جماهير الهلال في عيد... فريقها يُحقق إنجازًا تاريخيًا جديدًا!    انفجار عنيف يهز محافظة تعز والكشف عن سببه    انقلاب وشيك على الشرعية والرئاسي.. المجلس الانتقالي الجنوبي يتوعد بطرد الحكومة من عدن وإعلان الحكم الذاتي!    "الوجوه تآكلت والأطفال بلا رؤوس": الصحافة الامريكية تسلط الضوء على صرخات رفح المدوية    "طوفان زارة"....جماعة إرهابية جديدة تثير الرعب جنوب اليمن و الأجهزة الأمنية تتدخل    فعلها في العام 2019...ناشطون بالانتقالي يدعون الزبيدي "لإعلان عودة الإدارة الذاتية"    نقابة الصحفيين تستنكر الحكم الجائر بحق الصحفي أحمد ماهر وتطالب بإلغائه    سانشيز افضل مدرب في الليغا موسم 2023-2024    غوندوغان سيتولى شارة قيادة المانيا بلون العلم الوطني    لامين يامال افضل لاعب شاب في الليغا    دموع أم فتاة عدنية تجف بعد عامين: القبض على قاتل ابنتها!    برعاية السلطة المحلية.. ندوة نقاشية في تعز غدًا لمراجعة تاريخ الوحدة اليمنية واستشراف مستقبلها    منتدى حواري في مأرب يناقش غياب دور المرأة في العملية السياسية    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    غوتيريش يدين بشدة هجوم إسرائيل على مخيم للنازحين في رفح    بالإجماع... الموافقة على إقامة دورة الألعاب الأولمبية لفئة الشباب لدول غرب آسيا في العراق    ضربة معلم تكسر عظم جماعة الحوثي وتجعلها تصرخ وتستغيث بالسعودية    استمرار النشاط الإيصالي التكاملي الثاني ونزول فريق إشرافي لأبين لتفقد سير العمل للفرق الميدانية    خبر صادم: خروج ثلاث محطات كهرباء عن الخدمة في العاصمة عدن    الحوثي يسلّح تنظيم القاعدة في الجنوب بطائرات مسيرّة    الرئيس الزُبيدي: تدهور الأوضاع يحتّم على الانتقالي مراجعة قراراته    مجلس الوزراء السعودي يجدد رفضه القاطع لمواصلة انتهاكات الاحتلال للقرارات الدولية    استشهاد طفل وإصابة والده بقصف حوثي شمالي الضالع    ارتفاع أسعار النفط وسط ترقب المستثمرين لبيانات التضخم واجتماع أوبك+    تدشين مشروع توزيع "19"ماكينة خياطة على الأرامل في ردفان    الهلال السعودي ينهي الموسم دون هزيمة وهبوط أبها والطائي بجانب الحزم    الحكومة اليمنية تبحث مع سويسرا استرداد عرشين أثريين    فلكي يمني يحدد موعد أول أيام عيد الأضحى المبارك وبداية أيام العشر    عاجل: الحكم بإعدام المدعو أمجد خالد وسبعة أخرين متهمين في تفجير موكب المحافظ ومطار عدن    الزُبيدي يؤكد على أهمية المخيمات الصيفية لخلق جيل مناهض للفكر الحوثي    الوحدة التنفيذية : 4500 شخص نزحوا من منازلهم خلال الربع الأول من العام الجاري    بعد تجريف الوسط الأكاديمي.... انتزِعوا لنا الجامعات من بلعوم السلفيات    انعقاد جلسة مباحثات يمنية - صينية لبحث مجالات التعاون بين البلدين وسبل تعزيزها    وزير الإعلام: مليشيا الحوثي تواصل استغلال مأساة المخفيين قسراً للمزايدة السياسية    انطلاق أولى رحلات الحج عبر مطار صنعاء.. والإعلان عن طريقة الحصول على تذاكر السفر    شاهد .. وزير الزراعة الحوثي يعترف بمجلس النواب بإدخال الحوثيين للمبيدات الإسرائيلية المحظورة (فيديو)    استعدادات الأمة الإسلامية للعشر الأوائل من ذي الحجة وفضل الأعمال فيها    أكاديمي سعودي: التطبيع المجاني ل7 دول عربية مع إسرائيل جعلها