رغم كل الأخطاء والسلبيان بنظام الرئيس صالح، لكنه سيبقى أفضل من حكم اليمن، فالسياسة تقاس بظروفها وتحدياتها، ومن لم يقرأ التأريخ لن يدرك أن اليمن كانت دولة رائدة بمواقفها وتحولاتها الجريئة وأمست اليوم دولة تحت الوصايات المتعددة، وإن من كانوا مصدر أخطاء النظام هم أنفسهم من انزلقوا بها إلى الهاوية.. من مفارقات التأريخ أن السعودية والخليج الذين وقفوا ضد وحدة اليمن في 1990م و1994م أصبحوا اليوم "الأوصياء" أدعياء الحرص على وحدتها.. وأن اليمن التي نصبتها قمة الدول الصناعية الكبرى في 2008م مع ايطاليا وتركيا ضمن (لجنة المساعدة لنشر الديمقراطية) في الجزيرة وافريقيا أصبح اليوم رعاة إبل الجزيرة هم الأوصياء على ديمقراطيتها.. وأن اليمن التي غامرت برفضها نزول المارينز بسواحلها يوم الغضب الأمريكي من تفجير المدمرة "كول" حفاظاً على سيادتها أمست اليوم تتلقى قراراتها "الوطنية" من السفارة الأمريكية بصنعاء، وتحولت "العند" إلى أكبر قواعد أمريكا بالمنطقة..! وإن اليمن التي كانت تنتفض عن بكرة أبيها لأي عدوان على بلد عربي وتتبنى أشجع المواقف والمشاريع أصبحت اليوم وكيل الخليج وأمريكا لتصدير الارهابيين إلى الدول العربية ليعيثوا بها قتلاً وتدميراً.. من لم يقرأ التأريخ من المستحيل أن يدرك أن من كانوا يصنعون حروب اليمن ويتاجرون بدماء أبنائها، ويفرطون بسيادتها مقابل فتات الموائد الخليجية هم أنفسهم من سرقوا كراسي حكمها بأقنعة "ثورية" وأمسوا يقودونها ب"ثقافة القطيع" ويغتالون أحلام شبابها ووطنييها في التغيير.. ربما ظروف التأريخ وتحدياتها السياسية القاهرة فرضت على "صالح" قبول بعض السلبيات وارتكاب بعض الأخطاء، لكنه حافظ على سيادة اليمن، ومواقفها القومية المشرفة، ومكانتها الدولية، وفتح آفاقاً رحبة لشعبه للسير نحو مستقبل أفضل قدماً، وفرض خيارات جديدة.. لكن الانتكاسة هي التي انتهت اليها اليمن، رغم أن اليمن ستبقى بلد ولود بثورات متجددة نعول عليها في إعادة البلد إلى دوره الريادي. *كاتب عراقي