاسم كتب مقالاً أشبه بالاعتذار ونشر في مارب برس بعد يومين من إذاعة تلك الحلقة وكأنه يقول اعذروني، أنا مجرد موظف مع الجزيرة وأنفذ سياستها وتوجهاتها فقط، أنا لست ضد اليمن،"وأعرف أنكم غلبانيين يا أبو يمن !" ووحدتكم تستحق البقاء والدفاع عنها بالغالي والنفيس،"خلي بالكم" أنا لم أكن أقصد..ومما قاله فيصل القاسم في ذلك المقال الذي نشر في تاريخ 21 مايو 2009:" هل تصمد الوحدة اليمنية أمام موجة التقسيم والتفكيك العاتية التي تجتاح المنطقة العربية بطريقة منظمة ومعلنة؟ نرجو ذلك بكل جوارحنا. لكن لو نظرنا إلى حملة التحريض الخطيرة والمتصاعدة التي تستهدف تفتيت البلاد جنوباً وشمالاً، كما كان الوضع قبل الوحدة المجيدة، لرأينا أن المستقبل مكفهرّ.
وليس عندي أدنى شك أن تلك الحملة التي تقوم بها عناصر انفصالية مسعورة في الداخل والخارج ليست، بأي حال من الأحوال، لإحقاق الحق وإسماع مظالمهم لحكام البلاد، كما يدّعون، وإنما هي جزء لا يتجزأ من استراتيجية التفكيك التي أعلنتها أمريكا، وبدأ تنفيذها على رؤوس الأشهاد في العراق، ومن ثم السودان. والحبل على الجرار.
إنهم يقسّمون المقسّم، ويجزّئون المجزّأ منذ عقود وعقود، فهل يُعقل أن يتركوا الموّحد منذ فترة قصيرة، كاليمن، كتلة واحدة؟ بالطبع لا. فاليمن يشكل مثالاً وحدوياً عربياً عظيماً مهما كانت الملاحظات على النظام الحاكم وطريقة تعامله مع مكونات البلاد السياسية. لا بل إنه أكبر بكثير من الحجم الذي حددته "خارطة الدم" الأمريكية للكيانات والدويلات العربية المطلوبة. لهذا لابد من الاستعانة بطابور خامس يسهّل للسايكس بيكيين الجدد عملية تفتيت اليمن، وتقطيع أوصاله، كما فعل (المعارضون) العملاء العراقيون الذين يتآمرون الآن مع الغزاة لتشطير العراق إلى دويلات مذهبية وطائفية وعرقية هزيلة.
إن التحركات الحالية محاولة شريرة لتصيّد أخطاء الوحدة ومصاعب ولادتها لاقتناص ذرائع للانقضاض".
ومع ذلك، فالدكتور فيصل لم يقل شيئاً من ذلك في البرنامج الذي شاهده الملايين في أصقاع المعمورة. كان يبتسم للنقيب وهو يردد أنه ليس يمنياً، مع أن النقيب يرجع في أصوله إلى سرو حمير"يافع"، وإذاً لم تكن حمير ويافع يمانية فمن اليماني إذاً ؟! خالد القاسمي الذي تغزل بوحدة اليمن كثيراً وكتب فيها الأبحاث والدراسات ودبج فيها المقالات قبل تحقيقها وبعده ونال التقدير، استُجْلب إلى البرنامج قصداً ليهجو الوحدة في البرنامج وفيصل القاسم يبتسم ويبتسم ويتحفز للاستماع وكأنه محبذ وراض ومواقف على هجاء القاسمي وردحه !
هل بوسعنا أن نكون مسلمين وزيوداً ممتازين دون إمام؟
الحوثيون ليس لهم مطالب واضحة وعادلة، ولكن كثيراً ما قالوا إنهم يدافعون عن أنفسهم، حتى عندما يهاجمون القصرالجمهوري بصعدة أو يفجرون معركة في بني حشيش على مشارف العاصمة صنعاء أو يهددون بتوسيع دائرة الحرب لتشمل محافظات أخرى"بإذن واحد أحد" -على حد تعبير عبدالملك الحوثي- في خطابه الأخير الذي عرضته قناة الجزيرة!. ولا شك أنهم يستهدفون صنعاء كما أشار عبد الرحمن الراشد في مقالة له في الشرق الأوسط، حيث قال:"والأكثر خطورة أنها (الحركة الحوثية) تملك مشروعا سياسيا يستهدف العاصمة صنعاء، ولا تكتفي بكهوف الجبال المتمركزة فيها اليوم. وما هجومها الفاشل في يوم العيد الماضي على مدينة صعدة إلا خطوة باتجاه صنعاء. "
إن قضية الحوثيين، كما يفهما أهل اليمن، مرتبطة بقضية الإمامة التي أطيح بها في ستينات القرن الماضي، ومثلما قال فيصل جلول بالضبط...