تتفرعن    برشلونة تودع تشافي: أسطورةٌ تبحث عن تحديات جديدة وآفاقٍ أوسع    الإعلان عن تسعيرة جديدة للبنزين في عدن(السعر الجديد)    العكفة.. زنوج المنزل    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    استشهاد جندي مصري في الحدود مع غزة والقاهرة تحذر من المساس بأمنها    تدشين دورة إدارة البحوث والتطوير لموظفي وموظفات «كاك بنك»    8200 يمني سيغادرن من مطار صنعاء الى الأرضي السعودية فجر غدا الثلاثاء أقرأ السبب    معالي وزير الصحة يُشارك في الدورة ال60 لمؤتمر وزراء الصحة العرب بجنيف    مغادرة أول دفعة من الحجاج جواً عبر مطار عدن الدولي    سلطان العرادة وشركة غاز صافر يعرقلون أكبر مشروع لخزن الغاز في ساحل حضرموت    دعم سعودي جديد لليمن ب9.5 مليون دولار    - 45أعلاميا وصحفيا يعقدون شراكة مع مصلحة الجمارك ليكشفون للشعب الحقيقة ؟كأول مبادرة تنفرد بها من بين المؤسسات الحكومية منذ2015 فماذا قال مرغم ورئيس التحرير؟ اقرا التفاصيل ؟    الثاني خلال أسبوع.. وفاة مواطن نتيجة خطأ طبي خلال عملية جراحية في أحد مستشفيات إب    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    عالم يمني يبهر العالم و يكشف عن أول نظام لزراعة الرأس - فيديو    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    وهم القوة وسراب البقاء    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محور الشر الثلاثي: القاعدي الانفصالي الحوثي- المؤامرة الأكبر..
نشر في البيضاء برس يوم 24 - 10 - 2009


* باحث أكاديمي - باريس
لقد أيقن الجميع بان هناك مؤامرة كبيرة على الوطن, وان ما يتكبده هذا الوطن الغالي نتيجةً لتلك المؤامرة ليس بالشيء الهين, وكلنا في الداخل والخارج يعيش ما يعيشه الوطن ويعاني ما يعانيه. ولكن ما لا يعرفه الكثير منا هو حجم تلك المؤامرة, وأبعادها الجيوسياسية وانعكاساتها ليس فقط على اليمن بمفرده وإنما على المنظومة العربية ككتلة واحدة !
إن حجم المؤامرة الخطيرة على اليمن والمنطقة بأسرها تتجاوز التوقعات والتصورات، فالموقع الاستراتيجي والجغرافي الهام الذي يتمتع به البلاد المجاور لمنابع النفط من الجهة الشمالية والشرقية والمطل على المنافذ البحرية الهامة للتجارة العالمية من الجهة الجنوبية والغربية, يجعل من اليمن الذي يربط قارة أسيا بأفريقيا عن طريق باب المندب, منطقة حساسة وجوهرية, ويدفع ذلك بعض القوى الخارجية إلى جعل المنطقة بؤرةً لتوتر مستعر تلبية لإطماع تلك القوى.
لقد غفلت مع الأسف الكثير من البلدان العربية عن أهمية اليمن وموقعه الاستراتيجي, بل والبعض يكرر ويقول " ما هي اليمن؟ وما هي مقوماته وأهميته؟ انه بلد فقير", و يقول اخر " ان اليمن بلدٌ ليس له ثُقلاً سياسياُ او اقتصادياً على الخارطة العربية", وما إلى ذلك من عبارات. إن تلك هي النظرة القاصرة بعينها. فما لم تدركه الرؤية العربية, أدركته الرؤية الصهيونية والفارسية. فتلك النظرة لم تمنع الكيان الصهيوني كما هو الحال ذاته للجانب الفارسي من التفكير الجدي في اليمن وأهميته, بل وإدراجه في ملف حساباتهم المستقبلية التي تلبي مأربهم التوسعية. إن التفكير في اليمن واستخدامه في زعزعة أمن المنطقة لم يكون وليد الساعة أو الصدفة, بل إن هناك مُخُطط مدروس اعد له منذ ما يزيد عن النصف قرن.

نعم إن المؤامرة اليوم اكبر بكثير مما يراها و يستقرؤها البعض منا, فهي اكبر مما يتوقعها الحوثيين, ومما يتوقعها انفصاليو الداخل والخارج, بل ومما يتوقعها أعضاء القاعدة أنفسهم. إن التوسع الجيوستراتيجي الصهيوني والتوسع الجيوستراتيجي – الأيدلوجي الفارسي يعرفان جيداً أهمية اليمن بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط بشكل عام وللجزيرة العربية والخليج بشكل خاص, فهي المفتاح السحري الذي لم يستخدم بعد. وبعيداً عن الشعارات الجوفاء التي يتبادلها الجانبان "الصهيوني والفارسي" حيث يقول الأول أن الثاني هو الخطر الأكبر في العالم, وينادي الثاني بمحو الأول من الخارطة, فشخصياً لا استبعد أبداً عقد اتفاقات صهيونية مجوسية من تحت الطاولات لزعزعة الأمن العربي واستغلال الأرضية اليمنية كأرضية مشتركة لصياغة سيناريوهات جديدة كما هو الحال في العراق.
التوصيف الحقيقي لمحور الشر الثلاثي
يُخطى من يقول أن الحرب في اليمن هي حرب مع انفصاليين في الجنوب أو مُتمردين في الشمال. فهذا المفهوم الخاطئ بحاجة إلى تصحيح عاجل. بل إن على النظام أن يُعدل من تصريحاته تلك ويوضحها أكثر وبأسلوب معاصر وحديث كي يفهما المواطن العربي جيداً ويستوعبها المهتم الغربي. فما أُريد أن أقوله هنا هو أن هذا المفهوم لا يخدم القضية تماما, فما وصل اليوم إلى الكثير من المتتبعين وبالذات هنا في الغرب, ولقد لمست ذلك بنفسي أثناء تحاوري مع بعض الأصدقاء, هو أن اليمن يعاني من حوثيين "متمردين" في الشمال, وانفصاليين في الجنوب.
فالمتمرد أو المتمردين بحسب مفهوم الغربيين, قد يكون إنسان أو اُناس على حق, يتمردون على السلطة لأنها قد تكون ظالمة, وقد تكون فاشلة, وقد تكون فاسدة ,وقد تكون وتكون ...الخ. فالكثير من الغربيين يلتمسون لهذا التمرد أو ذاك الكثير من الأعذار. أما مصطلح الانفصال, فبعض الغربيين ولا القول الدول الغربية يتعاطفون أحياناً مع من ينادون به, ومع مصطلحات حقوق الإنسان وحق تقرير المصير وما إلى ذلك من شعارات, وليس ذلك حباً منهم, بل حباً في تشطير وتجزئة وتفتيت الأمة العربية والإسلامية.
ولتصحيح ذلك المفهوم نضع الأسئلة التالية : هل حينما تقوم جماعة الحوثين في قطع الطريق العام...يُسمي ذلك "تمرداً"؟ وحينما تنتهك تلك العصابات أعراض الناس وتقتل الأطفال...هل يُطلق على ذلك "تمرداً"؟ وحينما تُهدم بيوت الله على روس عُبادها...هل يعني ذلك "تمرداً"؟ كلا...إن ذلك هو " الإرهاب". وحينما يقوم بعض أعضاء الحراك في الجنوب بتوجيه أسلحتهم إلى صدور أبناء القوات المسلحة...هل نسمي ذلك "بالانفصال"؟ وحينما يقتلون الناس على الهوية...أيُطلق على ذلك "بالانفصال"؟ وحينما يُدمرون ويُكسرون ويخربون الممتلكات الخاصة والعامة...هل يُدعى ذلك "بالانفصال"؟ بالتأكيد لا, أن ذلك هو "الإرهاب" دون أدنى شك.