ولا بد من إدراك أنه ما دام لم يحصل إجماع علماء المذهب الزيدي في التخلي عن الإمامة إلى الأبد، فإنها ستضل مصدراً لتجدد الاضطراب والفوضى على مر الزمن مثلما كان عليه الحال منذ أكثر من ألف عام...وقد أشار الأستاذ محمد عزان إلى معاناته وتعرضه لمحاولة اغتيال في صعدة عندما كان رأيه أن الإمامة يجب أن تكون من قضايا الماضي فقط ، أما عبد الملك الحوثي فهو لم يقل قط إن الإمامة من قضايا الماضي وإنما قال إنها ليست قضية المرحلة ...والغريب أن أستاذاً جامعياً في حديث لإذاعة طهران قال إن دستور الجمهورية اليمنية لا يعارض تدريس مبدأ حصر الإمامة في البطنين !
لم تطرح الحوثية قضايا حقوقية منذ البداية. وبقيت شعاراتها وتصرفاتها وأفكار زعيمها المؤسس وأتباعه مربكة ومحيرة لكثيرين حتى ممن هم متهمون بالتعاطف معها ... وما هو ظاهر منها وجلي كالشعار يبدو لكل عاقل غير ذي معنى وجدوى، لكن ليس من الصعب إدراك المرامي النهائية للحوثية... وإذا استعنا أيضاً بالتاريخ -وهو مهم في حالة الحوثية كون مبعث الحوثية ومرجعيتها هو الماضي تماما والذي هو حاضر دائما في بلاد كاليمن على حد تعبير هارولد إنجرامس- فإن الحركة الحوثية لا تختلف إلا في المفارقة الزمنية عن كل الحركات التي عرفها تاريخ اليمن وقامت في اليمن منذ ألف عام وتسفر دائما عن قيام إمامة أحد الإئمة عندما تسنح له الظروف وتهيأ الأوضاع، ومع ذلك ما يفتأ كثير من المتعاطفين أو الكارهين للنظام الحاكم يسوغون لها ويتحدثون عن قضايا مثل استهداف المذهب الزيدي. وأقول: إن استهداف المذهب الزيدي خطأ مطلقا ولا يجوز بالمرة. ولكن لا يزال من الصعب فهم الدعاوى التي يرددها الحوثيون ومشايعوهم، وهي أن الدولة تدعم السنة وتضطهد الزيدية.. ولست أعلم أن أي حاكم في اليمن قد عمل على نشر مذاهب سنية أو فرضها على الإطلاق...وإذا كان هناك دعم قد تم في الماضي فهو محسوب ومؤقت ومرحلي يخدم أغراض السياسة قصيرة الأجل مثل ما حصل مع المعاهد العلمية التي تأسست في عهد إبراهيم الحمدي في مواجهة المد اليساري، ومعروف أنه قد قضي على تلك المعاهد عندما قُدِرَ أن مهمتها قد انتهت..أما الزيدية فقد حكمت من قبل وكانت المذهب الذي أتى بموجبه الأئمة الحكام ويستمدون الشرعية من قواعده وأصوله وبسبب ذلك ظل يتمتع بدعم رسمي عبر القرون التي حكمت فيها الإمامة باسم المذهب وقواعده. ومن غير شك فإن وسائل وأساليب الترغيب والترهيب قد فعلت فعلها، بل إن الخصوم والمخالفين قد تعرضوا للتنكيل في عهد أئمة كالمطهر، وللتكفير في عهد المتوكل إسماعيل، أبرز الأئمة على الإطلاق بعد المؤسس الهادي. أما في عصرنا فإن دعم الشباب المؤمن التي تؤاخذ الدولة عليه اليوم من قبل خصومها ويُعَرَّضُ به الرئيس شخصياً من قبل معارضيه يأتي كمثال يؤكد أن الدولة لا تميل إلى أهل السنة، والحق أن الدولة يجب أن لا تميل إلى أحد ويجب أن تكون على مسافة متساوية من الجميع.