فمفهوم الحرب في اليمن وبأسلوب معاصر ودقيق هي حرب "ضد الإرهاب". أن من يتقطعون للبشر, ويخطفون الأجانب, ويقتلون الأبرياء في صعدة... إنهم "إرهابيون". وان من يقتلون أصحاب المحلات التجارية, ويقومون بترويع الفقراء والبائعين في الطرقات, وينهبون أموالهم في بعض محافظات الجنوب... إنهم "إرهابيون". إذاً جميعهم "إرهابيين", وعلى الدولة تعديل الخطاب السياسي لكسب التأييد العالمي وليس فقط التأييد المحلي والعربي واستخدام كلمات : "إرهابيين الشمال" و"إرهابيين الجنوب" و"إرهابيين القاعدة" كي تستطيع الدولة بذلك توضيح طبيعة الحرب الدائرة في اليمن.
فقد توافق بعض الدول وبطرق مباشرة أو غير مباشرة على دعم جماعات متمردة أو انفصالية ولكن لا يمكنها بحسب المواثيق الدولية دعم جماعات وفصائل إرهابية. فاليمن إذاً لا يعاني من متمردين ولا يوجد فيه إنفصاليين, وإنما هي دولة كبقية دول العالم تعاني من آفة الإرهاب. وهنا يأتي دور الأعلام الوطني الشريف في توضيح هذه الفكرة.
إن التقارب الغريب والعجيب الذي يجمع في طياته اديولوجيات وأفكار متناقضة كالأصولي الراديكالي القاعدي بالماركسي الشيوعي الانفصالي مع الشيعي الرافضي الحوثي يُعد من المفارقات العجيبة. فلا يمكن أن نتوقع أن يقبل عضو في القاعدة أن يقرءا ملزمة للحوثي لأنها تتناقض كلياً مع فكره, ولا نظن أن يقبل احد الحوثيين ان يترضى عن الخلفاء لان ذلك يتناقض مع عقيدته, أما الماركسيين فهم أساساً يعتبرون أن الدين هو سبب شقاء الإنسان. حقاً أن التركيبات هنا مُختلفة تماماً, نهجا وفكراً وعقيدةً وتطبيقاً وسلوكاً, وهذا يؤكد لنا صحة الفكرة بأن ما جمع هؤلاء هو "الإرهاب", وبعبارة أدق يمكننا القول أن هذه الفئات الثلاث "فرقها الفكر وجمعها الإرهاب".
إرهابيو القاعدة
يجد تنظيم القاعدة في اليمن حالياً مكاناً مناسباً له, وأرضية خصبة, يرى فيها الملاذ الأكثر أمانً لإعادة ترتيب أوراقه لاسيما المتناثر منها في أفغانستان وباكستان والعراق. فالكثير من كبار قادة هذا التنظيم يرون أن انهيار الدولة اليمنية سيساعدهم بالحصول على بلد جديد, يُناسب في ظروفه وتضاريسه عما يبحثون عنه. ويحاول تنظيم القاعدة في الوقت الراهن إرسال جماعاته إلى اليمن, وبالذات إلى المناطق الجنوبية ليتم تشكيل "حركة طالبان اليمن" لأن القاعدة تعتقد أن جيش المدد سُيخرج من هناك, أي من منطقة ارض الجنوب.
إن اتساع رقعة هذا التنظيم سيجعل من اليمن نقطة انطلاق نشطة لضرب المصالح الأمريكية والأوربية في منطقة الخليج ودول المحيط الإقليمي. ولا يُخفى على احد بان هناك صفقات وتنسيق استخباراتي بين التنظيم وبعض وجهاء الحراك في الجنوب, وما كان لذلك التنسيق أن يتم لولا أن سبقه تنسيق لقيادة الطرفين- فرع أوربا. وما اقصده هنا تواصل تنظيم القاعدة في أوربا مع شخصيات كبيرة متواجدة ايضاً هناك كالبيض وغيره. ومن هنا تمت مباركة وتزكية التنظيم للفضلي لدى البيض ووافق البيض على أن يقود الفضلي, عدو الأمس الذود, الجناح العسكري "للحراك الحربي" والمتستر باسم "الحراك السلمي", وما يدل على انه حربي, هي تصريحات البيض التي لوحَ فيها بتحول الحراك السلمي إلى حراك مُسلح أذا تطلب الأمر, بحسب تعبيره. ولذلك أعلنت القاعدة في مايو الماضي تأييدها التام والمطلق للحراك ودعت للالتفاف حول قيادته التي هي في الأصل أعضاء في التنظيم.
وبذلك يتلقى تنظيم القاعدة في اليمن توجيهاته من فرع اوربا وليس من كهوف كابل, والحال نفسه لأعضاء الحراك حيث يتلقون توجيهاتهم من فرع أوربا, وكلما تقاربت وجهات نظر الفرعين في الخارج, تقاربت في الداخل, ولاشك في ذلك لان الهدف صار مشترك بين التنظيم والحراك وهو "تدمير البلد" وإيجاد مناخ ملائم يخدمهم مصالحهم المشتركة.
ما ما يكرره بعض المحللين عن نشاطات التنظيم في اليمن ويصفونه بأنه هادئ نسبيا في هذه الأيام, فذلك ليس صحيحا, لان التنظيم لديه حالياً مهام يقوم بها في البلاد. ويُرجح وجدوه في المناطق الجنوبية أكثر منها في الشمالية وذلك للأسباب ألأنفة الذكر, فمسانده التنظيم لأحد الأبناء المخلصين والمجاهدين "كطارق الفضلي" وقربهم من منطقة أبين–عدن يُشعرهم بأنهم جيش أبين عدن المنتظر. إلا أن ما يجب معرفته أيضا هو أن تنظيم القاعدة ليس هادئ كما يُقال, بل انه يعد لما هو أمر وأدهى ليس فقط على مستوى اليمن بل على مستوى المنطقة برمتها.
إرهابيو الجنوب
لا يشك أحد منا أن السواد الأعظم من أبناء الجنوب هم وحدويون ووطنيون وشرفاء ويعشقون الوحدة كعشقهم للحرية. أما ما يعرف بحراك الجنوب, المنحدر أصلاً من مرتزقة الخارج وعملاء الداخل بالإضافة إلى أعداد لا باس بها من الصوماليين اللذين ينخرطون في هذه الحراك بين الحين والأخر مقابل القليل من المال, فقد نحى اليوم منحى مغايراً لما كان عليه بالأمس. لقد تحولت مطالب الحراك الوطنية والتي كان يتعاطف معها معظم أبناء الشعب من مطالب حقوقية وقانونية وتسوية أوضاع إلى حراك عنصري طائفي هزيل يُنادي بتمزيق وحدة الأمة. ونجده "إي الحراك" يفتقد للرؤية السياسية الصادقة, وينظر للمستقبل من منظور المصالح الشخصية الفردية الضيقة, ومغلباً بذلك مصلحة الفرد على مصلحة المجتمع. فماذا يعني أن يطلب احد زعماء هذا الحراك إلى حوار ولكن تحت سقف " فك الارتباط" أهذا منطق يقبلهُ عاقل؟ أهذا كلام يستحق الرد؟ والأغرب من ذلك هو أن يتكرر نفس الكلام من شخصيات سياسية وأكاديمية مثقفة والبعض منهم من حملة الدكتوراه أو عضو في مجلس النواب لدى الدولة التي يعلن الحرب عليها, ومنهم من ينتمي لأحزاب تدعي الوطنية والقومية.
إن هذا الحراك العقيم هو دائما حراك مُتوقع, ولا يُستبعد أن يكون هناك حراكاً ولو بعد مئة عام, لان أصحاب النفوس المريضة, موجودين في كل زمان ومكان, وخير دليل على ذلك ما يحدث اليوم في صعدة ممن ينادون بعودة الإمامة التي مر على انقراضها ما يقارب ال 47 عاماً. ولكن ما يستبعد تماما هو العودة إلى الخلف, فالشعب قد قال كلمته في ال 22 من مايو وقرر أن لا يعود إلى الوراء. فما دامت هناك نبضات في القلوب ودماء تسيل في العروق, وأُناس وحدويين وطنيين يستنشقون عبق الحرية والديمقراطية من هذه الوحدة المباركة فلا خوف على الوطن.