أما استهداف الإمامة فهو واجب وصواب وضرورة. وأول من يجب أن يتصدى له هم مجتهدو الزيدية أنفسهم، وكثيراً ما ينفي أنصار الحوثية نيتهم إعادة الإمامة، ويقول عبد الملك الحوثي -مثلما أشرنا سابقا- إن الإمامة ليست قضية المرحلة، لكنه لم يقل قط إن الإمامة لم تعد قضية العصر ولا أمل المستقبل وإنّ بوسعنا أن نكون مسلمين ممتازين وزيوداً ممتازين أيضاً بدون إمام من البطنين أو من أي بطن أو سلالة على الإطلاق.
ومثلما قال الصحفي الشاب المتميز محمد العلائي، في معرض مطالبته لعبدالملك الحوثي، بقبول شروط الحكومة الستة، أقول: قلها يا عبد الملك: "لا إمام بعد اليوم يستمد سلطته من السماء وحقه من إرث النبي وستسمع منا كلاما آخر. وسيكون لنا منك موقف آخر. أنتم يا أخ عبد الملك (كنت سأقول يا سيد عبد الملك لكن لأنك تبدو حريصاً على ذلك كما يبدو من صورتك الموزعة فسأخاطبك يا أخ عبد الملك !) تحاولون أن تكونوا غامضين، لكن صدقني إنه غموض غير كاف لخداع كثير من الناس! ولا يغرينك اليوم كثرة المغرر بهم من حولك فستتضح لهم الحقيقة أو لأكثرهم على الأقل يوماً فلا، أحد يستطيع أن يخدع كل الناس كل الوقت مثلما قال إبراهام لنكولن، ولا يغرنك كثرة الأتباع سينفضون من حولك يوما..سيتيقنون أن المسألة لا تستحق كل هذا التقديس والتعظيم لأشخاصكم التي هي في حقيقة الأمر بسيطة وعادية، وسيدرك المساكين المغرر بهم أن لا ضرورة لكل هذا العناء وكل هذا الموت من أجل دعاوى باطلة وقضايا غير عادلة ! ولا يغرنك كثرة المستعدين للموت من حولك ومعك بعد أن تم غسل أدمغتهم وتعبئتهم، غيركم قد فعل ذلك من قبل وفشل أو سيفشل في النهاية... قد فعل ذلك أتباع أسامة بن لادن وهم مخطئون تماما.أم ترى أنهم على حق ؟ بل إنكم لستم بدعاً من الأمم والشعوب في تقديس الموت، هكذا كان يفعل غير المسلمين من نمور التاميل وثلثهم من النساء وهم هندوس من عبدة البقر، لكنهم يقاتلون حتى الموت ويصطحبون معهم كابسولات من السيانيد السامة لتناولها عند ما يقعون في الأسر كي يموتوا بحيث لا يطلع العدو على أسرار الحركة، وقد امتلكوا أسطولاً من الطيران الحربي ، لكنهم أخيرا ً ألقوا السلاح، لأن العالم كان ضدهم، مثلكم، بالضبط، ومع ذلك لم يحاولوا أن يكونوا غامضين مثلكم فقد كانت لديهم مطالب واضحة المعالم منذ البداية، قاتلوا من أجلها ثلاثين عاماً، وهي انفصال إقليم التاميل عن سيرلانكا التي يحكمها السنهاليون الذين يشكلون أغلبية في سيرلانكا. وعلى ذكر الاستبسال أيضا.. هل سمعت يا أخ عبد الملك بعقيدة الساموراي اليابانية العسكرية في الاستبسال والصمود وتقبل الموت وهم بوذيون، حيث يقوم القائد العسكري الذي هزم في المعركة بغرس السيف في صدره ببطء شديد لإثبات أنه لم ينهزم جبناً ويتم ذلك في عرض عسكري مهيب وكبير ؟... أقول هذا لأني أرى أن الحوثيين"آخذين بأنفسهم مقلب كبير"... وقد يشعرون أنهم ليسوا من طينة البشر! وأن الله قد خلقهم ليكونوا أبطالا وشهداء وقادة وزعماء وأئمة من دون الناس... وبالطبع فإن من المستحيل قبول ذلك أبداً. مستحيل بصراحة... وللحديث بقية...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.