يتبادر إلى ذهني سؤال وأظنه أيضاً يتبادر إلى ذهن القارئ, وهو لماذا يسعى "إرهابيون الجنوب" دائماً وبالذات عند كل "مناسبة وطنية" لنزع الابتسامة من المواطنين؟ لماذا يستكثرون عليهم الأفراح الوطنية والتي تزورهم مرة كل عام؟
ألا تلاحظون بان عند كل عيد وطني يخرج المسعورون ويُحولون الاحتفالات الوطنية إلى مواجهات دامية! ومن أفراح إلى أحزان! هل قدر الوطن أن يكون مبلي بمثل هكذا أُناسٌ وهكذا عقليات؟ وهل ستظل السلطات ترافقهم وتزفهم في مظاهراتهم وهم ينددون بالوطن ويسبون وحدته, ويمزقون أعلامه؟ وتقول الدولة في نهاية المطاف لقد مرت المظاهرة "بسلام".
تخيل معي أيها القارئ الكريم أن يُحرق العلم المصري في مصر؟ أو تُهدد الوحدة الوطنية في السعودية؟ أو تمزق صور الرئيس السوري في سوريا؟ ماذا سيكون رد السلطات هناك؟؟؟
وما يثير مشاعر الحزن حينما نرى بعض أهالي الجنوب يزجون بأبنائهم في مظاهرات يائسة, سرعان ما تتحول تلك المظاهرات إلى أعمال شغب ومعارك, فيُقتل البعض منهم. وبالمقابل يستلم ثمن تلك الدماء الزكية, شخصيات ومنظمات انفصالية في الخارج, ويتحججون للمنظمات الداعمة بأنهم يقدمون قوافل الشهداء. وبينما هم يستلمون الأموال ويتمتعون بها هم وأبنائهم والي القربى, يذهب الموتى الأبرياء ويتركون ورائهم أباء وأمهات محروقون بنار الحزن وألم الفراق.
اختصر وأقول بأننا لا ندعي للعنف والفوضى لأننا نعلم بان العنف لا يُولد العنف إلا العنف المضاد. فجميعنا في الشمال والجنوب والشرق والغرب مع الحراك, ولكن الحراك الوحدوي الوطني الشريف والعادل. الحراك الذي يتكلم باسم الشعب كل الشعب ويدافع عن اليمن كل اليمن. الحراك الذي يترفع عن العنصرية الجاهلية المقيتة, والذي يسعى لقلع الفساد والمفسدين ويعيد لليمن هيبتها ومكانتها وسمعتها بين الأمم. انه ذلك الحراك الذي يستمد قوته من قوة الله والوطن والوحدة والثورة والشعب ويؤمن بالحوار كطريقة عصرية وديمقراطية لحل الخلافات.
إرهابيو الشمال
أما ما يتعلق في حرب صعدة, فلقد صار التمويل ألتسليحي واللوجستي الخارجي في هذه الحرب جلياً وواضح للعيان. فمن خلال الحرب السادسة تبين لنا بما لا يدع مجال للشك بان هناك دعما سخياً من "الأشقاء" الإيرانيين, وان هناك تدخلاً سافرا من هؤلاء "الأشقاء" بطرق مباشرة وأخرى غير مباشرة. ولا يستبعد البتة أن يتعدى ذلك الدعم المادي إلى مشاركات عناصر ومنظمات سرية وبالات ومعدات إيرانية. إلا أن ما يستبعد "وهذه وجهة نظر شخصية" هو أن يكون كما تردد في بعض المواقع ألالكترونية, من إشراك عناصر ومجموعات من فيلق "القدس الإيراني", كون إيران حذرة في هذا الجانب, فهي تحاول دائما وأن كان دون جدوى من رفع بصماتها في مواقع الأحداث.
نضيف أيضاً عاملاً ثانوياً أخرا يجعلنا نستبعد وجود مجموعات من هذا الفيلق, وهو عامل " اللغة ". مما يعجل فرضية أُخرى هي الأصح وهو أشراك عناصر من حزب الله ذو "اللسان العربي والفكر الفارسي" في هذه الحرب. فهذا الحزب يمكنه أن يؤدي الغرض الذي قد تؤديه مجموعات من فيلق القدس, وينفذ باقتدار المهمة الملقاة على عاتقه. فجنود حزب الله ليسوا اقل قدرة قتالية وكفاءة عسكرية من ذاك الفيلق أو غيره من المنظمات التابعة لإيران.
وهذه الفرضية هي الأقرب للصواب كون جماعة الحوثيين لا يُمكنها إطلاقا استخدام التقنية التسليحية الحديثة وتنفيذ التكتيكات القتالية وباقتدار كما هو عليه الحال في هذه الحرب, كون ذلك يتطلب مهارة عسكرية عالية ومدربة, ويتطلب الأمر أيضا إلى مسانده قوى أخرى تلعب دور الموجهة والمدرب والمرشد. وإن صحت هذه الفرضية فان ذلك يُعد أمراً خطيرا ودورا سلبيا يعلبه هذا الحزب في المنطقة، بل ويقحم نفسه في معادلات سياسية هو أصلاً في غنىً عنها, فهو بذلك سيكون "ضيف شرف جديد" يدخل في حَلبة الصراع, إلا أن ذلك الدور سينعكس سلبا على الكثير من الملفات، بما في ذلك ملف حزب الله نفسه, المصنف عالميا في "قائمة الإرهاب". فضلاً عن ذلك سيفقد الحزب الكثير من الدعم لمواقفه القومية على مستوى الساحة العربية ككل.
قد أدركت السلطات اليمنية مبكراً حقيقة الدور الإيراني في الحرب القائمة, إلا أن السياسية الخارجية المتزنة لليمن فضلت ومازالت تفضل عدم الاتهام المباشر للحكومة الإيرانية في هذه المؤامرة, وتمر العلاقات حالياً بين البلدين بحالة من الصعود والهبوط انعكاساً لطبيعة السياسة القائمة بينها.
من حق الحكومة اليمنية إذاً أن تنتقد هذا التدخل السافر في الشؤون الداخلية لليمن, احتراماً لمبادئ عدم التدخل في شؤون الغير. ولكن ما يثير بعض الاستغراب هو انتقاد الحكومة اليمنية وبشدة للإعلام الإيراني وبعض مواقعه الالكترونية. بينما هناك بعض المواقع الالكترونية اليمنية تقول ما هو أكثر مما يقوله ذلك الإعلام المُنتقد. بل وتجردت بعض مواقعنا ومع الأسف من الوطنية ونسيت أن البلد في حالة حرب, والإعلام يلعب فيها دوراً هاماً بل ومناصفةً مع الدور العسكري. وهنا نتسأل ماذا تعمل الحكومة اليمنية مع مواقع وصحف وأخبار الداخل؟ إليكم فقط بعض الأمثلة على سبيل الذكر لا الحصر. احد المواقع الالكترونية وهو بالتحديد "موقع الحزب الاشتراكي اليمني", وهو واضح من اسمه انه ينتمي لليمن, ويقول في بعض عنوانه "فيما يخص حرب صعدة", وأنا أقول "حرب" واكرر أي أن الوطن " في حالة حرب", ويطل الموقع ببعض العناوين منها : "وثائق مصورة وتسجيلية للحوثيين ترجح اسقاطهم طائرة ميج للجيش", " الحوثيون يعلنون اندلاع حرائق هائلة جراء قصفهم مخازن سلاح الجيش في حرف سفيان", "الحوثيون يعلنون اسقاط مديرية منبه الحدودية ...", "...الحوثيون يعرضون اسرى من لواء العمالقة"؟
إذا كانت هذه العنوانين تحبطنا نحن أبناء اليمن في الخارج فما بال أبناء الداخل؟ وبالذات أهالي أبناء القوات المسلحة والجيش المرابطين في جبهات القتال؟ وكيف يكون شعورهم وهم يتابعون ويقرؤون مثل تلك الأخبار التي تصدر من صحف ومواقع الداخل؟ فمن خلال متابعة القارئ لمحتوى بعض العناوين يتبين له و للوهلة الأولى بان الموقع ينطق بلسان الخصم. وهنا نوجه سؤل للسلطة ونقول : أليس بالأحرى أن يُصلح النجار بابه قبل أن ينادي بإصلاح أبواب الأخريين؟
أعود إذاً للموضوع ذاته وأقول بان إيران تحاول أن تلعب بورقة الحوثيين وأن تجعل من الحوثي نفسه "ملك من ورق" لما فيه مصالحها المستقبلية في المنطقة. فإيران اليوم ترى في نفسها قوة جبارة, وتسعى لفرض سيطرتها على المحيط الإقليمي, وهي بدون شك بحاجة إلى مد نفوذها أكثر وأكثر. ويخطى من يتوقع أن هذا المد سيتوقف في صعدة, لان إيران تُخطط لما هو ابعد من ذلك بكثير, وهو الوصول إلى البحر العربي والبحر الأحمر, أي إحكام سيطرتها من شمال إيران ومروراً بدول الخليج ووصولاً إلى جنوب اليمن وغربه منفذها إلى البحرين "العربي والأحمر" وذلك هو حلمها "القديم- الحديث". بل وستجبر إيران دول المنطقة بالقبول بمبدأ التعامل مع الواقع السياسي الإيراني الراهن حينها. فتصبح إيران مركز السيطرة الأقوى، وسيسهل لها بذلك إعادة ترتيب موقعها في منظومة الأمن الخليجي والإقليمي. فهذا الحلم لن يثني إيران عن مواصلة مشروعها الطموح والا محدود, مهما كلفها الثمن. فإيران البلد ذو الموارد المالية الضخمة, يفتح شهية العملاء والخونة والمنظمات الأجيرة. إلا أن هذا الطموح سيكون له انعكاس مستقبلي سلبي وخطير في التوازن الإقليمي, وسيُعرض المنطقة إلى دائرة التوتر والصراعات المزمنة وينتزع منها أمنها واستقرارها.
إن التكهنات في الحرب مع الحوثيين ليست بذلك الغموض الذي يدعيه بعض المحللين والنقاد, بل يمكننا القول بان الجيش قادر على أنهاء الحرب في ظرف أيام معدودات. إلا أن السؤال الذي يُطرح هنا, هو: كيف يمكننا أن نتوقع بان المعركة صارت وشيكة الانتهاء, بينما الخصم تأتيه في كل يوم المساعدات والإمدادات والأسلحة الحديثة والمتطورة ومن أكثر من طريق و منفذ..!؟ وإذا تم القبض على الشحنة الأولى أو الثانية فمن المؤكد أن تصلهم الثالثة أو الرابعة أو حتى العاشرة وبذلك تستمر الحرب دون نهاية واضحة المعالم. فمادام هناك عملاء ومرتزقة في الداخل يبيعون ويشترون في دماء الأبرياء, ويرون في هذه الحرب صفقة العمر التي لا تُعوض, ونسو أو تناسوا بأن هناك أرواح تُزهق في كل يوم, فلن تضع الحرب أوزارها بسهولة إذا لم تبث الدولة أمرها في أمثال هكذا بشر.
وأخيرا نقول, انه كما أصبح الدور الإيراني مُنكشف وواضح في هذه الحرب, ألا أننا لا نستبعد في الوقت ذاته بأن هناك جهة داعمة أخرى "كالكيان الصهيوني", وأن هناك أموال تتدفق بطريقة أو بأخرى من هذا الكيان لتغذية حرب صعدة ودعم الأماميين الجُدد كما عملت في دعمهم ضد الثوار أبان ثورة 1962 الخالدة. فشعار "الموت لإسرائيل" ما هو إلا شعار "يُقتل من اجله الأبرياء ويسترزق به الأقوياء".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.